|
- ولع السباحة في عين الأسد- في اليوم السابع
ديمة جمعة السمان
الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 22:12
المحور:
الادب والفن
" ولع السباحة في عين الأسد" في اليوم السّابع القدس 9 -1 -2025 من ديمة جمعة السّمان. ناقشت ندوة اليوم السّابع الثقافية الأسبوعيّة المقدسيّة المجموعة القصصية: " ولع السباحة في عين الأسد" للكاتب المغربي حسن إبراهيمي..صدرت المجموعة عام 2023 عن مكتبة كل شيء في حيفا، تتكوّن من خمس عشرة قصّة قصيرة ، وتقع في 113 صفحة من القطع المتوسط. قدّم للمجموعة كلّا من: الناقد علي الجريري، والشاعر والكاتب العراقي مازن جميل المناف والناقدة آمنة برضاوي. افتتحت الندوة مديرة النّدوة ديمة جمعة السّمان، فقالت: تمثّل المجموعة القصصيّة “ولع السباحة في عين الأسد” فضاءً مفتوحًا يتشابك فيه الواقع بالرّمز، والوجع الفردي بالهمّ الجمعي. تتجاوز النّصوص حدود السّرد التّقليدي لتغوص في أعماق النّفس البشريّة وصراعاتها مع العالم الخارجي، وتطرح أسئلة فلسفيّة عن معنى الحياة في ظلّ المعاناة. يحمل الكاتب حسن إبراهيمي رؤية أدبية عميقة، يسعى من خلالها إلى تفكيك مشاهد الألم الإنساني وإعادة بنائها ضمن نسق سردي يدمج بين التجربة الفردية والجماعية من جهة، وبين الرمز والواقع من جهة أخرى. إذا ما تأمّلنا في العنوان، نرى أنه يشكل نقطة انطلاق لفهم المجموعة بأكملها. “عين الأسد” ليست مجرد قرية تقع الى الجنوب الشرقي من قرية بيت جنّ إلى الشرق من قرية الرامة في فلسطين المحتلّة، وليست مجرد استعارة للخطر أو التحدي؛ بل هي أيضًا رمز للمجهول الذي يجذب الشخصيات للتوغل فيه. السباحة هنا تعني الحركة، المقاومة، والرغبة في المواجهة رغم استحالة النجاة. يمكن أن يُقرأ العنوان أيضًا كاستعارة عن ولع الإنسان بمواجهة أقداره، حتى لو كانت تلك الأقدار محكومة بالفقد والهلاك. أمّا بخصوص القصص، فهي تدور حول معاناة الإنسان في مواجهة منظومات القهر، سواء أكانت سياسية، اجتماعية، أم ذاتية. يقدم إبراهيمي شخصيات تعيش حالة اغتراب داخلي، حيث تتصارع بين التّكيّف مع الواقع ومحاولة تغييره، كما تُبرز المجموعة مفهوم الحرية بوصفه هدفًا بعيد المنال. أما الشخصيات، فرغم قهرها، تحمل في داخلها شغفًا لا ينطفئ للتمرّد على الواقع. لكن هذا التّمرد غالبًا ما يُقابل بالعجز أو الفشل، مما يُظهر الحريّة كفكرة أكثر منها كحقيقة قابلة للتّحقق. تظهر فلسطين في المجموعة كموضوع مركزي، لكنها ليست مجرد مكان جغرافي؛ بل تتحوّل إلى رمز عالمي لكلّ أشكال الظّلم والتّشريد. يُبرز الكاتب النّضال الفلسطيني كصورة مصغّرة لصراع الإنسان ضد قوى الظّلم الكبرى، وهو ما يجعل القصص ذات بُعد إنساني شامل. كما تميزت المجموعة بالتّكثيف الّلغوي الذي يتطلّب من القارئ التركيز على كل كلمة وجملة. فكل نصّ يحمل دلالات متعددة، والقصص تفتح مساحات واسعة للتأويل. على سبيل المثال، المشاهد الموصوفة في بعض النصوص قد تكون بسيطة في ظاهرها، كحديث شخص عن فقدانه لوطنه، لكنها تخفي تحت السطح صراعًا داخليًا مع فقدان الذات الرمز كأداة فنية وفلسفية، ليست مجرد أداة جمالية في هذه المجموعة، بل هي وسيلة لفهم العالم. فعلى سبيل المثال، “عين الأسد” يمكن أن تُقرأ كصورة عن مركز السلطة والقهر، لكنها أيضًا مركز الجذب الذي يدفع الإنسان للمغامرة واكتشاف ذاته. كما اعتمد الكاتب أسلوب التعددية الصوتية، حيث لا صوت واحد يحكي القصة. الأصوات تتداخل لتشكل وعيًا جمعيًا يعبّر عن مصير مشترك. من خلال هذا الأسلوب، يُظهر الكاتب أن معاناة الفرد ليست إلا جزءًا من معاناة أمة كاملة. كما أنّ الشخصيات في المجموعة تشكّل مرايا تعكس الصّراعات الإنسانيّة الكبرى، على الرّغم من أنّ بعضها تبدو عادية، إلا أنّها تخوض معارك داخليّة كبرى مع الماضي، وقد قدّمها الكاتب بحسّ نفسي عميق، حيث يعيش القارئ معاناتها وكأنها معاناته الشّخصية، إذ تتّسم المجموعة ببعد فلسفي يعكس تأثر الكاتب بالعبثية والوجودية. الإنسان هنا كائن يبحث عن معنى في عالم بلا معنى. ورغم إدراكه لعبثية وجوده، فإنه يصرّ على المقاومة والبحث عن ذاته في خضم المأساة. لا شكّ أن المجموعة تعدّ شهادة أدبية وإنسانية عميقة على صراع الإنسان مع نفسه، تستحقّ التأمل، فهي دعوة لفهم العالم بعمقه وعبثيّته، وإعادة التّفكير في مفهوم النضال والحرية. وقالت د. روز اليوسف شعبان: تطرّق الكاتب في مجموعته القصصيّة هذه، إلى عدّة مواضيع تؤرّقه، منها: احتلال الوطن على إيدي الغرباء، ومواجهة حماة الأرض لهم، الفقر والضرّ الذي يصيب الفائقين، المراؤون وتأثيرهم على الناس، دور المرأة في حماية الوطن والإنسان، الاغتراب الذاتيّ الذي يعانيه الإنسان في ظلّ ظروف القهر والظلم والفقر وقد ظهرت سمات الاغتراب جليّة بشكل خاصّ في قصّة" وشم على قبر الضحيّة(ص 107) ". ورغم أهميّة جميع هذه المواضيع إلّا أنني آثرت الكتابة عن صورة المرأة في هذه المجموعة. في قصّة " تجرّع لحظة الموت" (ص37 ) ، يصف الكاتب فقدانه لوالدته، وما رافق هذا الفقدان من حزن وألم وذكريات أليمة:" ما أن تنتهي ذكرى حتى تستيقظ ذكرى أخرى بمخيّلتي، سلسلة من المحن عاشتها أمي تحت يافطة العيش حياة مستورة".(ص 38). :" لفّت أمّي في الكفن، وبعد دفنها ودّعتها، وعدت أتلقّى التعازي المصاحبة لحرقة لحظات الموت".(ص 40). :" هكذا انبتل حسّ أمّي، فرجعت أبحث عنها فيما تركته من حياة في أماكن جلوسها، بعض ملابسها، خاتمها، وما تكنّه من محبّة لي"(ص 40). للوهلة الأولى قد تبدو هذه القصّة عاديّة، فالموت نصيب كلّ إنسان في هذه الحياة، لكنّ موت الأمّ له دلالات عديدة، خاصّة أنّ الكاتب جاء بقصص من الواقع، تصوّر آلام وأحلام أبناء شعبه، فهل موت الأمّ هو موت لهذه الآمال؟ لا شكّ أنّ رمزيّة الأمّ ظهرت في العديد من الكتابات الأدبيّة لدى الكثير من الشعراء والأدباءـ ولعلّ كاتبنا حسن إبراهيمي، تعمّد الكتابة عن مرارة فقد الأمّ، أو الأرض أو الوطن. ورغم ما تتعرّض له الأمّ( الوطن) من احتلال على أيدي الغرباء، إلّا أن الأمّ تهبّ للدفاع عن عرينها بطرق شتّى. كما أنّها تواجه الفقر وتكافحه بكلّ ما أوتيت من عزيمة وإصرار. ففي قصّة "امرأة تنسج العزّة" (ص31 )، يصف الكاتب نضال المرأة ومجابهتها للفقر بقوله:" هكذا تعوّدت أن تلقي بأحزانها فوق المغزل، وتخرج لتأخذ نفسا بعد منتصف كل ليلة، أو بعدها بقليل. دون منشفة ودون صابون تعوّدت أن تستحمّ في النهر، وبعد الانتهاء تبيت تناجي النجوم، وفلول أشباح تتراءى لها في الظلام، تتحسّس كلّ ما بالطريق، دون خوف تصطاد خطوات في أماكن موحشة، لا تستعين إلا بذاكرتها القوية، وبالجدران المهترئة، أما عكّازها فلا يساعدها في أي شيء.