أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - باقون في الوطن،لن نسقط جواز السفر















المزيد.....


باقون في الوطن،لن نسقط جواز السفر


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8218 - 2025 / 1 / 10 - 02:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أعرف حتى متى سننجح، نحن الأباء، بتأجيل التعاطي مع سؤال الأبناء حول ميعاد حلول ساعة الصفر، ومتى يصبح "الهروب" من البلد قبل وقوع الكارثة هو ملاذ النجاة الوحيد، أو نفيه بالمطلق حتى لو كان البقاء فيه يعني وأد الأماني وموطن التضحيات التي ستظللها قباب الذكرى وتحفظها سجلّات المستقبل على شواهد من رماد وطين. لم تبدأ هواجس الرحيل تتقافز في عقول بعض شرائح المواطنين العرب في إسرائيل في السابع من اكتوبر 2023، لكنها اشتدت بسبب تداعيات ذلك النهار وقرار حكومة اسرائيل اعتماده ذريعة للبدء بحملة "فتوحاتها" الشرق اوسطية وتغيير خارطة المنطقة السياسية.
يؤثر البعض بيننا عدم التعاطي مع هذه المسألة؛ فالحديث عن ترك الوطن يعتبر في "موروثنا النكبوي"من المحظورات والكبائر التي تربينا على اجتنابها. انه درس آبائنا من النكبة الأولى، نقلوه وعلّموناه أن البقاء في الوطن هو الخيار الصحيح والأسلم؛ فاللاجىء يبقى في الغربة، وإن علت به المراتب، صدأ المدائن الباردة.
على هذه القاعدة نشأنا وعليها ربينا أولادنا. ولكن أين كنا وكيف صرنا ؟ إن الذي حدث ويحدث لنا كعرب وبيننا كفلسطينيين، وحولنا كمواطنين في إسرائيل، يجب أن يدفعنا لنكون يقظين وحكماء؛ فزمن انتصارات القصائد قد ولّى وحل مكانه زمن الهزائم والمؤامرات والخيانة، زمن تحصد فيه نيران اسرائيل "الثوار" ولا تبقي "لا على شيخ ولا على عكاز ولا حجر". سيبقى الصمود فريضة، بيد أن بعضا من التروي "ومجالسة" الأبناء ومتابعة ما يجري على الجبهات لا يضير.
"الحرب في غزة تدمَر حدود القانون وهذا ما يشكّل وحشيتها"
لم يعد تعريف هدف العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة موضع خلاف أو مسألة فيها وجهات نظر وقابلة للتأويل كما كانت حكومة اسرائيل تتمنى ؛ فالأدلة على أن اسرائيل تقوم بإبادة جماعية في غزة وجرائم حرب أخرى، تزايدت بشكل ملموس، وعمليات توثيق تلك الجرائم أدت إلى اتساع حلقات ادانة سياسات اسرائيل في كثير من المحافل العالمية وحتى داخل اسرائيل .
من اللافت أننا نرى بعض الخبراء القانونيين العالميين الذين تعرضوا لجرائم اسرائيل في غزة يجرون في دراساتهم مقاربات بين ما قام ويقوم به الجيش الاسرائيلي وبين جرائم النازيين في أوروبا، وكذلك يجرون مقارنات مع ما جرى في معتقل "ابو غريب" وفي حروب اخرى. يجمع هؤلاء الخبراء على ان ما تقوم به اسرائيل هو عملية ابادة جماعية تنفذ بوسائل تجسّد الشر في حالته المطلقة كما تعبر عنه سلوكيات الجنود الاسرائيلين الذين يصوّرون أنفسهم في حالات من النشوة المرضية ويعبرون عن متعتهم المنحرفة بالقتل وبالتمثيل بجثث ضحاياهم، والعبث في ممتلكاتهم. لقد نشرت في الأشهر الأخيرة عدة تقارير وثقت جزءا من تلك الممارسات الشاذة والمنحرفة من أهمها وأخطرها كانت التقارير التي أعدّها المحاضر في كلية التاريخ في الجامعة العبرية لي مردخاي ونشرت منها مقاطع في جريدة هآرتس العبرية في الخامس من ديسمبر الفائت .
لقد كثرت الكتابات في هذا المضمار، لكنني سألفت في هذه العجالة لمقالة كتبها مؤخرا بروفيسور بوب هاوز ، وهو استاذ بارز في القانون الدولي- جامعة نيويورك كان قد نشرها في منصة Novara Media. يقول انه "منذ اكتوبر الماضي تزايدت الأدلة على أن إسرائيل تنفذ ابادة جماعية في غزة. للابادة الجماعية معنى دقيق في القانون الدولي وهو: التدمير المتعمد لشعب ما "كلّيا أو جزئيا". إن ارث الهولوكوست يجعلنا نفكر في الابادة الجماعية كمصطلح نهائي لوصف فظائع من هذا النوع ، ومع ذلك، هناك حدود لاستخدام هذا المصطلح القانوني وحده لشرح ما يجري في غزة والتعبير عن لا اخلاقيته. بالنسبة لي ، لا يمكن لأي مفهوم قانوني أو جريمة جنائية أن تستوعب فظاعة ما يجري في غزة . إنَها اكثر من ابادة جماعية، انها القتل بحماس وببهجة من دون رادع". في غزة كما يرى العالم، يقترف الجيش الاسرائيلي ما هو أكثر من الابادة الجماعيه، انهم "يقترفون أيضا الابادة القانونية، أي تدمير مفهوم الحدود القانونية برمتها في زمن الحرب أيضا". انها حرب لم تترك للفلسطيني في غزة الا معنى واحد للصمود وهو ألا يموت.
