أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى















المزيد.....


بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
بيت الأب: جذور السلطة ومظاهر التواضع الظاهري
يقع بيت حافظ الأسد في حي المهاجرين بدمشق، وهو منزل متواضع نسبياً مقارنة بمظاهر الفخامة التي يتوقعها المرء لمن امتلك سلطة مطلقة في سوريا لعقود. هذا الحي، الذي يشتهر بأجوائه الشعبية نسبياً، أصبح رمزاً للواجهة التي اختارها حافظ الأسد، وكأنها رسالة مبطنة بأن العائلة الحاكمة تعيش وسط الناس، قريبة من نبض الشارع.
لكن هذا التواضع كان واجهة تُخفي وراءها نظاماً شمولياً استأثر بثروات البلاد ووزعها بين أفراد العائلة والمقربين. من هنا، كان منزل المهاجرين جزءاً من استراتيجية سياسية لبناء صورة الزعيم "القريب من الشعب"، في حين أن الواقع كان مغايراً تماماً؛ إذ توزعت مليارات الدولارات بين حافظ الأسد وأبنائه وأقربائهم، واستثمرت في مشاريع وممتلكات داخل سوريا وخارجها.
كرسي السلطة من الأسد إلى الشرع..؟
عندما تسلم بشار الأسد مقاليد الحكم خلفاً لأبيه، جلس على الكرسي الذي كان يُفترض أنه يرمز لاستمرارية الدولة، لكنه تحول إلى رمز لترسيخ الحكم العائلي. المثير للاهتمام أن هذا الكرسي كان ممكناً أن يجلس عليه فاروق الشرع- وهومن عائلة أحمد الشرع ذاته-. الجلوس على هذا الكرسي لم يكن مجرد فعل إداري، بل كان تجسيداً لانتقال سوريا من مرحلة إلى أخرى، من نظام شابه أسس للدكتاتورية في عهد حافظ، إلى نظام واصل المسيرة ذاتها في عهد بشار، إلا أن نائب الرئيس فاروق الشرع لم يجلس عليه، وكأني بقريبه أحمد الشرع قد ثأرله؟
كرسي الرئاسة، الذي كان يجب أن يمثّل أفقاً للحوار السياسي، تحول بجلوس حافظ وبشار عليه إلى منصة للإغلاق الكامل للمشهد السياسي، حيث أُقصيت الأصوات المختلفة وصودرت الحياة السياسية بالكامل لصالح مشروع عائلي كان أقرب إلى شركة عائلية منه إلى دولة.
منزل بشار: واجهة داخلية وخطط خارجية
بيت بشار الأسد، الذي حافظ على طابع بسيط نسبياً مقارنة بمستوى ثرواته، يعكس تناقضاً واضحاً بين الداخل والخارج. كان البيت رمزاً لزيف التواضع الذي أراد بشار أن يظهره لشعبه، بينما كانت الثروات تتكدس في بنوك أوروبا وآسيا، وتُستثمر في مزارع وقصور خارج سوريا.
هذا التناقض يمكن تفسيره من منظور نفسي وفلسفي. ربما أدرك بشار منذ البداية أن حياته في سوريا لن تكون دائمة، وأن مصيره مرتبط بالمنفى، مثل العديد من القادة المستبدين الذين انتهى بهم المطاف في الخارج. لذلك، كان استثماره الحقيقي في العقارات والمزارع الفاخرة خارج البلاد، حيث بنى عالماً موازياً بعيداً عن أعين الشعب السوري، ليكون ملاذاً آمناً عند الضرورة.
الثروات الخارجية أوالملاذ الآمن لزوال الحكم
بناء المزارع والقصور خارج سوريا لم يكن مجرد استثمار اقتصادي، بل كان تعبيراً عن تفكيرعميق بعدم استقرار الحكم. بشار، الذي ورث عرشاً هشاً من أبيه، كان يدرك أن سلطته مستمدة من شبكة من القمع والفساد لا يمكن أن تدوم. لذلك، كانت ثرواته الخارجية جزءاً من استعداده لمستقبل مجهول، يبتعد فيه عن البلاد التي حكمها بالقوة.
أما التواضع الظاهري في منزل المهاجرين أو قصر بشار الشخصي، فهو لا يعكس القناعة أو الزهد، بل هو واجهة إعلامية لتضليل الرأي العام. فقد كانت الغرف المتواضعة ستائر تخفي خلفها مليارات الدولارات، وذهباً يتقاسمه آل الأسد وآل مخلوف، ضمن شبكة معقدة من المصالح العائلية والمالية التي استنزفت خيرات البلاد.
قلاع الخارج وجدران الزوال
بيت المهاجرين وكرسي الرئاسة وواجهة البساطة كانت جزءاً من مشهد خادع، يخفي خلفه ثروات ضخمة وخططاً للهروب من مصير محتوم. بينما كان الشعب يعاني من أزمات اقتصادية خانقة، كانت القصور والمزارع تُجهز في أوروبا وروسيا، في إشارة واضحة إلى أن حكم آل الأسد لم يكن مرتبطاً بسوريا كأرض أو وطن، بل كمشروع نهب مؤقت.
لكن، يظل بيت المهاجرين رمزاً لتناقض السلطة، بين الداخل المتواضع والقصور التي تنتظر أصحابها خارج الحدود. هذه الصورة تختزل فلسفة النظام التي قامت على الانفصال بين الظاهر والباطن، بين الادعاء بالوطنية والاستعداد للهروب.