(ص 34). هذه الأم التي اعتادت على التضحية والعطاء، تواجه الظلام دون خوف،: "وتنتصر لكل قلب يضاجع الفرح، وتلاحق نبض زرقة السماء لتلتف حول لون الليمون، المسيج بأطنان من الموت".(ص 35). هذه الأمّ تمنح الأمل وتعطي الحياة، فحين استبدّ اليأس بالناس وسأل طفل مجموعة من العازفين لمن ولماذا تغنون؟ أجاب رئيس الفرقة:" نغنّي للوطن، ثمّ أردف وقال:" نغنّي لنبعث الأمل في نفوس المقهورين"، "عندها خرجت امرأة من الجمع، جمعت أنفاسها، في مربّع الموت صاحت بئر، بئر"(ص 32). فالبئر هو الماء هو الحياة هو الأمل في العيش والبقاء، وهذا ما تريده المرأة لأبنائها. وفي قصة" ضرّ أصاب الفائقين"(ص 41)، يصوّر النساء اللاتي يواجهن المحتلّ بصلابة ويشحنّ أبناءهنّ بالأمل في التخلّص منه: "أغنية الأم تخفي وجه الألم في وجوه الأطفال، الإعصار لا يفارق النساء، أسبوع آخر من الموت، نساء يعزفن ألحانا للحريّة. يزغردن في كلّ مكان، وعلى سطح المعركة يرقصن".(ص 43). في قصة "علق بجوف القطار"(ص 47)، يصوّر حسن إبراهيمي المرأة كرمز للصمود والتحدّي:" نساء يسافرن في الجرح، يدققن، بخطاب ناقوس الخطيئة يحلمن، يزغردن للملحمة، ويقدمن لها إكليلا من الدماء".(ص 51). وفي نفس القصة يصوّر امرأة تلد طفلا يؤمن بالنصر:" في هذه اللحظة، اخترق ألم شديد بطنها، ولولت، انحنت تحت جذع شجرة تفوح منها رائحة الحمل. بعد هنيهة، صاح من تحت فخذيها قائلا:" أمي سوف ننتصر".(ص 52). في قصة جرح طفرة (ص 73)، يصور كفاح المرأة وعدم استسلامها للصعاب:" بدأت الأسرة تتناول وجبة العشاء، تعجب مطر، ربت على كتف أمه قائلا: أماه ما أحلى هذا العشاء! أجابت الأم: سبب ذلك راجع إلى هجرتي من زاوية بالغرفة إلى معمعان للغليان بغرفة أخرى"(ص 75). وقد يفرّ الرجل ويهرب من المواجهة، لكنّ المرأة تبقى صامدة:" أما الأطفال فما زالوا يلعبون، والأمّهات فضلن غزل العزف على أوتار السجود، والآباء فرّوا إلى غابة، وبقوا للمطر ساجدين"(ص 77). وعن قوة المرأة وتأثيرها نجد في قصة مراؤون في البحر(ص 79)، ما يلي:"حين تستيقظ شهوة الملائكة، تدق أبواب العتالين، تختبر أجراس البحر، وحين تقترب المرأة من منامها يفرّ البحر، يلتهم الظلام آخره، تتنفس البندقيّة، تسلك طريقا لتحرّر البحر، من سلطة بلهاء وحكايات علقها السناء بجبهة امرأة أخذت شكل العنكبوت"(ص 85). وقال المحامي حسن عبادي من حيفا: التقيت بصديقي الناشر الحيفاوي صالح عباسي وناولني نسخة من المجموعة القصصية "ولع السباحة في عين الأسد" للكاتب المغربي حسن ابراهيمي ناصحاً بقراءتها (113 صفحة؛ تصميم: شربل إلياس، إصدار: مكتبة كلّ شيء الحيفاويّة، صدر له "جراح وطن"، "كسرة خبز"، "القضية الفلسطينية في نماذج أدبية مختارة لأباء فلسطين-مسار الألم والأمل"، وغيرها)، وقرأتها ثانية ضمن نشاط ندوة اليوم السابع المقدسيّة. تتكوّن المجموعة القصصيّة من ست عشرة قصّة، وثلاث مقدّمات! جاء عنوان المجموعة صادماً وجريئاً، مغرياً ومحفّزاً وتصميم غلافه جميل ولافت للسمع والنظر والقراءة؛ وحين تعمّقت به بقراءتي الثانية إثر وحدة ساحات المقاومة أخذني إلى عالم آخر، وجدته عنواناً محفّزاً لتعلّم السباحة على أصولها، والتولّع بها وعِشقها، كي نتمكّن من السباحة في عين الأسد، وتساءلت إذا قصد الكاتب قاعدة عين الأسد العراقيّة؟ (قاعدة القادسية سابقاً، أكبر القواعد الجويّة العراقية، تقع في ناحية البغدادي، بمحافظة الأنبار قرب نهر الفرات، وباتت ثكنة عسكريّة أمريكيّة بها ملاجئ محصنة للطائرات ومسابح أولمبية مفتوحة ومغلقة، مدارس وملاهي ودور السينما، ضاحية أمريكية معاصرة في قلب العالم العربي، وذاع صيتها حين زارها مفاجأةً دونالد ترامب يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر 2018 للاحتفال مع الجنود الأمريكان بعيد الميلاد) ونجد قواعد أجنبيّة غربيّة دخيلة في شتّى البلدان العربيّة لخدمة مصالح المستعمر الأبيض، فوجدت العنوان نداءً لكلّ أحرار العرب لتعلم السباحة والنهوض ضدّ "الأسد" في عقر دارنا. وجاء في الإهداء: "إلى وشم أينع في سيوف تخلت عنها المعركة… صدى أرواح غربان صعقتها حبات زلزال... ماء ارتوى بسواد الليل، ولما تطهّر الموت بدأ يظهر ويختفي في تجاعيد إبط عيده فقد البوصلة."؛ إهداء جميل توعويّ ونهضويّ وتحفيزيّ وثوريّ على كلّ مألوف تعوّدنا عليه. وفجأة تُصدَم حين ترتطم بالمقدّمات. كان لي نقاش في حينه مع الشاعر المرحوم حنا أبو حنّا، وهو صديق أكنّ له الاحترام، وتتلمذت على يده، وكتب في حينه مقدّمة، أو تصدير كما كان يحلو له تجنيسها، وقلت له ذات ندوة أنّه لا يجوز أن يستحوذ تصديره أكثر من نصف مساحة الكتاب، ولم يترك للكاتب والقارئ شيئاً، فغضب منّي لفترة وتصالحنا قُبيل وفاته، رحمه الله، وكذلك الأمر مع كاتب، أطال الله في عمره، كتب مقدّمة لكتاب أشرفت عليه، لأسير، تشمل عشرات الصفحات فاعترضت وغضب منّي وآمل أن نتصالح بمعرض الكتاب القريب في عمان، وحين تصفحتّ المجموعة القصصية وجدت الكاتب قد قرّر الاعتماد على التقديم الغَيري كعتبة نصيّة فاستعان بكلٍّ من د. علي الجريري، الشاعر والكاتب العراقي مازن جميل المناف، والناقدة آمنة برضاوي لكتابة مقدّمات توجيهيّة للقارئ المتلقّي، فيها من الإطناب، مشيرةً إلى مقوّمات الكتاب ومقتبسة منه الكثير الكثير ومعتديَةُ على النص، أخذت مساحة أكثر من 20% من حجم المجموعة وهو بغنى عن ذلك، فتساءلتُ: هل هي وسيلة ترويجيّة للكاتب وكتابِه؟ وهو طبعاً، بغنى عن ذلك، وقراءتها ترشي القارئ العاديّ وتوجّهه إلى ما يريدون له أن يراه. حبّذا لو جاءت في نهاية الكتاب و/أو في قراءة أو مقالة نقديّة له. نعم؛ قطعت على نفسي عهداً ألّا أقرأ مقدّمة غيريّة لكتاب قبل الانتهاء من قراءته. تناولت المجموعة القصصيّة مواضيع ساخنة باتت، وللأسف، علامة جامعة لكلّ البلدان العربيّة؛ الاغتراب داخل الوطن وحلم الهجرة والغربة عبر البحار، الهيمنة الغربيّة والاستعمار والاحتلال على أنواعه من قبل الغرباء حيث بتنا نراهم بجوارنا ينعمون بخيراتنا ويزيدونا كبتاً وفقراً، صاروا سادة بلادنا وحوّلونا لعبيد لهم ولمصالحهم، محاولة "حماة الأرض" مواجهتهم رغم التجويع والإفقار والكبت، دور المنافقين والمرائين والمنتفعين والعملاء الذين بيننا، ويبقى الأمل في دور المرأة العربيّة التي تقف بالمرصاد. تصدّرت المجوعة قصّة بعنوان "حماة الأرض" (ص 25)؛ تحمل رسالة واضحة المعالم "ينبغي الدفاع عن هذه الأرض كما تدافع الحيوانات عن صغارها فى الغابة أمام الأُسْد المفترسة"، حقاً، ما بحرس الأرض إلّا عجولها. ينتقد بشدّة موقف رجال الدين، موقف المتفرّج، "متحت المعركة من الشباب عزائمهم، استشهد البعض منهم، فيما يزال الفقيه يتلو آيات من الذكر الحكيم"، بينما يدافع المسحوقون عن الوطن ويقاومون المحتل الغريب بكلّ ما أوتوا من قوّة وعزيمة، "خرج يتفقد مصدر الجلبة، فأخبر بكون أجنبي جاء من قاعدة عسكرية بالمدينة المجاورة للقرية، بسط نفوذه على أرض لهم يستعملونها لرعي غريق اصطفت الحماقة بجبينه"، أمّا المتعاونون مع المحتل، فينعتهم بغير المستفيقين، "فيبدو أنهم شكلوا حلقة رماد أخذه الأجنبي حلياً، وأساور يصدرهما إلى جزيرة في إطار تجارة تذر عليه أرباحا طائلة"، وبئس المصير. وجدت في قصّة "امرأة تنسج العزة" (ص 31) إشادة بدور المرأة التي تغنّي للوطن و"تعودت أن تلقي بأحزانها فوق المغزل، وتخرج لتأخذ نفسا بعد منتصف كل ليلة، أو بعدها بقليل... تزيل الإزار المثخن بسنين عجاف عن العنف المندلع بثغر البندقيّة". أدهشني وصفه بكاميرا خفيّة مراسيم الدفن والعزاء في قصّة "تجرّع لحظة الموت" (ص 37) والفقدان "لفّت أمّي في الكفن، وبعد دفنها ودّعتها، وعدت أتلقّى التعازي المصاحبة لحرقة لحظات الموت". وفي قصة "ضرّ أصاب الفائقين"(ص 41)، يصوّر الكاتب مطاردة الأحرار، وكأنّي به يتحدّث عن أحد مطاردي فلسطين، والتعذيب الذي يلحق به والنساء يزغردن في كلّ مكان، وعلى سطح المعركة يرقصن. التفاؤل والأمل بالحريّة سيّد الموقف ويواكب الكثير من قصص المجموعة، كما نشاهد في قصة "علق بجوف القطار"(ص 47) (سقطت سهواً من فهرست المجموعة): "أحلامنا علبت في أوان من زجاج بيوتنا تحترق عربونا لقدوم الفجر خبزنا يختنق في كل لحظة ترسم وشماً بخبر الزوال شمسنا، حين تصعد سيزول الظلام". يتناول بمشرطه آفة النفاق المستشرية في شرقنا، وفي قصّته "عسس بذاكرتي" (ص 55) ويقول: "أفضل أحياناً أن أصنف في خانة الحيوانات، لأمزق الأفق، الذي يفترسني في غابة وجدت صعوبة في الخروج منها... أتدرون رغيفي يحترق، تتداوله الإشاعة كل يوم، تنسج حوله ألف حكاية، تلقيها بكل الطرقات، لتنعم الإبادة بعشق تقاسيم نعش، يتمايل بأسراري لحظة، وأغفو على لحظة صدق في زمان النفاق". والله صعبة! وجدت الكاتب نصيراً للمرأة في الكثير من قصص المجموعة، وموقفه بنيوياً وبعيداً عن الشعاراتيّة النسويّة الممجوجة، وفي قصة "جرح طفرة" (ص 73) قاومت هزيمتها وطهتها بحنكة، وعندما أثنى ابنها مطر على العشاء أجابته بعفويّة مطلقة: "سبب ذلك راجع إلى هجرتي من زاوية بالغرفة إلى معمعان للغليان بغرفة أخرى"، وتبقى ماسكة على الجمر رغم الصعاب، فالمقاومة واصلت الفرار والانتقال من ركن إلى ركن، والأطفال ما زالوا يلعبون، "والأمّهات فضلن غزل العزف على أوتار السجود، والآباء فرّوا إلى غابة، وبقوا للمطر ساجدين، وكذلك الأمر في قصة "مراؤون في البحر" (ص 79)؛ "حين تستيقظ شهوة الملائكة، تدق أبواب العتّالين، تختبر أجراس البحر، وحين تقترب المرأة من منامها يفرّ البحر، يلتهم الظلام آخره، تتنفّس البندقية، تسلك طريقاً لتحرّر البحر من سلطة بلهاء، وحكايات علقها السناء بجبهة امرأة أخذت شكل العنكبوت". تناول الكاتب، كغيره من عشرات الكتّاب العرب، الحلم العربي، ألا وهو حلم هجران البلد والرحيل إلى الغرب، حلم بات يراود كلّ شاب عربي أينما كان، فتناوله بسخرية في قصّة "أفق رهيب" (ص. 87) فيقول بحسرة: "لقد تعود الطفل العمل في السوق الأسبوعي للخضر، وفي يوم ما الأيام قرّر الهجرة رفقة صديقه إلى أوربا بعد جمع مبلغ محترم من المال، مكّنه من السفر بعد البحث عن ترتيباته"... ليتزوج أجنبية، ليكمل دينه/ غربته/ هجرته. تناول الكاتب الفقر المدقع وضياع الأفق وبنات الهوى ونساء المراقص "والأساور لنساء يقضين الليالي في الرقص، ليقدمن المتعة لشخصيات، فرخت قراراتها المراقص، والحانات في قصّة "قماش على متن الضياء" (ص 97)، فأخذني مجدّدا إلى محمد شكري و"الخبز الحافي"، وإلى شكري المبخوت و"الطلياني". لجأ الكاتب للرمزيّة والتورية والغموض والتلميح والغرائبية، وباتت أحياناً طلاسم يستصعب فكّ شيفرتها – فتساءلت: هل هو خوف من بُعبُع الرقيب وسياط الحاكم؟ راق لي أسلوب الكاتب حين لجأ للتكثيف والجمل القصيرة بعيداُ عن الاسترسال والإطناب، وبدت لي كبرقيّات، ووصلت ذروتها في قصّة "انتفاضة أعشاب البحر" (ص 93)؛ "صوتها على المقعد يعارك النسيان، فرح أمواج البحر، قملٌ يقود عيوب الزمان، عسر طفق يتساقط من الأغلال، موت بدأ يجّرد حارسها من خطابته، وشم رسمته الأمطار على خيط دخان. دمية بأسمال جديدة عادت لتوقد ذاكرتها، عسر لحظة، شلل أغلال، إرهاب امرأة تبوح لدميتها برتق بعمامة للزنج. التهاب ساقي مزلاج رفض الانتصار لفتح أبواب للرعاة، وردة تفوح منها رائحة وردية، أسلاك كهربائية تجهم عويلها، سجين يئن تحت السوط، لحظة عبور البحر أيقظت ربان السفينة، انفجار لم تتوقعه تقاسيم المرآة، ضغط طيلسان يعرّي جبن حبّات رمل". وأخيراً؛ نعم، دماء الشهداء في كل فجر تبتسم من عليائها، وباتت "أسمال العبيد تبيض سطراً تناسل المكيدة". يا لها من نهاية تفاؤليّة! وقالت هدى عثمان أبو غوش: استوقفني العنوان"ولع السّباحة في عين الأسد"،عنوان قوّي لما يحتويه من تحدّ،يحتمل العنوان أكثر من تفسير،وبرأيي المتواضع أرى أن معناه شدّة ومدى عمق قوّة الكتابة بعزّة نفس وتحدّ وإصرار دون خوف في الكتابة عن الظلم والمواطن،ولعلّ ما يميز عين الأسد هو التّحدي والقوّة وعزّة النّفس.والكاتب في مجموعته في الكتابة يبحث عن تلك الصفات للمواطن في مواجهته ظروف الحياة السياسية والاجتماعية. مجموعة قصصية ترسم ملامح البؤس والحزن عند البسطاء والمقهورين والفقراء،فيها وجه التّعب،قصص تبحث عن الحرّية،والعيش الكريم في لقمة عيش آمنة،وتبحث عن الذّات،قصص تحاكي فلسفة الوهم والحقيقة ومتاهة النفس والخيبات، وتمشي في هذيان جنون الحرب،وترسم صور الموت،وسلب الأراضي،قصص تحمل الهمّ الاجتماعي،وتصور مكانة المرأة البسيطة التي تبحث عن الأمن والهدوء في بيتها رغم استبداد الزوج،ومن ناحية أخرى يبيّن دور المرأة القوّية الشّجاعة الصامدة."