أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - الصهيوينة والامبريالية كيان واحد يفيض كتلة وينحسر ويزول كتلة















المزيد.....


الصهيوينة والامبريالية كيان واحد يفيض كتلة وينحسر ويزول كتلة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8218 - 2025 / 1 / 10 - 13:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


للصهيونية طبيعتها الإرهابية
الشعب الفلسطيني كافح الغزو الصهيوني قبل بروز النظام الإيراني المناهض للامبريالية. وإذا انتوت إلدولة الصهيونية بمؤازرة الامبريالية، الإطاحة بالنظام الإيراني من اجل خنق النضال الفلسطيني فالتطلع الى الحرية والعيش كما يريد على أرض الوطن مطمح كل شعوب الكرة الأرضية، وكل شعب يعتمد على الإمكانيات المتوفرة في مجتمعه كي يتحرر ويصنع الحياة التير يريد. وكذلك شأن الشعب الفلسطيني. باتت المقاومة الفلسطينية لقرصنة الأرض والإبادة الجماعية ونوايا التهجير قضية عالمية كسبت عطف شعوب الكرة الأرضية وتضامنها؛ فالشعب الفلسطيني ليس معزولا، ولا هو ضحية سهلة لأطماع التوسع الصهيوني والهيمنة الامبريالية.
أحد عشر عاما 1937-1947والصهاينة يشنون الهجمات القاتلة على العرب الفلسطينيين من طرف واحد لا يتلقون الرد الانتقامي. عن أرشيف الاستخبارات البريطانية بفلسطين خلال حقبة الانتداب واستخبارات أخرى أميركية وغيرها، ينقل الكاتب البريطاني، توماس سواريز، في كتابه "دولة الإرهاب.. كيف قامت دولة إسرائيل على الإرهاب" حوادث القتل الصهيوني المتواتر خلال هذه الحقبة؛ "المرة الأولى التي سجلت فيها أحداث تفجير قنابل بالمقاهي الفلسطينية عام 1937 في حيفا، وفي الحافلات الفلسطينية في ايلول / سبتمبر من تلك السنة. في 11 نوفمبر قذفت الأرغون قنبلة على مجموعة من الفلسطينيين في شارع يافا بالقدس قرب كراج شركة الحافلات الوطنية؛ وهاجمت في الشهر نفسه بعض المقاهي بالقدس بالرشاشات والقنابل، وهوجمت السيارات الفلسطينية في منطقة الجليل في ديسمبر؛ وفي 27 ديسمبر أطلقت الإ رغون النار على حافلة فلسطينية كانت تسير قي طريق يافا- القدس"[سواريز:68]. عام 1946 سيطرت الميليشيات الصهيونية على فلسطين، وحل العام 1947 وقوات الجيش والبوليس البريطانيين ثكنة تحاصرها الميليشيات الصهيونية. خلال هذه الحقبة الممتدة قتلت الميليشيات الصهيونية الفلسطينيين، فرادى ومجموعات، الى أن حققت مرادها من هذا العدوان ونجحت أخيرا عام 1947 في استدراج أطراف فلسطينية للرد المسلح لتعلن بعد ذلك وعلى مدى عقود ثمانية لاحقة انها ضحية عدوان فلسطيني. خاضت الدولة الصهيونية جميع حروبها بلا استثناء "دفاعا عن النفس"، تساند ادعائها، وبدون تحفظ، الولايات المتحدة ودول الامبريالية الماضية في ركابها. إسرائيل ضحية والشعب الفلسطيني ومنظماته السياسية هم المعتدون، بما في ذلك حرب الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة منذ أربعة عشر شهرا ونيف!!! "مع اقتراب اجتماع الهيئة العمومية للأمم المتحدة [29 نوفمبر/ تشرين ثاني] تزايدت اعتداءات الإرهابيين على العرب، والغرض منها إجبار العرب على عمليات مضادة يتخذونها مسوغا للدخول في اشتباكات وحرب ينفذون عبرها اهدافهم في دولة نقية موسعة،” أورد الصحفي البريطاني.
