أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الغصن المكسور .














المزيد.....

مقامة الغصن المكسور .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


مقامة الغصن المكسور :

نشر صاحبنا على صفحته ما أسماها برسالة تبليغ جريئة تقول : (( انا كنت غصنا يا سرور , وكنت انت الريح فكسرتني , وصدق جلال الدين الرومي حين قال : حتى ولو اعتذرت الرياح فالغصن مازال مكسورا )) , فماذا كان يتوقع ؟ يبدو انه لم يسمع مولانا شمس الدين التبريزي يقول : (( عندما تلج دائرة الحب , تكون اللغة التي نعرفها قد عفى عليها الزمن , فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات , لا يمكن إدراكه إلا بالصمت)) .

لايزال غصنك المكسور يؤذيك ؟ لا بأس , فمولانا الدرويش يخبرك (( ان الجرح هو المكان الذي يدخل منه الضوء إلى أعماقك , أما تُراك استمعت إلى حكايا الناي وأنين اغترابه ؟ منذ اُقتطعت من الغاب لم ينطفئ بيّ هذا النواح)) , أما الجذور التي تعن عليك فهي شهقة العاشق في ثقوب الناي , يفزز حلمه البكاء , وفي آخر مرحلة للصبر ينتحر القصب , ويقولون أن البرد يشبه الغياب , لذلك لا تتعجب إن رأيت أحدهم يرتجف قرب النار فبرد الروح أقسى .

كنت أتسلل من حين لآخر نحو حانات النبيذ , خاصة عند الظلام الحالك من الليل , بإحدى الليالى أمسك بي الساقي فأعطاني جرة من ذاك النبيذ , رأيت الروح والفؤاد كلما تذوقت أزدادا ثملا وظمأ , وقررت التلصص مرة أخرى , فأمسك بى ذاك الساقي قائلا : لقد فتنت بنا , قلت : ظمأت مثلكم , كلما نظرت للعشاق و المحبين إزداد قلبي ظمئا و ثمل , قال : عليك بالإمتنان , وتحرر روحك من نفسك , لذا تراني أطرب لثمله.

ذات سهرة سمعت الدرويش يغني : (( ما مر ذكرك إلا وابتسمت له , كأنك العيد والباقون أيامُ , أو حام طيفك إلا طرت أتبعه , أنت الحقيقة والجلاس أوهامُ )) , وحين بدأ البكاء والنشيج , صاح الدرويش الآخر : (( تعلق الفاني بالفاني يفنيه , تعلق الفاني بالباقي يبقيه )) , ينصحونك ان تتعافى بغصنك المكسور كلما أصابتك الحياة , فإن كنت معه , تسهر الليل كله , وإن غاب عنك لا تستطيع النوم , وما أشد الفرق بين الاثنين , رغم أن كليهما أرق .

هذي الخمرُة الشاحبة السُمرَة تَتوثّبُ في الإبريق الماثلِ شُعَلاً مُستَعِرة , وعلى نهرِ الضوءِ الناعس , تَسبَحُ دائرة أطيافُ شيخي , يَهمسُ أَحَلى ما استَحقبَ مِنْ حِيَلِ الأسلاف , شيخي تَغمُرُه اللحظة كلُّ الأطيافْ , يَتلوى و ينجرِف على صَدِرِ المَوْجَاتْ , شَيِخىِ يغرِزُ أحزان البارحة المُرّة , يصيح : الفكر يَسبَحُ في ملكوت المعاني وليس أمام المريد إلا التَدبّر , وليس أمام العارف إلا التأمل , قلبي ارتوى ورُوحي مسّها شغفُ الانبعاث , ويُصفّقُ للسّاقي أَنْ زِدنا لا تُبقيِ قَطْرة للصَّحوِ التافهِ فينا , لا تُبقي قَطرة.

دعني أنبئك عن فن المناجاة فحين كتبت له : (( بمجرد أن أضع قلمي على السطر لأكتبك , تنبت ألف بذرة , وتخضّر الورقة , وتُمطر سمائها حروفاً , ويحيطني عطر غاباتك , ماكتبت لك الاّ حلّت ذكراك ضيفاً , وأنتزعت قلبي, ووضعت مكانه بين الجوانح باقة ياسمين )) , فيرد على صداها صائحا : (( مولاي هل يبصر آلام الروح سواكْ ؟ هل تترك أزهارَ الأرضِ تضيعُ سدى ؟ فأمنحنا حُبًا فوق الحبّ , ورفقًا فوقَ الرفقِ , وصبرًا وهدى , وامسح ارواحَ عبادِك أهل الصفّة بالنورْ , واحشر عُبّادَ السحرةِ في ضيقِ الذلّ وشتتهم بدَدَا
مولاي هب للعاشقِ رشدا )) .

يقول ابن معصوم :
(( ظُبىً وَسِهامٌ أَم رَناً وَلحاظُ عَلَيها نفوسُ العاشقين تُفاظُ
وَتلك رِماحٌ أَم قدودٌ موائسٌ وَهَيهات أَعطافُ الرِماح غِلاظُ
وَما عميَت عن لينها عينُ كاشحٍ ولكن قُلوبُ الكاشحين فِظاظُ
لعمريَ لو لم ترضَ نَفسي بحبِّها لما كُنتُ أَرضى في الهوى وأغاظُ
وإِنَّ فؤادي وهو شاكٍ من الهَوى ليثنيه عن نهج السلوِّ حفاظُ
وَما جهلت نَفسي بأَنَّ شرابَه سَرابٌ وَبَرد العيش منه شُواظُ
وَهَل عَن مَقامات الهوى متحوَّلٌ وَفيها شَتا أَهلُ الغَرام وَقاظوا )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة
- مقامة الحلو و المر .
- مقامة العنكبوت .
- مقامة المدمي .
- مقامة البرد .
- مقامة روما .
- مقامة البواكي .


المزيد.....




- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الغصن المكسور .