-2-
بشار الأسد: قصر العائلة المتواضع وثروات الغياب الكبرى

التناقض بين" المظهر والمخبر"

إنه من المفارقات الغريبة أن يكون بيت بشار الأسد "العادي" موضع نقاش، في حين أن الواقع يعج بالقصص عن ثرواته الهائلة التي تتجاوز حدود التصور. بيت الرئيس السوري، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، لا يعكس نمط حياة قادة استبداديين آخرين عاشوا وسط القصور الفارهة. لماذا بدا بيته عادياً مقارنةً بثروات المليارات التي تراكمت لديه ولدى أفراد عائلته من الذهب والأموال والممتلكات؟
هذا التواضع الظاهري في بيت بشار، الذي لا يُظهر مظاهر البذخ، قد يعكس رؤية نفسية عميقة تحمل تفسيرات عدة. ربما كان يدرك أن هذا البيت ليس سوى محطة مؤقتة، وأن حياته وحكمه، مهما كانا طويل الأمد، فإن مصيره الهروب أو العيش في منفى بعيد. هذا الإدراك بأن "البيت" الحقيقي يجب أن يكون خارج البلاد، يعكس إحساساً داخلياً بعدم الأمان واليقين في المستقبل.
الثروات في الخارج: تحصين لمصير معلوم
عندما يُنظر إلى تكديس الأموال وبناء البيوت والمزارع في الخارج، يتضح أن بشار الأسد كان يعمل بعقلية الحاكم الذي يدرك هشاشة سلطته واستحالة بقائه في مواجهة الزمن. هذه البيوت والمزارع لم تكن مجرد استثمارات، بل كانت استعداداً لحياة خارج أسوار سوريا، حياة تم تصميمها لتكون بديلاً جاهزاً في لحظة السقوط.
ربما لم يكن البيت العادي في دمشق سوى واجهة زائفة تعكس محاولة لإظهار القرب من الشعب، بينما كانت الأعين دائماً تتجه نحو الملاذات الآمنة في الخارج، حيث تنتظر القصور والمزارع المزينة بأحدث مظاهر البذخ، معدة لاستقبال العائلة عندما تُجبر على الرحيل.
الرؤية النفسية والفلسفية للقرار
قرار بشار الأسد بالاحتفاظ بمسكن متواضع، رغم ثرواته الطائلة، يفتح أبواب التساؤل عن الدوافع النفسية وراء ذلك. هل كان هذا خياراً واعياً لإظهار صورة متناقضة تخدم البروباغندا؟ أم أنه يعكس حقيقة أعمق، حقيقة أن الحاكم الذي يعتمد على القمع والفساد يدرك في قرارة نفسه أنه غريب عن الأرض التي يحكمها؟
إن هذا النمط من التفكير ليس جديداً في التاريخ. الحكام الذين يشعرون بأن وجودهم مؤقت عادةً ما يستثمرون في الخارج، في أماكن يرون أنها ستكون أكثر أماناً لاستقبالهم. إنهم يعيشون بشعور مزدوج: من جهة، يدعون الانتماء والارتباط بالأرض، ومن جهة أخرى، يبنون عالماً موازياً يحصّنهم من لحظة السقوط التي لا مفر منها.
