أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - موسى فرج - شقشقة على بقايا الفرات..















المزيد.....



شقشقة على بقايا الفرات..


موسى فرج

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 21:58
المحور: قضايا ثقافية
    


"مهداة لسماوتي ومعلمي عبد العزيز العيسى"
طلب مني البيت التراثي في السماوة إلقاء محاضرة عن تجربتي في مكافحة الفساد، ولأن سكني اليوم كما كان في طفولتي ليس بعيداً عن الفرات فقد عرجت على شاطئه زائراً كعادتي ولكن هذه المرة كنت متفحصاً ومتأملاً ومتسائلاً.. كيف كانت موجاته دانية بحيث أغمس فيها يدي دون عناء وكيف باتت اليوم غائرة بعيدة المنال..؟
كم مرة في طفولتي شهدت وكأن أمراً من السماء نزل ليفور تنور الفرات فيثير الهلع في نفوس الناس ويكتسح قوت يومهم، وتطوف بيادر محاصيلهم تائهة فلا تجد جودي تستقر عليه..؟ وكيف باتت شطآنه اليوم خاوية، بعد إن غيض عنها الماء وباتت يباباً بانتظار اليوم الذي فيه يقال ألا بعداً للظالمين..؟
كنت أحدق في خد الفرات المتغضن مثل صفحة من كتاب عتيق استنطقها عن التحولات التي مرت عليها والعراق والريف، والناس ..هل أن سفينتهم استقرت بعد إن شهدتها أول مرة يعصف بها طوفان الفرات المحتوم سنوياً..؟ وهل غادر أهلها الهلع وباتوا يعيشون بسلام من الله وبركات أم ما زالت سفينتهم تتقاذفها المنون..؟ وبات للهلع أسباب أخرى غير فوران الفرات..؟
وكيف هو حال دجلة صنو الفرات التي جاءت مثله من آخر العراق تسعى ليحثا الخطى كلاهما للعناق تحت شجرة آدم فيذوبان ببعضهما ويذوبان في شط العرب..؟ وهل بات شط العرب للعرب أم بات أممياً..؟ وهل جيكور (مازالت حزينه، ترفع بالنواح صوتها من السحر..؟ تقول يا قطار يا قدر، قتلت إذ قتلته الربيع والمطر)..؟
وهل مازال الشط عرمرماً أم بات يجرجر نفسه مختنقاً فيغوص في المياه الدولية دون أسم أو هوية..؟
هل تاه قطار العراق الطويل عن مساره وهو يعبر على ظهر الفرات في أماكن عديدة وتحدث عجلاته الفولاذية جلبة هائلة يتململ من تحتها السوير وسائر الجسور..؟ أم أن قطار العراق تاه وتهنا معه..؟
عدت من مناجاتي للفرات للنظر في طلب البيت التراثي فكانت هذه الشقشة:
هي ليست محاضرة فالمحاضر يفترض أن يكون أغزر علماً من الحاضرين ، وأنا لا أدعي ذلك ولهذا أسميتها شقشقة، ولأني كثير الحديث مع الفضائيات عن الفساد في العراق، وفيها يكون حديثي موجه لناس كثر فقد خصصت شقشقتي هذه المرة لسماوتي ومعلمي الغائب الحاضر...وفاءً لهما وإقراراً بفضلهما لناحية البناء القيمي والشخصي لي، وهذا لا يعني أن سماوتي هي المدينة الفاضلة ففيها الصالح والطالح شأن كل المدن والحواضر والتجمعات البشرية، لكنها إجمالاً فيها من الطيبة اكثر من غيرها والجمال فيها أكثر من القبح، إلا ان ما يجعلها مختلفة أن الفقر والتخلف ما زالا يجدان بين ثناياها متسعا، وهذا ما ينبغي أن أتوقف عنده..
وما دام المتحدثون قد اعتادوا أن يمروا على بداياتهم فأنا أيضاً سأفعل خصوصاً وأن تلك البدايات ليست نمطية بأي حال وفيها الكثير من المفارقات والطرائف، ولأنها وما تبعها فوق ذلك تشكل انعكاس للعام: الاجتماعي والثقافي والسياسي في العراق.. فتعالوا أحدثكم عن تلك الأوضاع وضمناً عن تلك البدايات..
