علي أحماد
الحوار المتمدن-العدد: 8220 - 2025 / 1 / 12 - 17:32
المحور:
الادب والفن
أغلب حجرات الدرس القديمة بمدرسة تاشويت متربة الأرضية دون تبليط قبل بناء قاعات مفككة واستغلالها، لذا يتعمد بعض المشاغبين من التلاميذ الضرب بأرجلهم ليتطاير التراب / الغبار ويجلل فضاء الحجرة سحابة كثيفة تحجب الرؤية وتجبر الكثيرين على العطس والسعال من حساسية مفرطة فيستشيط المعلم غضبا ويغادر الحجرة ليعب من الهواء النقي نفسا يملأ به رئتيه ليعود الى الدرس متوعدا ومهددا بالويل والثبور الفاعل/ الفاعلون.
كانت حصة الرياضيات / calcul وخاصة فقرة ( الحساب السريع ) و ( جدول الضرب ) فرصة سانحة للحساب العسير مع من لا يحفظ أو يفشل في انجاز عمليات الضرب و القسمة، أما حصة القرآن الكريم فتمر في جو مشبع بالخوف والرهبة والرعشة فهو كلام الله واللحن فيه ( الغلط ) غير مسموح ( شرعا ) لهذا ينزع المعلم لتقديسه ويمعن في تقويم اعوجاج اللسان بالضرب المبرح ، وهكذا لا تخلو حصة القرآن الكريم من تعنيف بالعصا السفرجلية لتهتز المدرسة لعويل الأطفال ولا منقذ من ( الفلقة ) وهي نوع من الضرب أخذته المدرسة عن المسيد ولازمها طويلا .
حصة الشكل تبدو طويلة وكأن عقارب الساعة تتحرك بطيئة كسير السلحفاة. يطلب من التلميذ أن يشكل النص على اللوح الأسود ويبرر ما دونه خصوصا ما اتصل بالظاهرة المدروسة . يقف المعلم قريبا من التلميذ وهو يلوح بعصاه أو يضرب بها يده برفق ويهش بها على المخطئ او المتلعثم/ المتردد .....حفلة سلخ آدمي يكون فيها التلميذ ذبابة علقت في نسج العنكبوت تستسلم لقدرها المحتوم .
يلجأ التلاميذ أغلب الأحيان الى حيل ظنا منهم أنها تخفف عنهم آلام العصا وذلك بدهن باطن الكف بالثوم ولبس الجلباب الصوفي . كلما تكسرت العصا أو امتدت اليها يد سارق أذاقته مرارة العلقم انتدب المعلم تلميذا من الكبار ( من سكان القرية خاصة ) ليتخير له من شجر السفرجل أو تسمليل ( عود الماء ) التي تنبت على أطراف السواقي والوديان عصا بمواصفات محددة ...
اضطر كثير من التلاميذ ( خصوصا الفتيات ) مغادرة المدرسة التي رأوا فيها قبوا / مخفرا للسادية .إذ لا يمكن الإفلات من العنف المسلط على التلميذ فهو مبارك من الآباء والأمهات عامة وله ما يبرره في المخيال الشعبي الجمعي ومسكوت عنه .
الحق أن العقاب البدني ترك ندوبا على الأجساد لا يقل وقعها السيء عن جراح الأرواح . وشمت ذاكرتنا قصص معلمين ساديين / جلادين لو عاصروا زمان حقوق الطفل والإنسان لخلدوا في الزنازين...
#علي_أحماد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