وبوجه النّاقة نقشت وجها متجهما"صفحة35. ما يشدّ القارىء في هذه المجموعة القصصية هو كثرة وازدحام البلاغة الجميلة،مكتوبة بلغة قويّة وبلاغة عالية من مجاز وتشخيص واستعارات وتشبيه،ويجد القارىء صعوبة في فهمها بسهولة،فهي تحتاج إلى التمهل والتأمل والجهد،وربما إعادة القراءة مرة أخرى بسبب الغموض المشبع بالبلاغة الذي يسود المجموعة ،ومن ناحية أخرى نلاحظ وجود قصص انسيابية ليست غامضة ولكنها قليلة. نحن أمام كاتب متمكن من اللّغة والأدب،ينقش بحروفه الذّهبية لوحات الإنسان المتعب في كلّ مكان،وزمان ،من خلال نضاله ومقاومته أمام الطغيان،هذه القصص تصلح لكلّ الشعوب المقهورة،سواء اجتماعيا أو سياسيا،وفيها إسقاط الوجع والحالة النفسية على النبات والحيوانات."رمق أشجار الزيتون تبلع ريقها"نغني لنحفز أشجار الصفصاف على أن تتأفف وترعب أوراقها قبل أن تغادرها". نجد أن معظم العناوين مركبة مركبة وليست سهلة،بالإضافة لعنوان المجموعة "ولع السباحة في عين الأسد". يوجه الكاتب انتقاده إلى الشيوخ المتدينين في عدم تفاعلهم مع مجريات الأحداث في بلادهم."متحت المعركة من الشباب عزائمهم ،استشهد البعض منهم فيما ما يزال الفقيه يتلو آيات الذكر الحكيم". يلاحظ القارىء مدى سيطرة الحزن والسّواد في هذه المجموعة؛ ليعبر عن ظروف خانقة اجتماعيا وسياسيا؛ ولذا نجد الكثير من الجمل التي تعبر عن الألم والمعاناة. مثل:"أتمدّد فوق الألم",أمزق تعب اللّيل","إنه لمرعب جدا أن نملأ أكياسا من الهذيان كلّ يوم""وجوه شاحبة تنزف آخر عطرها"وغيرها الكثير. يستخدم الكاتب مفردات ليست سهلة مثل:عسس،جلف،أصص،عرمرم. هناك جمل مستوحاة من القرآن مثل"في واد غير ذي ردح"صفحة 59،فهي تشير إلى سورة إبراهيم"في واد غير ذي زرع". يستخدم الكاتب ألفاظا من الدّين والقرآن مثل البرزخ،فجّ. نجد في نصوصه أن بعض الجمل لا تكتمل بتفاصيلها بل تتقطع وتقفز. جاءت معظم القصص بلا أسماء محددة،وكذلك المكان والزمان فالنصوص تصلح للشعوب المقهورة والمضطهدة في كلّ زمان ومكان. وقالت نزهة أبو غوش: في نصوصه الأدبيّة "ولع السّباحة في عين الأسد" كتب حسن إبراهيمي؛ كي يعبّر عن قلق الإنسان الحديث، الّذي يعيش حياته المعقّدة في هذا العصر؛ وتجربته الصّعبة وسط الحروبات والدّمار، والتّسلّط؛ وقد عبّر عن استيائه من المجتمع، والنّظام السّائد، وكأنّه يقدّم نقدا لهذه الحضارة وما يسودها من إرباكات؛ لذا نجد في نصوصه النّظرة التّشاؤميّة للحياة والوجود الإنساني. كتب عن معاناة الطّفل، والمرأة، والمجاهد، والثّائر، والفقير... والظّلم بشكل عامّ. لم يحدّد الكاتب ابراهيمي في نصوصه الزّمان ولا المكان، بحيث ينطبق ما يقوله على كلّ انسان مظلوم في هذا العالم، ومن يقرأه يفهم أنّه يعنيه. وقد فهمت أنّ وصفه لشخصياته المنكوبة تتحدّث عمّا يجري اليوم على فلسطين وغزّة بشكل خاص. لقد تعمّد الكاتب إبراهيمي أن يخلق نصّا يتحدّى فيه الصّعب؛ لجعل القارئ أن يبذل جهدا اضافيّا لاستخراج المعاني الخفيّة. نحو: "حرّكت الأمّ الحشوش بمفواج بعوج" ص 73. الافراط في تعقيد النّص، حيث أرهقني كقارئة، فقد وجدت ألكثير من التشبيهات المعكوسة، ربّما أراد الكاتب أن يثير الشّعور بالغموض، وإثارة التّفكير لدى القارئ." نبشّر العاصفة بعنق الطريق" " هجرتي من زاوية الغرفة إلى معمعان للغليان" هناك تعمّد لخلق التّوتّر والغموض والصّدمة، من خلال كسر التّوقّعات المعتادة" قملات تفتّش عن مصير الخاتم. ص95. " قادت العجوز البحر إلى ضفّة أخرى". نجد أنّ الكاتب قد استخدم في أسلوبه اللاوعي، حيث عبّر عن الحالات النّفسيّة لشخصيّاته، وكأنه يهذي بكلمات لا معنى لها " واصل حبل الجبل مشنقة الغطف، فازوا بأفواه الصّخور" ص 74"نضج الابهام بين أصابعها "ص 73. عندما نتساءل عن نصوص الأديب إبراهيمي "ولع السّباحة في عين الأسد" وما يهدفه من خلق كلّ هذه التعقيدات؛ نجد الإجابة عند عدّة نقّاد للأدب، منهم النّاقد عبد الله إبراهيم في كتابه " الحداثة وما بعد الحداثة في الأدب العربي" اجمالا يبرز إبراهيم الحداثة في الأدب كمرحلة ضروريّة، ويرى أنّها رغم إنجازاتها، قد أدّت إلى شيء من العقلانيّة الجامدة، ممّا أدّى إلى تهميش الرّوح الانسانيّة، وتفكيك الروابط الانسانيّة؛ وهو بنفس الوقت ينطر إلى دونبها الايجابيّة، مثل التّقدّم العلمي، والتحرّر الفكري، والتطوير الاجتماعي. على العموم، فإنّي أرى بأنّه لا بدّ من أنّ الصّراع بين التقليدي والحديث سيظلّ قائما؛ ومن يمكنه أن يعبّر عن الاحتياجات الانسانيّة أكثر. والسّؤال الّذي يطرح نفسه: هل سيتقبّل القارئ الأدب غير تقليديّ باسلوبه، أم أنّ هذا التجديد سيضعف الأدب من حيث الجماليّة الشكليّة والتّماسك؟
:" امرأة ترتجف النجوم بين أناملها، ترفل مزهوّة أمامها، تطمس السمّ المستيقظ بسيقان الأعشاب، تجفّف الأضواء المكدّسة بأفواه الغربان، تفرغ عمامات الأفاعي، من كلّ نظرة جوفاء".(ص 84). في قصّة " قماش على متن الضياء"(ص 97)، نجد المرأة المناضلة التي تنجب المناضلين وتبعث فيهم روح المقاومة والدفاع عن الوطن:" توجّه الابن بقطعة سلاح وراية إلى الميناء، قرّر السفر إلى الضفّة الأخرى، واجهته عراقيل متعدّدة، تردّد كثيرا، لكنه في الأخير استقرّ رأيه على تلبية قرار أمّه التي زوّدته بالعطف والحنان".(ص 99). هذه هي المرأة الأرض، الوطن، الأمّ المناضلة المكافحة المعطاءة، فهل تموت هذه الأمّ؟ هل يمكن للآمال أن تموت؟ وكيف تموت أرض تذود عنها المرأة بروحها وأبنائها؟ في قصة "كنس طرر الزمن العصيب"(ص 69). نجد الإجابة حين يقول الكاتب:" لما تنتفض ذاكرة الأرض، تنبعث منها رائحة الحياة، بعد موتها، تضيء كلّ الممرّات، وعبر عطرها تزهو شرايين السفر، ويسافر الماضي، ويتجوّل في أزقة، ويقدّم باقة ورد لمتحف النسيان"(ص 70). فالأرض إذن تنبعث منها رائحة الحياة، بعد موتها، تماما كما تبقى رائحة الأمّ بعد موتها، عابقة في الزهر والشجر، في انتفاضة التحرّر من الظلم، وفي الصمود والتحدّي. هي إذن صورة للانبعاث والحياة حتّى بعد موت الجسد، فهي كالفينيق تُبعث بعد الموت وتمنح الأمل والتجدّد والحياة. وقالت د. رفيقة عثمان أبو غوش: اشتملت هذه المجموعة القصصيَة على ستّ عشرة قصّة، تحمل عناوين مختلفة، ومثيرة للإهتمام؛ وتجذب القارئ للقراءة، وتتبّع الأحداث. ساهم في إخراج المجموعة القصصيّة إلى النّور، عدد من الزّملاء الكُتّاب، والشّعراء؛ من مختلف الجنسيّات. تقديم كلمة الشّكر، من عبارات السيّد حسن إفقير، وتفضّل بكتابة مقدّمة الكتاب الدّكتور