أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرف والاعداد الحثيث للحرب (الجزء الأول)















المزيد.....


الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرف والاعداد الحثيث للحرب (الجزء الأول)


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية:
صعود قوى اليمين المتطرف
والاعداد الحثيث للحرب
(الجزء الأول)

يعيش النظام الرأسمالي العالمي منذ منتصف سبعينات القرن الماضي على وقع سلسلة من الازمات المتعاقبة والمتلاحقة كانت أزمة خريف 2008 واحدة من أخطرها. ورغم كل المساعي والإجراءات التي اتخذتها الحكومات البرجوازية ورغم والأموال الطائلة التي ضخّتها البنوك المركزية فإن ذلك لم يمنع من أن تستمر الازمة وتبلغ في السنوات الأخيرة درجة من التعفن غير مسبوقة في كل المستويات تقريبا، الاقتصادية والمالية والنقدية والسياسية والديبلوماسية والعسكرية والاجتماعية والبيئية الأمر الذي أذكى المجادلات الفكرية والنظرية والسياسية حول ظاهرة الأزمة في المنظومة الرأسمالية العالمي وخصائصها الراهنة والتهديدات التي تنجر عنها على قوى الإنتاج والشعوب وعلى البيئة والطبيعة وحتى وجود الجنس البشري.

هل كان ماركس على حق؟
لقد احتدم الجدل حول تفسير أسباب الازمة ودوافعها من جهة ولكن أيضا حول سبل معالجتها والخروج منها. وفي هذا الصدد ظهرت عشرات إن لم نقل مئات المقاربات يمكن تصنيفها في معسكرين كبيرين يرى الأول أن المضاربات المالية والتي شهدت تطورات مذهلة منذ بداية الألفية الحالية هي المتسببة في الأزمة فيما يرى المعسكر الآخر العكس ويفسر الأزمة تماما كما قال ماركس " تكمن الأصول النهائية لجميع الأزمات في الاقتصاد "الحقيقي" للإنتاج والتبادل". (1)

اللافت للانتباه في هذا الجدل المحتدم الذي أنتج أدبا غزيرا هو عودة كارل ماركس بقوة إلى حلبة الصراع الفكري والنظري، وعودة مقولاته في تفسير أزمة النظام الرأسمالي إلى الرواج إلى درجة أن تبناها الكثير من خصومه مثل أتباع كينز Keynes والكينيسيون الجدد néo keynésiens وما يسمى بـ"الراديكاليون" وحتى طائفة من اقتصاديي ما يسمى بـ"علم الاقتصاد السائد" أي علماء الاقتصاد الليبراليين والليبراليين الجدد.

صحيح أن تحاليل ماركس كانت تتعلق بنمط آخر من الرأسمالية – إذا صح التعبير – أي رأسمالية مازال الإنتاج الزراعي يتمتع فيها بقوة كبيرة ومازالت الصناعة في بداياتها والسوق العالمية الوليدة لم تبلغ ما بلغته اليوم العولمة من اندماج كل بلدان العالم وانصهارها في منظومة موحدة كما يقول الاقتصادي الأمريكي خوسيه تابيا في كتابه "الازمات الست للنظام الرأسمالي"لدينا اليوم اقتصاد عالمي رأسمالي، اقتصاد يشمل الكرة الأرضية برمّتها،[...] يبدأ الأمر في نهاية القرن التاسع العشر، لكنها المرّة الأولى في التاريخ البشري التي يوجد فيها نظام تاريخي واحد فقط على الكوكب في وقت معيّن. وهذا يغيّر أشياء كثيرة" (2).