الحرب على الضفة الغربية ابادة وتهجير وتقويض للقانون أيضا
لا يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة فظاعة ما يواجهه اخوانهم في غزة؛ بيد أن معظمهم يشعرون بأن معركتهم مع الاحتلال على وشك أن تدخل الى مرحلة جديدة يريدها المحتل أن تكون حاسمة ومحررة من أوثاق القانون ومن نوازع الاخلاق وروادع الضمير. معركة أعلنتها الحكومة الاسرائيلية على الملأ وتسعى من ورائها لضم الارض الفلسطينية "وتحييد" الفلسطينيين، اما بالرصاص او بالتهجير أو بالتدجين والسيطرة، وتفترض انها تستطيع ان تفعل في الضفة كما فعلت في غزة ولن يمنعها أحد.
ما يفعله اليوم جنود الاحتلال وسوائب المستوطنين في الضفة المحتلة يعكس حجم المخطط واهدافه ويشي بأن قواعد الابادة هي نفسها؛ وأن الشر بالمطلق هنا وهناك ووحشيته ليست بعشوائية نيرانه وسهولتها "وبالقتل البهيج" وحسب، انما بكونه قتلا يعتمد على "ابادة القانون" أيضا وهدم جميع حدوده، حيث يبقى الشر مطلقا والقتل لذة والقمع تسلية. انها حرب سيواجه الفلسطيني في الضفة فيها خياراته بالصمود أو الصمود أو .. وأعوذ من هذه الأو!
حكومة ضد القانون، إنها الفوضى وأكثر
لا يقتصر نشاط حكومة نتنياهو ضد الوجود الفلسطيني على جبهتي غزة والضفة الغربية؛ فملاحقة المواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل تأخذ ابعادًا جديدة، لا سيما بعد سن مجموعة من القوانين تستهدف حقوقهم وحرياتهم وتحاصرهم بشكل غير مسبوق. لم تتوقف حكومة نتنياهو عن تنفيذ مخططها في الانقلاب القضائي منذ انتخابها، بل نجحت، باستغلالها لظلال الحرب، من تحقيق معظم مراحله، واصبحت بسبب ذلك النجاح في مواجهة ليس مع المواطنين العرب وحسب، بل مع كل معارضيها اليهود.
لقد قرأنا أن عشرات آلاف المواطنين اليهود هاجروا من اسرائيل خلال العام المنصرم. وقرأنا أن كثيرين بدأوا يعدّون جوازات سفرهم تأهبا للهجرة والهروب مما تعدّ لهم حكومتهم بعد أن قامت "بإبادة القانون" وحيّدت سلطته الطبيعية في الدولة.
لقد كتبت ليمور ليفنات في موقع "واي نت" العبري قبل يومين مقالا عنونته "حكومة ضد القانون، هذه ليست حوكمة انها الفوضى"، وعبرت فيه عن تخوفها من انفلات حكومة نتنياهو ضد المؤسسات القانونية وتمرد الوزراء على قرارات المحكمة العليا وسائر الاجسام القضائية. انتخبت ليمور ليفنات في مطلع القرن نائبة في الكنيست عن حزب الليكود، وشغلت منصب وزيرة في حكوماته لسنوات طويلة. أنهت مقالها، بعد أن وصفت كيف دمرت/أبادت حكومة نتنياهو مكانة القانون وقوّضت سلطته بقولها "انه الغرب المتوحش (في اشارة الى ايام الاستعمار الامريكي وحربه ضد السكان الاصليين) لقد تحدثوا عن توطيد حكم الدوله/ سيادتها ؟ لكن الفوضى هي الحاكمه. ان نتنياهو ينتقم لاهانته الشخصية ، هذه حربه الشخصية"؛ ثم نبهت: "اذا لم نستعجل ونعجل فنحن القادمون".
بتزامن مع مقال ليفنات كتب الصحفي البارز في جريدة هآرتس يهوشوع برينر مقالا حذّر فيه من الهجوم الكاسح الذي يتعرض له القاضي يتسحاك عميت المرشح لرئاسة المحكمة العليا ولا ترضى عنه حكومة نتنياهو. يشير المقال لمجموعة من الاتهامات والالفاظ التي وجهت للقاضي عميت من قبل اعضاء الليكود باسم "الشعب" وحكمه ويقول: "عندما اسمع هذا المصطلح "الشعب" في هذه السياقات أبدأ بالتفتيش عن جواز سفري. هذا ما تعلمته من الشوآه/ الكارثة"؛ ثم يضيف قائلا "لن يستطيع الليبراليون أن يبنوا هنا مستقبلا وسيضطرون للهجرة". هكذا يفكر من يشعر بأن حرب الابادة قد تصل عند عتبات داره.
سيقول قائل، يجوز لليهودي ان يبدأ بالتفتيش عن جواز سفره وأن يهاجر ويهرب من جنون "شعبه"وجنون قادته، أما نحن المواطنون العرب فهذا لا يجوز لنا .
ويقول قائل، يحيا الصمود ولكن كيف السبيل إليه؟ اننا أمام مشهد تجري فيه ابادة شعب والعالم يغطس بالدعاء وبالثغاء، وينتظر الغنائم؛ مشهد تجري فيه "ابادة القانون" وحدوده ، ونحن، من دون شك سنكون ضحاياه القادمين. مشهد يستدعينا كي نكون يقظين ولنا في "الدهر موعظة"؛ فقد تكون "كل قلوب الناس جنسيتنا" لكننا قد نحتاج يوما إلى جواز سفر !



