عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8218 - 2025 / 1 / 10 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هؤلاء المتطرفون لا يحلمون إلا بعودة الإسلام الأول إسلام الغزوات والسبي والرق يتلونون مثل الحرباء حسب مبدأ التقية والغاية تبرر الوسيلة وها هم يضعون في سورية قدما لبناء نظام الخلافة ثم ينتشرون في شتى أنحاء العالم بداية من المحيط القريب وسيندم أعراب المنطقة إذا فتحوا لهم الطريق وساعدوهم على ترسيخ أقدامهم وكذلك بالنسبة للغرب الذي سيجني في النهاية ما قام به عند تأجير هؤلاء المتعصبين لتفتيت وهدم الدول القائمة.فالجولاني كان من أعوان الزرقاوي القاعدي ثم تحول إلى الخدمة تحت إمرة البغدادي الداعشي وعندما انهارت الدولة الاسلامية تحت ضربات التحالف أسس الجولاني جماعة النصرة في سورية وبايع زعيم القاعدة الظواهري ثم غير جلده ودخل في صفقة مع الأتراك والتحالف الغربي لتقويض نظام الأسد عندما فشلت عملية الضغط والحصار الشديد. فقام بغزو سورية في ظرف انحسرت فيه سطوة وقوة حزب الله وإيران وانشغال الروس بحربهم الطويلة والمرهقة والمكلفة في بلاد الأوكران. فالإسلام السياسي الباحث دوما عن السلطة والعودة للخلافة الاسلامية في ظل ضعف وتشتت الغالبية العظمى من الدول العربية لا يتواني إذا أسس لنقطة انطلاق ثابتة ومتينة في سورية أن يصدر وينشر في محيطه القريب وحتى البعيد ما فعله وأوصله للحكم وهو يعتقد أن هذه التجربة يمكن أن تنجح في أماكن أخرى وما سيساعده على ذلك هو الوضع المزري الداخلي الذي تعيشه الكثير من الدول العربية وحتى الأجنبية ووجود جيش من المرتزقة المتدربين على السلاح وتكتيكات حرب العصابات وتوفر سلاح المسيرات الحاسم مما جعل الجيوش ثقيلة الحركة والمكبلة بضعف التواصل وبطء في القرارات المتعددة والفوقية غير فاعلة على أرض المعارك وخاصة في المدن. وأغلب الظن أن الجولاني مازال يحلم بما كان يعيشه في العراق تحت راية القاعدة مع الزرقاوي وسجن بوكا اللعين ثم صحبة البغدادي مؤسس الدولة الاسلامية (داعش) في العراق والشام ولذلك فقد يفكر إذا أحس بالقوة أو وجد مساعدة أن يحول نظره إلى العراق وذلك تحت ذريعة تقويض الوجود الإيراني بعد أن تم إنهاؤه تماما بسورية. وخطر تمدد الفكر الجولاني المدعوم من التحالف الغربي يمكن أن يصل كذلك إلى الأردن الذي ينتشر فيه الاسلام السياسي بقوة ولبنان لتحييد ذراع إيران المسلح وربما إلى دول الخليج الغنية والمقبلة على تحولات اجتماعية جذرية وشمال إفريقيا من مصر إلى حدود المغرب. وقد بدأت كل الدول العربية تتحسس أوضاعها وتشحذ عزائمها وتبحث عن حلول ومخارج لردم التصدعات والصراعات بعد أن ودع منذ فترة ربيعا عربيا مؤلما كاد أن يعصف بوجودها وها هي غزوة الجولاني السريعة تفاجئ الجميع وتدق ناقوس الخطر من جديد والكل متحفز ويترقب فإما الصمود وإما الفرار مثلما قام به الأسد الذي لم يكمل عشاءه مساء يوم السابع من ديسمبر 2024 وغادر مستعجلا وهو يصمع صوت الغزاة القادمين وزغاريد المغفلين فوطنهم يسرق منهم وهم غافلون لا يعلمون حقيقة الأمور.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