ولكن استيعاب ماركس للقوانين التي تحرك النظام الرأسمالي خوّل له منذ حوالي مائتي سنة تقريبا إدراك عواقب هذه القوانين حيث قال (بمعية فريديريك انجلز) في البيان الشيوعي "وفي الأزمات يتـفـشّى وباء مجتمعيّ ما كان ليبدو، في كل العصور السالفة، إلاّ مستحيلا، وهو وباء فائض الإنتاج. فإن المجتمع يجد نفسه فجأة وقد رُدَّ إلى وضع من الهمجية المؤقتة، حتى ليُخيَّل أنّ مجاعة وحرب إبادة شاملة قد قطعتاه عن وسائل العيش؛ فتبدو الصناعة والتجارة وكأنهما أثر بعد عين، ولماذا؟ لأن المجتمع يملك المزيد من الحضارة، والمزيد من وسائل لعيش، والمزيد من الصناعة، والمزيد من التجارة. ولم تعد القوى المنتجة، الموجودة تحت تصرّف المجتمع، تدفع ينمو علاقات الملكية البرجوازية قُدُما، بل بخلاف ذلك، أصبحت أقوى جدا من هذه العلاقات التي باتت تعيقها؛ وكلما تغلبت على هذا العائق جرّت المجتمع البرجوازي بأسره إلى الفوضى، وهددت وجود الملكية البرجوازية. فالعلاقات البرجوازية غدت أضيق من أن تستوعب الثروة، التي تُحدثها. فكيف تتغلب البرجوازية على هذه الأزمات؟ من جهة بتدمير كتلة من القوى المنتجة بالعنف، ومن جهة أخرى بغزو أسواق جديدة، وباستثمار الأسواق القديمة كليّا. وما هي عاقبة هذا الأمر؟ الإعداد لأزمات أشمل وأشدّ والتقليل من وسائل تدارُكها" (3).

لقد تأكد من خلال الكثير مما صدر من الإنتاج الفكري والنظري في العلوم الاقتصادية أن الرأسمالية في عصرنا الراهن أو ما أسماه البعض بـ"رأسمالية القرن 21" والتي جرى العمل على إبرازها كظاهرة اقتصادية ذات خصوصيات مختلفة عما سبقها قبل التطورات العلمية والتقنية الجديدة، لا تخرج في الحقيقة مهما كانت هذه الخصائص الجديدة عن القوانين الأساسية التي توقّف عندها ماركس بالتحليل منذ كتاباته الأولى "نظريات فائض القيمة" (1860 – 1861) والتي أثراها لاحقا في كتابه رأس المال. وكان على منظرو الاقتصاد السياسي البرجوازي رغم كل المحاولات و"التقليعات" النظرية أن يعترفوا بهذه الحقيقة التي لم يتمكنوا من دحضها. ومن بين من تعمّقوا في تأكيد هذه الحقيقة العلمية الاقتصاديان Guglielmo Carchedi وMichael Roberts صاحبا كتاب "الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين من خلال منظور القيمة" (إلى جانب كتابات أخرى) (4) الذي بينا فيه أن التطورات العلمية والتقنية الجارفة التي يعرفها مجتمع اليوم (الرقميات وعلوم الاتصال والعملة المشفرة الخ...) والاتجاه نحو مزيد الاكتشافات والاختراعات التي من شأنها أن تحدث تغييرات عميقة أخرى في النشاط الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية لا تتطلب بالضرورة من الناحية الاقتصادية (وبالخصوص لتفسير أزمة النظام الرأسمالي) نظرية جديدة. واعتبرا أن نظرية القيمة التي طوّرها كارل ماركس تمثّل "الإطار التحليلي الثاقب" للتعاطي مع عديد القضايا المميزة للاقتصاد الرأسمالي العالمي الرّاهن مثل أشكال تنظيم العمل وتقنيات الإنتاج والذكاء الاصطناعي وتبعاتها على العلاقات الاجتماعية (الطبقية) وقضايا البيئة وبشكل عام التحولات التي تشهدها الرأسمالية في عصر الاحتكارات في صيغها الحالية وغيرها.
إن جوهر نقد ماركس لأزمة الرأسمالية ينبني على نقده للتناقض الدائم بين الطابع الاجتماعي للعمل والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من جهة ومن جهة أخرى على نقده لنمط انتاج فائض القيمة وسيرورة تحقيق الأرباح والتراكم الرأسمالي وميل معدل ربح الشركات إلى الانخفاض. وهو ما باتت تقر به طائفة واسعة من علماء الاقتصاد في الغرب الرأسمالي ويعلنون بصوت عال "لقد كان ماركس على حق".

أكثر من ذلك ما عاد الكثير منهم يتحرج من الاعتراف بأن هذه المنظومة قد شاخت ورغم ما يبدو عليها من مظاهر القوة والعظمة، فقد دبت إليها الكثير من علامات الهشاشة تسعى البرجوازية بشكل محموم إلى التغطية عليها عبر طائفة لا محدودة من الدعايات والتنظيرات ولكن أيضا بالتلويح بـ"الحرب" والحرب النووية كآلية لتدمير فوائض الإنتاج وأجزاء كبيرة من القوى المنتجة (الشعوب) في محاولة لختم دورة من دورات التراكم والنمو وانطلاق دورة جديدة على أنقاضها يجري فيها التراكم الرأسمالي متحررا من كل العوائق والاكراهات.

