رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 05:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عاش العراقيون وطوال 83 عام من حكم الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة ( 1920 / 2003 ) ولاسيما ابناء الاغلبية العراقية في العراق ؛ عيشة ضنكة , وحياة بائسة بكل ما تحمل هذه الكلمات من دلالات ؛ اذ عانوا من الخوف والقلق والمرض والامية والتخلف والجوع والعوز والتأخر والعنف والعذاب والتعذيب والمعتقلات والسجون الرهيبة والاعدامات والتصفيات وقمع التظاهرات والمعارضات والانتفاضات والثورات , والحصار والدكتاتوريات والازمات والانقلابات العسكرية والنكبات الاجتماعية والانتكاسات الاقتصادية ؛ مما جعل الشعب العراقي قاطبة يدعو الله اناء الليل واطراف النهار ان يغير الحال ويبدل حكم المجرم صدام , بل ان البعض من العراقيين قالوا ( شارون اليهودي ولا صدام التكريتي ) حتى جاء الرب الى بوش واقنعه بضرورة انقاذ الملايين من المرضى والبائسين والجوعى والمنهكين والمعذبين والسجناء والمعتقلين من العراقيين عام 2003 , واستجاب القدر وحانت ساعة النصر على الطغمة الهجينة والعصابة العفنة ؛ وتخلص العراق من حكم الظالمين والسفاحين والجلادين , وانبثقت انوار الحريات وتنفس الشعب العراقي الصعداء , وجاءت الديمقراطية و ولت الدكتاتورية بلا رجعة , الا ان ايتام صدام وازلام النظام وجلادي البعث وذباحي الحركات الطائفية والتنظيمات التكفيرية لم يقر لهم قرار ولم يهدأ لهم بال , فهم تعودوا على رؤية العراقيين وهم في احلك الظروف وأسوء الاحوال ويقادون كما تقاد الانعام الى مسلخ الجزار في الحروب العبثية ومعارك الوكالة ومقاصل الاعدامات وغياهب السجون والمعتقلات ؛ فشنوا الحملات العسكرية الشعواء والصولات الجهادية النكراء بحجة مقارعة الامريكان الذين تواطؤا معهم مرارا وتكرارا , الا ان ( الشمس تطلع على الحرامية ) الحقيقة تكشف ولو بعد حين , اذ استهدفوا المساجد والمستشفيات والطرق والجسور والوزارات والدوائر الخدمية والبنى التحتية والكهرباء والماء , وفجروا الاليات والسيارات والمفخخات وسط التجمعات الشعبية والمناطق المكتظة بالسكان والجامعات والكليات والمدارس والروضات والاسواق , وسقط العراقيون الابرياء وبمئات الالاف وجلهم من ابناء الاغلبية العراقية وباقي المكونات , ولم يكتفوا بكل تلك المجازر والجرائم حتى عادوا الى هوايتهم المفضلة الا وهي القتل بالجملة والاعدامات والمقابر الجماعية ؛ اذ ارتكبوا مجزرة سبكاير وسجن بادوش وغيرهما , وفتحوا حدود العراق امام جحافل الارهاب وشراذم الاجرام واستقبلوهم بالورود والاحضان وادخلوهم البيوت وزوجوهم من الصبايا والنسوان , وهب غيارى العراق وانقضوا عليهم انقضاض الاسد على الحيوانات , ولبى العراقيون دعوة الجهاد لتحرير العراق من رجس الاوباش والاوغاد , وتم لهم ذلك , اذ طهروا بلاد الرافدين من دنس الارهابيين والمعتدين , واستمرت عجلة التقدم والتنمية رغم المعوقات والعراقيل والتحديات الداخلية والخارجية , وعملت الحكومات العراقية والنخب الوطنية على ترميم نفسية الانسان قبل اعمار المكان , فشرعوا قوانين المرحلة الانتقالية وانصفوا شريحة الشهداء والسجناء وضحايا الارهاب , واغدقوا عليهم بالأموال الطائلة وقدموا لهم مختلف التسهيلات والخدمات , ثم عينوا ابناء العراق وبمختلف اعراقهم ومذاهبهم وتوجهاتهم السياسية والثقافية في دوائر الدولة وبمرتبات مجزية مقارنة ببعض الدول المجاورة , حتى ان رواتب بعض المتقاعدين اعلى من رواتب بعض المسؤولين في بعض الدول , فكانت نسبة الرواتب والمنح من الميزانية العراقية هي الاعلى في العالم قاطبة اذ بلغت 70 % من الموازنة العامة , حيث يستلم 10 مليون عراقي رواتب ومنح من الدولة العراقية المعاصرة بما فيهم ازلام النظام وشراذم البعث ومجرمي الاجهزة الامنية والقمعية الصدامية والحرس الجمهوري الطائفي الاجرامي ؛ فضلا عن باقي دوائر الحكومة البعثية البائدة , بل ان البعض من عوائل الدواعش والارهابيين في المناطق السنية استلموا رواتب بصفتهم ضحايا ارهاب , ناهيك عن استلام المليارات بحجة اصلاح البيوت المتضررة من الارهاب علما ان اغلب سكانها من الارهابيين , وبسبب هذه الطفرة النوعية في المعيشة والتي لم يمر بها العراقي طوال فترة حكم الحكومات الهجينة والسنية ؛ جاب العراقيون مختلف بلدان العالم وسافروا الى مختلف المدن الجميلة , واقتنوا افضل السيارات العالمية الحديثة واشتروا احلى الماركات والاثاث , وشيدوا الشقق والدور والمجمعات