التفكير الاستراتيجي
المفكر الباكستاني إقبال احمد كان صديقا مقربا من إدوارد سعيد وكان مفكرا استراتيجيا مرموقا عمل مستشارا للثورة الجزائرية؛ قبيل العام 1982طلب قادة منظمة التحرير الفلسطينية منه تقييم استراتيجيتهم العسكرية. "بعد زيارات لمعسكرات المنظمة في الجنوب[اللبناني] رجع بانتقاد لم يسر أولئك الذين طلبوا نصيحته. من حيث المبدأ ظل احمد ملتزما بالكفاح المسلح ضد الأنظمة الاستعمارية؛ إلا انه كان لديه انتقادات شديدة للطريقة غير الفعالة والضارة غالبا التي طبقت فيها منظمة التحرير هذه الاستراتيجية" [الخالدي:259]
بشكل أكثر جدية على الصعيد السياسي وليس الأخلاقي او القانوني تساءل إقبال أحمد فيما ان كان الكفاح المسلح أسلوب العمل الصحيح ضد إسرائيل، العدو المحدد لمنظمة التحرير الفلسطينية. طرح المناقشة الى مسار التاريخ اليهودي خاصة في القرن العشرين فان استخدام القوة سيؤدي فقط الى تقوية شعور عام سابق لدى الإسرائيليين بأنهم ضحايا، وسيؤدي الى توحيد المجتمع الإسرائيلي ويدعم أقوى الميول القتالية في الصهيونية ويعزز دعمها الخارجي."[259]
أبلغت المخابرات البريطانية والأميركية المسئولين السياسيين بنوايا الصهاينة عدم الالتزام بقرار التقسيم ولسوف تحتل ميليشياتها ما تصله من أراضي الدولة الفلسطينية. وداخل المجتمع الفلسطيني ارتفع صوت يحذر من الانجرار خلف شهوتة الصهاينة بولوج الصدام المسلح، سيما ونذر التطهير العرقي باتت مكشوفة. "البريطانيون والأميركيون كانوا واثقين ان خروج بريطانيا من فلسطين سينتج عنه انشاء دولة يهودية ليس وفق قرار التقسيم، بل وفق مساحة الأراضي التي ستتمكن الميليشيا الصهيونية من السيطرة عليها بالقوة؛ (سواريز:21) مع ذلك لم يتحركوا لمنع الميلشيات الصهيونية من العدوان الذي استمر غريزة توحش تفتك بضحاياها ولا ترتوي من الدماء. بقي الإرهابيون يبدون علامات القلق، إذ فسروا "غياب القلاقل الفلسطينية يعني تحكم الزعماء العرب بالجماهير"..(263) لم تتحرك الدولتان لصد التوسع الصهيوني نظرا لموافقتهما على سرقة الوطن الفلسطيني. "دقت الصحفية والمراسلة الحربية بجريدة نيويورك تايمز، آن مكورمك، جرس الموت لفكرة الدولتين في مقال نشرته في منتصف يناير 1949، وذلك لأن اسرائيل تخطت خط التقسيم. قالت ان فلسطين لم تعد موجودة.."[217].
ينقل سواريز عن مذكرة داخلية بوزارة الخارجية الأميركية قبل اثني عشر يوما من انتهاء الانتداب تضمنت ان اليهود "سيكونون المعتدين الفعليين على العرب...لكنهم سيدعون انهم لا يفعلون سوى الدفاع عن أنفسهم. وإذا ما قدمت مساعدة عربية من خارج فلسطين سيهرع اليهود الى مجلس الأمن بدعوى ان دولتهم تتعرض للاعتداء المسلح؛ وسوف تستخدم كل وسيلة ممكنة للتغطية على حقيقة ان اعتداءهم المسلح على العرب في الداخل هو سبب الهجوم المضاد من الجانب العربي."[سواريز:299] هل من جديد في تكتيكات حكومة نتنياهو الراهنة؟! ما من كاتب أو منظمة اجتماعية حركت الحرب الهمجية بالقطاع منه/ها الضمير والعقل إلا واستلهم التاريخ المديد من العدوان المخطط والمهيأ له عددًا قتالية ومسوغات تحيلها البروباغاندا الصهيونية والامبريالية دفاعا عن النفس. وتتكشف من ثنايا الحرب العدوانية صنوف الإسناد المادي والمعنوي والسياسي تقدمه لإسرائيل دول الامبريالية ورئيسة منظومتها الولايات المتحدة.
