أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - هل الحب رزق مقدر، أم سعي محسوب، أومصادفة؟! أحافير في الحب – النص الرابع














المزيد.....


هل الحب رزق مقدر، أم سعي محسوب، أومصادفة؟! أحافير في الحب – النص الرابع


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 16:50
المحور: الادب والفن
    


كتب سمير محمد ايوب
هل الحب رزق مقدر، أم سعي محسوب، أومصادفة؟!
أحافير في الحب – النص الرابع
قبل مغيب شمس الامس، كنت ببطء اصب قهوتي في فنجال صغير، أحاول عبر بخاره، لملمة شتات روحي وترتيب فوضاها، حين وصل سقيفتي التي اطل من عليائها على غابة اشجار الموز أمامها، والتي تصل حدودها الغربية، الضفة الشرقية لنهر الاردن، حين وصلني مالك مزرعة النخيل المجاورة لسقيفتي، وهو محام متقاعد أعزب، لا يعرف مهنة بعد تقاعده الا الحب. سألته عن النخل، فحدثني عن كرم النخل، وعرج في حديثه مطولا على نخلة البتول، ستنا مريم عليها السلام، وحدثته عن غدر شجرالموز بأمه، حتى سمي بِقَبَّارِ أمِّه، ففسائله الجديدة لا تنمو الا على جثث امهاتها.
أشعل لي لفافة مما يدخن، وقال وهو يناولني اياها ضاحكا: دعنا يا جاري العزيز مما فُطِر عليه الشجر، فمن أحب من البشر يا سيدي، صار سيد زمانه. فالحب بكل عناوينه، مضامينه وتبعاته هو المُعطي للأوقات معانيها، والمُضفي على الأماكن أسماءها. فمن يعش بلا حب تتشابه أيامه، حتى تغدو بلا لون أو طعم وبلا عبق، بلا اسماء وبلا تواريخ. الحبيب يا صديقي زمن فيه تسكن وفيه تزدحم المعاني التي تعاش. قل لي بربك يا جار، ماذا يعني أن تتكدس أيامك بالصمت او بالبرد، حد سد الطرق أمامك بالسأم والملل؟!
قلت وانا للمرة الثانية أملأُ له فنجاله بالقهوة: اتفق معك في ان الحب هو مما يؤكد علاقة الانسان الحميمة بالحياة. وأننا نحن البشر، في حنين ابدي للنصف الغائب.
وهنا قاطعني مستأذنا: ولكني يا جار، وأنا اتبصر في تجاوز شغف البعض في الحب وتبعاته، حد المعقول، سرعان ما اندفع الى طرح سؤال وجودي مؤداه: من يصنع مَنْ؟ هل نحن صنيعة الحب، أم نحن صانعوه؟ أم أن القدرهو من يصنعنا جميعا ؟!
أجبته بجدية بالغة: العثور على الآخر الشريك نصيب وقَدَر، اما تكملة الشراكة والبناء عليها، فهما انحياز بشري واختيار. وعلى كل حال، كائنا من كان الصانع أضيف، يستطيع الواحد منا التحكم والتأقلم مع ظروف حبه والتعايش معها، وصياغتها على الوجه الذي يريد. والآن دعني أسألك يا جاري العزيز بسؤال مثقل بشيء من التخابث الحائر: ماذا لو تاهت او ضاعت عناوين الحب؟!
أجابني والحيرة تتسع فوق وجهه وتتعمق: ليس أسهل من تحميل الظروف او الشريك المسؤولية عن القصور وعن الأخطاء، بالقول: عاندتني الظروف، وجاءت بغير ما أشتهي. أو قررتُ فخذلني الشريك.
فعاجلته متسائلا: ألهذا عندما تضيق الصدور، وتتباعد المسارات، يودع " المحبون والأشباه الجالسون على حواف الحب " بعضهم بعضا، بتكسير العظام، وباللعنات، وإطالة اللسان، حد الابتعاد البشع عن ادب العشرة، والتنكر للياقة الذكريات؟!
عندما تُهيّء السماء غَيْم الوداع، لمَ لا يعودوا للوراء قليلا، او يتلفتوا حولهم بنَفْسٍ لوَّامَةٍ؟! فإن بعض الابتعاد فرصة للتجدد، والخروج مما هم فيه، من انسداد في الأفاق الصحية، وفرصة لتحقيق الأماني المكبوتة، التي قصروا في العمل على انجازها. فقد يكون في الفراق حل مؤقت لمشكلاتهم الذاتية، كالتردد واضاعة الفرص، او التسرع في بعض الامور، وعدم التدقيق، واحراق المراحل!!!
تعال نتأمل الحياة فينا خاصة، وفيمن حولنا على العموم. سنجد من يريد الهرب من مسؤولية تصرفاته او عما يقع له. جاهز دائما للتمسك بذرائع مسبقة الاعداد، في التفسير وفي التبرير. متناسيا ان الحب المناسب الذي لا يتكرر، شخصان مليئان بالاصرارعلى قبول عيوب بعض، واستيعاب هموم بعض. يتركان العالم جانبا، ويحاولان ترميم بعضهما البعض بهدوء. فَلِدوام الحب إماراتٌ وأفعال كثيرة يتكئ عليها، سنامها الرحمة والمودة المتبادلة، ما اعتاد أحد إهداء السعادة لأحدٍ بلا مقابل، الا الوالدان.
نعم تعج الدنيا بالناس. ولا شيء يحدث بينهم عبثا. فداخل كل قدر من أقدارهم سر، يمهد الطريق لسرٍّ آخر. تتداحل الظروف الخارجية والمصادفات في تشكيل حسنات وسيئات حياتنا جميعا، ولكننا لسنا مجرد ادوات مسلوبة الارادة، تحركها قوى غامضة، لا يمكن التصدي لها، إلا إذا كانت العقول والقلوب في إجازة مفتوحة.
وهنا وقف وهو يقول مودعا: ماذا تقول يا شيخي، لإصحاب المراثي ونصّابي المشاعر، الذين يظنون ان الحب موظف لديهم، هم يتمنون وعليه التلبية؟!
أجبته وانا أقف لأودِّعَه: مع كل ليل، هناك فرصة لمراجعة الذات، ومحاسبتها على ما فعلته وما لم تفعله. قبل نقش الأمنيات، إحفظوا للحب جلاله، لا تجعلوه مسؤولاً عن أخطائكم، ولا تحمِّلوه جريرة ضعفكم واهمالكم. وعندما تنهمر دموعكم، لا تتهموا الشريك بالغدر وبالخذلان. ومع كل صبح، باشروا العمل للتشذيب والتهذيب الذاتي، قبل أن تذهب التمنيات المعلقة مع ليل السكارى.
لا يملك اي كان لكم إلا الدعاء، أما الاستعداد للحب، والعمل لتجسيده، فهو عليكم أنتم وحدكم.
الاردن - 7/1/2025



