أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مبارك بوالزيت - التابع















المزيد.....


التابع


مبارك بوالزيت

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 23:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان ميشيل فوكوا فطناً حين أعاد النظر في العنف الطبقي كما فهمه ماركس، حيث ألحَّ على كون الاستغلال أو العنف بمختلف أنواعه لا يرتبط ارتباطا وثيقا بالصراع الطبقي أوالتحكم في وسائل الإنتاج أو فائض القيمة دائما، بل قد يتبدى في سياقات قد لا تتوفر فيها شروط الإمبريالية المتوحشة أصلا. هذا المقال لن يكون لوماً للرأسمالية بمختلف تلاوينها لأن اللوم المزمن دون نظر و عمل عقيدة الضعفاء؛ و الحاصل للأسف أن كلَّ ما نأمل حدوثه في بلدان ما بعد الاستعمار قد تتحق فعلاً للرأسمالية، وليس لنا إلا أن نتعلم و نحطاط. في هذا المقال سنفكر في مفهوم التابع في بلدان ما بعد الاستعمار من الداخل و لا يلام إلا التابع و ظروفه على قدرِه.

القهر يصنع التابع. القهر الذي يهمني في هذا المقال هو الذي يصنع التابع السلبي، و سيمته أنه يتبدى بين مقهور و مقهور، وليس بالضرورة بين "عبد وسيد" أو رب عمل وعامل. فكما أسلفت ليست تلام الإمبريالية والرأسمالية والاستعمار و اختر ما شئت من الأيديولوجيات الغربية على الحقد الذي يكنه مقهور لمقهور داخل مقهى أو مصنع أو مصلحة فيعطل مصالح بني جلدته، و لا يلام الإستعمار على فرد يرمي الأزبال تحت رجليه في الشارع العام في بلدان ما بعد الاستعمار. بل تلام المنظومة التربوية و القانونية و الإقتصاد و ما تلقنه العائلة و الشارع للأفراد.

و لنا أن نتساءل: ما العمل في الحالة التي يكون فيها المكبَّولون والمقهورون أشرس على بعضهم حتى من رب العمل و المدير، بل أشرس حتى من القوانين في بعض الأحيان؟ ما العمل في الحالات التي يساء فيها استعمال قوانينَ تكون سلسة تخدم المواطن فيجعلها الموظف صاحب الإجراء أعقد من لغز بوانكاريه؟ أليس العنف الرمزي وما يصاحبه من مشاكل نفسية كما في السُّمية والخمول والإرجاء وكما في الدسائس والمكائد وسوء التأويل والمراوغة أمور تستحق النظر بعيداً عن أي لوم للرأسمالية أو أي قوى خفية؟

فرانز فانون مثلاً لم يستسغ تأخر الأفارقة و لم يستسغ كذلك تعنيفهم من طرف المستعمر ، لكنه كذلك لم يكثر من لوم المستعمر، إذ لم يستسغ جري الإنسان المُستعمَر وراء حقوق طبيعية بسيطة بمعزل عن ابستمولوجيا النهضة. لم يستسغ كذلك "غباء" الفرد المستعمَر خصوصا حين يربط مشاكله بأعداء وهميين، و قد أشار الدكتور فانون الى هذا “الغباء” بشكل صريح في الصفحات الأولى من كتابه ”بشرة بيضاء وأقنعة سوداء“. ونحن نتفهم حنق فانون وغضبه، لأنه غُلب على أمره خصوصاً حين لم يجد الآذان الصاغية لمزاولة عمله كطبيب، فكتب استقالة حزينة ورحل عن الجزائر وعن الدنيا إلى غير رجعة مهموما ومريضا ومكلوماً.

يهمنا جدا هذا الطرح من فانون،والذي لا يمكن أن يكون تسرعا من مفكر فذ كالدكتور فانون، فهو يضع الأصبع على الداء في بلدان ما بعد الاستعمار لأنه 1) لا يلوم الاستعمار على كل مشاكل الإنسان المستعمر و 2) لأنه يحمل الإنسان المستعمر مسؤولية مشاكله، ومنها توهُّم الأعداء و الاتكالية والإرجاء والتبجيل السلبي للعرق واللهجة والقبيلة و القوى الخفية وغيرها من النزعات الذاتية و الجماعية الشاذة. ومنه نطرح سؤالاً آخر: كيف تستشري هذه البنيات الذهنية المعيقة لانعتاق الذات في بلدان ما بعد الاستعمار في السياقات التي نزيل فيها اللَّوم للاستعمار والآخر المتقدّم، ونوجِّهه إلى أنفسنا؟