الرابطة العضوية
وضعت الولايات المتحدة قدراتها العسكرية وثقلها السياسي لصالح الدولة الصهيونية في جميع المواجهات التي شهدتها المنطقة؛ واستنادا الى المساندة الأميركية رفعت الدولة الصهيونية في الآونة الأخيرة مطالب توسعية في أكثر من قطر عربي مجاور. ربما يكمن خلف المطالب تهديد الأنظمة المعنية كي تسكت عن ضم الضفة الغربية، المشروع المباشر على جدول أعمال دولة التوسع الصهيوني. في هذا السياق وبغطرسة القوة توعد نتنياهو تغيير الشرق الأوسط، وهو تغيير لصالح السيطرة الأميركية على مقدراتها، ولكي تغدو إسرائيل إحدى الدول المقررة بشئون المنطقة تمهيدا لتحولها الى الدولة التي تدور في فلكها بقية الدويلات. رغم النوايا التوسعية العدوانية نجد أنظمة عربية عديدة بالمنطقة تحتمي بالنفوذ الأميركي وتطبع مع الدولة الصهيونية، وتحمل على دول تستعصي على التبعية. بالقوة المدعومة أميركيا تتطاول الدولة الصهيونية وتعربد على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية كافة. تاريخ الدولة الصهيونية طوال أزيد من قرن مشحون بحروب عدوانية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة.
الروابط العضوية للمشروع الصهيوني بالولايات المتحدة والمنظومة الامبريالية وضعت في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 كشرط لأمن المشروع. ومنذ ان كان نطفة وعد في رحم الامبريالية دأبت جميع دول المنظومة الامبريالية على رعايته، ألى ان كان مؤتمر بلتيمور للحركة الصهيونية بنيويورك عام 1942. جاء المؤتمر نقطة تحول في مساعي الصهيونية: أشهر مشروع إقامة دولة تشمل جميع فلسطين؛ اقتصرت الرابطة الامبريالية بالولايات المتحدة؛ تحول طبيعي في ظروف مساعي الامبريالية الأميركية، وقد بدت القوة الأعظم ، الاستحواذ على جميع ممتلكات الدول الامبريالية وإلحاقها بامبراطوريتها في طور التكوين؛ عملية تمت طبقا للإجراءات الاقتصادية المعتادة بين احتكارات النظام الرأسمالي؛ أما التطور الثالث في قرارات مؤتمر بلتيمور فتجلى في طابع شمولي للحركة الصهيونية – ممثلا اوحد ليهود العالم. شمل تشدد بن غوريون منحى الشمولية المنفتحة على الديكتاتورية والفاشية، حين أمر "بطرد كل أعضاء الوكالة اليهودية ممن كانت لهم آراء مخالفة، لاسيما أي شخص صوت لمصلحة هاشومير هتصعير الاشتراكي واعترافه بالحقوق الوطنية للفلسطينيين". [95] شغل بن غوريون منصب سكرتير عام منظمة الهستدروت، وبإشرافه اتخذت مواقف مناهضة لإشراك عمال عرب في التنظيم العمالي، أو قبولهم عمالا بالمشاريع الصهيونية؛ فأوجد إقصاءًا صارما للمجتمع الفلسطيني. طالب المندوب السامي ترحيل من لا عمل له من الفلسطينيين خارج البلاد. بن غوريون أقر مبدأ ان "تشغيل عمال عرب في مشاريع يهودية بمثابة خيانة". مع هذا تجرأت الصهيونية على التلفيق والادعاء ان الفلسطينيين جاءوا من دول مجاورة في أعقاب اليهود للعمل في المشاريع اليهودية!
