أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - المدخل إلى التعايش المجتمعي















المزيد.....


المدخل إلى التعايش المجتمعي


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشكّل انتهاء هيمنة السلطة الأسدية بداية مرحلة جديدة عنوانها الأساس بناء سوريا على أسس تقطع مع ما كان سائداً إبّان السلطة البائدة.
فيما يخص التعايش المجتمعي، فإن الاستقرار الظاهري إبّان الحقبة الأسدية كان محكوماً بالقمع والقهر وتغول الأجهزة الأمنية. وحرمان السوريين من حقهم في التعبير عن رأيهم. ويتقاطع ذلك مع اشتغال السلطة البائدة على منع السوريين من بناء هوية وطنية عابرة لحدود الطائفة ومتجاوزة لها. ونذكًر بأن أحد تجليات ذلك تجسّد باشتغال السلطة البائدة على تحشيد الطوائف والأقليات للدفاع عن الطغمة الأسدية المسيطرة التي ادّعت لأكثر من نصف القرن أنها حامية الأقليات من خطر الإسلام (السنّة) وبشكل خاص التيارات الإخوانية، التي ستقضي على الأقليات في حال وصولها للسلطة وفق زعم السلطة البائدة وأبواق لها طائفية.
أما الآن فإن السوريين جميعاً معنيون بالعمل على القطع مع ذهنية المرحلة السابقة وآليات التفكير التي فرضتها السلطة الأسدية. ويحتاج ذلك بالضرورة إلى تمكين آليات تفكير واشتغال ديمقراطية تؤسس إلى مستقبل تسوده حرية التعبير والتشاركية والتفاعل المجتمعي الفعّال لبناء هوية سورية وطنية جامعة تضمن الاختلاف والتنوع.
إن تجاوز أشكال الوعي، وآليات التفكير التي تم ترسيخها على امتداد أكثر من خمسين عاماً، يشكل التحدي الأبرز للسوريين. ونرى أن المدخل إلى تجاوز تلك الإشكاليات يتحدد في سياق العمل على تكريس الهوية الوطنية الجامعة للسوريين كافة. وذلك يحتاج إلى بناء وعي جديد يقطع مع التركة الأسدية، والتأسيس لوعي مجتمعي يستند إلى تمكين التواصل الاجتماعي الذي يعتمد بدوره على إبراز نقاط وقضايا توحّد السوريين على أهداف واضحة ومحددة. ما يعني بالضرورة أن بناء دولة المواطنة يشكل المداخل الأساس. ونشير في السياق ذاته إلى أهمية نبذ خطاب الكراهية والحقد والانتقام. واعتماد لغة التواصل والحوار البنّاء، كونه يفتح على مرحلة جديدة مختلفة.
لكن رُب قائل أن شرائح وفئات من السوريين واسعة تعرضوا للقمع والقتل والتهجير وانتهاكات يصعب إحصاءها. وذلك يمكن أن يحد من إمكانية توسيع وتعميق التواصل بين السوريين. رغم صوابية ذلك لكنه يستوجب منا للتأكيد على أن تجاوز الماضي والتأسيس لمرحلة أخرى ديمقراطية تعددية تقطع مع الماضي ومفاهيمه واصطلاحاته التي كانت سائدة، يتقاطع ويتزامن مع التمسك بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق السوريين، ومن سلبهم حقوقهم ونهب ثرواتهم الخاصة والثروات الوطنية، وتطبيق العدالة الانتقالية كونه يشكل مدخلاً إلى رأب التصدعات المجتمعية، والتأسيس لمرحلة أخرى مختلفة أساسها التواصل والتسامح والقطع مع العدالة الانتقائية. ولن يكون ذلك إلا بعد الكشف عن الحقائق وتقديم المرتكبين لمحاكم عادلة وصولاً لجبر المظالم وإعادة الحقوق لأصحابها. حينها يمكننا القول أننا نقف على طريق بناء مجتمع تواصلي قادر على إرساء دعائم السلم المجتمعي والاستقرار بناءً على لغة التسامح المصالحة.