الفرات قبل أن يدخل السماوه يتفرع منه شط الشطره "حالياً يسمى السوير"، زاوية المثلث التي تصنعها نقطة افتراق الشطرة عن الفرات تسمى الحِده وفي قرية الحِدة أبصرت النور، وعن الأوضاع المعاشية والاجتماعية والسياسية في الريف في تلك الحقبة كما أبصرتها والتي يجهلها معظمكم من سكنة الحواضر أقول:
-فيما يتعلق بالوضع السياسي.. كانت الصلة مقطوعة تماما بين الناس والحكومة إلا من بعض التبليغات الخاصة بالضرائب ودعوات التجنيد الاجباري، وتبعاً لذلك الخدمات والقوانين والمدارس والمعرفة فلا صلة للسكان بها، وشيوخ العشائر كانوا بديلاً عن الدولة ومخولين بكافة الصلاحيات الموروثة من العهد العثماني والإنكَليزي وبعضهم غاشم وظالم يسوم أبناء عشيرته الويل والثبور حتى أن أذني الغضة مشبعة بالحديث عن قيام جديًّ لأبي وأمي وهما شقيقان بقتل شيخ عشيرتهما ، وسبب ذلك أنه وعندما عاد والدهما من عمله في دراسة المحصول مبكراً كان حزين ومهضوم لأن الشيخ قد مر وزمرته عليه عند بيدر الحنطة وأهانه بقسوة وعندما وجد جداي أباهما في تلك الحالة سألاه عما حصل فخاطبهما قائلاً: لو كنتم بنات لقام أزواجكما أنسبائي بحمايتي من شيخ " ش" ، فاشتعل الغضب في رأسيهما الصغيرين " كان عمر الأكبر منهما لا يتجاوز 14 سنة، فهيئا دون علمه بندقيته وتسللا متنكران بعباءات نسائية بحجة البحث عن طلي "خروف صغير" لهما مفقود، وعندما اقتربا من ديوان شيخ "ش" بضعة أمتار وقف الأكبر ساتراً الصغير خلفه ليصوب عليه بندقيته وارداه قتيلاً في الحال، وعادا لأبيهما يخبرانه بوجوب الرحيل "الجلوه" لأنهما قتلا الشيخ، وبعد سنتين تم الصلح بدفع فصل نساء بلغ ربما خمس فصليات، وعادوا الى موطنهم وبعد إن بلغ جدي لأبي أشده خطف المشيخة وصار شيخ العشيرة وورد اسمه شيخاً في كتاب عن العشائر العراقية للمحامي عباس العزاوي الذي اعتمد كمرجع أساسي للعشائر العراقية على مدى نصف قرن.
فكان تكرار سماعي لتلك الحكاية قد كتب السطر الأول مقتي ومناهضتي الشرسة لسلطة الشيوخ والأقطاع والظلم منذ نعومة أذناي ، ولكن من جانب آخر فقد كانت حصيلتي من ذلك أن ثلث أبناء العشيرة ينادونني اليوم بـ خالي لأن كل جداتهم كنَّ جداتي اللائي ذهبن فصليات دية لشيخهم، ومارس عليهن آبائهم وأجدادهم العنف الأسري واضطهاد المرأة.
-فيضان الفرات في تلك الحقبة سنوي بالمطلق بمعنى أنه لا تمر سنة من دون أن يحصل الفيضان، والفيضان مدمر لأنه يحدث في أيار بعد إن يكون قد تم الانتهاء من الحصاد أو شارف على ذلك، وتم جمع المحصول بهيئة بيادر، وتلزمه مدة شهر ليجف تماماً ومن ثم يمكن استئناف العمليات اللاحقة من درس وتصفية وقسمة المحصول، لكن الفيضان لا يمهله فهو يأتي في أيار تحديداً فيكتسح البيادر ولا تسلم منه الا تلك التي قد اتخذت مكاناً قصيا، أو كان الفلاح من القدرة والنباهة ليصطنع رابية من التراب بارتفاع متر ونصف الى مترين يتخذها مكانا مرتفعاً ليقيم عليها بيدره فيقيه من الماء وإن بضرر ليس بالكثير، ومما يصعب تلك العملية والعمليات الأخرى عدم وجود المكننة في تلك الحقبة.
كثرة من الباحثين يذهبون الى أن الشجن في الغناء العراقي والميل الى الحزن مصدره موعد الفيضان القاتل، خلافاً للفلاح المصري الذي ينتظر فيضان النيل بالغناء والمرح ويقيم لذلك مهرجان سنوي يسمى "وفاء النيل" ، والفارق الوحيد هو أن موعد فيضان النيل يكون في آب وأيلول بعد ان يكون الفلاح قد جمع محاصيله وباشر للتهيئة للموسم اللاحق وهو بأشد الحالة لغمر الأرض بالمياه.
