|
دمشق في زمن السلاجقة
ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 22:38
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
دمشق في زمن السلاجقة كانت جزءًا من الإمبراطورية السلجوقية التي تأسست على يد التركمان السلاجقة الذين كان التركمان يشكلون القوة العسكرية والاجتماعية الأساسية فيها.
كان للتركمان دور بارز في استقرار المنطقة سياسيًا وعسكريًا مما ساهم في تشكيل تاريخ دمشق والشام خلال تلك الفترة.
دخول دمشق في الحكم السلجوقي: في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي (بعد معركة ملاذكرد 1071م)، توسع السلاجقة في الشام والعراق.
دمشق دخلت تحت سيطرة السلاجقة بقيادة تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان عام 1079م.
أصبحت دمشق قاعدة سلجوقية هامة في الشام لمواجهة القوى المحلية والتهديدات الصليبية.
تأسيس حكم محلي تابع للسلاجقة: بعد وفاة تتش (1095م)، تنازع أبناؤه (رضوان ودقاق) على السلطة مما أدى إلى تقسيم الشام.
دمشق كانت تحت حكم دقاق الذي حاول الحفاظ على استقرارها رغم التحديات الداخلية والخارجية.
دور التركمان في دمشق:
التواجد العسكري: التركمان كانوا العمود الفقري للجيوش السلجوقية.
استخدم السلاجقة التركمان كمقاتلين في الجبهات الأمامية للدفاع عن دمشق ومحيطها خاصة ضد تهديدات الصليبيين.
تميزت القوات التركمانية بمرونتها العسكرية وقدرتها على التحرك السريع مما جعلها فعالة في الحملات الدفاعية والهجومية.
سكن التركمان في مناطق حول دمشق، مثل الغوطة وأرياف المدينة.
السلاجقة شجعوا تواجد التركماني لتأمين المناطق الحدودية ولتشكيل قاعدة دعم عسكري واقتصادي.
استقرار التركمان أدى إلى ظهور تجمعات تركمانية مستقرة ساهمت في تنوع المجتمع الدمشقي.
الإدارة والسياسة: قادة التركمان تولوا مناصب عسكرية وإدارية في دمشق خاصة خلال عهد دقاق.
زعماء القبائل التركمانية كانوا يشكلون قوة ضغط سياسي مهمة وأحيانًا دخلوا في تحالفات أو نزاعات مع الأمراء المحليين.
الحروب الصليبية: بعد الحملة الصليبية الأولى (1096-1099م)، أصبحت دمشق هدفًا للصليبيين.
التركمان كانوا في طليعة الجيوش المدافعة عن المدينة، وشكلوا قوة أساسية في التصدي للهجمات الصليبية على الشام.
كانت خبراتهم القتالية ومعرفتهم بالجغرافيا المحلية عنصرًا حاسمًا في التصدي للغزاة.
الأثر الثقافي والاجتماعي:
التأثير الثقافي: التركمان جلبوا تقاليدهم وثقافتهم مما أثرى الطابع الثقافي لدمشق.
اندمجوا تدريجيًا مع السكان العرب مما أدى إلى تفاعل ثقافي بين التركمان والعرب.
اللغة: اللغة التركمانية كانت مستخدمة بين القبائل التركمانية، إلى جانب العربية التي كانت لغة الإدارة والدين.
هذا التنوع اللغوي ساهم في تعميق الروابط الثقافية بين التركمان والعرب.
الدين: التركمان كانوا مسلمون ملتزمين بالإسلام مما ساعدهم على الاندماج السريع مع المجتمع الدمشقي ذي الأغلبية المسلمة.
التحديات التي واجهها التركمان:
الصراعات الداخلية: النزاعات بين الأمراء السلاجقة، مثل رضوان ودقاق، أثرت على استقرار دمشق وأضعفت التركمان.
التركمان أحيانًا انقسموا بين الفصائل المتناحرة مما قلل من تأثيرهم الموحد.
الضغوط الصليبية: الحملات الصليبية شكلت تهديدًا دائمًا لدمشق.
التركمان شاركوا في الدفاع، لكن غياب استراتيجية موحدة بين القوى الإسلامية أضعف المقاومة.
نتائج حكم السلاجقة ودور التركمان في دمشق:
تعزيز الأمن والاستقرار: وجود التركمان كقوة عسكرية واجتماعية ساعد على تأمين دمشق ضد التهديدات الخارجية.
إثراء المجتمع الدمشقي: إدخال عناصر ثقافية ولغوية جديدة ساهم في تنوع النسيج الاجتماعي.
تمهيد الطريق للزنكيين: ضعف السلاجقة لاحقًا مهد الطريق لصعود الزنكيين التركمان في الشام الذين استفادوا من تواجد التركمان كحلفاء عسكريين
دمشق في زمن السلاجقة كانت مركزًا استراتيجيًا حيويًا في الشام وكان التركمان جزءًا لا يتجزأ من قوتها العسكرية واستقرارها.
دورهم امتد من ساحة المعركة إلى الحياة الاجتماعية والثقافية حيث ساهموا في بناء مجتمع متنوع ومتماسك رغم التحديات السياسية والعسكرية.
