أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!














المزيد.....

في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 10:03
المحور: الادب والفن
    


ليلي ممتدٌ كرصيفِ الوحشةِ الذي لا نهايةَ له، يتلوّنُ بألوانِ الحزنِ العميقِ، وتظلُّ الساعاتُ تتساقطُ فيهِ كالأمطارِ الثقيلةِ التي لا تتركُ خلفَها إلا الطينَ والوحلَ.
تمرُّ عرباتُ الليلِ أمامي، تحملُ الفراغَ والضياعَ، لا مسافرَ فيها سوايَ، وكأنني في هذا الليلِ وحيدٌ كظلٍّ بلا جسدٍ.
كلما مرَّ الوقتُ، كان الليلُ يزدادُ قسوةً، ويغرقُ في أعماقهِ أكثرَ فأكثرَ.
في رحمِ هذا الليلِ، يولدُ جنينُ اليأسِ، إحساسٌ يتسللُ إلى القلبِ كداءٍ خفيٍّ، يُحسُّ بهِ في أعماقِ الروحِ، ينهشُ الأحلامَ ويطحنُ الطموحاتِ حتى تصبحَ ذكرى بعيدةً.
المحطاتُ تتلاشى أمامي، تتساقطُ واحدةً تلوَ الأخرى، كما تتساقطُ أوراقُ الشجرِ في الخريفِ، وكأنها أوهامُ حلمٍ عابرٍ، والرحلةُ ليست إلا عبوراً دائماً في مسارٍ لا نهايةَ لهُ.
أشبهُ بلوحةٍ صدئةٍ ضاعَ لونُها مع مرورِ الأيامِ، خطّت عليها يدُ الزمنِ كلماتٍ ممزقةٍ: "العمرُ مرهونٌ بالسفرِ، والتعبُ قدَرٌ"، حتى أصبحت هذه الكلماتُ جزءاً من جسدِ الزمنِ المهدمِ.

في عتمةِ الليلِ، حيثُ تنطفئُ آخرُ ارتعاشاتِ النهارِ، تُفتحُ نافذةٌ تطلُّ على هاويةٍ عميقةٍ من الانكساراتِ التي لا تبدو لها نهايةٌ.
تطفو على سطحِ الذكرى أغنياتٌ حزينةٌ، أغانيُ الرعاةِ الذين ضاعت أحلامُهم في الرياحِ القاتلةِ، وصورةُ امرأةٍ ظلت على ضفافِ الزمنِ تنتظرُ، كطيفٍ فقدَ الحظَّ وكلَّ أملٍ، حتى باتت وحدتها كالعاصفةِ التي لا تهدأُ.
في تلك اللحظاتِ، تسكنني الهواجسُ، وتكتسي النفسُ برداً قارساً، كثلجٍ يلتفُّ حولَ القلبِ حتى يطفئَ دفأهُ تماماً.
لا أسمعُ سوى صمتٍ باردٍ يتسربُ إلى أذنيَّ، يفتحُ أمامي أبواباً مظلمةً من الحزنِ، حيثُ كلُّ شيءٍ حولي يتلاشى ولا يبقى سوى الخوفِ من النهايةِ.

هكذا هو الليلُ حين يطولُ، يتجسدُ كقصيدةٍ مليئةٍ بالتشبيهاتِ المرةِ، تزينها استعاراتٌ حزينةٌ، وتغطيها كنايةٌ عن فقدانِ الأملِ.
الليلُ ليس سوى مرآةٍ تعكسُ الروحَ المثقلةَ بالخسائرِ، ليس سوى صدىً للذكرياتِ المؤلمةِ التي تعيدُ نفسها كلَّ ليلةٍ، دون أن تنتهي، دون أن يهدأَ الحزنُ.
كلُّ لحظةٍ فيه تتحولُ إلى رحلةٍ مؤلمةٍ، إلى جرحٍ مفتوحٍ، يظلُّ ينزفُ في ظلامٍ دامسٍ، وكأنَّ النهايةَ لن تأتي أبداً. الذكرياتُ تصبحُ سجناً مغلقاً على الذاتِ، ومهما حاولتُ الهروبَ منها، فإنَّها تلاحقُني في كلِّ خطوةٍ، وكأنها تهزأُ مني، وتراها ضحيةً في زمنٍ بلا رحمةٍ.

الحزنُ هو سيدُ هذا الليلِ، وفي حضورهِ، كلُّ شيءٍ يبدو بلا قيمةٍ، وكلُّ أملٍ ينقضُّ عليه كعاصفةٍ لا تتركُ سوى الخرابِ.

يظلُّ الختامُ مفتوحاً، كجرحٍ لا يشفى، يتسربُ الألمُ منهُ كحبرٍ على صفحاتِ الزمنِ، ولا يملكُ أحدٌ القدرةَ على مداواتهِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعصارُ الناريُّ في لوس أنجلوس: كارثةٌ بيئيةٌ ودعوةٌ للتفكّ ...
- الأرقامُ الهنديَّةُ والعربيَّةُ في تاريخِ الرِّيَاضِيَّاتِ
- الرِّياضيات في الحضارة الإِسلامِيَّة: من الجبر إلى الفلك!
- سليمان فرنجية: زعيمُ الوفاءِ ورمزُ الشجاعةِ والثباتِ!
- أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!
- ناقةُ صالح: معجزةٌ ربانيةٌ وعبرةٌ أبديةٌ
- تاريخُ اكتشافِ الرَّقمِ صفرٍ: من الحضاراتِ القديمةِ إلى الثّ ...
- الريَّاضياتُ والاكتشافاتُ العلميَّةُ: السَّرِقاتُ الفِكرِيَّ ...
- كيف تجدُ الطُّيُورُ طريقها أَثناء الهجرةِ: أَسرارُ الملاحةِ ...
- غزّة: صمودٌ في وجهِ ظلمٍ عالميٍّ وخذلانٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ
- الوساطةُ المصريةُ القطريةُ: فشلٌ في إنهاءِ معاناةِ غزة!
- دورُ الذَّكاءِ الاصطناعيِّ في تحديدِ الأَهدافِ العسكريَّةِ: ...
- نظرية فيثاغورس(Pythagorean Theorem): أصولها البابلية وتطورها ...
- تطوُّرُ علمِ المثلَّثاتِ (Trigonometry) في الرِّياضياتِ عبرَ ...
- أساسياتُ الرياضيات: مفتاحُ التفوُّقِ الأكاديميِّ
- أسبابُ ضعفِ تعلمِ الرياضياتِ لدى الطلابِ
- محمود سعيد: غيابُ الصقرِ الذي أسكتت صوتهُ أوجاعُ الأرضِ!
- اليمن ونزار بنات: رمزُ العزَّةِ والشَّجاعةِ!
- دانيال مانن: يرحلُ النورُ ويظلُّ الأثرُ!
- طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!


المزيد.....




- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!