أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - اضطراب المعادلات السياسية في سوريا ( 1 )















المزيد.....


اضطراب المعادلات السياسية في سوريا ( 1 )


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 14:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل تناول حالة الاضطراب و الغموض الذي يغطي المشهد السوري بشكل شبه كامل لابد من الإشارة الى أن الجهة التي مسكت بالسلطة في دمشق بشكل منفرد هي هيئة تحرير الشام و ذلك بعد استبعادها لكل المعارضات السورية الأخرى التي قاتلت النظام الأسدي الاستبدادي بالطرق العسكرية و السياسية , هذه الهيئة ذات الخلفية الداعشية و التي تراجع مكونها الأساسي في تطرفه الإسلاموي نحو العمل ضمن غطاء تنظيم القاعدة تحت مسمى جبهة النصرة قبل أن تنتقل توجهاته العقائدية الى حالة اقل تشددا , من الضروري ايضا الإشارة الى أن هيئة تحرير الشام عبارة عن تحالف من جماعات اسلامية سنية جهادية لا تربطهم وحدة تنظيمية و إن المساحة المشتركة من الأفكار و العقائد التي تحكم سلوك مكونات هذه الهيئة تختلف من مكون الى آخر .
كان و لازال قائد هيئة تحرير الشام احمد الشرع " الجولاني سابقا " يمثل الحل التوافقي الوسطي بين الجماعات الجهادية التي تشكلت منها هذه الهيئة , ففي هذه الهيئة جماعات تحمل توجهات جهادية متطرفة جدا و أخرى اقل تطرفا .
إن الذي دفع مكونات هيئة تحرير الشام لتشكيل تحالف جهادي واسع هو الضعف الذي كانت تعاني منه كل هذه المكونات و عدم قدرتها على تحقيق أهدافها بشكل منفرد .
كان الهدف المشترك لمكونات هيئة تحرير الشام هو اسقاط نظام البعث الأسدي و استبداله بنظام جديد يؤسس لدولة دينية دون تحديد نوع و تفاصيل نظام هذه الدولة و دون تحديد الأحكام الشرعية التي ستطبق في هذه الدولة , لذا من المؤكد صعود الخلافات و الاختلافات العقائدية بين هذه المكونات الى السطح بعد زوال خطر عدوهم المشترك الذي هو نظام البعث الأسدي , أن هذه الخلافات العقائدية قد لا تطفو على سطح المشهد السوري اذا ظهر أمامهم عدوا مشتركا جديدا يجبرهم على البقاء متوحدين للتمكن من مواجهته قدر الإمكان .
لقد اسرع احمد الشرع في الدعوى و العمل على حل هيئة تحرير الشام و قيام كل مكوناتها بتسليم أسلحتها لجيش جديد يشرف هو شخصيا على تشكيله كي يكون بمقدوره فرض سلطته و توجهاته العقائدية على كل جماعات الإسلام السياسي في سوريا و تصفية المخالفين له بالطرق السلمية أو العسكرية , بالإضافة الى ذلك فقد نجح احمد الشرع في نقل حكومة دويلته الدينية التي شكلها في محافظة ادلب السورية الى دمشق لتعميمها على كل الدولة السورية و لغرض جعلها تحكم هذه الدولة المتنوعة الطوائف و القوميات .
لا شك في أن فرض نظام حكومة ادلب الدينية على كل سوريا سيحتاج الى نظام سلطوي قد يتفوق في استبداده استبداد نظام البعث الأسدي المنحل و ذلك بسبب التنوع القومي و الطائفي في سوريا و كذلك بسبب التوجهات الثقافية المختلفة لشرائح المجتمع السوري .
هنالك الآن العديد من الأسئلة التي تتمحور حول اضطراب المعادلات السياسية التي ستحدد مستقبل شعب سوريا و دولته , و إن محاولة الإجابة عليها قد يسهم في فهم طبيعة هذا الاضطراب , من هذه الأسئلة :
أولا : هل سيكون النظام الجديد للدولة السورية على شاكلة النظام الأوردوغاني الذي يحكم تركيا حاليا و الذي هو خليط من العلمانية الاتاتوركية و الإسلام السياسي الأوردوغاني ذات الميول العقائدية لحركة الاخوان المسلمين الأممية ... ؟
من المؤكد أن ليس هنالك أي امكانية لتطبيق نموذج أتاتوركي علماني أوردوغاني إسلامي في سوريا , فالنظام العلماني في تركيا لازال محمي بواسطة مؤسسة عسكرية متماسكة و قوية , و هذا الأمر لا وجود له في سوريا الجديدة التي تفكك و تلاشى فيها جيش الدولة و حل محله جيش فصائل جهادية .
ثانيا : هل ستكون سوريا نسخة أخرى من افغانستان الطلبانية ...؟
إن طلبنت و أفغنت الواقع السوري هو أمر ليس صعب تحققه فقط بل هو أمر مستحيل , و إن أي محاولة لطلبنت و أفغنت سوريا ستؤدي بالتأكيد الى تفتت سوريا الى دويلات متناحرة بشكل دموي و مدمر .
إن الواقع السوري الاجتماعي و الثقافي بعيد جدا عن واقع افغانستان بجميع اركانه , لذا من غير الممكن أطلاقا استنساخ التجربة الطلبانية في افغانستان و تطبيقها على الواقع السوري أذ من المؤكد انه ستكون هنالك معارضة لها من قبل حتى السوريين من العرب السنة الذين يشكلون الان العمود الفقري للنظام الجديد في دمشق .
ثالثا : هل أن النظام الجديد الذي سيحكم سوريا سيشبه الى حد ما ذلك النظام الذي كان يسعى الى تحقيقه الإخوان المسلمين في عهد الرئيس مرسي الذي استلم السلطة في مصر بعد ربيعها العربي .
أن تجربة استلام الإخوان المسلمين للسلطة في مصر قد تمت من خلال انتخابات حرة اعترف بها المجتمع الدولي و تحت رعاية المؤسسة العسكرية المصرية و ضمن دستور كان قائما حينها , أما الطريقة و الظروف التي مسكت بها هيئة تحرير الشام السلطة في دمشق فتختلف كليا عن نلك التجربة المصرية , فليس في سوريا جيش للدولة السورية و ليس فيها دستور نافذ المفعول و هنالك جيش دولة قوية عضوة في حلف الناتو هي تركيا تعمل على فرض أرادتها على المستقبل السياسي و الاجتماعي لسوريا و هنالك حوالي ربع مساحة سوريا تحت سلطة قوات سوريا الديمقراطية " قسد " المدعومة حاليا من قبل أمريكا , بالإضافة الى وجود كانتونات أخرى تسيطر على أجزاء من الجغرافية السورية , كانتون للدروز في محافظة السويداء , و كانتون تحت سيطرة قوات احمد العودة الذي كان يلقب سابقا ب " رجل روسيا " في محافظة درعا , و كانتون أخر يسيطر عليه جيش سوريا الحرة المدعوم بشكل مباشر من أمريكا في منطقة التنف الحدودية مع العراق , و جيش يسمي نفسه " الجيش الوطني السوري " لكن الحقيقة أنه خاضع بشكل تام لإرادة تركيا الأوردوغانية و من أبرز قادته ابو عمشة الذي يلقب برجل تركيا العثمانية في سوريا , أما سماء سوريا فهي الان من حصة إسرائيل التي اخذت تقصف بغاراتها الجوية كيف ما تشاء و متى ما تشاء و بعد أن أضافت الى هضبة الجولان المحتل محافظة القنيطرة و جبل الشيخ الاستراتيجي , كل هذا و غيره يجعل الحالة السورية لا تشبه في شيء الحالة المصرية خلال حكم الرئيس مرسي الذي سقط حكمه بانقلاب عسكري مدعوم شعبيا قاده الرئيس السيسي .
قد يكون وجه الشبه الوحيد الذي يسعى اليه احمد الشرع في سوريا مع تجربة حكومة مرسي في مصر هو كتابة دستور جديد لسوريا و ترتيب الأوضاع فيها تمكنه من إقامة دولته الدينية و اعطاء الشرعية لها من خلال الانتخابات التي وعد بإجرائها بعد اربعة سنوات , أي بعد أن يتمكن من بسط سيطرته على كامل الأرض السورية .
إن هدف جميع حركات الإسلام السياسي واحد , هذا الهدف هو إقامة الدولة الدينية , قد تتقبل بعض هذه الحركات النظام الديمقراطي على أمل أن يكون لهم جسرا للوصول الى هدفهم في مسك السلطة و فرض شكل من اشكال ديكتاتورية الأكثرية , و إن لم يتمكنوا من تحقيق ذلك فستنقلب الحركات الإسلامية الأكثر تطرفا على النظام الديمقراطي و سيعتبرونه بدعة من بدع الشيطان ...!