مصادر موثوقة حول دور التركمان في دمشق خلال فترة السلاجقة تستند إلى الوثائق والمصادر الأصلية:
المصادر التاريخية الأصلية:
1. ابن الأثير (ت. 1233م): كتاب الكامل في التاريخ يوثق الأحداث السياسية والعسكرية في فترة السلاجقة بالتفصيل بما في ذلك دورهم في الشام ودمشق.
2. الذهبي (ت. 1348م): كتاب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام يتناول الوضع السياسي والاجتماعي في دمشق خلال حكم السلاجقة.
3. ابن كثير (ت. 1373م): كتاب البداية والنهاية يقدم تفاصيل عن تاريخ دمشق والشام خلال الفترة السلجوقية.
4. العماد الأصفهاني (ت. 1201م): كتاب الفتح القسي في الفتح القدسي يحتوي على إشارات لدور التركمان في الحروب الصليبية وعلاقتهم بدمشق.
دراسات أكاديمية حديثة:
1. كليفورد بوسورث: كتاب The Great Seljuqs: A History يقدم نظرة شاملة عن إمبراطورية السلاجقة بما في ذلك دور التركمان في المناطق التابعة لهم.
2. عبد الكريم رافق: كتاب تاريخ دمشق في العصر الوسيط دراسة تحليلية معمقة عن الوضع السياسي والاجتماعي لدمشق، مع إشارات لدور التركمان.
3. سيد علي عاشور: كتاب تاريخ السلاجقة في الشرق الأدنى يتناول التركيبة السكانية والعسكرية في دمشق أثناء حكم السلاجقة.
4. كارستن نيوبيرغر: كتاب Turkic Peoples in Medieval Islamic History يناقش دور التركمان في الشام وعلاقتهم بالسلاجقة.
الوثائق والمخطوطات:
1. سجلات الأوقاف الدمشقية: تحتوي على إشارات إلى استيطان التركمان في ريف دمشق ودورهم في حماية المدينة.
2. المراسلات السلجوقية: موجودة في أرشيفات مكتبة السليمانية في إسطنبول توثق العلاقات بين السلاجقة والحكام المحليين في دمشق.
3. وثائق الأرشيف العثماني: تتضمن إشارات متأخرة عن التركمان في الشام وأثرهم خلال الحقبة السلجوقية وما بعدها.
المجلات الأكاديمية:
1. مجلة دراسات تاريخية عربية وإسلامية مقالات عن التركمان ودورهم العسكري والسياسي في دمشق.
2. Journal of Islamic Studies أبحاث متخصصة في تاريخ السلاجقة ودور القبائل التركمانية.
3. The Seljuk Studies Journal مجلة متخصصة في دراسة إمبراطورية السلاجقة وأثرها على العالم الإسلامي.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التطور الثقافي ضرورة لبناء مجتمع
-
فنون السياسة
-
عصر التكوين المعرفي
-
إلغاء العقل في الثقافة السياسية في الشرق الأوسط
-
العلاقات الإنسانية والاجتماعية خير من العلاقات السياسية والح
...
-
أي سياسي ضد وحدة الصف والمصلحة العامة بنظري لا يمثل الشعب
-
لنتجاوز الثقافات السلبية
-
بعض المثقفين والسياسيين الذين يدّعون العلمانية يطعنون في ثقا
...
-
تراجع الثقافة في مجتمعاتنا
-
نقص في الوعي
-
حرب الوجود
-
اعتقد كلمة انو السومرية ماخوذة من حضارة آناو
-
الأعداء قادرون على التلاعب بمقدراتنا وثقافاتنا
-
الاستعمار الثقافي أخطر من الاستعمار العسكري
-
قرأءة الكتب هي أحياء روح العلم والمعرفة والتطور
-
لا أبكي على هذه الدنيا لأنها فانية
-
خدمة المصلحة العامة هي أسمى رسالة للمثقف الحقيقي
-
العلاقة بين الغموض والوعي
-
الشعب الذي لا يقرأ يثير الشبهات
-
احذروا من العمل الفردي انه عمل الفاسدين
المزيد.....
-
تركيا.. زيادة أهمية المركز الدولي للغاز
-
السوريون في ليبيا.. آمال بعودة سريعة
-
حزب الله: قدراتنا ترممت وقادرون على الرد
-
تجربة فريدة في هلسنكي.. الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة -AI-coni
...
-
موسكو: أوكرانيا تشن هجوماً جديداً في منطقة كورسك
-
صناعة السيارات في ألمانيا على مشارف تحوّل كبير
-
ألمانيا.. أكثر من مليون شخص يوقعون على عريضة لحظر الألعاب ال
...
-
قائد القوات الأوكرانية يصدر أوامر بتعزيز لواء مقاتل بعد فرار
...
-
-سرايا القدس- تعرض مشاهد من -معارك ضارية- ضد الجيش الإسرائيل
...
-
ماسك يدعو حزب -إصلاح المملكة المتحدة- إلى تغيير زعيمه نايجل
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|