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في -دار الحرب- وفي -دار السلم- ، محنة شجرة الميلاد باقية
- غصات شامية وفلسطينية،فتوحات متخيّلة وأمان تنتظر الحصاد
- رسالة إلى الياس خوري، إلى أن يعود الكلام في دمشق إلى أصله
- بين فوضى الرصاص وفوضى العجز، دروس في الفاشية
- حلم لبناني قصير
- هل كانت فلسطين السبب بالإطاحة برئيس الأساقفة
- اسرائيليات،إطلالة على فكر المؤسسة الصهيونية من خلال وثائقها
- الانتظار حكمة المتعقلين أو خيار العاجزين
- ماذا بعد الاعتداء على مروان البرغوثي ورفاقه
- حتى يفتح باب الاجتهاد،الدم يصرخ: أوقفوا هذه الحرب اللعينة
- يا ساكني الزنازين اتحدوا
- المدارس العربية في اسرائيل وذكرى السابع من أكتوبر
- اسرائيل وحروبها على أربع جبهات
- مشاهد: حين كنا طيبين وسذجا
- حين تنتظر القدس الحريق
- هل سيصبح رئيس أساقفة كنتربري حليف الحق الفلسطيني؟
- في ذكرى وفاة ليبوفيتش،من النشوة الى القومية الوحشية البهيمية
- ما يشبه الرسالة للرئيس يتسحاك هرتسوغ
- عندما يسير التاريخ إلى الخلف
- اليوم العالمي لنصرة أسرى فلسطين


المزيد.....




- مصور يوثق حركة طيور الفلامنجو فوق بحيرة حمراء اللون بإيران
- أراد إضرام النار بمطعم فأشعل بنفسه النار بالخطأ.. شاهد ما فع ...
- أول صورة رسمية لرئيس لبنان جوزاف عون والسيدة الأولى وعائلتهم ...
- إخلاء مبنى مطار العاصمة المولدافية كيشيناو (فيديو)
- هل لأوراق الزيتون فائدة؟
- خمسة أسباب وراء الانتشار السريع لحرائق لوس أنجليس
- إطلاق سراح زعيمة المعارضة الفنزويلية ماتشادو وسط نفي حكومي ل ...
- حريقان في لوس أنجلوس يدمران 10,000 منشأة وسط تحذيرات جديدة ل ...
- تقرير: ارتفاع قياسي غير مسبوق في درجة حرارة الأرض عام 2024
- اكتشاف رابط بين نوعية السائل المنوي وطبيعة المعاملة في الطفو ...


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - باقون في الوطن،لن نسقط جواز السفر