الشّاعر علي الجريري من فلسطين؛ بالإضافة لتقديم آخر للكاتب والشّاعر مازن جميل مناف من العراق، كما ساهمت الرّوائيّة والقّاصّة آمنة برواضي من المغرب. لو تأمّلنا اختيار الكاتب إبراهيمي؛ لتوليفة من الشّخصيّات المُتعدّدة، من مختلف الجنسيّات، برأيي لها دلالات رمزيّة، توحي برغبة الكاتب في التّعبير عن مشاعره نحو التعدّديّة بالأصوات المختلفة من العالم العربي؛ وشغفه في احتضانهم تحت مظلّة قوميّة، وفكريّة عربيّة واحدة بين دفّتي كتابه. (فلسطين التّاريخيّة – العراق – المغرب – فلسطين المُحتلّة). تُرى هل قصد الكاتب ما توصّلت إليه استنتاجاتي وظنوني؟. من ملاحظتي حول تعدّد مقدّمّي الكتاب، برأيي لا أجد إضافة نوعيّة لصالح الكتاب؛ بعرض الآراء المُتعدّدة حول النّصوص المكتوبة؛ خاصّة عند تكرار الأفكار والإستدلال باستخدام الاقتباس من متن النّصوص في المُقدّمات؛ هذا بالإضافة لحجب القارئ عن التفكير والاستنباط من النّصوص، والتّفرّد بالتّركيز والاستمتاع بالقصص دون تمهيد يُذكر. من قراءتي للكتاب، وضعتني النّصوص في حيرة من أمري! وأنا أمام نصوص مركّبة؛ لأفكار جنونيّة متحرّرة، وذات خيال غريب، لا ترابط بينها، ولا علاقة لها مع العناوين؛ وهي عبارة عن طلاسم لا تؤدّي إلى فهم العبارات المتلاحقة دون دلالات صريحة. بعد قراءتي للكتاب للمرّة الثّانية، أيقنت بأنّني أقرأ نوعًا جديدًا وغريبًا من النّصوص الأدبيّة غير المألوفة؛ فسلّمت بمقولة الكاتب مازن جميل المناف في مقدّمته: "حسن يبحث عن مشارف مراحل كتابة القصّة الحديثة، ضمن سمات الطّرح الفكري المعتدل". اعتمادًا على مفهوم الحداثة في القصّة العربيّة ، كما تناولتها الناقدة: الدّكتورة رشا العلي، في ندوة من قِبل إتّحاد الكتّاب العرب في حمص " من الملامح الحداثويّة في القصّة العربيّة منها الإكثار من المسارات الرّئيسيّة، النسق الكتابي الّذي يدفع الصّياغة باتّجاه أفق شعريّة تتوالى سطورها دون حروف العطف. إلى جانب ملمح، تجنّب الاستطراد والتّطويل، في لغة إشاريّة في أعلى مستوياتها، غيّب عنها أدوات الرّبط، والبناء الذّهني حيث تغادر القصّة الواقع المباشر نحو، نتاج واقع ذهني قابل للتّمزّق والتّشتّت، وغياب المعقوليّة"؛ كما أضافت النّاقدة بقولها بأنّ هنالك غلبة للشّخصيّات المُهمّشة في القصّة، وإعلاء شأن الأنثى عن الذّكر، وتميّز أغلب القصص النّسويّة. "بعد أن كان هناك غلبة للطّبقة البرجوازيّة، لكن مع التّطوّر الحضاري توجّه الاهتمام للمهمّشين اجتماعيًّا مثل المرأة، والمقهورين والمظلومين: ( آصف إبراهيم: 2023، "ملامح الحداثة في القصّة العربيّة القصيرة – اتّحاد الكتّاب العرب – دمشق). بعد هذا البحث البسيط، حول الحداثة في القصّة العربيّة، أيقنت بأنّني أقرأ نوعًا فريدًا من النّصوص، والقصص الغامضة فكريًّا وفلسفيًّا؛ لجموعة قصصيّة زاخرة بالعمق الفكري الحر والفلسفي، والخيالي، والإيجاز بالسّرد ذي الدّلائل الرّمزيّة. إنّ التّعمّق في مضمون القصص الواردة بكتاب "ولع السّباحة في عين الاسد"، من الممكن إيجاد مضامين مشتركة تُبرز دلالات متعدّدة مثل: الغضب، والحزن، والصّراعات، والحروب، ورائحة الموت تفوح، والقتل، والهزيمة، والانتصار؛ لا شكّ بأنّه ممكن التعميم حول ظهور العاطفة الحزينة والمؤلمة في كافّة القصص. برأيي الشّخصي، ربّما رغب الكاتب إبراهيم أن يرمز للصّراعات والحروب الدّائرة في كافّة دول العالم العربي، ومن أهمّها القضيّة الفلسطين. في هذه المجوعة القصصيّة، لم يذكر الكاتب أسماء للأمكنة والأزمنة؛ ربّما ذلك لتعميم الأحداث المذكورة على كافّة الدّول العربيّة دون تحديد يُذكر، وربّما تكون من شروط كتابة الحداثة في القصص. من الظّاهر في أغلبيّة القصص، ظهرت شخصيّات النّساء بصورة يارزة؛ فشكّلت المرأة شخصيّة محوريّة في البطولة. برأيي الشّخصي: ربّما عمد الكاتب إبراهيمي، باختيار هذه الشّخصيّة؛ نظرًا لتبنّيه منهج السيميائيّة في الأدب، فالمراة بالأدب تُعتبر دلالة على الوطن، والرّأي الآخر هو التزام الكاتب بكتابة الحداثة في القصّة. إنّ اختيار الكاتب عنوان: المجموعة القصصيّة "ولع السّباحة في عين الأسد"؛ برأيي الشّخصي: هو عبارة عن تعبير مجازي، رغب الكاتب أن يرمز إلى الشغف والرّغبة الجامحة، في نفوس المظلومين والمقهورين من قِبل المُحتل؛ بالتّحدي أمام الصّعوبات ومواجهة العدو وجهًا لوجه، دون خوف يُذكر، حتّى النّصر. كما ذكر صفحة 61 "حين تستطيل الأزمة حلمًا، يرون الأطفال مجدهم، يهشّمون جمجمة الشّمس، ينجبون عرسًا، ويرفعون النّهار إلى ما بين عيونهم، ثمّ يقهقهون". كذلك في قصّة "عسس الذّاكرة" ذكر الكاتب " كما تُساق ذاكرتي نحو قافلة من المؤثّرات، وتحاصر كل لحظة أمل في الطّريق؛ ليرتفع الغموض بالحقيقة، مصرّا على رفع الوهم ودفعه للإنتصار."؛ "في نافذة الطّين، انبلجت وردة، أحمرّ مقودها.". (مراؤون في البحر). هكذا نبرّر اختيار الكاتب للعنوان؛ مفاده على الرّغم من المواجهات صعبة، إلّا أنّها أنتجت تفاؤلًا وانتصارًا. إنّ التأمل في اختيار عناوين القصص القصيرة، نشهد في معظمها ذكر الموت، والالم، والفقدان، أذكر بعضًا منها مثل: ( تجرّع لحظة الموت – وصف حالات الموت للوالدة – ضر أصاب الفائقين - علق بجوار القطار – سعر حمامة الموت – أفق رهب – قطوف ألم – وشم على قبر الضّحيّة الخ). هذه العناوين تدلّ على شخصيّة الكاتب حسن إبراهيمي الثّائرة، والمنحازة للحق والعدالة، ولنصرة المظلومين والمقهورين، ومن ثمّ الانتصار الحتمي، مهما كانت المواجهة أليمة. امتازت لغة الكاتب، باللّغة الفصحى الجزلة، ذات البلاغة القويّة، والألفاظ الصعبة والغريبة أحيانّا، والّتي تحتاج لاستخدام لقاموس لغوي؛ لمعرفة المعنى الصحيح. استخدم الكاتب ضمير الأنا، أثناء السّرد؛ ممّا أضفى مصداقيّة على المضامين، وتأثيرًا كبيرًا على العاطفة؛ كما ورد في قصّة "عسس بذاكرتي" تجعل القارئ مندمجًا في قراءة ذكريات مؤلمة، وتبدو حقيقيّة؛ عند المعاناة من السّجن وآثاره. من القصص الّتي أثارت أحاسيسي، هي قصّة "تجرّع لحظة الموت"؛ والّتي عبّرت بدقّة عن الأحاسس الّتي تنتاب الإنسان عند فقدان والديه، وخاصّة الوالدة (الأم). هذه القصّة معبّرة جدّا للمشاعر الحزينة والمتضاربة عند وفاة الأم. فهي تحمل أيضًا الرّمزيّة (السّيمائيّة) للفقدان، فقدان الوطن والأرض والحريّة، والكرامة. خلاصة القول: تعتبر هذه المجموعة القصصيّة، للكاتب حسن إبراهيمي؛ من الجموعة الفريدة