في ذات السياق فإن القطع مع العقل الأحادي على مستوى التحليل، التفكير، وآليات الاشتغال، يشكل مدخلاً أساسياً لتمكين التعايش الأهلي والمدني. ما يعني ضرورة العمل على ضمان التشاركية المجتمعية والتواصل في سياق بناء مجتمع مدني. ونظراً لكون الوعي المجتمعي ما زال متأثراً حتى اللحظة بوعي ما دون مدني (أهلي، ديني، جهوي، إثني، وعشائري). نرى أن تجاوز أشكال تجليات الوعي المذكورة يأتي في سياق تطور مجتمعي طبيعي يمر من بوابة تحوّل المجتمع إلى مجتمع مدني وسياسي ديمقراطي تعددي. وكلا المستويين يحتاج إلى تمكين دولة المؤسسات الديمقراطية كونها الضامن لاستقرار التنوع المجتمعي ومشاركته الفعّالة في صناعة القرار والبناء بذات الوقت. ويرتبط ذلك بتطور المجتمع وتحقيق العدالة المجتمعية وإرساء دولة المواطنة. ويتقاطع أيضاً مع إرساء أسس المشاركة المدنية وتوسيع وتعميق اشتغال مؤسسات المجتمع المدني وبشكل خاص المعنية بحقوق الإنسان والطفل. وتمكين دور المرأة في بناء المجتمع والدولة، وتعزيز المشاركة السياسية الديمقراطية التي تحتاج وتعمل بآن على إشاعة مناخ منفتح تسوده الحريات السياسية المدعومة دستورياً. أي ضمان النصوص الدستورية لحق السوريين في تشكيل الأحزاب السياسية المدنية، والممارسة السياسية الحرة. ونشير في السياق إلى أن تجاوز أشكال الوعي والممارسة المتمحورة حول الأنا الذاتية المتضخمة ومفاهيم دينية، طائفية، إثنية وجهوية، سيتم بشكل تلقائي وطبيعي في سياق تطور وارتقاء الوعي المجتمعي، وإرساء قيم المواطنة.
إن ضمان حق الأفراد في التعبير عن الرأي والحريات الشخصية(حرية الاعتقاد وممارسة الطقوس الدينية) دستورياً يشكل مدخلاً حقيقياً لبناء مجتمع متماسك. ويشكل أيضاَ ضمانة التعايش الأهلي السلمي. ولا خوف بنظرنا من الخلافات أو التباينات إن ظهرت في لحظة معينة. وبشكل خاص في المراحل الانتقالية كالتي يمر بها مجتمعنا في اللحظة الراهنة. فالمجتمع السليم أفراده ليسوا متطابقين ولا حتى متشابهين في كثير من اللحظات. ومرد ذلك اختلاف مستوى الوعي وآليات التفكير والمصالح. بمعنى أن الاختلاف يعكس حالة طبيعية وصحيّة للمجتمع. ونشير هنا بأن الوعي المجتمعي المدني ودولة المواطنة يشكّل الضامن الأساس للسلم المدني والتعايش الأهلي.
بخصوص التنوع المجتمعي فإنه يتقاطع مع ما ذكرناه. إن المجتمع السوري ينطوي على فسيفساء مجتمعي وتنوع الثقافي. والمحافظة على ذلك ضرورة بالغة الأهمية. ويعلم الجميع أنه يتعايش في سوريا مذاهب وأديان وأعراق وإثنيات وطوائف متعددة. والضامن الوحيد لاستقرارها وتعايشها السلمي يعتمد على ضمان حقها في الوجود والتعبير عن ذاتها بكافة المستويات والمجالات كونهم مواطنون يتمتعون بكامل الحقوق منها اللغة، الثقافة، المعتقد، والتراث. وجميعها يشكل هويتها التاريخية.
