أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هند عباس الحمادي - زيارةٌ رسميةٌ














المزيد.....


زيارةٌ رسميةٌ


هند عباس الحمادي
أستاذة جامعية

(Hind Abbas Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8214 - 2025 / 1 / 6 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


زيارةُ رسميةٌ
كانت الأبوابُ متتالية أحدها بعد الآخر.. كأنها مغارةُ جرتْ فيها ألفُ حكاية وحكاية ... طغى إحساسٌ غريبٌ امتلكني صوبَ تلك الأبواب وما يدور خلفها... لا أدري أ حقيقة هي أم ضرب من الخيال؟!
بقيتُ مستمرة من دون توقف اسيرُ في دهاليزِ تلك البناية.. رأيْتُها ذات مرة، ولم تبقَ في ذاكرتي غير خيالٍ غادرني فور مغادرة المكان أول مرة ... ودليلي لم أتذكر أين الغرفة المؤصدة؟ أين هي؟ سألت.. ثم دخلتُ صوب باب بعد باب ليقفَ أمامي عرين الأسد شامخاً مرحاً أخاذاً بثقة عالية، وأناقة فاقة التصور، وبترحابٍ لم أدرك روعته، وعيون ترصدُ كل حركةٍ تصدرُ مني ... هنا ظل احساسي الغريب يزداد في داخلي، حتى تفاقمَ ولم أكنْ أعي معنى ذلك!! .
أشار لي بالجلوس ... جلسْتُ لاكتشفَ ما كنتُ أريدُه من أولِ وهلةٍ.. إذ راودتني شكوكاً كثيرةً طوالَ أشهرٍ عدة.. فالغموضُ والهروبُ، والسكوتُ والغيابُ، وفنُ الرجوعِ سمة امتاز بها، مما يجعلني اكتب عنه ألفَ قصة وقصة.
كان يجيدُ الغيابَ والحضورَ... يتركُ خلفَه أثراً جميلاً، ولكنه لا يقبلُ مني بالاقتراب.. لذلك كنتُ أشكُ إني لستُ الوحيدة.. ويخفي عني ما لا يريد أن أعرفه عنه، ولكني على يقين إني موجودة في عقله قبل قلبه.
كررتُ جملي عليه مراراً.. واثرت الهروب والنسيان، والرحيل المبكر، والعودة لحياتي التي خلت دوماً من أن يشاطرها أحد، ويتقاسم معي ساعاتها.
أعود لأكتب عن تلك الساعتين التي جلستُ فيها أمامه.. ليدور حوارٌ رسميٌ؛ ليكون هو المحاورُ الأولُ المتمكن فيه، والمالكُ لزمامِ الأمور لما صارَ وما كان، ولا يقبلُ بمجريات لا تتناسبُ مع أفكاره ... يحزمُ بشدة إن خالفته الرأي.. يفرضُ بسطوته إبداعه الذي أعجبتُ به، لم أستطع أن اتقلب بين الآراء، اعتدتُ السكوت حين أجده على صواب؛ ليظهر أنه مالكُ لخبرةٍ، وفكرةٌ ناضجة أكثر مني ... كنتُ فخورة جداً به ... بل أكاد أطير فرحا أنه استطاع أن يجرني إلى أفكاره وحُسْن تدبير براعته.
وعلى الجانب الآخر.. وفي عوالم مجريات الزيارة جرت أحداثُ خفية؛ لِتْكشف من خلالها أن الأسدَ لديه ما لم يقلْه يوما .... وله عرينٌ لم يدخلْه أحدٌ.
ولكن حين جلسْتُ أمامه كأن بابَ ألف ليلة وليلة الذي كنتُ أبحثُ عن مفتاحِه انفتح أمامي بمجرد أن قلتُ في قلبي: افتح يا سمسم.
وهنا لم أصدق ما رأتْهُ عيني.. وما امتلكه قلبي.. ملء روحي شعوراً لا يوصف بين قلقٍ وخوفٍ واضطرابٍ مما سأعرفه!
كنتُ انتظرُ أياماً؛ لكي أدخلَ ذلك العرين.. والآن البابُ انفتح أمامي؛ ليظهر لي عوالمه الخفية في مجريات كنتُ أحسبها أنها لا تنجلي.
كانت أهم تلك المجريات هو حاد في طبعِهِ، يملكُ قلباً طيباً، جرتْ الدنيا عليه يوماً، ويمتلكُ من الحظِ أوسطِه، يخفي خلفَ تلك القوةِ والسطوةِ مغامراً يعشقُ المغامرات، وتسلق جبال الدنيا ومن فيها.
ومن مجرياته... هو شهريارُ يعشقُ مَنْ تكون له شهرزاد، لكن ليستْ أي شهرزاد بل هو مَنْ يختارُها من بين أُلوفِ النساء حوله.. يعشقُ تلك السمراء ذات الملامح البابلية، تتعلق به أكثرَ من تعلقِهِ هو بها؛ ليمارس دوره السيادي في الوَلهِ والولعِ، والحضورِ والغيابِ، والغموضِ والهروبِ، والسكوتِ والنسيانِ.
هذه ظنوني التي شاطرتها أياماً.. ولكن ما أن جلسْتُ أمام َهذا العرين جاءت المجريات أحداها بعد الأخرى.
وتبقى أجمل مجرياته.... التي رأيتها فيه أنه طفلُ لم يكبرْ، ولا يقبل أن يكبر، ولن يكبرَ.. طفل مدلل يرى نفسه أجمل الأطفال وأذكاهم، وأكثرهم وسامة بين اقرانه يجيد ممارسة اللعبة بإتقانٍ؛ ليكون الفائز الأول دوماً وأبداً.
وهنا... حان موعد المغادرة... وبعد فتح معالم تلك الأبواب كان الشعور الذي راودني ... أنه لا يعلم عني أي شيء.. ولم أسكن قلبه يوماً... لذا لا عودة للمكان ثانية... ولا مكان لي فيه ... ليبقى رفيق روحي لكن دون أن أراه مرة أخرى، تحياتي.



#هند_عباس_الحمادي (هاشتاغ)       Hind_Abbas_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنرال بين ضفاف وتجليات
- الجنرال بين ضفاف وتجليات
- الحياة والجائحة


المزيد.....




- رفض طلب ترامب بشأن -قضية الممثلة الإباحية-
- امتحانات الثانوية العامة بالسودان.. كيف تهدد الحرب مستقبل ال ...
- خالد أرن.. رحلة 40 عاما في خدمة الثقافة والفنون الإسلامية
- لابد للكاريكاتير أن يكون جريئاً ويعبر عن الحقيقة دون مواربة ...
- بعمر 30 عامًا.. نفوق الحمار الشهير الذي تم استيحاء شخصية منه ...
- الفنان خالد الخاني : انتهى زمن اللون الرمادي...
- محامي المخرج المصري محمد سامي يكشف حقيقة إحالته للجنايات
- بعد مصادقتها على النتائج.. الكوميدي جون ستيوارت يسلط الضوء ع ...
- أطفال فوق المباني..فنانة تبتكر صورًا خيالية لهونغ كونغ بالذك ...
- الحداثة والفن الإسلامي في لوحات هندية تجسد ميلاد المسيح


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هند عباس الحمادي - زيارةٌ رسميةٌ