والقيّمة، خاصّةً عند تناول المضامين الوطنيّة والقوميّة؛ إلّا إنّني أحبذ ذكر بعض الأمكنة؛ للتخصيص، والإشارة للوقائع الحقيقيّة؛ لتعريف الغرباء عليها، فيما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة. إنّ تجاهل الحقائق بأمكنتها وأزمنتها، يُضعف من وقعها في النّفوس، ويعتبر التّعميم بهذه الحقائق الشائكة مُضلّلًا، مع اعتذاري من الكاتب. وكتب يحيى جعفر تالي: ولع السياحة في عين الأسد مجموعة قصصية شعرية ذات رمزية عالية جداً لمُثَقَّف عضوي حسب تعريف غرامشي يكتب عن عن هموم ومعاناة الناس وهي هموم تكاد تكون مشتركة في بلداننا العربية تستحق عدة قراءات مُتأنية ومُرَكَّزة .. لستُ ناقداً لكن حين سافرت في شوارع السطور وجدت كل جُملة عالم قائم بذاته .. أتمنى للصديق العزيز الكاتب حسن أبراهيمي المزيد من العطاء والتألّق والإبداع . وكتب رائد محمد الحواري: "ولع السباحة في عين الأسد" حسن إبراهيمي إذا ما تم تناول العمل الأدبي في جلسة واحدة فهذا مؤشر على نجاحة، من هنا يمكننا القول إن مجموعة "ولع السباحة في عين الأسد" نجحت في جذب القارئ لما فيها من لغة شعرية وصور أدبية. وإذا ما توقفا عند المجموعة سنجد ذكر للزواحف الحيوانات والطور بصورة لافتة، فقد تم ذكر الأفعى/الأفاعي أكثر من خمس عشرة مرة، وكما ذكرت العناكب والعقارب أكثر من خمس مرات، ونجد ذكر للكلاب والذئاب/الذئب، ونجد الغربان/الغراب والبومة، وهذا يعكس حجم السواد والقسوة الكامنة في المجموعة، فهنا (قاعدة) أدبية تقول كلما جاء ذكر الحيوان/الحشرات في الأعمال الأدبية فإن هذا يشير إلى السخط/القسوة التي يمر بها السارد، وهذا الأمر نجده في "المسخ" لكافكا وفي "مفتاح الباب المخلوع" لراشد عيسى، و"حين تركا الجسر" لعبد الرحمن منيف، وتأتي هذه المجموعة لتؤكد هذا الأمر. إذن نحن أمام قصص قاسة، مؤلمة، سوداء، فكيف استطاع القاص تمرير هذه القسوة بسهولة وسلاسة، وجعل المتلقي يتناولها في جلسة واحدة؟ نجيب: إن كمة الصورة الأدبية واللغة الشعرية التي استخدمها القاص كانت وسيلته لتمرير السواد، القسوة، الألم، وهذه الشعرية لم تقتصر على متن القصص فحسب، بل تعداه إلى العناوين: "حماة الأرض، امرأة تنسج العزة، تجرع لحظة الموت، ضر أصاب الفائقين، عسس بذاكرتي، هسيس حلم تكوم في وحل الارتداد، سعر حماقة الموت، كنس طور الزمن العصيب، جرح طفرة، مراؤون في البحر، أفق رهيب، انتفاضة أعشاب البحر، قماش على متن الضياء، قطوف ألم، وشم على قبر الضحية" إذا ما توقفنا عند هذه العناوين سنجدها بمجملها تصلح لقصائد، لدواوين شعرية، فالقصة يفترض أن يكون عنوانان قصصي وليس شعري، لكن العقل الباطن في القاص، أشار عليه أن مواضيع/أحداث القصص مؤلمة (فدفعه/ أعطاه إيعازا) ليتكون اللغة، والصورة الأدبية، وعناوين المجموعة جاذبة للقارئ ومخففة عنه تلك القسوة، وهذا ما كان، فالمجموعة تقرأ في جلسة واحدة، حتى أن القارئ (يتجاوز) قسوة المواضيع/الأحداث ويهيم مع اللغة والصورة الأدبية. وتأكيد لهذا الأمر نجد عنوان المجموعة: "ولع السباحة في عين الأسد" غير موجودة ضمن القصص، وهذا الأمر نادر الحدوث، فغالبا ما يكون عنوان المجموعة يحمل أحد عناوين القصص. ولتبيان جمالية اللغة التي أزالت القسوة من الأحداث، سنتوقف قليلا عند بعضها: جاء في قصة: "ضر أصاب الفائقين": "لقد كانت الأشجار تنحني للفرح المطل على قلوبنا، أعلنت سرورها، بقدوم فصل فضل أن يسكب رحيقه للجبناء" ص41، نلاحظ أن القاص يؤنسن الأشجار، من خلال: "تنحني، أعلنت" فمثل هذه اللغة تجذب القارئ وتأخذه إلى التمتع باللغة وبالصورة التي تجملها. وفي قصة "علق بجوف القطار" نجد هذه الصورة: "فجأة ابتسمت ممرات المدينة لأرصفتها، عندئذ انحنت الفصول أمام أمطار عمت الطرقات" ص48، أيضا أنسنت الممرات والفصول أعطى المشهد صورة ناعمة تخفف من القسوة القصة. وفي قصة "عسس بذاكرتي" يقول: "هكذا يعزف الوهم على أوتار طقوس المتاهة، ويؤسس للعيش مرة أخرى، ليخلق الريبة، ويمسك بإنجاز تألق في صناعة الرتابة" ص56، إعطاء الوهم أفعال إنسانية/بشرية "العزف، يؤسس، يمسك" تجعل القارئ يتأمل/يبحر في جمالية الصورة (ويبتعد) عن قسوة المشهد. وفي قصة "هسيس حلم تكوم في وحل الارتداد" نجد هذه الصوة: "جوار محطة، وفي زاد غير ذي ردح، نبت حلم عار من أي إسعاف لجرحه، مكامنه، تفتقد بوصة تضيء شراعا، وتبحث عن سحر مدينة، ذاع وسطها فريق من العمل" ص59، هذه الفاتحة التي بدأت بها القصة، وهي كافية لجذب القارئ إلى التوغل أكثر النهل من جمالية الصورة التي تحملها القصة، بصرف النظر عن (أحداثها/موضوعها) فاللغة والصورة هنا هي (البطل) في القصة. ولتبيان علاقة القسوة بجمالية اللغة والصورة الأدبية نأخذ هذا المقطع من القصة: "أما الصقيع، فإنه اتكأ على الظلام، لعله يخطو خطوة أولى، ويبزغ في ذئب حين يستعيد للإغارة مرة أخرى، لم يتململ خيط الظلام، غارة بعد غارة، جرح الأشجار، ينابيع تستقبل الندى، أزيز للعابرين، شرذمة من الذئاب، أسرى ببعض الشوارع، شوارع تستعد لقراءة الحقيقة" ص62و63، إذا ما توقفنا عن جمالية الصور سنجدها تتغلب على قسوة المضمون، وتجعل القارئ يتوقف عندها متأملا فيها، فيكفي صورة ال"ينابيع تستقبل الندى" لتزيل كل قسوة القصة، وتجعل القارئ يستمتع بما يقدم له. وجاء في قصة "سعر حاقة الموت" هذه الصورة: "الماء هنا والآن، لم يبلغ سن الرشد، أما السماء فإنها خالية من أي قطرة من الحليب، تماما كما نطهو الويل في إناء الخوف. ...أنه لمرعب جدا، أن نملأ أكياسا من الهذيان كل يوم" ص68، نلاحظ أن الصورة الأدبية تتماثل/تتوازى مع حجم القسوة الكامنة في المشهد، وهذا ما يجعل الأحداث القاسية تمر بسهولة أمام القارئ، دون أن تصيبنه (أذية) منها. وفي قصة "جرح طفرة" نجد هذه الصورة: "غزا الشيب مؤهلاتهم، لكنهم ما زالوا يمدون المدير بالمدامك" ص76. وفي قصة "مراؤون في البحر" يقول: "ولما فتح المراؤون باب البحر الأول، وجدوا الغبار يكنس أقدام الهزيمة" ص80، نلاحظ أن العقل الباطن للقاص يمده بلغة وصورة أدبية لكلما وجد أن الأحداث موجعة/دامية/قاسية، وكأن هو ـ العقل الباطن ـ الذي يكتب القصص وليس القاص، فالقاص يعي أهمية التركيز على الأحداث/الموضوع، لكنه أُبعد (دون وعي) ليترك المجال لقاص آخر يتحدث بلغة غير لغة القص، من هنا لا نجد تسمية لأي شخصية في المجموعة، فالشخصيات غير معرفة باسم، ويتم التعامل معها بعمومية ودون تحديدها، فهي عابرة للمكان ولزمان، وهذا ناتج