-ليس وحده الفيضان السنوي في العراق في تلك الحقبة يشكل كارثة ومأساة حقيقية للوضع المعيشي في الريف، فالعامل المرادف له والذي يفوقه ضرراً هو تدني الوعي المجتمعي لمديات غير معقولة، ففي مثلث الأرض الذي ولدت فيه كانت التربة مثالية لإنبات أي شيء، وضلعا الفرات يوفران الماء بأكثر من الحاجة بكثير، "والشمس أجمل في بلادي" ..لكن الفلاح الريفي في منطقتنا ومثله في أغلب مناطق العراق في تلك الحقبة يأنف من زراعة الخضروات والمحاصيل التكميلية من قبيل الباميا والباذنجان والبطاطا والطماطة والفلفل وما شاكل ذلك ويستنكف من ممارستها باعتبارها مهن وضيعة، في الوقت الذي كان بعضهم عندما يذهب للتسوق من السماوة لشراء التتن والشاي والسكر يشتري أيضاً علبة معجون طماطه لا يزيد حجمها عن حجم فنجان القهوة بغية إضافة ملعقة شاي صغيرة منها لمرقة الدجاجة إن زاره ضيف استثنائي..
من جانب آخر فإن غرق محاصيل الفلاح لا تخلو من فوائد فهي تشكل عاملاً لاكتظاظ الفرات بأفضل أنواع الأسماك من الشبوط والبني والكَطان وهي في متناول اليد "اختفت من عقود"، والنهر يزدحم بسفن وزوارق صيادو الأسماك الذين يستخدمون الشباك للصيد وبكميات هائلة، لكن التخلف المجتمعي يمنع الريفي من صيد السمك لإطعام عائلته الا في حالة واحدة ..أن يستخدم الفاله وليس غير الفاله، متماهياً مع جده كَلكَامش في صيد الأسود والثيران لصيد سمكة واحدة في فترات متباعدة، أما عن استخدام الشباك لصيد الأسماك فمهنة وضيعة لا يقربها القروي بحكم العرف العشائري وينظرون بدونية لمن يزاولها فلا يزوجونه منهم ولا يتزوجون منه ويسمونه "كرّافي" للتحقير..! في الوقت الذي رأيت فيه بأم عيني أطفالهم من سني يتجمهرون قرب أولئك الصيادون وقت قيامهم بإعداد السمك المسكَوف على الشواطئ في فترتي الغداء والعشاء بغية الظفر بجلود وبقايا تلك الاسماك لالتهامها موقعياً.
-الجانب الأشد تخلفاً: هو التعامل مع المرأة في الريف، فالمرأة كانت تقوم بـ 60% من عمل الرجل الى جانب قيامها بـ 300% من أعمال المرأة "المعروفة اليوم" فهي تفتح عينيها صباحاً: لتحلب، وتعد الإفطار ، وتذهب لجلب الحشيش للبقرة أو الشياه وتقوم بتعليفهن، وتجلب الماء للشرب واحتياجات البيت من النهر، بعد إن تغسل الغسيل على ضفافه، ومن ثم تذهب للفلاة لجمع وجلب الحطب من العاكَول والأشواك لتصنع منه سياجاً للبيت وكحطب للطبخ أيضاً، لتعود لتجمع فضلات البقرة وتصنع منها "مطال" لتستخدمه حطباً للتدفئة والطبخ أيام الشتاء.. ومن ثم تعود لتجلب الماء من النهر ثانية، وعند عودتها تباشر عملية "الركش" لتخليص حبوب الرز من القشور واحياناً الحنطة، لتبدأ بأعداد وجبة العشاء فقد كان كل أكلهم طازج لعدم امكانية حفظه، فتتصاعد ألسنة اللهب من التنانير "مفردها تنور" ليستحيل منظر القرية الى مداخن مثل ساحة معركة تقصفها الطائرات المعادية حيث يتقافز الصغار حول التنور طلباً للـ "حنايه" وهي رغيف خبز صغير تعده الأم وتخبزه للصغار بغية إلهائهم وعندما يكون وقتها ضيق تحذرهم قائلة: من يتناول الحناية في صغره تموت مرة صباه "يعني أول زوجة يتزوجها تموت" ، بعضنا يتردد خوفاً على زوجته المستقبلية والبعض الآخر لا يبالي.
وعندما تهدأ الحركة وينام الجميع إلا الرجال الذين يمضون ليلهم في المجلس "الديوان" تتوجه المرأة الى الرحى فتطحن الطحين وفي نفس الوقت تمضي هزيعاً من الليل تبث الرحى شكواها بغناء حزين يندمج مع صوت احتكاك الحجرين، وعندما تنتهي من ذلك تقوم بنخل الطحين واعداد العجين وتغطيته بدثار ليكون مختمراً عندما تبكر في الصباح الى التنور..
