أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد حسين يونس - درس تاريخ للاطفال















المزيد.....


درس تاريخ للاطفال


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 07:58
المحور: قضايا ثقافية
    


في بدايات شهر سبتمبر 1954 .. كان رجال الإنقلاب العسكرى .. قد غيروا إسلوب التعليم في بلدنا ..لقد إخترعوا نظام تخصص جديد يبدأ بعد إجتياز إختبارات أولي ثانوى ....فتم تقسيم الدراسة في تانية و تالتة إلي قسمين .. أساسيين .. أدبي ..و علمي .. ثم تقسيم كل قسم إلي فروع علمي (رياضة ، كيمياء ، أحياء ، طبيعة ) ..و أدبي ( عربي ، إنجليزى ، تاريخ ،جغرافيا ، فلسفة ) ..و كانت إدارة المدرسة توزع الطلاب علي الأقسام حسب درجات نجاحهم في سنة أولي .
أول يوم دراسة وجدنا كشوف أسماء طلاب كل فصل من الفصول التخصصية ..و لكن بعض الطلاب لم تدون أسماؤهم .. كنت أحدهم .. ذهبنا للسكرتارية نسأل .. فقالوا أن درجاتنا.. كانت متقاربة بحيث إحتاروا يسكنوننا في أى تخصص ... لقد كنت قد حصلت علي الدرجة النهائية في ( الرياضة و الكيمياء و التاريخ )
عندما سألت والدى أى تخصص أختار .. رد اللي تحبه .. فإخترت أدبي تاريخ ..و لكن صديقة مدرس الفرنساوى كمال فايد الذى حضر النقاش .. إنفعل .. تاريخ إيه و زفت إيه .. البلد محتاجة لعلماء و مهندسين و دكاترة ..و إنت بتقول تاريخ .. ايده والدى لكن من وجهة نظر أخرى .. حتبقي خوجة.. مهنة صعبة و رزقك ضيق ..و سقف ترقيتك محدود .... إسمع كلام عمك ..و إدخل رياضة تبقي مهندس .
للاسف لم أصر علي وجهة نظرى ..و سيرت طبقا لمخطط الكبار ..و لكنني ظللت .. أحن لدراسة التاريخ خصوصا أحداث بلدنا ..
.بعد سبعين سنة من هذا الحوار .. أجد أنني كنت علي صواب .. فالتاريخ هو المعرفة .. و الوعي .. و هو المرشد للحاضر و المستقبل ..و أجد أن الأبطال عندى ليسوا البنائين ..بل هم أساتذة مثل ول ديورانت و جمال حمدان ..و سليم حسن ..و أن الكتب التي أحترمها و أثرت في حياتي .. هي ما كتبه السوفيت عن الحرب العالمية الثانية .. أو إبن إياس و الجبرتي عن ما حدث في زمنهما ..أو نهرو لإبنته أنديرا يحكي رؤيته لحياة البشر .
التاريخ يسحرني حتي أنني أصدرت عدة كتب حول هذا الموضوع ..و لكن شغفي الأكبر كان أن أعلمه للصبية و البنات الذين في بداية الدراسة الإعدادية ..
أحكي لهم .. ما لم يقله لهم الأباء ..أن لب التاريخ و محركه ليسوا القادة والملوك .. و لكنهم أبناء الشعوب..الذين كان بمقدورهم تحقيق إنجازات الحكام
الناس ..الزارع و الصانع و الفنان والتاجر و الجندى و المعلم و القاضي هم الذين أقاموا المنشئات الضخمة التي لازالت متواجدة ..
الأهرامات ..و المعابد التي حفرت في الصخر (حتشبسوت و أبو سنبل ) و التي رفعت أعمدتها و مسلاتها في الكرنك و الأقصر ..و الذين صنعوا القلاع و التحصينات و القصور و الكنائس و المساجد .. و نظموا الرى و أقاموا السدود ..و حفروا الترع و القنوات ..مهدوا الطرق و المعابر و الجسور ..و حفروا قناة السويس بالفأس و المقطف ..و زرعوا ما يطعم أوروبا و الجزيرة العربية ..و ملئوا خزائن الخلفاء و السلاطين بالأموال ...
و اعرض عليهم الكنوز التي صنعها فنان وحرفي من تماثيل ..و نقوش و كتابات ..و ملابس ..
و العلوم التي إبتكرها و نشرها في العالم المتميزون منا .... أقرأ لهم القصص و الأساطير ..و الأدعية ..و الصلوات .. و الإعتراف السلبي أمام المحلفين في قاعة ماعت للعدالة .
أقص عن الثقافة و حسن الذوق و التدين ..و العادات و.القانون و العدالة
. و أساليب الزواج و رعاية الأطفال ..وإحترام الأم ..و إخراج العلماء .. و تكوين الضمير الأول للبشر ..
وأحكي أيضا عن مدى سوءات الحكم الشمولي الذي يعادى الحريات و الديموقراطية و حقوق الإنسان و أشرح بالتفصيل لهم ما لم يذكر في كتب الدراسة عن الأنظمة التي مرت علي مصر منذ الدولة الموحدة بواسطة مينا
..و عن الكارثة التي يخفونها عن الناس بأن سبب تخلفنا عن ركب المعاصرة جاء بسبب خضوع بلادنا لإستعمار عسكرى مباشر إستنزف ثرواتها و إستغل ناسها و إستعبدهم و باعهم في أسواق النخاسة ..و نزح كل ما يستطيع نقله إلي عواصم المستعمرين .. كما حدث في زمن الفرس و الرومان و البيزنطيين و الامويين و العباسيين ..و العثمانيين و الفرنسيين و الإنجليز .
وعن الإستعمار الإستيطاني للهكسوس و البطالسة وقبائل عرب شبه الجزيرة و المماليك الذين نحوا أهل البلاد من دوائر إتخاذ القرار و إستمتعوا هم بكل ما ينتجه شعب مكدود .. مقهور ....
و الإستعمار الإقتصادى الذى يرسل البنوك مكان الجنود يمتص رحيق الناس عن طريق تسديد فوائد ديون إستخدمت في غير مكانها .سواء في زمن الخديوى إسماعيل و إبنه توفيق و التي دامت حتي زمن الملك فؤاد عندما سددت حكومة الوفد أخر الأقساط .. أو العصر الحالي و تبذيرحكومة مدبولي و كامل الوزيرى كنموذج معاصر رغم أنه لم يصبح بعد تاريخا
أنظمة الحكم التي تلي الإستعمار في قسوتها .. هي الإستبداد الشرقي .. حكم الفرد المطلق سواء كان ملكا أو رئيسا أو جماعة أوليجاركية ..الأسر الثالثة و الرابعة .. ثم الثامنة عشر و التاسعة عشر ..لمصر القديمة .تحكي الكثير عن الملك الإله . و حكم محمد علي و إبنية إبراهيم و عباس .. ثم جمال عبد الناصر .تشير لانصاف الألهه الذين يتصورون أنهم منحة السماء لهذا الشعب
فرغم الصعود الإقتصادى .. والعلمي ..و الثقافي الذى صاحب هذه الفترات إلا أن إرادة الناس تحطمت أمام رغبة الديكتاتور و سجونه و معتقلاته و مجازره و قسوته .. لقد صعدت بالبلاد كثيرا ..و لكن أعقب ذلك سقوطا مدويا
ثم تلك الإنقلابات العسكرية او سيطرة رجال الجيش و الامن و تحولهم لأرستقراطية عسكرية ..لحن دائم عاشته مصر في زمن المماليك ..و محمد علي ..وبداية حكم الضباط الأحرار ..و ما بعد 2011.
كذلك سيطرة الكهان ..و رجال الدين علي الحكام أو الحكم المباشر .. فمن بعد الأسرة العشرين ..كان كهنة أمون هم المسيطرون الذين خربوا بلادنا بواسطة الإستعانة بالمرتزقة ..و تكرر هذا علي مدى التاريخ أخره كان حكم الأخوان المسلمين لمدة سنة
يبقي النموذج الذى يضم سوءات الأتظمة الخمسة السابقة .. نظام لم نشهده الا بعد حكم السادات ..
و هو أن يحكم ديكتاتور .. حكما مطلقا .. و يكون سلفي التوجهات .. مدعوما من الجيش و الأمن ..و خاضعا لقوى الإستعمار الإقتصادى الخارجي و المليارديرات الداخلي ..ولا يترك مكانه .. مهما تسبب في خسائر .. لاهل البلد علي أساس أنه عطية السماء لهم .. الذى لا يوجد له بديل .
وهو أمر قد لا أصرح به مباشرة .. بل أتركه لذكاء الطلاب يستنتجونه بأنفسهم من خلال العيشة الزفت التي نعيشها ..و النهب المنظم الذى تقوم به الضرائب و الجمارك و المحليات و أجهزة يحكمها كبار الضباط في التليفونات الأرضية و المحمول و الإنترنيت و الكهرباء و المياة و الغاز و المواصلات و السير في الطرق ..و عند شراء الطعام و الملابس أو الإلتحاق بالتعليم أو شراء الأدوية و عمل التحاليل أو الكشف في المستشفيات التي باعت إدارتها الحكومة أو البحث عن سكن في كومباوندات و مشاريع الخلايجة و من يدعمهم من المستعمرين الجدد
دارس التاريخ الفاهم الذى لا يراه صعود وهبوط الملوك ..و إنتصاراتهم و إنجازاتهم .. هو الاكثر أهمية من المهندس و العالم و الطبيب ..ولكن والدى ..و الأستاذ كمال فايد و حضراتكم لا تعلمون .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعود الأنوناكي لنتعلم منهم الإنسانية
- هذة العقائد ستذهب لمتاحف الأنثروبولجي
- الإسلام دين و ليس حضارة لها فن
- أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ
- عندما تختفي الجيوش و تترك بلادها للنهيبة
- الإنكشارية تعيد إحتلال المنطقة
- الإرهاب الشرقي نمط حياة
- لازال طريق المقاومة هو الدرب الصحيح
- لماذا يشترى الخلايجة في سوق غير مشجع
- البردية المجهولة(كمان و كمان ).
- سلوك القتلة ..و مفاهيم الفلسفة
- شخص يجتهد و لكنه ساخط
- لم تتغيرأهداف الإستعمار ..تغيرت أساليبه
- corruption.. الفساد
- ما بعد الموت عند القدماء
- الابراج العالية لا تصنع حضارة
- إنهم يدمرون الأثار ..و سيدمرونها .
- تدمير الاثار ليس خبرا جديدا
- نصف قرن من الغربة
- شهادتكم تهم الأجيال القادمة


المزيد.....




- السعودية.. شقيقة الأمير الوليد بن طلال وابنة الأميرة منى ريا ...
- البحرية الكورية الجنوبية تجري أول مناوراتها في 2025
- عبد العزيز آل سعود: كيف استطاع -نابليون العرب- توحيد المملكة ...
- في ذكرى 6 يناير.. ذكريات الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي ...
- عودة ترامب تربك حسابات أوروبا في علاقاتها بروسيا وأوكرانيا
- عاصفة تهدد 62 مليون أمريكي
- انهيار جسر في ولاية أوريغون أثناء مرور قطار شحن عبره (صورة) ...
- أنقرة: نحو 40 ألف سوري عادوا من تركيا إلى وطنهم منذ الإطاحة ...
- مشروب بثلاث مكونات قد يساعدك على -تنظيف القولون وفقدان الوزن ...
- -آبل- تتوصل لتسوية بقيمة 95 مليون دولار في قضية التجسس على م ...


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد حسين يونس - درس تاريخ للاطفال