عن (هيمنة) العقل الباطن على العقل الواعي الذي ارتأى أن يكون السرد القصصي لسارد يحسن جذب القارئ لمجموعة غارقة في السواد والقتامة. في قصة "وشم على قبر الضحية" يتحدث القاص عن واقعه بقوله: "بذاكرتي أحتفظ ببعض الوقت، للحياة بها قدح من التجاعيد، قد تزهر، وقد تموت بدورها، وتلغي دورها كقدر مكسور" ص108و109، كل هذا يجعلنا نقول: إن القاص أجاد في استخدام اللغة والصورة الشعرية التي مهدت وسهلت وساهمت في أمتاع القارئ وجعله يخرج من (أزمة) الأحداث إلى فرح القراءة. المجموعة من منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، الطبعة الأولى 2023. وكتبت أسمهان شلباي: عندما يرى الإنسان الجمال لا بد له أن يتوقف فكيف أمر مرور الكرام على روائع في الأدب . لا بد من الإشاره إلى نصوص الكاتب حسن الإبراهيمي كل هذه القوة الفكرية المعاصرة وهذه العين الساهرة على قضايا المجتمع المختلفه من الظلم والقهر والإستبداد في كتابه ولع السباحه في عين الأسد يعرض الكاتب هذه القضايا في جمل تعبيريه رائعه فذكره للموت يشير إلى وجود معاناة شديده على سبيل المثال عندما يقول : على السرير وجدت موتي متهالكا أو عندما يتساءل ما الألم؟ ما الهروب إلى المجهول؟ هذه البلاغه في الكتابه تقود القارئ إلى عالم من الخيال إلى التصور والتساءل عن أسباب المعاناة رغم حدة الألم في نصوص الكاتب إلى أنه يشير رغم كل الظروف يشير إلى الأمل حين يقول؛ نهاية تجر إبتسامه فالإبتسام دليل للأمل والتفاءل أو في قوله مصمم الحواس يسيل في حروف بالقرب من النور . هناك الكثير من الجمل التعبيرية التي تثري لغة القارئ وتغذيه بفكر وعلم ومعرفه . أتمنى للكاتب التوفيق ومزيدا من الإبداع. وكتب سعد المظفّر: ما فاجأني وأنا ابدأ بأول القصص والتي تحمل عنوان حماة الوطن أنها تقدم لنا مايصلح بأن تكون رواية فقد استخدم القاص حسن ابراهيمي مايصلح أن يمتد أكثر على الورق قبل أن يتسلق وينمو في مخيلتنا بل وكانت تمثل أكثر مما لو كانت مباشرة فإن الرمزية وعمق المعنى يوحيان بإشارات تطلق علينا منذ البداية كم من النمو في العناصر لاخذة فها هو يقول لنا في بدايتها {مثخنة بالجراح. كعادتها استفاقت من النوم باكرا، تفقدت أطفالها، هيأت لهم طعام الفطور، تفقدت زريبتها حيث دوريات يسوقها عتالون، تحمل أكياسا من الشمس، خرير اليم، يحمل أكفان غربان، عب امرأة، مفتاح يناجي السماء، ويلوك ما تبقى من ليل أرغمه صحصح على الانتظار. توجهت إلى الملوقد، وضعت سكينا فوق الجمر، احمر السكين، وضعته فوق لسانها، طش، وتنبأت بمستقبل سيعصف بالشمس، وسيغيب سكان هذه القرية عن منازلهم.} إذا هي مثخنة بالجراح كعادتها..........هذة الانطلاقة ابتعدت بالمدخل عن النمطية وفتحت الرمزية السحرية على بوابة القص وبوابة التأمل للمتلقي المتحفز والمميز وهنا منحنا القاص فكرة عما قد يحدث مستقبلا دون الولوج بالمباشرة وحافظ على مسافة بين نصه وبين التعقيد الغير مبرر وهكذا في كل بدايات قصص مجموعتة المميزة قبل أن يعلن أشتباك النص وهو اشتباك أو مجموعة تشابكات محاكة بتقنية ففي قصتة امرأة تنسج العزة يكون الأشتبك تسائلي ينتج من طفل {قال الطفل الوديع لرئيس الفرقة: كيف يمكن لعوسج أن ينهي حفله بدموع الفرح؟ لمن، ولماذا تغنون؟} وهنا تكمن خطورة التساؤل وصعوبة فك الاشتبك على القاص المبدع من أمثال حسن ابراهيمي الذي وجه البناء دلاليا نحو الفعل الجمالي بإتخاذ من الراوي الداخلي في أغلب الاحيان هو من يقود الإيماءات والإيحاءات بل ويعبر من كل لقطة مفصلة داخل المشهد الى المشاهدة العينية لكشف وتثبيت الح٤دود الفارقة وهكذا ياخذنا في قصتة تجرع لحظة الموت المبنية أنسانياً بشكل يلامس الوجدان {حينما أصبت بالاحتقان، اغرورقت عيناي بالدموع دخلت عنوة الى البيت أكظم حزني، وأخفي الدموع، استفرست عن تجهيز أمي، فوقعت عيناي على مهراس، السدر. وكتب مروان شيخي: أظهرتَ في هذه المجموعة وعيًا عميقًا بالأبعاد الشخصية الاجتماعية ، حيثما يتم ذلك من خلال أسلوب الكاتب ولغته المتفردة ببلاغة شعرية وتنوع في التأملات تأتي هذه المجموعة كدعوة للتأمل في زاوية الحياة من جديد، وتقدم قصصا احتراما للأفكار والرغبة في تحقيق الذات كنموذج للأدب الذي يخاطب الوجدان ويعزز من قيم الحرية والتحرر تقرير مفصّل حول المجموعة القصصية "ولع السباحة في عين الأسد" للكاتب إبراهيم حسني تحت عنوان "ولع في عين الأسد" ، يبحر الكاتب حسن إبراهيمي في تجربة قصصية فريدة من نوعها من الخيال، حيث يتحد بين الخيال والواقع، بين الوجع والأمل، وبين الرمزية والفلسفة. مجموعة مكونة من ستة عشر قصة قصيرة ، تتنوع بين الحكايات التي اقتربت من حياة الإنسان اليومية، وتتخذ قصصًا أقرب إلى الطابع الرمزي والشعرية، حيث يعتمد الكاتب على مشاهد مركّبة، وتستخدم التشبيهات والاستعارات لتقديم مادة فلسفية تتناول قضايا الإنسان ووجوده. يبرز الكاتب إبراهيمي في سرد قصصه حسّا فعلياً في دلالة العمق الفكري، حيث لا يكتفي بتقديم حكايات مجردة، بل يقدم تجربة ناقصة تتطلب من القارئ في معاني النص، والتفكير في الرسائل المسترة وراء الصور البلاغي. يأتي التقييم النقدي لهذه المجموعة القصصية من خلال النظر في جوانب متعددة، أولها قوة اللغة والتصوير البلاغي الذي تسعى إليه ومن ناحية أخرى، أبرزت جرأة الكاتب في مناقشة القضايا المثيرة للجدل بالهوية والحرية والعدالة . وكتبت ليلى صيّاح الحسين: يظهر لنا الكاتب حسن ابراهيمي واقع الأمة العربية بمعاناة الشعوب المقهورة، يعكس خلال قصصه ما في داخل الإنسان العربي البسيط المغيب تماما عن الواقع الذي يعيشه في هذه الحياة على الرغم من تطور الحضارات دون تطوره عبر مرور الزمن.. سرد الكاتب قصص واقعية معاشة عبّرَ خلالها ما في داخله من الألم و الظلم والقهر و سلب لحقوق الارض والاوطان والدماء المهدورة بدون سبب او تبرير والاعراض المغتصبة بحق الشعوب كانت التغربة و أوجاعه حاضرة في لفظ كل معنى وحرف يتنفسه في مجموعته، يخط بساطور الفن و الابداع منبره المغيب عن المعنين في حل قضيته.. عبر الكاتب من خلال نافدته الصغيرة وبقلمه المتواضع اسباب الظلم المحاط به. أضاء النور على قضايا لا حل لها إلا المقاومة ونيل شرف الاستشهاد في وجه الظلم والطغيان. لامس في كثير من الأحيان وجدان القارئ بحسه الفكاهي المرح في بعض اللقطات و مشاعر الغضب والسخط الذي يشعره بالقهر والعجز عما يدور حوله من احداث و هزائم و جرائم رهيبة دون فعل أي