لويس ألتوسير وأنطونيو غرامشي فطنا إلى كون القهر الذي تمارسه الأيديولوجيا على الأفراد عن طريق أجهزتها المادية والرمزية، يهدف أساسا إلى إعاقة الولوج إلى المتاح من الحقوق،إذ تغِّيب كينونة الفرد الحرة وقدرته على الانعتاق.لكن الرضوخ للعنف الرمزي للأيديولوجيا، تكبيلاً كان أو استغلالاً أو نشراً للجهل أو غيره من أساليب الهيمنة داخل المجتمع، لا يرتبط بشرطية العنف الخارجي دائما كما في قصة كلب بافلوف أو بالعنف الناتج عن شرطية الوعي المزيف أو الأيديولوجيا الرأسمالية كما في طرح ماركس، وإنما بأنانية (ليس الأنانية المنتجة طبعا) الفرد في أغلب السياقات تقريبا، أي رضوخه، أي الفرد، لأهوائه و لمساوئ نفسه بإيجاز شديد، خصوصا حين تكون المحاسبة المنتجة غير متوفرة.

الأنانية السلبية مرض والتجمع الغوغائي سرطان وهما عاملان ينفثان في نار التبعية السلبية حتى في السياقات المنظمة. ألا يصبح السجن حلبة مصارعة على علبة سجائر وهو مؤسسة زجرية محكمة التنظيم؟ ألا تحصل الخيانة والانهيار داخل مجموعات سياسية متراصة تجمعها أيديولوجيا واحدة؟ ألا يحصل الانفلات والتأخير في سلاسل وظيفية من ذهب بوجود فرد مسوس الفكر والضمير؟و بالمقابل، ألا توجد مجتمعات منظمة منتجة يحتدى بها فطنت إلى كل ما أوردناه آنفاً؟ كان عبد الله العروي فطناً حين أشار الى كون التاريخانية فهم،ليس للأحداث التاريخية المنفصلة فقط، وإنما فهم لأنجح التجارب و أفضلها.

مخرجات العلم إذاً نادرا ما تصل الأفراد في شوارع بلدان ما بعد الاستعمار وهذا أحد أسباب تأخر المجتمع و ضنك الفرد و تبعيته السلبية في أغلب السياقات. و لا تكفي الثروة من عدمها ليستشعر الفرد هذا الضنك، و نزعم أن الفقراء و الأغنياء فيه سيان في بلدان ما بعد الاستعمار بدرجات مختلفة طبعاً.

متى يكون الفرد التابع شرسا في حق بني جلدته؟ هل بسبب أيديولوجية خارجية أم بسبب استيهامات ذاتية محضة؟ متى يصبح الفرد عثرة في طريق التقدم؟ الجواب ربما هو حين ينفصل عن العلم و المحاسبة، و حين تتحكم فيه مساوئ نفسه ربما، فيصبح فردا "شرهاً" لا يكفيه راتبه، فينظر إلى ما عند غيره، أو إلى ما اؤتمن عليه، أو حين يكون متنمراً، ولو أفردنا مظاهر التنمر في مؤسسات ما بعد الاستعمار لجفَّ هذا القلم. في ورقتها "متى يتكلم التابع؟" تورد كياتري سبيفاك أمرين أساسيين يعيقان التقدم في بلدان ما بعد الاستعمار. ترى سبيفاك أن التابع في السياق الهندي مثلا يوجد بين أمرين أحلاهما مر؛ فهو محكوم بنظام اقتصادي قهري وشروط مجتمعية مجحفة. وهذا صحيح، والحل إن جاز لنا التنظير له، يكون بالانعتاق من داخل هذا النسق القهري بتغيير شروطه من الداخل و بالتنظير لمصادر قوته، ولو بشرط الضعف نفسه بدل التركيز على مساوئه. غاندي، و الحق يقال، سار على هذا النهج قبل أن يكتب مقال سبيفاك الاستنكاري بسنين، فأحيا "السواراج" آمراً بني جلدته بتبسيط التراث واستنباط الجيد منه والثقة بالنفس جواباً على الإذلال و التعتيم الذي مارسه المستعمر الإنجليزي، وكان هذا حلاً مفيدا إذا نظرنا إلى مكانة الهند اليوم.