وجد بن غوريون الدعم في تزمته لدرجة رفع نسخة فكره الصهيوني الى مرتبة المقدس، لا يجوز التشكيك فيها او الخروج عليها او التهاون في تطبيقها. "اتهم بن غوريون كل من لا يتفق معه بانه نازي. علاقات اليهود بهذا البلد لا يمكن الحكم عليها بتطبيق قاعدة تنطبق على بلد آخر". [276] في ذلك المؤتمر برزت المنظمة الصهيونية بالولايات المتحدة ذات ثقل بارز داخل الولايات المتحدة وفي صفوف المنظمة الصهيونية العالمية. احتكرت التمثيل اليهودي بفضل نفوذ المنظمة الأميركية التي هي في نفس الوقت جزء عضوي من الكيان الامبريالي وشريكا عضويا في كيانه الاقتصادي والإيديولوجي والسياسي. في قادم السنين نرى كلا من الرئيس جون كندي والرئيس ريغان وكلينتون وأوباما يعلن كل منهم الامتنان للصهاينة في الوصول الى المنصب.
يلاحظ في هذه التحولات ان وايتسمان، وهو ربيب الامبريالية البريطانية المدلل، قد شارك بن غوريون في اقتراح التحولات وإقرارها. فايتسمان هو الذي اقترح تعيين هربرت صمويل مندوبا ساميا لفلسطين، وجاء أول حاكم يهودي لعموم فلسطين التاريخية. حينها قال "هذا صمويلنا، هو منا ونحن الذين اخترناه." بالفعل وضع صمويل الإجراءات والقوانين والتنظيمات الضامنة لإقامة الوطن والدولة الصهيونيتين. وفي العام 1942 نجد فايتسمان يسلخ المنظمة التي رعتها بريطانيا عن النفوذ البريطاني ويسلخ نفسه كذلك. الصهيونية لا تقر بالرابطة الوطنية، والأقرب الى الموضوعية ان الاتفاق إجماعي على ان الغاية مجرد مشروع استثماري وليس وطنا قوميا. حتى سكان الدولة لا يشعرون برباط وطني يضمهم.
بعد مؤتمر بلتيمور تلقت الاستخبارات البريطانية من عميل لها ان بن غوريون قال باجتماع للجنة التنفيذية للوكالة اليهودية " جميع الاستشارات نتلقاها من الولايات المتحدة وليس من بريطانيا ". وفي اجتماع أخر قبيل صدور قرار التقسيم "كان شاريت يفيض حماسة وهو يخاطب الدورة غير العادية للجنة التنفيذية للوكالة؛ أكد ان التأثير السياسي للولايات المتحدة ’ سيكفي لإجبار الرئيس على التصرف بقوة وسرعة‘ لمصلحة الصهيونية " [275].
طلب المندوب السامي البريطاني من موظف يتقن العبرية وعاش فترة في مستعمرة تفسيرا لعنف الإرهاب الصهيوني، واجاب الموظف انه نظام التعليم الذي تشرف عليه الوكالة اليهودية منسقة أنشطة الإرهابيين. نظام يشحن بالتعصب القومي وكراهية حتى اليهود ممن لا يجارون الصهاينة في إرهابهم وتعصبهم.

تداخل غطرسة القوة مع الضحية
تعاونت الامبريالية الأميركية مع الدولة الصهيونية في جميع المراحل؛ جاء دعمها المادي واللوجستي والسياسي لحرب نتنياهو على غزة استمرارا لنهج متبع بين الدولتين قام على وجوب ضمان خروج الدولة الصهيونية منتصرة في كل منازلة تخوضها. بالمقابل وجدت إسرائيل مهمتها الأساس والرئيسة، الى جانب كسر أي هجوم عسكري موجه ضدها، تخريب التوجه الوطني الديمقراطي او أي مشروع يؤسس لقوة متنامية في أي بلد في أرجاء المنطقة، خاصة إن شكل خطرا على إسرائيل ولو بعد عقود. إسرائيل تصول وتتحدى وتعتدي كي تبقى الأوضاع هشة داخل المجتمعات المحيطة تستجيب لدواعي السيطرة الامبريالية. يقرن نتنياهو توسع إسرائيل بمهمة تعزيز أمن إسرائيل ضمن مشروع شرق أوسطي يخضع المنطقة للسيطرة الامبريالية. طبيعي ان التوجه يقتضي دمج المقاومة الفعلية للتوسع الإسرائيلي بالتصدي للنفوذ الامبريالي بالمنطقة.