في ذات الوقت فإن المرأة تقوم بمشاركة الرجل في أعمال الزراعة من بذار وسقي وجني المحصول، في حين يمضي الرجال وقتهم في مناسبات الأعراس والفواتح وحفلات الختان يحضرونها على خيول مطهمة أنيقة وتعلو أكتافهم بنادقهم المفضضة أحياناً وتزحم على صدورهم فضلاً عن البطون مخازن الطلقات والرصاص وكأنهم متوجهون لمعركة البسيتين أو النورماندي في حين ان كل ذلك للتباهي ليس إلا.. والليل يمضونه حتى وقت متأخر في الديوان عند صاحب مضيف، وعندما يتأخر الزوج وزوجته المسكينة التي قد هدها تعب النهار وصوت الرحى تغالب النعاس تنتظره ليقوم بطقس الزوجية ، لكنه يأتي وقد هده النعاس ولا يقوى على شيء وينام منكفئاً لتذهب أحلام المسكينة في قضاء ليلة مثمرة مع ما هيأته من حبة خضره وبخور أدراج الرياح فتُمضي سويعات الليل المتأخرة بنشيج مكتوم ..
ذات مرة صادف إن كان الوقت بعد الحصاد والنسوة يخرجن في الصباح مع أزواجهن لحمل سنابل القمح من الحقول والأزواج يرابطون على المحلة "التي ستصبح بيدراً بعد اكتمالها" فيقبلن ثيباً وأبكاراً في زرافات مثل القطا وهنَّ يحملن على رؤوسهن حملهن من سنابل القمح والشعير بعد حشرها في عباءة تسمى "نكَله".. لكن احداهن عندما وصلت البيدر لم تجد زوجها ليتلقف منها النكَله ليفرغها على البيدر، فامتلأ صدرها حنقاً وضغينة وعندما تنبهت وجدته شاكَص "يغرس اسنان المرواح في الأرض ويعلق عليها بشته أو عباءه لصنع ظل يقيه من حرارة الشمس" ، وغاط في نومه فصعد الغضب في أحشائها حتى ضاق صدرها غيظاً فنزلت من البيدر وطحلته في خاصرته طلحة "رفسة" نجلاء وهي تنشج بغضب: عاد كَوم سويلك فرخ يحظي..! "الطفل بلهجتهم يسمونه فرخ.." فإذن السبب في طحلتها "رفستها" له كان تقصيره عن القيام بواجبه واتيانها في الليل ولكنها تخجل من التصريح بذلك فأفرغت حجتها بعدم قيامه ببذر البذرة في احشاءها لتنمو فرخاً " طفل" ..!، فذهبت طحلة تلك الشجاعة مضرباً للمثل في مواجهة الأزواج المتقاعسين والتنبلية ، فيقال للمتقاعس الذي يمضي وقته في الدواويين: كَوم سويلك فرخ، يغاتي..!
-لكن أقسى حالات التخلف طراً في الريف أيام زمان هو في قضية التعامل مع المرأة.. فالزوجة الريفية تحترم في ثلاث حالات:
اذا كان أبوها شيخ أو سيد ذو جاه أو نفوذ فإن الزوج يتعامل معها من موقع أدنى خضوعاً وتصاغراً وذيلية لنفوذ أهلها وجاههم.
واذا كان للزوجة أخوة ذكور "يشكَون الحلكَ" فالزوج يحترمها صاغراً خوفاً من أخوتها.
وإن بلغت الزوجة عمراً متقدماً وصارت جدّه.. يكون الزوج قد بلغ من الضعف والسطوة أرذلها فلا يُخشى منه أو يُسمع له كلاماً، ويكون الأبناء قد كبروا وباتت كلمتهم النافذة ، وهم في نفس الوقت يطمعون في الجنة ويسمعون في الدواوين أن الجنة تحت أقدام الأمهات فيجتهدون في الخضوع واخضاع زوجاتهم وأبناءهم للجدة ويبالغون في ذلك، وبعض الجدّات يحمدن الله على نعمائه وبعضهن يتدتكرن برؤوس الچنّاين "الكنّات" ويتنمرن عليهن فتتحول المظلومة الى ظالمة ويذقنهن الويل والثبور وعظائم الأمور.
أما في غير تلك الحلات كأن تكون الزوجة غريبة أو بنت عم أو خال الزوج ولا تحتكم على أي من الصفات المشار اليها أعلاه فيا ويلها ونكدها وسواد عيشها فإن الأزواج وأمهاتهم أو زوجاتهم الأخريات يذيقونها ما لم يخطر على بال أنس أو جان من العبودية والإذلال كحال احدى قريباتي الخُلص مثلاً.. فهذه ليست بنت شيخ أو سيد بل أبنة عم زوجها، وليس لها أشقاء يذودون عنها غير شقيق مات في الصغر ، وهي فوق ذلك جاءت لاحقاً لضرتها التي يملك أهلها الأرض التي يقيم فيها الزوج بيته، وضرتها تهددها بالترحيل من الأرض باستمرار.. فكانت المسكينة قريبتي كثيرة النواح على شقيقها الذي فقدت بفقدانه السند والحامي، وعندما تخلو في الهزيع الأخير من الليل مع الرحى تذوب مع صوتها عندما تتباطأ في ملأ فاها بالحنطة فينطبق الحجر على الحجر ويحدث في دورانه على الذي تحته شرراً فتخاطبه قائلة:
يصلبوخ يالتجدح شرار..