متى تنتج التبعية كما فهمتها دراسات ما بعد الاستعمار قهر المهمشين لبعضهم؟ الجواب هو حين يتأله التابع أو حين يستغل المقدس والمنصب وغير ذلك، فيصبح واثقا تماما من وساوسه، و حين تستبد به مساوئ نفسه. واعتقاد المرء بتحكمه بالرقاب هو أول الغي، لأنها لا تنتج إلا الضدية السلبية التي غالبا ما يتبعها الجمود، لأن من يتلقى الأوامر ينفذ وقليلا ما يعترض. فالجندي الذي يرمي قنبلة على عدو (قد يكون ابن عمومته) لا يهمه عدل القضية من عدمه وإنما يهمه أن يفعل ما يأمر، و حين ينتقل مثل هذا المنطق إلى العلاقات داخل المجتمع فأمر جلل، و منه فالفرد الحر المسؤول هو النقيض التام للتابع السلبي.

من أسباب التبعية السلبية غياب الحقوق. ماذا يكون الجائع غير العبد لكسرة الخبز؟ الأمر الذي جمع الشيوعين على كلمة واحدة لم يكن إلا بطونهم الفارغة ، والحسن عند الجائع لا بد يكون هو وجود ما يكفي من الطعام، وغير هذا الأفق فلا يهم و كله تجريد فارغ. وهذا يفسر فشل أغلب ثورات الشيوعيين (لا نعمم طبعاً ) لأنه باستلامهم لوسائل الإنتاج تاهت بهم السبل، لأن همَّهم الأول كان كسرة الخبز و بحبوحة العيش. ولينين لم يطرح السؤال المشهور "ما العمل؟" عبثاً. ولسنا ننتقص من قيمة الماركسية بهذا الكلام لأنها والحق يقال منحت حقوقاً كثيرة لعمال اليوم و أنقذت الصين من تخلف كبير.

سبب التبعية السلبية كذلك هو تتناقض القيم والحاجات عند الفرد، فالكرامة والجوع قليلاً ما يلتقيان، والتبجح والمروءة قليلا ما يلتقيان كذلك في الفرد الواحد، وتبعاً لذلك فقد يتخلى الفرد عن كرامته ليسد رمقه، وقد يتخلى عن ضميره في أحيان كثيرة ليسد رمقه أو لينفذ ما أُمر به خصوصا عندما تضيق به السبل أو حين يحشر بفعل الظروف و قهر الزمن في دائرة يكاد يتنفس فيها و لا شيء يعلو فوق المصلحة الفردية في مثل هذه السياقات. كان علي الوردي صريحا في كتابه ”وعاظ السلاطين" إذ يقول:

إن الإنسان بوجه عام يحب مصلحته قبل أن يحب مصلحة الغير، فهو إذا رأى المصلحتين متناقضتين آثر طبعا مصلحته الخاصة، وأهمل المصلحة الأخرى، فالإنسان الفاسد هو كالصالح في ذلك، الفرق بينهما آت من كون أحدهما قد أتاحت له الظروف أن تكون مصلحته مطابقة للمصلحة العامة، فسعى في سبيلها، وظن الناس أنه يسعى في سبيلهم، فقدروه و انتفعوا به مثل ما انتفع هو بهم، أما الفاسد المسكين فهو مكلف بعمل شاق. وهو يرجو استبداله أو التخفيف منه، فلا يسمع الناس رجاءه هذا فهو مضطر إذن أن يداجي ويماري، وأن يسرق ويعتدي، لكي يخفف من نفسه شيئا من العبء الذي فرضه عليه الناس "(صفحة 57). ومنه فعلي الوردي لا ينتج ثقافة اللَّوم وإنما يقول بصوت عال وصريح: "غيروا ظروف الناس تتغير أخلاقهم." وما دامت الممارسة لا تنتج القوانين لتنظيم المجتمع،كما في الإسقاط الجاف للنظريات و الإصلاحات، لا بد ينتج التبعية السلبية و عكس المطلوب في كل المجالات و هذا هو الفرق الجوهري بين التخلف و التقدم—الممارسة و التنظير:

لسان الحال يقول: ما الحل وما العمل؟ الحرية المسؤولة قد تكون حل أولياً، وهذه، بالإضافة إلى ما أوردت آنفاً، لا تتأتى إلا بالتربية على الواجب الأخلاقي في المدارس والمنازل ، وقد تتأتى كذلك بسن قوانين غير قابلة للتأويل تحمي حقوق الأفراد. التابع السلبي تنقصه المسؤولية الحرة واحترام حريات الغير وحقوقهم، وقد يكون عرض الفرد على طبيب نفسي حلاً سليماً قبل تسليمه أي مسؤولية. التابع السلبي (يقابله بالطبع الفرد الحر و المسؤول) يعيش في أغواره السحيقة اللاواعية، والأفق الذي يراه سهلاً هو بالتفريغ السلبي أو بالانتقاص و المراوغة واللعب بالمعاني والكلمات …والمشكلة الحقيقية هي أن من هم على هذه الشاكلة يفضلون العناد على التواصل الإيجابي والاجتماع المنتج والتدارس. ستانلي ميلغرام أثبت هذا في دراسته المشهورة للرضوخ للسلطة مطلع الستينات. إذ أثبت بالملموس أن الرضوخ السلبي للسُّلطة،مهما كانت ضئيلة، غالبا ما ينزع عن الفرد ثوب الرأفة كما ينزع عنه قيمه واحترامه لحقوق غيره لدرجة قد تصل حد الاقتراب من إلغاء الآخر بالزجر المبالغ فيه.70% ممن أمرهم ميلغرام بتعذيب الأفراد موضوع التجربة فعلوا ذلك دون أن يرف لهم جفن، ولو بمنحهم حرية التوقف عن الإجراء والانصراف. محمد عابد الجابري لاحظ كذلك هذا عند من يستغلون الإرث الديني للإساءة ، وذلك بالإكثار من الدعاء على مرتكب الذنب مثلا، فترى الداعية يدعو بالوبال والنكال وما تقشعر له الأبدان من الأدعية على فرد لم يفعل ما يستحق كل تلك الدعاوى المجحفة، والله غفور رحيم. يورد الجابري مثالا آخر عن التبعية السلبية في كتابه ”الهوية المغربية” إذ لاحظ على وزارة التعليم المغربية لسنة 1966 اعتبارها "الثقافة العليا حلية للفكر و لا موجب لنشرها في الوقت الحالي."(من مذكرة موزعة على الأحزاب آنذاك) و ولنا أن نتساءل: كيف لمجتمع هدَّه الاستعمار للتو النهوض بدون مثقفين؟ ألا يكون هكذا تابعاً؟

لا حل للتبعية السلبية غير التربية على العقلانية المنتجة والمحاسبة ورد من كان عبداً لنفسه الأمارة بالسوء إلى مستواه الحقيقي لكي لا يبقى مخطئاً في حق نفسه وحق غيره، والثانية بإسناد الأمور إلى ذوي الكفاءات العالية والنفوس السوية بتتبعهم وملاحظة عملهم ومنتجاتهم ورأي الناس فيهم على فترات متباعدة، ويكون الحل كذلك بمؤسسة العمل كيفما كان نوعه داخل المجتمع بجعله نابعاً من التجربة و الممارسة وكذلك يكون بتحديد الأدوار بدقة.

ختاما، في نهاية الفيلم الأمريكي ”Jungo Unchained“ دارت معركة أخيرة بين ستيفن وهو عبد مملوك للسيد كالفين كاندي، مالك مزرعة في الجنوب الأمريكي، وعبد "حر " يسمى جانكو. المتلقي يجد هذا الفيلم غريباً؛ لأنه انتهى نهاية غريبة. بعد كل ما شاهدناه من إجحاف في حق جانكو وبني جلدته الأفارقة المستعبَدين، توقع أغلب المشاهدين أن تكون المعركة الأخيرة بين العبد والسيد، لكنها أصبحت بين عبد الحقل وعبد المنزل في منحى درامي غريب. ما يهمنا في سرد هذه القصة هو أن الصراعات ليست دائما بين العبيد والأسياد وإنما قد تكون بين "عبيد الحقل عبيد المنزل"، أو ما أسميناه قبل قليل بالأتباع السلبيين، إذ يتمنون ضنك العيش لبعضهم، وينامون على الأحقاد البسيطة والضغائن المضمرة لا لشيء إلا لكونهم عبيد أنفسهم و أحقادهم.