شيء يذكر لتحصيل حقه المسلوب.. أختار الكاتب صور جمالية مبدعة و تجاوز فن الخطابة بدقه تحتسب لهُ في فكره العميق و تختصر جمال المشهد السردي و تفاصيله الدقيقة .. كانت مخطوطته في الكتابة التعبيرة و اللغوية قوية جدا.. تفوق المعنى المراد وصفه بحرفية كاتب متمرس يتقن فن اللعب على الكلمات ببساطتها وسهوله الوصول إلى فكر المتلقي وهذا ما يسمى بالسهل الممتنع الاستاذ حسن ابراهيمي متمرس في السرد و الوصف حدثها في صور تلقائية عفوية تعبر عن تمكين الكاتب في الكتابة و الصور البيانية ومعاني جميلة فيها ملامح الحفاظ على ترابط الزمن مع الواقع مثل (معول الهزيمة_ حبل المهانة _تجاعيد الجدران.....) هناك صور كثيرة في كل سطر وجملة او مقطع اغنت مجموعته باجمل المشاعر والاحاسيس الإبداعيه. مبارك عليك مولودك الجديد و اتمنى أن اقرأ لك المزيد من ابداعك المنفرد. وقالت فاطمة كيوان: يفتتح الكاتب مجموعته بكلمة شكر وثناء موجهة من الكاتب الى الصديق الأستاذ حسن أفقيري الذي قدم له الملاحظات القيمة حول المواد قبل النشر، ومن ثم اهداء غاية في الجمال بتراكيبه اللفظية وصوره البلاغية لجميع القراء لياتي بعدها العديد من الصفحات حوت اراء الكتاب والنقاد مثل (علي الجريري و مازن جميل المناف وامنة برواضي) لتوضح لنا مضمون الكتاب والقصص ومبتغاه ولتدلنا على ان الكاتب قد احكم قبضته على أدوات التعبير والتشكيل والعصف وبذل قصارى جهده في الكتابه بطريقه حداثية جمعت ما بين خبراته وتجربته الذاتية التامليه وبين العفوية والتلقائية معا وبين الرمز الفلسفي العميق بهدف الوصول الى التماسك النصي بين عناصر التشكيل والسرد لاستقطاب القارئ لمحور القصص . ومن ثم نتلقى عتبات النص والعتبة الأولى (( حماة الأرض)) وتتالى الصفحات لتأخذنا معها في مجموعة مميزة من النصوص تعج بافكار ومعان عديدة ومتنوعه يلقي بها الضوء الكاتب على بعض الأمور التي تقلقه وتشغل تفكيره وعلى الألم الذي بات يعتصر قلبه على وطنه وعلى طبيعة العلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية المرتبطة بالأنا الجمعية المنغمسة في معاناه مشتركه للكل فنراه يستغيث للتغيير ويستعمل ياء النداء حيث يقول في ص 111: (( يا واو الجماعه تأهل لتقود ثورة الزنج ، تأهل لتقود البشرية الى منبع مجهول، لا تكتر فسراج الربيع ينتفض، وهزيمة الورد تنتشر، لكن دماء الشهداء في كل فجر تبتسم.)) فالامل والايمان لا يفارق الكاتب ان لا بد التغيير ات (( فالنساء يعزفن لحنا للحرية ، يزغردن في كل مكان )) ص 43 ولكن علينا بالعمل والثبات. في بعض القصص نلمس علاقة الكاتب بالمكان وفيها نبش للروح وخاصة (( قصة لحظة تجرع الموت )) ص40 ومعاناة الأمهات اللواتي يوميا يتجرعن الموت ويكفن ابنائهن وهن يبكين بحرارة ويزغردن للفوز بالشهادة وكذالك في قصة (( ضر أصاب الفائقين)43 حيث يقول : "هناك، بالقرب من هذه الغابة أشلاء أطفال تنتفض، تتطاير كرائحة الاسفلت. بالحي قدر العدس يتصبب عرقا، لقد كان نصيب الاطفال هذا النهار، لقد اعتادوا تناوله كما يتناولون ابتعادهم عن الغرور." ص 42 حيث يقول لنا بلغته اننا نعيش في وطن ليس فيه متسع للحياه ، بل نحن غارقون في وحل السياسة القذرة التي تحرم الأطفال طفولتهم ومقومات الحياه الأساسية. القصص تكشف تفاوتا واضحا في جماليات الكتابه واللغه ، فمنها المعقد السبك والتشابيه والرموز ومنها الالنمطي العادي القريب للقارئ حيث ياخذك الكاتب لتخيل ملامح المكان عن قرب والبيئة التي يرمي اليها من خلال النصوص. لغة الكتاب: لغة صعبة للقارئ العادي وخاصة المبتدئ في تجلياتها الإبداعية حيث ترقى أحيانا الى مستوى الفلسفة بما تحوي من رموز وايحاء وتلميح مما يجعل القارئ مهتم جدا بالكشف عن ماهية الرموز ويجبر للتفاعل معها ذهنيا في عملية التاويل . ومن هذه التشابيه البلاغية: حتى مرأب السيارة لم ينج من الخوف ص 49 وكذلك " انشطرت السحب بين أنامله " لملموا عري المضاجع ، اشتموا رائحة السكون ، وبنوا عشا للاغتراب" هذه الصور البلاغية العظيمة ليس للقارئ البسيط ان يتلمس المعنى والدلاله من ورائها الا بشحذ الفكر والذهن . مبارك هذا الإصدار الغزير بالابداع والجمال الفني اللغوي للكاتب ولدار النشر على التميز بنشر كل ما جميل.
#ديمة_جمعة_السمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة - أرفض تسميتي معاقا- للكاتبة عابدة خطيب في اليوم السابع
-
رواية - تراتيل في سفر روزانا- في اليوم السابع
-
رواية -ذاكرة في الحجر- لكوثر الزين في اليوم السابع
-
ثورة أدبيّة تُصَدِّع الجدران.. تكشف المستور..تضيء عتمة المكا
...
-
قصة- حزمة نور-لنبيهة جبارين في ندوة اليوم السابع
-
ديوان -ما زال في العمر بقية-في ندوة اليوم السابع
-
رواية -في قلبي...-في ندوة اليوم السابع
-
رواية - ثرثرة في مقهى إيفانستون- في اليوم السابع
-
رواية -الوبش- في ندوة اليوم السابع
-
قصّة الكوكب الأحمر للأطفال في ندوة اليوم السابع
-
-الكوكب الأحمر- قصة أطفال تنمي الخيال وتنعشه
-
رواية -والله راجع- لمحمد كريّم في ندوة اليوم السّابع
-
على شرفة حيفا في ندوة اليوم السابع
-
كتاب - الأزرق يليق بك- مجموعة منتقاة من مقالات تبث مشاعر الأ
...
-
شقيقي داوود سيرة غيرية .. تستدعي وقفة بامتياز
-
رواية -الوبش- مرآة تعكس واقع مجتمع يحكمه الجهل وتتحكّم فيه ا
...
-
الوبش رواية جديدة لجميل السلحوت
-
رواية اليافعين -جبينة والشّاطر حسن- في ندوة اليوم السّابع
-
رواية -حقيبة من غمام- في ندوة اليوم السّابع
-
رواية-وهكذا أصبح جاسوسا-في اليوم السابع
المزيد.....
-
ترامب -يحترم- رفض المحكمة تأجيل الحكم ضده بقضية الممثلة الإب
...
-
أكشن ودراما عربي ومصري “مش هتعرف تغمض عينك بجد ” تردد روتانا
...
-
مصر.. حقيقة فيديو سقوط محمد رمضان من على المسرح ودفاع نجيب س
...
-
فيلم -حقيبة سفر-.. الاختيار بين المقاومة والخيانة
-
رفض تعطيل الحكم على ترامب بقضية الممثلة الإباحية
-
الجزائر.. تبون يستحدث جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة العر
...
-
-الجحيم- يعطل ترشيحات الأوسكار.. -نيران- على أبواب هوليود
-
ترك بصمة كبيرة.. وفاة سيد الأغنية المغربية الزجلية (صور)
-
من قارورة عطر إلى ركام مغطى بالبارود.. أطلال بمدن الأشباح ال
...
-
مشاهير السينما والموسيقى يفقدون منازلهم في الحرائق التي تهدد
...
المزيد.....
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
المزيد.....
|