رمضان حمزة محمد
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 21:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غالبًا ما يفترض الذين يشاركون في المحادثات من الجانب العراقي مع الجانب التركي والإيراني هو تحديد كمية الاطلاقات المائية والحصول على رقم معين ولو لفترة محدودة للإيرادات المائية، دون التفكير في النظام النهري المعقد لهذين النهرين بسبب كثافة المنشآت والمشاريع الاروائية التي يقيمها دول المنبع على مجاري هذين النهرين داخل حدودهم السياسية وهذه هي طريقة خطية في التفكير، حيث من المتوقع أن تؤدي تحديد كمية الاطلاقات المائية ولفترة محدودة إلى مخرجات مثل القناعة الموقتة لدى المزارعين وعموم المجتمع بان الأمور على ما يرام. وتعكس اتجاهات هذا التفكير الخطي، استمرار دول المنبع في زيادة حجم الاستثمارات الكبيرة في قطاعات مثل الزراعة والطاقة النظيفة من مشاريع السدود والمشاريع الاروائية. ومع ذلك، فإن هذا النهج يخاطر بتبسيط تعقيد نظام تحديد الحصص العادلة والمنصفة للعراق من نهري دجلة والفرات المتشاركة مع تركيا وإيران بشكل مفرط، والذي يحتوي على العديد من العناصر المترابطة التي يمكن أن تنتج نتائج غير متوقعة وغير خطية على الامن المائي والغذائي للعراق في المستقبل المنظور.
إن التركيز الضيق على ارقام محددة من الاطلاقات المائية للعراق ولفترات زمنية محدودة قد يؤدي إلى خفض سقف المطالبة لدى المزارعين في الأمد القريب، ولكن من دون معالجة العوامل الهيكلية المسببة لنقص الإيرادات المائية الى العراق من دولتي المنبع قد تفوت الجهود التفاوضية العراقية والفرص التي يمتلكها العراق لخلق تغيير دائم ومنهجي في سلوك دولتي المنبع تجاه العراق كدولة مصب متشاركة بالحقوق التاريخية والعرف القانوني الدولي.
لمعالجة أزمات المياه في العراق حقًا، يجب العمل على ان يتبنى العراق نهجاً للتفكير في النظم النهرية لدجلة والفرات وان يدرك التفاعلات المعقدة بين القطاعات والمناطق المختلفة. يجب موازنة التركيز على الإيرادات المائية مع الجهود المبذولة لتحويل الأنظمة السياسية الى واقع لتنفيذ السياسات، وتغيير القيم الثقافية للتعامل مع المياه كمورد ثمين ونفيس، وإصلاح هياكل وزارتي الموارد المائية والزراعة. يجب ألا يستهدف العمل مخرجات مثل كمية المياه فحسب بل التركيز على جودتها ايضاً، بل يجب أيضًا توجيهه نحو تحويل الأنظمة النهرية الى أنظمة ليست لها الضرر البيئي.
#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