أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد خليل - سيكولوجية الكلب المسعور: ترامب نموذجًا ساخرًا














المزيد.....


سيكولوجية الكلب المسعور: ترامب نموذجًا ساخرًا


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 17:51
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ أن اقتحم المشهد السياسي، بدا دونالد ترامب وكأنه كلب مسعور خرج للتو من إحدى قصص الخيال السياسي الملتوية. فهو ينبح على كل من يقترب، يلهث وراء أضواء الكاميرات، ويعضّ دون تمييز، حتى وإن كان ذيله الخاص!

في سيكولوجية الكلب المسعور، نجد أن السلوك ينقسم إلى عدة مراحل. أولاها: نوبة النباح الأولى، حيث يعتقد الكلب أن صوته وحده قادر على إزاحة الجبال. ترى ترامب واقفًا خلف منصته، يلوّح بيديه كما لو أنه يطارد ذبابة غير مرئية، وينطق بالكلمات التي تشبه الوجبات السريعة: جذابة، فارغة، ومليئة بالسعرات الشعبوية.

ثم تأتي مرحلة الهجوم العشوائي. هنا تتجلى عبقرية الكلب المسعور. يقرر ترامب – كما الكلب الجائع – أن يهاجم كل شيء يتحرك: الصحفيين، العلماء، حتى الحلفاء السياسيين. هو يشبه في ذلك كلبًا اكتشف أن العالم مؤامرة كبيرة تهدف إلى سرقة عظامه!

لكن الكلب المسعور ليس بلا خطة. ففي مرحلة اللعب بالمشاعر، يتقن ترامب فن هز الذيل أمام الجماهير، معتمدًا على أسلوب "أنا منكم، وأنا الأذكى".

يصرخ بشعارات لا معنى لها، ويعد بأشياء أقرب إلى وعود جرو يريد قضاء حاجته في البيت دون عقاب.

أما عن سلوكياته تجاه الخصوم، فتبدو وكأنها مأخوذة من كتاب "فن العضّ دون سبب". يهاجم بقسوة، ثم يتراجع لينبح من بعيد. حتى الكلاب الأخرى تندهش من هذا الأسلوب: هل هو عضة دفاع أم مجرد هواية؟

في نهاية المطاف، يظل الكلب المسعور محاطًا بجمهور يتظاهر أنه يروّضه، لكنه في الحقيقة يستمتع بالفوضى التي يخلقها. فالكلب، وإن كان مسعورًا، يقدم عرضًا كوميديًا يفوق ملهاة سياسية مليئة بالمفارقات.

ربما كان ترامب سيئًا في السياسة، لكنه بالتأكيد أستاذ في لعب دور الكلب المسعور. المشكلة أن العالم ليس مجرد حديقة، والنباح أحيانًا لا يكفي لإيقاف كارثة، بل قد يكون هو الكارثة نفسها.

ولعل أعجب ما في سيكولوجية الكلب المسعور، تلك اللحظات التي يبدو فيها وكأنه قد قرر أن يصبح فيلسوفًا فجأة. ترامب، بنظراته الحائرة وكلماته المتعثرة، يتحدث عن "عظمة أمريكا" وكأنها عظمة حقيقية يلهث وراءها. لكنه، وبطبيعته المسعورة، يلتهمها دون تفكير، ثم يبدأ بالبحث عن أخرى، وكأن العظام لا تنتهي إلا حين ينتهي هو.

والمثير للسخرية أن هذا الكلب المسعور ليس بلا جمهور. هناك من يصفق له، وكأن النباح موسيقى وطنية! هؤلاء الذين يحولون كل عضة إلى دليل على "الحنكة السياسية"، وكل نوبة هياج إلى "خطة استراتيجية". إنهم جماعة المروضين الوهميين الذين يضعون طوقًا حول رقبته، لكنه طوق مطاطي، قابل للتمدد، ليناسب جنون اللحظة.

وفي مرحلة ما، يصبح الكلب المسعور أسيرًا لجنونه الخاص. يبدأ في مطاردة ظله، يهاجم المرايا، ويصرخ في الفراغ. ترامب هنا يتفوق على كل كلاب التاريخ، فهو لا يحتاج عدوًا حقيقيًا ليشعل معركة. يكفيه خياله الواسع، وخطاباته التي تحلق في فضاء الشعبوية بلا خجل.

لكن النهايات دائمًا حتمية. الكلب المسعور، مهما علت أصواته، مصيره أن يتعب من مطاردة أشباحه. وربما تكون المفارقة الكبرى أن من شجعه وصنع هالته، هم أنفسهم من سيطاردونه بالعصي حين يدركون أن المسعور خطرٌ على الجميع، حتى على من أطعموه بيديهم .

إنها ملهاةٌ مأساوية: كلب ينبح وعالم يتفرج، ثم ينقلب المتفرجون على أنفسهم حين يدركون أن الضجيج لا يبني شيئًا، بل يترك وراءه أنقاضًا وسخرية أبدية.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أميركا: الدولة المارقة الأكبر وأخطر تهديد للأمن العالمي
- بين يقظة الغيب وهسيس الغياب
- استراتيجيات ترامب بين ضم كندا وبنما وزيادة إنفاق الناتو: قرا ...
- السلطة الوطنية: درع الاحتلال وسيف المقاومة
- ترامب، صديق إسرائيل الأول... ومخترع الجحيم الجديد!-
- بين الموج والقمر
- أراني اعبر الجسر
- في حضرة القلب
- الحقيقة…
- الذكاء الاصطناعي: من التفوق إلى اللامحدودية - كيف ستكون المر ...
- على حافة العاصفة
- العالم على عتبة 2025: أفق مشتعل أم انطلاقة جديدة؟
- نقد الموقف من النماذج الاجتماعية وضرورة الموقف ضد الإرهاب ال ...
- اليمن: مركز جيوسياسي ومحور استراتيجي في المنطقة
- حكايات الخيانة في كومباوند س
- مرآة الحلم المنسي
- أنتِ أفقٌ لا يغيب
- ‎يا لصخب البرد، كسر خاطري

- تحول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني): من إرهابي إلى رجل دولة
- حينما ينبت الحلم من الرماد


المزيد.....




- إثيوبيا والصومال يتفقان على استعادة التمثيل الدبلوماسي الكام ...
- مهرجان للفيلم الأمريكي في بغداد السينما ودعوة للشراكة مع الم ...
- زيارة ولاية كارولينا الشمالية مزيج من الجمال الطبيعي والتاري ...
- الجواري والموسيقى.. وجهان لثراء الحياة في قصور الخلافة العبا ...
- استمتع بتجربة رعب جديدة من نوعها.. بعد تحديث تردد قنوات أفلا ...
- ما حقيقة الاعتداء على الفنان السوري عبد المنعم العمايري؟
- إنجازات على أبواب -غينيس- بعد اختتام فعاليات مهرجان -ليوا- ا ...
- الفنانة السورية يارا صبري تعلق على حادثة عبد المنعم عمايري
- 7 وجهات في الجزائر تلبي شغف محبي الثقافة والاستكشاف
- المخرج خالد منصور: -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- رؤية جد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد خليل - سيكولوجية الكلب المسعور: ترامب نموذجًا ساخرًا