أسالك وين الوطن صار..
لا أخو عندي ولا عندي زغار..
وراي الكبر ويضيع الافكار...
وفوق ذلك يمنعون المغلوبة من النواح على نفسها وأخيها بدعوى تسببها في إحداث الكآبة فتنتهز مناسبات موت أحد الجيران أو المعارف لتشارك في العزاء وتنوح على راحتها لا على الميت بل على نفسها وأخيها.. وحصل مره إن مات أحد الشيوخ والعادة جرت أن يذهب الرجال على خيولهم المطهمة وبنادقهم التي يطوق بعضهم جيدها وأعلى الخاصرة بالفضة تتراقص على أكتافهم بالتناغم مع حركة الأفراس ومخازن الرصاص تغطي صدورهم وفوق السرّه وكأنهم ذاهبون للمشاركة في النورماندي وليس للمشاركة في مجلس عزاء، أما نسوتهم فيذهبن سيرا على أقدامهن حافيات غير منتعلات متكدسات على شكل غمامة سوداء ممطرة.. وعند الاقتراب بنحو كيلومترين عن مكان التعزية يبدأن بإطلاق رشقة من صيحات الـ "يبووووه" مقلدات صوت القطار البخاري الذي كان ملك الطرق في تلك الحقبة في العراق، ويواصلن اطلاق تلك الرشقات لحين بلوغهن موضع المأتم ، عندها تبدأ مرحلة الاشتباك بلطم الصدور وندب الميت وتعداد "فضائله..!" وبعضهن من تبالغ فتضع التراب على رأسها لإظهار مدى حزنها،واذا كان الميت عزيزاً أو قريبا يصل الأمر الى حد شق الجيوب وبالأظافر هتك الخدود.. لكن صاحبتنا لم تكتف بوضع التراب على رأسها بل كانت تدس وجهها وانفها بالتراب و"تتمرغل" فيه..! فانحنت كريمة الشيخ المتوفي عليها قائلة: كفيتي ووفيتي يخيّه، المرحوم عزيز علينا بس هذا أمر الله.. فما كان من صاحبتنا إلا ورفعت رأسها إليها قائلة: ليش آنا أبچي على أبوچ..؟! آنا أبچي على أخوي..أبوچ حظ دبان..!! تلك كانت أمي.
فأُسقط بيد صاحبة العزاء بنت الشيخ وتجنبت أمي مبتعدة لأنها أدركت موّال أمي..
هذه الأحوال التي تعاني منها المرأة من تقاعس الأزواج الى حد العجز بوضع بصماتهم في أجساد الزوجات للإيذان بتكوين "فرخ" ، وهذا الظلم والقسوة التي تواجهه المرأة الريفية مكسورة الجناحين التي لا تجد غير حجر الرحى لتفرغ فيه نجواها.. تلك كانت السطور الأولى التي خُطت في أعماقي وغرست في وعيي من خلال المعايشة الميدانية مقت التخلف والقسوة في التعامل مع المرأة.. بعد كرهي لتسلط الشيوخ على رعاياهم واشمئزازي من كم التخلف في تلك الأوساط لجهة الاستنكاف والتعالي على توخي سبل الرزق لسد احتياجات عوائلهم..
-بقي موضوع المعرفة والثقافة.. فتحت شعار "المجالس مدارس"، فإنه وبمجرد أن يبلع الطفل لقيمات العشاء تدفعه أمه للذهاب الى الديوان "مجلس الرجال" المنعقد عند الجد أو كبير القوم في القرية، وطبعاً ومن نافلة القول إن الطفل بعمر 4-5 سنوات يحتاج النوم المبكر إلا ان أمي تبلل سبابتها برضابها وتدعك عيني مع هزها لرأسي لأبعاد النعاس وتدفعني مشجعة ومتوسلة لإدراك المجلس المدرسة..! وفوق ذلك لا يسمح لي بمشاركة الكبار فراش جلوسهم بل أتخذ لي مكاناً على التراب خلف أبي.. وغير مسموح لي مشاركة الكبار في الأحاديث بل أنصت وأنصت فقط.. في إحدى الليالي كنت اتخذ مقعدي خلف والدي مفترشاً الأرض وبين إغفاءة وأخرى أفز كأن أحدهم يضبطني بارتكاب مخالفة معيبه وهم يتكلمون عن نيتهم في السفر الى السماوه للتسوق "والتي لا تبعد عن مكاننا أكثر من 10 كم" ، سمعت جدي يوصيهم مثل يعقوب يوم أوصى بنيه في رحلتهم الى مصر لبيع بضاعتهم، قال جدي: إن دخلتم سوق السماوه ديروا بالكم من السيد الاحَّمَّر والحجي الاعَّوَّر.. أفقت وكأن عقرباً قد لدغني عند سماعي عبارة جدي.. من هو السيد الاحَّمَّر..؟ ومن هو الحجي الاعَّوَّر..؟ ولماذا يحذرهم جدي من هذان بالذات..؟ ولأن السؤال ممنوع على من هو بمثل سني صمتت لكن تحذير جدي وجد طريقه مباشرة الى القرص الصلب في دماغي الصغير لأكتشفهما عيانياً بعد سنوات، "المشكلة اليوم كل من تصافه سيداً أحمراً أو حجياً أعورا".