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجميلون لا يأتون من لا شيء - جدل البدايات والنهايات!!! أحاف ...
- فاصل وواصل !!! أحافير في الحب – النص الثاني
- هيا قُمْ، فدربُ الآلام في انتظار قيامتك!!! أحافير في الحب - ...
- بعض نقاط وبعض حروف ... إضاءة سريعة على المَوْلِدْ في سوريا ! ...
- يا رب لوط، أقم قيامتك، سبحانك!!! إلتفاتة الى ما يجري في امة ...
- التلمود اليهودي هو أصل الشر - وعد بلفور عتبة
- الحساب المفتوح، مقاومة حتى النصر... إضاءة على المرحلة الحالي ...
- ككل عام، عاد ...
- الانتخابات النيابية - تداعيات وتبعات إضاءة على المشهد في الا ...
- إلا أنت وأنا ... احافير في الحب
- جُلُّ الأمصارِ غائبة يا غزة !!! أضاءة على ملحمة الطوفان ...
- اللعنة على كل من يستحقها اضاءة على واقع الحال والمآل !
- أعداء الحياة والربيع إضاءة على ملاحم الطوفان في فلسطين
- سابع أخر في تموز جديد، لا تَمُتْ قبلَ الموت؟
- أحجية اليوم التالي ... إضاءة على المشاهد غزة العزة
- غطرسة الفقر نوافذ على بعض ما قد مضى من العمر - الثانية
- نوافذ على بعض ما قد مضى من العمر النافذة الاولى
- الندية والدونية في الصراع الوجودي إضاءة على المشهد في فلسطين ...
- بوح على بيادر الوطن ... الوطن
- الجدل العربي – الايراني الى اين ؟! أضاءة على المشاهد في فلسط ...


المزيد.....




- -لعبة الحبار- الأكثر مشاهدة في تاريخ -نتفليكس-
- سوريا ولبنان يتصدران ترشيحات الجائزة العالمية للرواية العربي ...
- -أنا ست مصرية أصيلة-.. الفنانة داليا مصطفى ترد على أنباء طلب ...
- رفض طلب ترامب بشأن -قضية الممثلة الإباحية-
- امتحانات الثانوية العامة بالسودان.. كيف تهدد الحرب مستقبل ال ...
- خالد أرن.. رحلة 40 عاما في خدمة الثقافة والفنون الإسلامية
- لابد للكاريكاتير أن يكون جريئاً ويعبر عن الحقيقة دون مواربة ...
- بعمر 30 عامًا.. نفوق الحمار الشهير الذي تم استيحاء شخصية منه ...
- الفنان خالد الخاني : انتهى زمن اللون الرمادي...
- محامي المخرج المصري محمد سامي يكشف حقيقة إحالته للجنايات


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - هل الحب رزق مقدر، أم سعي محسوب، أومصادفة؟! أحافير في الحب – النص الرابع