حسام موسي
كاتب وباحث وناقد ومؤلف مسرحي مصري
الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 11:34
المحور:
الادب والفن
فن التمثيل ليس مجرد أداء على المسرح أو أمام الكاميرا، بل هو رسالة سامية تهدف إلى توعية المجتمع وإلهام الجمهور وإثراء حياتهم بالأفكار والقيم. ومع ذلك، قد يتعرض هذا الفن لخطر الانحراف عندما يتأرجح بين كونه مجرد هواية وبين خضوعه لإغراءات الشهرة والمكاسب المادية، مما يبعده عن رسالته الحقيقية ويجعله يفتقد إلى العمق والأصالة.
الهواية قد تكون نقطة انطلاق مشرقة للممثل، لكنها إذا لم تتطور إلى التزام جاد وفهم عميق لطبيعة هذا الفن، فإنها قد تُبقي الممثل في إطار السطحية، حيث يصبح أداؤه خاليًا من التأثير الحقيقي. وفي المقابل، الغواية قد تبدو أشد خطرًا، إذ يقع بعض الممثلين في فخ الشهرة والمال، فيقدمون محتوى يستهين بالثقافة ولا يحترم القيم المجتمعية.
هذا التأرجح بين الهواية والغواية لا يضر فقط بالممثل، بل يمتد تأثيره إلى المجتمع بأسره. عندما يفقد التمثيل رسالته، يتحول إلى أداة ترفيهية سطحية لا تعبر عن القضايا الإنسانية أو المشكلات الحقيقية، بل تروج للاستهتار بالقيم الثقافية والأخلاقية. ومع مرور الوقت، يؤدي هذا الانحدار إلى سقوط الفن في دائرة المسخرة، حيث يصبح وسيلة للسخرية والترفيه الفارغ، ثم ينتهي إلى هلاك حقيقي بفقدان ثقة الجمهور واحترامه.
حماية التمثيل من هذا المصير تتطلب وعيًا بمسؤولية الفن وأهميته. يجب على الممثل أن يلتزم بتطوير موهبته من خلال التدريب والتعلم المستمر، وأن يدرك دوره كمساهم في بناء ثقافة مجتمعية راقية تحترم الأخلاق وتلهم الجمهور. فن التمثيل ليس مجرد عمل؛ إنه رسالة وأداة للتغيير، وعندما يُمارس بوعي وصدق، يصبح قوة حقيقية تعكس القيم الإنسانية وتعززها. ولكن إذا تُرك ليترنح بين الهواية والغواية، فإنه يفقد هذه القوة ويتحول إلى شيء خاوٍ لا طائل منه.
#حسام_موسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