-أما عن التعليم ففي تلك الحقبة كان سيد خلف القارئ الحسيني يقيم في بيت عمي لعشرة أيام من رمضان ومثلها في محرم لإقامة المجلس الحسيني، وكان رحمه الله ودوداً طيباً شاعراً لكن صوته كان أجش تغلب عليه الحشرجة وصوته بصعوبة يصل لمسافة مترين، وطبعاً لا توجد في تلك الحقبة مكبرة صوت الأمر الذي أضطره لأن يطلب مني أن أحضر له من أمي بيضة دجاج نصف سلق يخبطها ويتناولها قبل ارتقائه المنبر لتقوية صوته ، ولأني قد لاحظت في خرج يصطحبه كتاب قليل السمك تبين لاحقاً انه "جزء عم" فقد اشترطت عليه أن يعلمني الكتابة والقراءة مقابل جلبي البيضة نصف المسلوقة التي يعالج بها صوته.. وهكذا نشأ بيني وبين السيد عقد غير مكتوب ينطوي على التعلم مقابل البيض النصف ستاو..! فتعلمت منه الـ: ألف بيه زير أن، ألف بيه زير إن ، ألف بيه دوبش أون.. فكانت بمثابة ألفية أبن مالك بالنسبة لي التي لا أعرف كنهها لكني كنت أحفظها عن ظهر قلب، "بعد نصف قرن تنبهت إن تلك الزيرات لم تكن إلا حركات النحو: الفتحة والكسرة والضمة والتنونين لكنه يقولها بالفارسية، لأنه أصلاً قد تعلمها بالفارسية وليس العربية..!.
-في أول سفرة لي مع أمي للسماوة وكنت ابن سادسة، كان موضوع تسوق أمي انها تجلب خيوط الصوف التي تغزلها مثل قريناتها لتسليمها للصباغ الذي ينقعها في براميل تحوي أكاسيد بمختلف الألوان: أحمر ، أخضر ، أصفر ، أسود ، قهوائي ..الخ لتتمكن بعد عملية صبغها بالقيام بحياكتها بسط تستخدم فراشاً للضيوف وأخرى إزاراً للغطاء في الشتاء، فانبهرت أيما ابهار بتلك الغزول المنشورة على حبال معلقة على عرض الشارع قبالة دكاكين الصباغة وهي تتدلى بألوانها مثل قوس قزح.. قام الرجل بنقع خيوط الصوف العائدة لأمي ونشرها على الحبال وفي هذه الحالة يلزم ساعتين الى ثلاث لتجف وتستلمها أمي .
غير بعيد من محل الصباغ كان بيت أبن أخت أمي "الفصلية" لأن أهل أمي سبق ان قتلوا أحد أفراد المدينة فكانت أختها من بعض الديّة"، وكانت أمي قد اعتادت أن تجلب لعائلة قريبها ما تجود به القرية من بيض ودهن حر وزبده عندما تأتي لزيارتهم فعرجنا على بيتهم واستقبلونا أجمل استقبال وهم يتقافزون حولها صائحين جاءت بيبي، جاءت بيبي.. وكان احتفاءهم بي على وجه الخصوص مبالغ فيه لأني أدخل بيتهم أول مره.. في هذه الأثناء وعلى حين غره دخل ابنهم علي الذي يكبرني بثلاث سنوات عائداً من المدرسة يتأبط دفاتر وكتب ويرتدي البنطال القصير، فتسمرت في مكاني وانعقد لساني ..كتب ، دفاتر ، أقلام ، بنطرون كَصيّر..! انها المدرسه..!
كانت عيوني تلاحق تلك الأشياء والأفكار تعتمل في صدري وقد اتخذت قراراً مصيريا لم أفصح عنه.. وعندما أزف وقت المغادرة.. طلبت مني أمي ذلك فنظرت اليها شزراً وقلت: لن اعود معك، ولن أبرح مكاني حتى تسجلوني بالمدرسة ويكون لي دفاتر وكتب وقلم وبنطرون كَصيّر..! وسيد خلف والبيض نصف المسلوق و"ألف بيه زير أن ودوبش أون"، لكم أنتم..!