بادر الطرف العربي الى الحرب عام 1973، وفي عملية 7أكتوبر 2023. كان لتدخل الولايات المتحدة وإمداد إسرائيل بالأسلحة والذخيرة والدعم السياسي الفضل في تغيير ميزان القوى بسرعة وإنقاذ إسرائيل من الهزيمة. وهذا يتوجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار، ويحسب للدور الامبريالي في أي صدام مسلح مع إسرائيل. من الخطأ، بل الخطيئة، مواجهة الدولة الصهيونية ذئبا منفردا؛ فكما تبين، لم توفر إدارة بايدن جهدا لتعزيز قدرات الدولة الصهيونية ومناعتها، كيانا عضويا من امبراطورية الامبريالية الأمريكية، وقوتها الضاربة المستمدة في المقام الأول من دعم الامبريالية ماديا ومعنويا، ومن قدرة الدولة الصهيونية على تدعيم مواقع الإمبراطورية الامبريالية ومواجهة التحديات والانتقال الى الهجوم.
في حرب العبور عام 1973 لم يسمح للشعب المصري ان يعتز بانتصاره في عبور القناة؛ أقامت الولايات المتحدة جسرا جويا نقل لإسرائيل على جناح السرعة المعدات والذخيرة وحتى النفط وصور الأقمار الصناعية التي مكنت الجيش الإسرائيلي من النفاذ بين الجيشين المصريين والعبور الى الضفة الغربية وتهديد القاهرة.
وفي حرب الأرض المحروقة بلبنان 1982 قدمت لدولة الغزو كل صنوف الدعم، بما في ذلك الضغوط على منظمة التحرير كي تنسحب بعيدا عن حدود إسرائيل. لم تنظر إسرائيل بالامتنان للولايات المتحدة، مثلما فعلت بعد اتفاقية كامب ديفد. تضمنت تحقيقات لجنة كاهانا في مجزرة صبرا وشاتيلا الملاسنة التالية بين السفير الأميركي وشارون، وزير الحرب الإسرائيلي الذي أشرف ووجه وسلط الأنوار الكاشفة كي يشق القتلة دروبهم في أزقة المخيمين الضيقة، فأزهقوا أرواح كثر من ألف وخمسمائة ضحية (وحسب تقديرات أخرى ان الضحايا بلغو الثلاثة آلاف) من الأطفال والنساء والمسنين القابعين في بيوتهم لا يشكلون ادنى خطر على الغزاة.
قال السفير الأميركي بعد انكشاف مجزرة صبرا وشاتيلا "لم نعتقد انه كان يجب عليهم الدخول الى هناك الى بيروت الغربية"؛ فرد عليه شارون بجفاء: "سواء لم تعتقدوا او اعتقدتم فعندما يتعلق الأمر بالأمن لم نسأل من قبل ولن نسأل من بعد. عندما يتعلق الأمر بوجودنا وامننا مسئوليتنا، ولن نعطي أي أحد الحق في اتخاذ القرار عنا". اتهم شارون السفير الأميركي ب "الصفاقة" لأنه عارضه. ورد هذا في تحقيقات لجنة كاهانا المحفوظة بالرقم
. بدهي ان شارون كان يستقوي بالمنظمة الصهيونية داخل الولايات المتحدة. P1v274
أقر شارون أمام لجنة الخارجية والأمن بالكنيست في مذبحة تل الزعتر وراح ضحيتها قرابة 2800 فلسطيني من سكان المخيم على أيدي قوات الكتائب، ان "الكتائبيين كانوا يقتلون الناس بأسلحة قدمناها لهم وبالقوات التي ساعدنا على إنشائها". كل ذلك لتعزيز أمن إسرائيل!!! "العنف الزائد متأصل في التربية الاجتماعية المستمرة في العداء للفلسطينيين" وهو ما استخلصه الخالدي في كتابه "حرب المائة عام على فلسطين"ً [248] وأعترف به امام المندوب السامي البريطاني عام 1946 موظف خبير بالحياة داخل المستعمرات.