من جهتنا نرى أن ضمان التعايش والمشاركة الفعّالة في البناء الوطني يتجاوز حدود العدالة الاجتماعية إلى المساواة أمام القانون وفي القانون. نعني بذلك أنه يمكن أن يوجد في الدستور مواد قانونية تحمي حقوق المواطن بغض النظر عن انتماءه. لكن ذلك لا يكفي. ونشير في السياق أن الدساتير السورية كفلت(المساواة والعدالة الاجتماعية والحريات...)لكن الواقع ناقض ذلك، وأمام القانون كان يوجد تمييز واضح بين المواطنين. بسببه كانت تضيع الحقوق وتنتهك الحريات، وأسباب ذلك فساد الطغمة السياسية الحاكمة وإفسادها للقضاء الذي تجلى بأشكال سياسية ومادية وطائفية.... ما يعني التأكيد على المساواة في القانون وأمامه بغض النظر عن الموقع الاجتماعي والوظيفي وأيضاً الانتماء الإثني والمذهبي .. باختصار: إن القضاء العادل والنزيه والشفاف يحفظ حقوق المواطن ويؤسس لتعايش مجتمعي سليم ومتوازن، ويفضي إلى استقرار اجتماعي مستدام يساهم في بناء سوريا على قيم المواطنة والديمقراطية. ونؤكد أن مشاركة السوريين كل من موقعه واختصاصه في صياغة الدستور. يجعله معبراً عنهم. حينها فقط يرى السوريين أنهم ممثلون في الدستور، وأنه يعبّر عنهم ويضمن حقوقهم.
أخيراً: نشير إلى أن من واجب سلطات الدولة التزامها باحترام وضمان كرمة السوريين وحمايتها بالتزامن مع التزامها بعدم انتهاك الحقوق الأساسية الإنسانية أو التصرف بها واعتبارها ملزمة للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية كقانون واجب النفاذ. ويشكّل ذلك المدخل الأساس لبناء دولة المواطنة، ويؤسس إلى التعايش السلمي والاستقرار المجتمعي، ويفتح للسوريين دروب التطور والارتقاء.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تحديات العمل السياسي والمدني في اللحظة الراهنة
- معاً نبني سوريا حرة موحدة ديمقراطياً
- الدولة هوية
- عن إشكاليات إعادة إنتاج الذات العربية
- عن إشكالية إعادة تصنيع العقل البشري عولمياً
- سوسيولوجيا الهشاشة والفقر: سوريا أنموذجاً
- المثقفون الرُّحّل
- المثقفون الرُحّل
- الدستور وقضايا التغيير في سوريا
- مَن أنتم؟ هل كان القذافي محقا؟
- التحوّلات الدولية وعلاقتها بمستقبل سوريا السياسي
- عن إشكالية التغيير السياسي في سوريا
- أنا الآخر؟!
- من تحديات إعادة الإعمار في سوريا.؟
- صراع الجهالات
- السوريون وتحديات المحافظة على السلم الأهلي
- الصراع من أجل الهيمنة
- من الحرية إلى انهيار الوحدة الوطنية
- عن علاقتنا كعرب بصناعة التاريخ
- سوريا والخريطة الجديدة للصراع بين القوى العظمى


المزيد.....




- انطلاق قمة -المليار متابع- في دبي
- الدفاع الروسية تعلن أسر 16 عسكريا أوكرانيا بالقرب من كوراخوف ...
- حرائق لوس أنجلوس قد تكون ضمن الكوارث الأكثر تكلفة في التاريخ ...
- الرئيس الصربي يؤكد أن العقوبات الأمريكية ضد-NIS- بحاجة إلى ت ...
- هاري كين يقود بايرن لاستعادة فارق الأربع نقاط في الصدارة
- مديرية صحة ريف دمشق: مشفى ابن سينا للأمراض النفسية في دوما ي ...
- فضيحة جنسية بطلها شخصية رسمية وضحاياها من الأطفال تهز بريطان ...
- مسؤولة أممية: الدستور هو الضامن لأن تكون لكل السوريات والسور ...
- بعد حديثه عن خسائره بسبب ابن خال بشار الأسد.. نجيب ساويرس يث ...
- ليبيا.. تحذيرات للسكان وتعليق الدراسة عقب اشتباكات عنيفة في ...


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - المدخل إلى التعايش المجتمعي