(( يتبع ))



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقط النظام الاستبدادي في سوريا ... ماذا بعد ..؟ ( 2 )
- سقط النظام الاستبدادي في سوريا ... ماذا بعد ..؟ ( 1 )
- الانتخابات الأمريكية القادمة مفترق طرق ( 2 )
- الانتخابات الأمريكية القادمة مفترق طرق ( 1 )
- طوفان الأقصى نتيجة أم سبب ... ؟
- التيار الصدري في العراق حركة شعبوية مسلحة
- سقوط مدينة الموصل العراقية ... الأسباب و النتائج ( 5 )
- سقوط مدينة الموصل العراقية ... الأسباب و النتائج ( 4 )
- سقوط مدينة الموصل العراقية ... الأسباب و النتائج ( 3 )
- سقوط مدينة الموصل العراقية ... الأسباب و النتائج ( 2 )
- سقوط مدينة الموصل العراقية ... الأسباب و النتائج ( 1 )
- متطلبات إصلاح العملية السياسية الجارية في العراق ( 3 )
- متطلبات إصلاح العملية السياسية الجارية في العراق ( 2 )
- متطلبات إصلاح العملية السياسية الجارية في العراق ( 1 )
- ظهور الدواعش عبر التاريخ
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 4 )
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 3 )
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 2 )
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 1 )
- التجاوز على السيادة الوطنية العراقية ... حقيقة أم وهَمْ ...؟


المزيد.....




- البكالوريا المصرية: نظام لتطوير التعليم أم جباية الأموال؟
- قصف روسي على خيرسون يخلّف إصابات ودمار كبير لعشرات المباني
- أوستن: حلفاء كييف وافقوا على خطة الدعم
- وزير الداخلية الفرنسي ينتقد الاحتفالات والرقص فرحا عقب وفاة ...
- مصر.. حريق هائل يلتهم عدة منازل ومصانع في القاهرة (فيديو)
- فصيلة دم أصحابها أقل عرضة لأمراض القلب
- تعاون برلماني روسي جزائري
- حرائق كاليفورنيا تشعل غضبا ضد بايدن
- أوستن يوجه رسالة طمأنة لشركاء واشنطن في -الناتو- بعد تصريحات ...
- ماسك يوجه نصيحة لألمانيا ويحذرها من -أمر جنوني-


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - اضطراب المعادلات السياسية في سوريا ( 1 )