والفلل الحديثة والمتطورة , واكلوا ما لذ وطاب من الاطعمة الشرقية والغربية , حتى بات الطعام يصلهم الى باب الدار وبأرخص الاسعار , و وصل بهم البذخ الى حد التخمة والاسراف , اذ ترى موائد الطعام على قارعة الطرق وفي الشوارع العامة في المناسبات الدينية والاجتماعية المختلفة , وتدنت نسبة الفقر في العراق الى 17% وفقا لأحدث التقارير الرسمية , وتخرج العراقيون من مختلف الكليات الاهلية الرصينة والجامعات العالمية المعروفة وحصلوا على الشهادات العليا بعد ان كانت حكرا على البعثية وشراذم الطائفية اذ كانت تسمى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ب ( وزارة التعليم العاني والبحث الراوي ) في اشارة الى التمييز الطائفي والمناطقي ابان حكم الطغمة الهجينة , وافتتحت في العراق اجمل المقاهي والكوفيات والمطاعم والاماكن السياحية , والنوادي الليلية , وعاش الجميع بفرح وسعادة غامرة ؛ فالخمار سعيد , والذي يبحث عن الجنس سعيد ولا يعاني من الحرمان والكبت , والذي يهوى الصيد والسفر سعيد ومستمع بوقته , والكسول نائم في بيته وامن في داره وراتب الرعاية يكفيه , والذي يتردد على دور العبادة امن وحر بإداء طقوسه , والصحفي يكتب ما يشاء , والاعلامي يصرح الى حد التجاوز والتهريج ؛ بينما كان العراقي يقتل لمجرد نكتة سياسية او حلم قد راه في المنام , فالعراقيون الان يمارسون مختلف الانشطة والحريات من دون قيود ومضايقات ... ؛ حتى ان بعض المناطق اضحت لا تنام في الليل من كثرة الزحام والحركة الاقتصادية والنشاط الاجتماعي فيها , فأينما تولي وجهك تجد مقهى جميلا او مطعما راقيا او حديقة غناء او جسرا حديثا او كلية اهلية رصينة او مؤسسة حكومية حديثة او مجمعا سكنيا شاهقا او ملعبا رياضيا او تجمعا شبابيا او حفلة غنائية او محاضرة اخلاقية ... الخ ؛ حتى وصلت النوبة الى حكومة السوداني والتي اطلق عليها : حكومة الخدمات , حيث باشرت بتعبيد الاف الكيلو مترات من الطرق الفرعية والرئيسية في مختلف المدن والقرى والمحافظات العراقية , وانشئت عشرات الجسور والانفاق والمجسرات , واشرفت على افتتاح الكثير من المدارس والمستشفيات والمؤسسات , وحافظت على الامن والامان والاستقرار , ونأت بالعراق عن المخاطر الخارجية والصراعات الاقليمية .
نعم مضى عام 2024 ومضت معه الكثير من الانجازات والمشاريع , وها نحن نستقبل عام 2025 ونتمنى ان تستمر عجلة التنمية والاعمار والاستقرار والازدهار , وندعو من الله ان يبعد عن العراق والاغلبية والامة العراقية شر العرافين والعرافات والمشعوذين والمشعوذات ودجالي السياسة وفتاحي الفال ( الكلاوجية ) وان يبطل تنبؤاتهم ويخيب فألهم ويكذب ادعاءاتهم وتصريحاتهم التي تستهدف التجربة الديمقراطية والعملية السياسية والاغلبية العراقية , وان يبعد عنا شرور الصهاينة والامريكان ومن لف لفهم من ضباع الانظمة الاقليمية والمخابرات الدولية المعادية , وان يمن على العراق والعراقيين بالأمن والامان والازدهار , والتقدم الايجابي والمدروس نحو بناء الدولة الحديثة القائمة على اسس المواطنة والعدالة واحياء روح الامة العراقية , والخالية من عناصر الضعف والهدم والفساد والعمالة والخيانة .
نعم التغيير مطلوب وهو سنة من سنن الكون والحياة , الا اننا ننشد التغيير الايجابي والذي يخلو من التداعيات السلبية والاثار التخريبية والجرائم الدموية ؛ والذي يدفع عجلة العراق والاغلبية والامة العراقية نحو الامام ؛ حيث التطور والازدهار والاستقرار وسيادة القانون وحقوق الانسان وافساح الحريات وتمكين الاغلبية من حكم العراق بصورة مركزية وبعيدة كل البعد عن التدخلات الامريكية والبريطانية والخارجية والاقليمية والتي تصب بمصلحة العراق والامة العراقية جمعاء وتطهير العملية السياسية من عناصر الضعف والهوان والارتباطات الخارجية وتنظيف دوائر الدولة من الفاسدين والمخربين , وابطال الاتفاقيات الخارجية غير العادلة والتي وضعت من اجل تحقيق المكاسب للدول الاخرى وحرمان العراق من مستحقاته وثرواته الوطنية , فالعراقي اليوم يختلف اختلافا جذريا عن مواطن العهود البائدة والانظمة الدكتاتورية الغاشمة ؛ فهو يرفض رفضا قاطعا عودة الامور الى مربع حكم الاقليات والدكتاتوريات وسيادة الروح العنصرية والطائفية والمناطقية ورهن العراق بالأمة العربية او الاسلامية والتضحية بالعراقيين من اجل الاخرين , والتعامل مع العراقيين بلغة السوط والجلد والذبح والتهميش والاقصاء والحرمان ... الخ .
#رياض_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