أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!














المزيد.....


أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 17:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


في أزقّةِ مخيّمِ شاتيلا، حيثُ تختلطُ رائحةُ الأرضِ المبتلّةِ بدموعِ المنفى، وحيثُ تروي الجدرانُ قصصاً عن اللجوءِ والمقاومةِ، سكنت سمية إسماعيل (أم ناظم)، امرأةٌ حملت على أكتافها أثقالَ النكبةِ، وأهدت عمرها لشعبها، دون أن تنحني أمام قسوة الحياةِ.



سمية، ابنةُ الكابري في قضاء عكا، عاشت طفولةً مختصرةً، لم تتجاوز اثنتي عشرةَ سنةً قبل أن تقتلعها النكبةُ من أرضها.

ورغم أنها لم تعرف المدارسَ، ولم تتعلم الكتابةَ والقراءةَ، فإنها امتلكت قدرةً فريدةً على الخطابةِ، كأنَّ صوتها خُلِق ليكون صوتاً يحملُ حنيناً عميقاً إلى الوطنِ المسلوبِ، وتحفزاً لإبقاء الذاكرة الفلسطينية حيّةً رغم المحنِ.



لم تكن حياتُها سهلةً؛ فالمخيماتُ زادت غربتها ألماً، والحروبُ سرقت أعزاءَها. فقدت ثلاثةً من أحبائها: ولدها محمد في تل الزعتر، ثم أحمد وزوجها صالح في حرب المخيمات. ومع ذلك، لم تكسرها المآسي، بل زادت من صلابتها كرمزٍ للصمودِ، واحتفظت بذاكرة وطنيةٍ لا تشيخُ، حاملةً على لسانها حكايا الوطنِ وأوجاعِ اللاجئينَ.



كانت "أم ناظم" امرأةً فريدةً تنبضُ بالحياةِ رغم قسوتها. في كل زاويةٍ من وجهها كانت هناكَ حكايةٌ، وفي كل حرفٍ نطقت به كان صوتُ الأرضِ الفلسطينيةِ يترددُ من بين شقوق الجدرانِ. كان قلبُها متسعاً كالسماءِ، يحمل في طياته كلَّ جراحاتِ أبناء شعبها. وفي حديثها كانت فلسطينُ تُرى، تُلمسُ، وتُسمعُ.



انتظرت "أم ناظم" تسعاً وعشرينَ عاماً كي تكتمل فرحتها برؤية ابنها ناظم، المختطفِ في السجونِ العربيةِ، لكن القدرَ لم يُمهلها حتى تُعانقه. كانت كلَّ يومٍ تجدد الأملَ في قلبها، رغم أن قلبها كان يكاد ينفطرُ من الشوقِ، ولكنَّ الأقدارَ تلاشت كلما اقتربت، حتى رحلت وهي لا تزالُ تنتظرُ لحظة اللقاءِ التي كانت تبنيها في كلِّ ليلةٍ، متخيلةً عناقاً قد لا يأتي أبداً.



غادرت الحياة، فظلَّ اللقاءُ بينهما حُلماً ضاع في مساراتِ الزمنِ.



رحلت لتضيف إلى سجلِّ مآسي الفلسطينيين قصةً جديدةً عن الشوقِ والخذلانِ.

غادرت هذه الأرض التي لم تعرف سواها، وبقيَ مكانُها في شاتيلا فارغاً، محملاً بالذكرياتِ، وبالآلامِ التي لا تنتهي.



ورغم رحيلها، سيظلُّ صوتُها باقياً في آذاننا، يهمسُ في كلِّ زاويةٍ، يُذكرُنا بعذاباتِ اللجوءِ، وأملِ العودةِ الذي لا ينطفئُ، وألمِ الانتظارِ الذي طالَ.



إنَّ غياب "أم ناظم" هو غيابُ حياةٍ سطرها الألمُ والأملُ، واحتضنتها دموعُ الانتظارِ التي لا تعرفُ الرحمة.

رحلت جسداً، ولكنَّ روحها باقيةٌ في قلوبِ كلِّ من عرفوها، رمزاً للنكبةِ المستمرةِ، وللوطنِ الذي لا يموتُ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناقةُ صالح: معجزةٌ ربانيةٌ وعبرةٌ أبديةٌ
- تاريخُ اكتشافِ الرَّقمِ صفرٍ: من الحضاراتِ القديمةِ إلى الثّ ...
- الريَّاضياتُ والاكتشافاتُ العلميَّةُ: السَّرِقاتُ الفِكرِيَّ ...
- كيف تجدُ الطُّيُورُ طريقها أَثناء الهجرةِ: أَسرارُ الملاحةِ ...
- غزّة: صمودٌ في وجهِ ظلمٍ عالميٍّ وخذلانٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ
- الوساطةُ المصريةُ القطريةُ: فشلٌ في إنهاءِ معاناةِ غزة!
- دورُ الذَّكاءِ الاصطناعيِّ في تحديدِ الأَهدافِ العسكريَّةِ: ...
- نظرية فيثاغورس(Pythagorean Theorem): أصولها البابلية وتطورها ...
- تطوُّرُ علمِ المثلَّثاتِ (Trigonometry) في الرِّياضياتِ عبرَ ...
- أساسياتُ الرياضيات: مفتاحُ التفوُّقِ الأكاديميِّ
- أسبابُ ضعفِ تعلمِ الرياضياتِ لدى الطلابِ
- محمود سعيد: غيابُ الصقرِ الذي أسكتت صوتهُ أوجاعُ الأرضِ!
- اليمن ونزار بنات: رمزُ العزَّةِ والشَّجاعةِ!
- دانيال مانن: يرحلُ النورُ ويظلُّ الأثرُ!
- طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!
- أنيس صايغ: الشُّعلةُ التي لا تنطفِئُ !
- يا طائر السُّنُونُو، في غيابك يغيبُ الأُفُق!
- طائرُ السنونو: حينَ يَخذُلُنا الأُفُقُ
- نعمات قدورة: حينَ يَكتُبُ الحُزنُ تاريخاً!
- غزة: ملحمةُ الصَّبرِ والأَلمِ


المزيد.....




- شاهد حفرة تتشكل وتبتلع طريقًا فجأة.. وحافلة تنجو من كارثة مح ...
- ماذا يحصل لملابس المشاهير بعد ارتدائها على السجادة الحمراء؟ ...
- كاليفورنيا تشتعل: حرائق مدينة بوربانك تلتهم المنازل وتجبر ال ...
- كيف ينظر الأمريكيون العرب لسياسة ترامب المتوقعة تجاه إسرائيل ...
- بعد مسيرة حافلة.. ديشان يقرر الرحيل عن منتخب الديوك
- هل يُسهم تغير المناخ في زيادة الزلازل؟
- باريس تؤكد فرار 55 عسكريا أوكرانيّا من التدريب في فرنسا
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1460 عسكريا أوكرانيا خلال 24 ...
- مقاتلات إسرائيلية ترسم دوائر وأشكالا هندسية في سماء لبنان (ص ...
- إيران تطلق سراح الصحفية الإيطالية سالا


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!