تتبدى التبعية السلبية كذلك بالاستغلال السلبي للدين و العرق و اللون و اللغة و الصراع الطبقي و غير ذلك، وذلك بوجود تجييش سلبي من أطراف تجيد التلاعب بصغار العقول . إذ تجيد اقتناص التفاصيل السلبية الصغيرة والنفخ فيها.و حيث وجدت الابستمولوجيا اختفت هذه النعرات. وقد تكون المجموعة الإيجابية التي تتواصل مع أفرادها وتنمي من قدراتهم النقدية النقيض التام للمجموعة التابعة السلبية. وهذه السلبية، كما قلنا آنفا، تكون غالبا من نقص في التكوين النفسي، وليس التقني ولا الأكاديمي. وهذا يتبدى بكثرة في الملفات الموجودة أمام المحاكم عن رؤساء دول و جماعات ومصالح ومكاتب مهمة وجدوا أنفسهم خلف القضبان لتماديهم في اتباع الأوهام و عقد التسيُّد، وليس ما تمليه المصلحة العامة ومسودة الحقوق والواجبات.

التابع السلبي تنقصه ثقافة النهايات أو ربما لا تهمه. ولنا مثل في البجع الذي غالبا ما تنتهي به الظروف في بطن تمساح، لأنه لفرط ثقته في ريشه لا يعي أن ترك نصف جسمه في الماء ونفث الريش والتحليق في السماء ليس كل ما في الأمر.غالباً ما تكون التبعية السلبية طريقاً ذا مسغبة. و على سبيل الدعابة الثقيلة يحكي أن مجرما حُكم عليه بالإعدام، فطُلبت منه أمنية أخيرة، والتي توقع سائله أن تكون طعاما لذيذا أو شيئاً من هذا القبيل، لكن المسكين أجاب جوابا غريباً فقال: "أتمنى أن يكون هذا الإعدام درسا لي في المستقبل!!" فتعجب صاحب الإجراء من هذه الأمنية، وسحب الكرسي من تحت رجليه، فهوى المسكين إلى مثواه الأخير.

كان الفيلسوف هوبز خائفا دائما من حالة الطبيعة، لأنه اقتنع تمام الإقناع بأسبقة الشر عند الأفراد على الخير، وهذا نفس طرح شوبنهاور. وهذا طرح متشائم. لكن ما يراه الخيِّرون من شرور في عالم اليوم يكاد يفقدهم صوابهم. خاف هوبز كذلك من الشر المجتمعي و حتى الشر العالمي إن جاز لنا الفهم، خصوصا تلك الحالة التي تسود فيها حرب الجميع ضد الجميع، والتي اقترح من أجلها الثقة بالعقد الاجتماعي المضبوط لاستتباب الأمن، ولا أمن و لا إنتاجية في المجتمع إن لم يرعاهما أفراد مسؤولون أحرار. فالدول تحتكر العنف ليس لتفسد وإنما لتصلح، ولكنها في بعض الأحيان تضع هذا الاحتكار في يد من ليسوا أهلا له. فتخلق التابع القاهر ورئيس المصلحة المُعكِّس"والتاجر المحتكر و هلمّ جراً.



#مبارك_بوالزيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمراض الثقافة
- اغتراب ما بعد الإستعمار
- عقل النفاق
- عوائق دراسة الذاكرة و التراث في فكر ما بعد الإستعمار
- في فهم الإديولوجيا
- تأملات في الجمود و التغيير


المزيد.....




- حرائق الغابات تجتاح لوس أنجلوس.. لماذا يحدث هذا خلال فصل الش ...
- ترامب يعلن أنه في صدد ترتيب لقاء مع بوتين -لإنهاء- الحرب في ...
- ترامب يدعو حاكم كاليفورنيا إلى الاستقالة
- صحافي فرنسي: الجيش الإسرائيلي اعتقلني وضربني داخل الأراضي ال ...
- دراسة تؤكد وجود جزيئات البلاستيك في بعض المأكولات البحرية!
- -ألقي النرد وحُسم والأمر-!
- سؤال وجواب.. لماذا يريد ترامب ضم غرينلاند؟ وهل يمكنه ذلك؟
- شهادات خاصة.. هكذا نهشت الكلاب جثث الشهداء شمال غزة
- ضباب العاصمة السعودية الرياض.. مشاهد آسرة توثق المشهد
- لبنان.. الخارجية الأمريكية عن انتخاب عون رئيسا: فرصة لتحقيق ...


المزيد.....

- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مبارك بوالزيت - التابع