في العام 1978 اعترض الرئيس الأميركي، كارتر، على مشروع بيغن الاستيطاني، سرقة أراضي الشعب الفلسطيني بالضفة، بهدف منع إقامة دولة فلسطينية في هذه البقعة الضيقة من فلسطين. إجراء أقدم عليه كارتر ربما وهو يشعر بالذنب تجاه الشعب الفلسطيني حين انتزع مصر باتفاق كامب ديفيد، من الجبهة المناهضة لإسرائيل. على إثره شرع بيغن يولول ويزمجر "إسرائيل ليست جمهورية موز"!!
قادة الدولة الصهيونية يتعمدون الخداع حين يتمظهرون بدور الضحية، وهو أسلوب طالما نجح في كسب التعاطف مع المشروع الصهيوني.
تبذل دول الامبريالية قصارى جهودها كي لا تتلطخ سمعة الصهيونية في مجتمعاتها بسبب جرائمها في غزة؛ وطالما لا بد من إدامة الصدام المسلح فليكن بمنأى عن مقاومة شعبية سلمية كي يكون المبرر جاهزا. تبين من جديد ان لجوء الدولة الصهيونية الى العنف الشامل ضد الفلسطينيين لا يترك مجالا للنشاط السياسي في المجتمع الفلسطيني. إسرائيل تغتال الحركة السياسية بفلسطين، جاء في اتهام وجهه عالم الاجتماع في إسرائيل، باروخ كيمرلينغ.
نشرت خارجية الدولة الصهيونية خارطة إسرائيل الكبرى تنتزع أجزاء من دول عربية مجاورة، هذا المنحى القرصني قائم منذ تشكل الحركة الصهيوينة؛ وفي العديد من لقاءات زعماء الحركة تم الاتفاق على التهجير والتوسع في الدول العربية المجاورة، مع الحرص على الكتمان. لا شك في وجود مصلحة لامبراطورية الامبريالية في أسرائيل أكبر وعربا أقل. وقد تمارس الإمبراطورية الضغوط على الدول العربية المجاورة كي تصمت عما يدبر ضد الضفة مواصلة لحرب الإبادة. ربما تقايض الصمت بالتأجيل المؤقت لقضم أراض عربية جديدة. في هذا السياق صرح الوزير سموتريتش عن نوايا تشديد عنف دولة الاحتلال لتغيير الشرق الأوسط وتوطيد سيطرة الامبريالية

الجولة التي كسبتها المقاومة الفلسطينية
لم تمض سوى خمس سنوات، حين أظهر تكسير الأيدي والأرجل الوجه الحقيقي لإسرائيل كقوة احتلال قاسية، بعد التغطية الإعلامية لحصار وقصف بيروت. "وجه هذا الكشف ضربة ثانية لصورة دولة تعتمد بشكل كبير على إرضاء الرأي العام الأميركي"، حسب تعبير رشيد الخالدي [سواريز: 244]
بدون تخطيط وتدبير أمكن للشعب الفلسطيني إفساد الخداع الصهيوني وإظهار حقيقة الصهيونية ودولتها. "منحت الانتفاضة هدية لا تقدر بثمن ومخزنا من الثروة الأخلاقية والسياسية. كشفت الثورة الشعبية محدودية الاحتلال العسكري واتلفت موقف إسرائيل الدولي وحسنت موقف الفلسطينيين. أكد ناحوم أدموني، رئيس الموساد آنذاك،"سببت الانتفاضة لنا ضررا سياسيا أكثر بكثير، وآذت سمعتنا أكثر من كل ما نجحت منظمة التحرير في عمله منذ وجودها". [الخالدي: 258]
في لقاء صحفي مع رابين بدأ مندوب نيويورك تايمز المقابلة بالقول "ان المتظاهرين الفلسطينيين كانوا يكسبون معركة العلاقات العامة ضد إسرائيل في الصحافة العالمية"، وذلك بنضالهم السلمي المستند الى حراك شعبي عارم. "اعترف رابين ان الجيش يواجه انتفاضة شاملة تولدت من خلال عقود الإحباط الفلسطينية" [الخالدي:245]