كما أن التناقض بين بساطة البيت المحلي وفخامة الممتلكات الخارجية يعكس شخصية متأرجحة بين خوف دائم من المستقبل ورغبة في الحفاظ على مظهر القائد العادي. ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن هذه التحصينات، مهما بلغت قوتها، لا تُنسي أن هذا التناقض هو مرآة لواقع حكم هش، مبني على القوة والفساد، دون أي جذور تربطه حقاً بالشعب والأرض.
في نهاية المطاف، قد تكون البيوت والمزارع في الخارج شاهداً على ثراء هائل، لكنها أيضاً دليل على انعدام الثقة والاطمئنان في الحاضر والمستقبل.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في توصيف القيادة المطلوبة: رؤية في ضوء التاريخ والواقع
- التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية ...
- الكرد السوريون وخياراتهم: واقع معقد وآفاق مفتوحة
- ثقافة العنف بين إرث السلطة ودوامة الحرب2/2
- تشكيل الحكومة المؤقتة: خيارات خاطئة وتحديات المصالحة والبناء ...
- مفاهيم تُعيد إنتاج الاستبداد: قراءة نقدية في رؤى المرحلة
- التطرف بأشكاله: حرب مفتوحة على الكُرد وبيان من 170 كاتباً-1
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى السيد أحمد الشرع
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى الشرع
- الإرث الدموي في سوريا: كيف نعيد بناء المجتمع؟1/2
- سوريا بين الماضي والحاضر: أي مستقبل نريد؟ في إطاراستعادة وطن ...
- سوريا المتناثرة بين ثورتين: هل تحتاج كتابة الدستور ثلاث سنوا ...
- صمت المثقف السوري: محاولة قراءة في موقف النخبة من التحولات ا ...
- إنها مقومات حرب أهلية: مقدمات بغددة دمشق
- السوريون والخطط الوهمية: سيرومات الوهم
- دمشق الجديدة والمعادلة الصعبة
- هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟
- اللصوص يسرقون من اللصوص بوتين والأسد كمثالين
- الخطاب الشعبوي: صناعة الوهم واستدامة الكارثة-2-
- الخطاب الشعبوي كردياً: محاكاة ومحاكمات


المزيد.....




- المحكمة العليا الأمريكية ترفض طلب ترامب لتأجيل إصدار حكم قضي ...
- بايدن يعلق على تطورات -مفاوضات غزة-.. وانتخاب جوزاف عون
- تقرير عبري يفضح ما تخبئه إسرائيل للسوريين وحقيقة موقفها من ت ...
- مصر.. حبس شيخين دجالين ارتكبا أفعالا مشينة مع سيدات بمدينة ن ...
- أردوغان يبحث مع ميلوني الإسراع بإعادة إعمار سوريا
- مستوطنون إسرائيليون يحرقون غرفة زراعية ويرسمون شعارات عنصرية ...
- فرنسا وبريطانيا وإيطاليا تؤكد التزامها بدعم أوكرانيا
- بايدن يفعلها مرة أخرى ويغفو أثناء جنازة جيمي كارتر (فيديو)
- -شبيغل-: شولتس يعرقل إمدادات أسلحة إضافية إلى كييف بقيمة 3 م ...
- وزارة الدفاع السورية تواصل عقد جلسات دمج الفصائل بالجيش


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى