|
الشرع/الجولاني! تبدل استراتيجي إيديولوجي أم مرحلي تكتيكي؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 02:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"الجولاني/الشرع؟؟... هل تراه تخلى عن منهجه المتشدد السابق (السلفي الجهادي) ام أنه أجل معتقداته الايديولوجية حتى تمر العاصفة؟؟" سألني سائل في صفحتي في الفيسبوك هذا السؤال فكان جوابي كالتالي: "بالنسبة للشرع وفريقه السياسي والعسكري يمكن أن تكون تركيا أجرت عليهم تغييرات جوهرية بالفعل - إعادة تشكيل وتعديل فكري أو تأهيل سياسي - ليكونوا في فكرهم السياسي من جهة أكثر ((ليبرالية)) ((أي أكثر تسامحًا وقبولًا للحريات الأفراد والأقليات))، ومن جهة ثانية يكونوا في سلوكهم السياسي أكثر ((برغماتية))((أي أكثر مرونة وعقلانية وواقعية في خطابهم وسلوكهم السياسي)) أي كفريق أوردغان السياسي المحسوب على الإتجاه الاسلامي التركي الممزوج بالروح القومية والوطنية التركية حتى الصميم والمتعايش مع الليبرالية والعلمانية!، هذا وارد، أي أن يكون فريق أوردغان أجرى لهم عملية إعادة تأهيل وتشكيل فكري وسياسي، أو يكون هذا حدث ليس بالتدخل التركي وتأثير الاسلام السياسي التركي المتعايش مع الليبرالية ومع العلمانية وكذلك الديموقراطية، بل قد يكون هذا التغيير في الخطاب والأسلوب السياسي إنما حدث وفق نتيجة طبيعية لتراكم التجارب الاسلاماوية الفاشلة والمريرة عبر العقود الطويلة، فهذا الفشل المزمن والطويل لابد أن يجعل العقلاء في هذا الإتجاه الاسلاماوي - وقليل ما هم!! - ينتبهون ويعيدون النظر ليس في طريقة وشكل ((أسلوبهم وخطابهم السياسي)) فقط بل في ((الفكر السياسي لهذه الجماعات)) بل وربما يذهبون أبعد وأعمق من ذلك فيعيدون نظرهم في فكرهم وفقههم الديني نفسه بطريقة ثوروية وتحررية وليبرالية وعقلانية، أي في طريقة فقههم للشريعة وفهم الاسلام!!، وهو ما حصل بالفعل لعدة شخصيات اسلامية سابقة فيما بات يُعرف في الأدبيات الاسلاماوية أو حتى السياسية عامة بـ((المراجعات)) ، وربما أنا شخصيًا أكون من هؤلاء الذين أجروا - منذ ما يزيد عن عشرين سنة - مراجعات فكرية عميقة عبر التقدم في العمر كما عبرت عنها في مقالاتي وهي مراجعات ليس في الفكر السياسي الاسلاماوي والعربي برمته بل في الفكر والفقه الديني الاسلامي العربي ذاته!، فالتجربة والعمر وكثرة الاطلاع لابد أن تدفعك لإعادة النظر في كل شيء من حولك والانفتاح على قراءات أخرى للواقع والتاريخ بل وللاسلام وهو ما حدث معي بالفعل وحدث مع غيري لمستويات ولحدود مختلفة، تضييق أو تتسع، بعضهم في حدود ضيقة خجولة وبعضهم ذهب بعيدًا إلى حد الشطحات كقصة أصحاب (العلمانية الاسلامية))!!، وبعضهم حاول المحافظة على ميزان الاعتدال والموضوعية والانضباط بما هو قطعي الثبوت وقطعي الدلالة في الاسلام!.
أتمنى أن يكون ((الشرع)) ومن معه ومن خلفهم أن قد وصلوا نتيجة التجارب والمراجعات لهذه المرحلة الفكرية العميقة من التطور الفكري العربي والاسلامي في مجال فقه السياسة وفقه الدين وفقه الدنيا أي إلى مرحلة ما يمكن أن نسميه ((الليبرالية الاسلامية)) المنبعثة من فقه ثوري وتجديدي للاسلام يميّز بين ما هو مرتبط بزمن وظروف النبي والصحابة من القرآن والسنة، وما هو مطلوب في كل زمان ومكان حسب الاستطاعة!... أرجو أن يكونوا تحولوا بشكل جدي وعميق من ((اسلاميين أصوليين تقليديين محافظين وشموليين)) إلى ((مسلمين عقلانيين مجددين مستنيرين ليبراليين)).. أرجو ذلك لكن لا توجد أية ضمانات فقد يكون ((التطور)) قد حدث فقط في ميدان ((الأسلوب والخطاب السياسي)) فقط بطريقة برغماتية تتعلق فقط بتحقيق المصالح وتقليل المخاطر وفق الظروف والمتغيرات المحلية والاقليمية والدولية دون المساس بـ((الفكر الديني الأصولي السلفي والمذهبي والطائفي التقليدي القديم الموروث)) الذي نشأت منه وفي بطنه جماعات الاسلام السياسي والاتجاهات الإخوانية والسلفية أو تلك التي تكونت من تزاوج بين الفكر الاخواني والقطبي والسلفي!!.
شخصيًا بت على قناعة تامة وجازمة بأنه لا يمكن لنا النهوض في العالم العربي إلا بالعودة لمشروع الفكر العربي الاسلامي ((الليبرالي)) أي الفكر العربي الاسلامي العقلاني التحرري التجديدي المستنير في فهم الدين والدنيا والتاريخ، وهو الفكر الذي ساد في حقبة ما بعد الاحتلال والاستقلال كما بدأ مع فكر (محمد عبده وجمال الأفغاني)) ثم في ((حقبة علي عبد الرازق وعباس العقاد وعبد الرزاق السنهوري وخالد محمد خالد ومصطفى محمود وغيرهم كثير)) وهو ذاك الخط العربي الاسلامي ((الليبرالي)) - فكر وأدبيات النهضة العربية الاسلامية - الذي كان يبشر بخير في حقبة الاحتلال ثم الاستقلال قبل حلول عصر الانقلابات العسكرية وفورة الايديولوجيات القومية والدينية والشيوعية والعلمانية والشعبوية والشمولية، فذلك الخط ((الليبرالي)) الملتزم بهوية وثوابت الأمة، وبما كان قطعي الثبوت وقطعي الدلالة من الاسلام، وبالعقل كأداة لفهم النقل بل وكأداة للحكم على النقل بالصحة أو الضعف، هو الخط الصحيح لنمو وتطور عقل الأمة وفكرها الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي لا الخط الأصولي الديني السلفي التقليدي الاجتراري الذي لا يقيم اعتبارًا لفرق التوقيت في الزمان والتبدلات الحضارية والزمانية، ولا الخط الأصولي العلماني الغربي الاستنساخي الذي لا يقيم وزنًا للفروق في الخصوصيات الثقافية والمكانية بين المجتمعات.... وبين هذين الخطين انبثق الخط العربي الاسلامي الليبرالي ثم تاه وسط جعجعة جمهوريات العسكر وصراخ الاسلام السياسي الأصولي!... مع خالص تحياتي" ********* أخوكم العربي/البريطاني المحب (*) في مقالة قادمة سأنشر تصوري كمسلم ليبرالي في بناء دولة سوريا الجديدة والرشيدة وفق رؤى الفكر العربي الاسلامي (الليبرالي) بعيدًا عن ايديولوجيات الأصولية العلمانية والأصولية الدينية لتصبح سوريا أول دولة عربية مسلمة تعلن في دستورها بأنها دولة ((ليبرالية)) دينها الاسلام أي أنها دولة مسلمة لكنها (ليبرالية) وليست (أصولية)...... وليبرالية تعني من حيث المنهج أنها تفهم الاسلام وفق منهج عقلاني تجديدي مستنير يميز بين ما هو ((ثوابت)) وما هو ((متغيرات)) في الاسلام، وكذلك ليبرالية تعني من حيث المبادئ العامة أنها دولة غير شمولية بل دولة ليبرالية تحترم حقوق وحريات وخصوصيات الافراد والأقليات، ومن جهة أخرى تحترم حرية السوق والاقتصاد، فهذه هي الدولة الليبرالية بشكل أساسي وعام، أما في الواقع العملي فلكل بلد ومجتمع وطني تطبيقاته الخاصة لهذه المبادئ الليبرالية والتي قد تتبدل وتتطور عبر الزمان ولهذا نشاهد نماذج ليبرالية مختلفة في العالم، كما هو الحال في اختلاف نماذج تطبيقات المبادئ الديموقراطية الأساسية والعامة!، ولكن كما هو معلوم في كل الدول الليبرالية - وكذلك ديموقراطية - فإنه لا توجد حرية مطلقة لا للأفراد ولا للإقتصاد فهناك ضوابط وقواعد عامة يجب الالتزام بها لحماية ثوابت وهوية المجتمع الوطني، فكل الدول الليبرالية لها ضوابط وقواعد للحرية تنبثق عن ثقافتها وأخلاقياتها وخصوصياتها والمصالح العليا للمجتمع والدولة تكون بمثابة الخطوط الحمراء، والليبرالية كمذهب انساني وعقلاني قامت أساسًا على مبدأ التسامح الديني مع صرخة كتاب ((التسامح)) لجون لوك في بريطانيا في القرن السابع عشر، فالتسامح الديني بين طوائف الأمة الدينية أمر أساسي في الليبرالية بحيث لا تزدري الأغلبية دين الاقليات، ولا تزدري الأقليات دين الأغلبية، تمامًا كالحال في علاقة المجتمع بالافراد، فكما لا يجوز للمجتمع الوطني أن يعتدي على خصوصيات ومصالح الافراد، كذلك الحال لا يحق للأفراد التعدي على خصوصيات ومصالح المجتمع ككل، فالليبرالية - التي سبقت في وجودها الديموقراطية - كفلسفة اجتماعية عقلانية وانسانية تقوم على أمرين: التسامح + موازنات بين حقوق الافراد وحقوق المجتمع + موازنات بين حقوق الأقليات وحقوق الأغلبية
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الحملة الاعلامية على جمهورية السيسي عقب سقوط جمهورية الأس
...
-
الليبرالية الإسلامية هي الحل، لا الأصولية الدينية ولا الأصول
...
-
الشيء المؤكد فيما يجري في سوريا ؟
-
هل سيكون للشخصية السورية الهادئة والذكية دور في نجاح التغيير
...
-
لا الاندلس ملك للمسلمين ولا فلسطين ملك لليهود!!
-
التصحر الفكري والأدبي العالمي ونهاية التاريخ!!
-
قصيدتي (المهاجر) مقروءة ومسموعة
-
من الجمهورية الطرابلسية لجماهيرية القذافي، ليبيا رحلة فشل مز
...
-
الجمع بين الرأسمالية والاشتراكية يعني نظام العدالة والكفالة
...
-
يا ليت لنا (قائد عربي ومسلم) بشدة ودهاء وقومية هذا (النتن يا
...
-
اللهجة العربية العامة الجديدة ودور اللهجات القطرية الغالبة ف
...
-
موقفي كعربي وليبرالي مما يحصل لحزب الله!!
-
إلصاق تهمة المثلية بالليبرالية لا يختلف عن الصاق تهمة الارها
...
-
الخطوط العريضة للحركة الليبرالية العربية الاسلامية كمشروع لل
...
-
سبعة أصناف من الناس لا أثق فيهم!؟
-
الأناركية وحلم القضاء على الأنترنت!؟
-
خواطر في شروط النهضة: التربية والتعليم؟
-
الحلحله !!؟؟
-
ماذا تفعل لو كنت بمكان السنوار أو بمكان النتن ياهو!!؟
-
علاقة الدين بالدولة بين ثلاثة شعارات ومشروعات في العالم العر
...
المزيد.....
-
فرنسا تحاكم مؤثر تيك توك جزائرياً بتهمة التحريض على الإرهاب
...
-
أعراض نفسية لا يجب تجاهلها
-
-العشى الليلي-.. ماهيته وأسبابه
-
مسؤول في القصر الجمهوري يكشف الحالة النفسية لبشار الأسد قبل
...
-
على غرار دي كابريو .. دراسة توضح لماذا يميل الرجال لمواعدة ن
...
-
ما الذي يقلق مصر من الإدارة السورية الجديدة؟ خبير مصري يوضح
...
-
ساعات الأسد الأخيرة في القصر وتوقيت مغادرته والخطاب الذي لم
...
-
ورقة تركيا الكردية.. هل تربح؟
-
فرار جندي إسرائيلي من البرازيل وأمهات جنود يحذرن: المحاكم ال
...
-
عاجل | وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة وصل إلى الدو
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|