تلك هي واحدة من "الحلول" الاساسية الجاري إعدادها لمعالجة الأزمة الراهنة للنظام الرأسمالي العاملي والتي تتمظهر بشكل بارز في ظاهرتين في أعلى درجات الخطورة وتذكرنا بأكثر الفترات قتامة في تاريخ الحضارة الرأسمالية المعاصرة. ففي العشرينات من القرن الماضي وإلى غاية منتصف القرن عرفت الرأسمالية أزمة حادة (الركود الأعظم سنة 1929) الذي شكل الحاضنة الاقتصادية والاجتماعية لتفريخ الفاشية والنازية والدافع الأساسي لاندلاع الحرب العالمية الثانية. واليوم وفي صورة مشابهة لتلك الفترة يقر الجميع بأن الأزمة الراهنة بصدد إفراز نفس الافرازات وهي صعود اليمين المتطرف واتساع هيمنته على الساحات السياسية في أمريكا وأوروبا وأسيا من ناحية والسعي الحثيث لإعداد حرب كبرى ويتجلى ذلك في تصاعد أعمال التحرش العسكري في أكثر من مكان في العالم والتسابق الجنوني نحو التسلّح وتطوير وسائل تقنيات الفتك. وهو ما سنعود إليه في الحلقة القادمة.
(يتبع)

جيلاني الهمامي

الهوامش
(1) - كارل ماركس – رأس المال، الجزء الثالث
(2) – خوسي تابيا – انظر الرابط التالي : Six crises de l’économie mondiale : la mondialisation et les turbulences économiques des années 1970 à la pandémie de COVID-19 | SpringerLink
(3) – ماركس – انجلز : البيان الشيوعي، انظر الرابط التالي : بيان الحزب الشيوعي - حزب العمال
(4) من اهم ما كتبا المؤلف "العالم في أزمة" world in crisis " أنظر على الرابط التالي : World in crisis: A global analysis of marx’s law of profitability



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الاتحاد: المخاطر واضحة والطريق إلى الحلّ أوضح
- مرة أخرى حول الموقف من تطورات الوضع في سوريا
- حول التقرير السنوي للرابطة التونسية لحقوق الانسان
- منعرج جديد وخطير في حياة الاتحاد
- سقوط نظام الأسد في سوريا: في ميزان الربح والخسارة
- 3 ديسمبر : تاريخ خالد وأزمة خانقة
- الشّعبويّة في تونس البواطن والظّواهر
- عجلة التاريخ تدور أحيانا إلى الوراء
- رسالة مفتوحة إلى الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التون ...
- أوت 1924: تاريخ صنع التاريخ أو صورة أوت 2024 في مرآة أوت 192 ...
- المشهد ... والمشهد الآخر أو واقعة -أبو شجاعة-
- وحدة اليسار في فرنسا ووحدة اليسار في تونس مقارنة ما لا يقارن
- التصويت تحت وقع الأزمة
- إدغار موران: -لدي تعاطف نقدي مع الجبهة الشعبية الجديدة-
- ماذا لو انتصر اليسار في فرنسا ؟؟
- اليوم الأول من نهاية عهد الماكرونية (1)
- تونس في لعبة الاصطفافات والمحاور
- الأسبوع الدموي 21 – 28 ماي 1871 درس من دروس الكومونة
- الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية وصعود نزعة الحرب وقوى الي ...
- مرة أخرى اللهث بحثا عن القروض في زمن -التعويل على الذات-


المزيد.....




- انتُزع من بين يديه.. سائق -فيديكس- يتعرض لعملية سطو مُحكمة أ ...
- ماندي مور توثق زيارتها لمنزلها الذي دمرته حرائق لوس أنجلوس
- زاخاروفا تعلق على تقارير عن مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا
- إسرائيل -تخطط للسيطرة العسكرية والاستخباراتية- على منطقة جدي ...
- عواصف ثلجية غير مسبوقة تضرب الجنوب الأمريكي وتشل الحياة اليو ...
- -والاه-: انتخاب رئيس لبناني جديد يزيد الضغط على إسرائيل لاس ...
- اشتداد المعارك على محور كراسنوأرميسك
- تحرك في مصر بعد فيديو لطفل يشرب الكحول
- محمد جواد ظريف يعلق على حرائق كاليفورنيا
- الجيش الروسي يحصل على روبوتات جديدة متعددة الاستخدامات


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرف والاعداد الحثيث للحرب (الجزء الأول)