عائلة قريب أمي استقتلوا كي أبقى عندهم، وين شايفين ريفي زغيّر يشبه طلي المراعي ويتكلم بلهجة ريفية ويحچي كبار..؟ غادرت أمي بعينين دامعتين وبقيت مرابطاً فأحسن أقاربي وفادتي لأربعة أشهر كنت أسمع في غضونها صوت القبابيب الخشبية التي تنتعلها النسوة قبل عصر البلاستك والزنوبه على الأسفلت فتحدث نقرات متصلة مثل نقرات دنبك بيد أحد أمهر ضاربيه من فرق خشابة الزبير، فقبل ذلك لم أكن رأيت مثل هذا المنظر سوى مرة واحدة في حياتي عندما زُفت من قريتنا عروس لعائلة موسرة فجلبوا لها من ضمن الجهاز حذاء نسائي كانوا يسمونه "سكاربيل" ولأنها كانت تلبس في قدميها حجلاً "خلخالاً" من الفضة يزن كيلو ونصف كعادة الريفيات في تلك الحقبة فقد كانت النسوة يطلقن بين الزغاريد خلفها في الزفة بستة تقول: " البين طكَها وطكَ رجلها، سكاربيل يطكَ حجلها..!".
بدأ التسجيل في المدارس وأخذوني ليسجلوني لكن عدم امتلاكي جنسية "بطاقة أحوال مدنية" حال دون ذلك، فتوسط رجل كريم يبيع ملابس الكشافة لدى مدير مدرسة المتنبي الابتدائية فتم تسجيلي في المدرسة وهكذا كان ..فكان أمر ولوجي لميدان المدرسة الذي كان يشكل قبل ذلك حلم بعيد المنال، وصادف سنتها ثورة 14 تموز فاتخذوا من مدرستي مكان انطلاق تدريبات المقاومة الشعبية للتدريب عصر كل يوم.
وفي الصف الثالث الابتدائي عام 1961 كان التنافس على اشده بين البعثيين والشيوعين وكان أحد أهم ميادين ذلك التنافس هو تلاميذ المدارس، فكان معلم "و" طويلاً عنيفاً مصراخاً يتأبط خيزرانة تفوق طول أطولنا نحن التلاميذ، وكان يبدأ من لحظة خروجه من الإدارة باتجاه الصف برفع عقيرته منشداً على وقع ضربات الخيزرانة على فخذه: "بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان – ومن نجدٍ الى يمنٍ الى مصر فتطوانِ" ..وعندما يدخل الى الصف يضرب الرحلة بخيزرانته صارخاً انشدوا معي: بلاد العرب أوطاني...كنت أتضايق من طريقته العنيفة بحنق وأحسب الثواني مع نفسي بانتظار جرس الفرصة ليقرع فأتخلص منه ومن تطوان.
في الحصة التالية يدخل استاذ "ع. م" وهو معلم حديث العهد جاء مطبقاً من دار المعلمين في الديوانية متسامح ومرح ومحبوب، بعد ملاطفته لنا بعدة عبارات مصحوبة بابتسامة عريضة يبدأ معنا باسم الله: صداقه سوفيتيه ، ويا الصين الشعبيه..أصبحنا أحرار، ضد الاستعمار...فيمتلأ تجويف صدري غبطة من أريحيته وأتمنى الحصة أن تطول.. في اليوم التالي صبحنا أبو خيزرانه كعادته مهتاجاً ليطلب هذه المرة من تلاميذ يختارهم عشوائياً ليقرأ التلميذ على مسامعه وعن ظهر قلب نشيد بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان..! فكنت أعد اعشار الثواني هذه المرة وليس الثواني ليقرع جرس الفرصة قبل أن يطلب مني قراءته وأنا لا أحفظه لكثرة وطاويطه وعدد الطاءات فيه...
وأخيرا قرع الجرس قبل أن يظفر بي.. وبمجرد إن أدار وجهه مغادراً ألتفت الى شريكي في الرحلة نزار وقلت له بحده: أنت شنو..؟ قال: بعثي ، سألته: ليش..؟ قال: أبوي بعثي.. واستدرك هو بدوره فسأني: وانت شنو..؟ أجبته: شوعي، سألني ليش..؟ أجبته: ما أحب هذا ابو تطوان..!
وهكذا حسمت أمر انتمائي السياسي في الثالث الابتدائي ، بعد إن أنهيت حسم مناهضتي للشيوخ ، وقرفي من التخلف ، ومناصرتي للمرأة، وشغفي بالمدرسة بوقت مبكر ومن خلال المعايشة الميدانية..