توجب الرابطة العضوية للصهيوينة ودولتها بالمنظومة الامبريالية العالمية عدم النظر الى إسرائيل منفردة، إنما بارتباطها بالإمبريالية ذات النفوذ القوي على الأنظمة الأبوية بالمنطقة. نفوذ الإمبريالية الأميركية بالمنطقة يجعل من الصعب إن لم يكن مستحيلا، في هذه الفترة بالذات، انتزاع تنازلات بالقوة من إسرائيل أو الزامها بتنفيذ أحكام المحاكم الدولية والقرارات الدولية. اثبتت التجربة تلو الأخرى عدم واقعية خوض مقاومة مسلحة وأخرى شعبية في نفس الوقت؛ إسرائيل تتخذ من المواجهة المسلحة مسوغا للفتك بالجماهير. غير ان المقاومة الشعبية حين استوفت شروطها قهرت الإمبراطورية البريطانية أثناء عنفوانها بالهند وأبرزت الهند دولة مستقلة وضعت ثقلها بجانب حركة عدم الانحياز. بالمقاومة الشعبية نجح الشعب الأردني في تحطيم موجة الاحلاف الاستعمارية في ذروة هجومها عام 1956. وألحقت انتفاضة 1987 الضرر بإسرائيل بأكثر مما الحقته منظمة التحرير في عملياتها السابقة، كما قال رئيس الموساد إبان الانتفاضة.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ من العذابات المتواصلة
- عقم الخطاب المدني مع سلطوية المصالح والامتيازات
- في ذكرى رفعت العرير.. قلسطين خالدة في قصائد شعرائها
- ليزلي أنجيلين: نفاق حكومتنا يفطر القلب
- هل كان 7 أكتوبر شركا للإيقاع بغزة في حرب الإبادة؟
- آلية دولية للعلاقات العامة تشجع على الإبادة الجماعية
- المخابرات المركزية الأميركية مولت التنظيمات الجهادية وسلحتها ...
- ادمان اللاشرعية ..البدايات
- كيف أدمنت الصهيونية انتهاك الشرعية-7
- كيف أدمن الصهاينة انتهاك الشرعية-6
- الكابوس .. دولة منفلتة العقال
- كيف ادمن الصهاينة انتهاك الشرعية-3
- كيف أدمنت الصهيونية انتهاك الشرعية الدولية-2
- كيف أدمنت الصهيونية انتهاك الشرعية الدولية-2
- كيف أدمنت الصهيونية انتهاك الشرعية الدولية
- ديبلوماسية المشترك الإبراهامي-2
- -الإبراهيمية- وحواشيها : المنطلقات والأهداف(1من2)
- إسرائيل بلا أقنعة
- أربعينية رحيل المناضل الوطني ، الشيوعي نعيم الأشهب
- سياسة أميركا الخارجيية رعت الفاشية بالداخل


المزيد.....




- -مشكلة في المحرك-.. شاهد لحظات إجلاء 200 مسافر من طائرة ركاب ...
- ماذا يعني -إطلاق السراح غير المشروط- الصادر بحق دونالد ترامب ...
- أوكرانيا تستعد للقاء بين ترامب وزيلينسكي وسط ترتيبات أمريكية ...
- شح الوقود يهدد عمل المستشفيات بغزة
- سوريا.. من التقوقع إلى الأفق الواسع
- عون يبحث مع ميقاتي انسحاب إسرائيل
- حريق هائل في أحد أحياء مدينة نيويورك ووقوع إصابات (فيديو)
- بوشيلين: مقتل امرأتين في قصف أوكراني وإصابة آخرين
- إسرائيل تنفذ حملة دهم في جنين
- دراسة: حصيلة القتلى في غزة أعلى بـ40% من أرقام وزارة الصحة ب ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - الصهيوينة والامبريالية كيان واحد يفيض كتلة وينحسر ويزول كتلة