بقي شيء من تلك البدايات وهو اني يوم كنت في مطلع السادسة أو يزيد قليلاً حضر الى قرية الحِدة موظف التعداد السكاني ولم يكن والدي موجوداً ساعتها، وبعد إن أدرج الأسماء من على لسان أمي سألها عن مهنة كل منهم فبلغ أسمي فأشارت بسبابتها عليَّ قائلة: يمه ذاك هو سارح بالطليان.. فكتب في حقل المهنة راعي، وفي عام 2007 كنت في زيارة لرئاسة مجلس النواب العراقي فكان محمود المشهداني وطيفور وخالد العطية وكانت المحادثة حادة بشأن الفساد فخاطبني المشهداني بـلقب معاليك بوصفي رئيس هيئة النزاهة في حينه فأخرجت من جيبي هوية الأحوال المدنية وقربتها لعينه وبعد إن تأكد انها تعود لي قلبتها لأريه ظهرها وقلت: اقرأ مهنتي.. وعندما حدق فيها صاح: معقوله..؟ راعي..! أنت راعي..؟ أجبته بهدوء نعم فقد أبقيتها كما قالتها أمي لأقول لكم: لا تعنيني مناصبكم ولا أأبه بألقابكم أنما أردت مكافحة الفساد ذوداً عن فقراء شعبي فإن ابقيتموني أواجه الفساد أو أغادر فأواجهه بقلمي ولساني ..
يقال ان أحد قراء المنبر في تلك الحقبة قدموا له صحن العشاء عليه دجاجة فأراد أحد الشباب الشطار الذي يشاركه الصحن أن يشغله بسؤال فينشغل الشيخ عن الدجاجة فسأله : يرحم والديك شيخنا لو حدثتنا عن قصة يوسف.. فرد الشيخ وهو يغرز أصابعه في فخذ الدجاجة ومن دون اكتراث: وليد ضاع، ولكَوه أهله..! فأُسقط بيد الشاب الشاطر لأن الشيخ أشطر منه..أنا لم أبلغ ما جئت من أجله وهو الكلام عن الفساد وتناولت فقط بداياتي، أمامكم خياران: أن أؤجل الكلام عن الفساد للجلسة القادمة، أو أختزل الموضوع بـ وليد ضاع ولكَوه أهله..؟ والكلام عن الفساد تجدونه بكتب مطبوعة لي وبعشرات اللقاءات مع القنوات الفضائية ..؟ الأمر لكم ...



#موسى_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوداني يكشف عورة ساسة -المدنية- في العراق..
- الانتخابات في العراق.. أداة للتغيير أم وسيلة للتكريس..؟
- لو كنت مكان حميد الشطري لفعلتها..
- مفارقة بيننا وبين بنو عمومتنا...
- استغلوا -خرطة السوكَ- لا أباً لكم...
- حول موقف العراق مما يجري في سوريا...
- صفحات من كتاب تحت الطبع...
- أوراق من كتاب تحت الطبع: نظام الحكم مختلفٌ عليه ويلزمه إثبات ...
- خوازيق ميزوبوتاميا المعاصرة
- موقف...
- محنة النزاهة في العراق... موقف القضاء من هيئة النزاهة
- محنة النزاهة في العراق...ح/2 الصدق والمكاشفة هو السبيل لمواج ...
- محنة النزاهة في العراق: غريب في ثقافة حكم لم تألفه....
- نور زهير ليس بطل -سرقة القرن- بل مجرد شيّال لحقيبة أبطالها.. ...
- هل نحن أمام -نصبة القرن- ، بدلاً من -سرقة القرن-...؟ وهل أن ...
- الشعراء ... وكلمة السواء ....
- -صنعه-، تمنيتها لكني حمدت الله أني لم أتقنها...
- تعديل قانون الأحوال الشخصية ، الباعث الحقيقي...
- أمام السوداني قضايا ينبغي ان تعود لتحتل الأهمية القصوى: القض ...
- أمام السوداني قضايا ينبغي ان تعود لتحتل الأهمية القصوى:


المزيد.....




- بمجال جوي محظور.. -درون- تضرب طائرة مكافحة حرائق وتتلف جناحه ...
- إسرائيل ترسل رئيس الموساد إلى قطر لإجراء محادثات بشأن وقف إط ...
- لقطات تظهر حجم الحرائق بكاليفورنيا
- الجزائر تعلق على قضية مؤثر جزائري طردته فرنسا وتوضح سبب رفض ...
- وفاة أكبر معمرة ليبية في مدينة زوارة عن 114 عاما (صور)
- هل تسعى إسرائيل لتقسيم سوريا لكانتونات؟
- المرشحة لمنصب المستشار الألماني تتعهد بإعادة استئناف -السيل ...
- إعلام: مقتل 7 جنود إسرائيليين وإصابة 33 آخرين في حدث صعب جدا ...
- انخفاض احتياطات الغاز في بريطانيا
- القبض على 7 مصريين ويمنيين في السعودية تشاجروا في مكان عام


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - موسى فرج - شقشقة على بقايا الفرات..