أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء الرابع















المزيد.....

تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء الرابع


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1788 - 2007 / 1 / 7 - 10:55
المحور: الادب والفن
    


بنية النص الفنية وتقنياته:
تعمد الكاتبة إلى إشادة الفصل في بنية شبه مستقلة، بأحداثه وتيمته بحيث يبدو للوهلة الأولى وكأنه ليس له علاقة بالفصل الذي يليه، ولكن بتراكم الفصول يستطيع القارئ لملمة الحكاية الروائية التي سبق وأن لخصتها في المدخل، إلا وهي حكاية صبيحة التي تبدو في إحدى دلالاتها رمزاً لبلاد الرافدين الممزقة والمنتهكة من قبل كل الأطراف والقوي المتصارعة . وتشكل بنية ـ الغلامة ـ نقله نوعية في نصوص عالية ممدوح . فبعد محاولتها المضنية في نص ـ الولع ـ للخروج من بنية التتابع الزمني للحكاية، بكسر التسلل الإطرادي في السرد وتخليق بنية مختلفة عن بنية روايتها الجميلة ـ حبات النفتالين ـ . وجدتها في ـ الغلامة ـ سيطرت على تقنيات النص الجديد، فاكةً الحبكة التقليدية، وذلك بالدخول مباشرةً في ذروة دراما النص المتمثل في فعل الاغتصاب . أما التمهيد الذي استخدمته ففصلٍ مقتضب، مصاغ على طريقة الأدعية الدينية ـ اللهم أنني ـ . باستخدام مبتكر يقلب سكونية وطواعية الأدعية الدينية الطالبة العفو والمغفرة والسلام، إلى تضرع نفس ممزقة خربت تماماً تطالب بالمزيد من العذاب والسحق . وهو مفتتح مناسب تماماً لبنية التمزقات الروحية التي ستعصف بالقارئ في تفاصيل النص .
قسمت الكاتبة الرواية إلى أربعة عشر فصلاً يحمل كل منها أسماً . وكما ذكرت في المدخل استخدمت لعبة فنية هي ليست بالجديدة، إذ سيكتشف القارئ لاحقاً في الفصل الأخير المسمى ـ الرواية ـ أن النص بفصوله الثلاثة عشر هو بالأساس نصاً روائياً كتبته ـ صبيحة ـ التي عُثِرَ على جثتها في دجلة، اشتركت به في مسابقة أعلنتها صحيفة الغد، ونحن نقرأه بعين الناقد عبد الجبار علي الذي أستلم النص .
بنية النص إذن، سيرة صبيحة الذاتية، وهنا تحل الكاتبة في ذات بطلتها، وترى بعينيها . بتعبير أخر يشمل منظور السرد وجهة نظر كاتبة السيرة ـ الشخصية المحورية ـ في اللعبة الفنية، وكاتبة الكتاب ـ الغلامة ـ . وهنا سأركز على مبنى النص الأصلي وليس في إطار اللعبة الفنية المعلنة . فمن بين فصول الكتاب ينفرد فصلين هما ـ المرارات ـ والرواية ـ فهما مرويان بوجهة نظر الرجل، فالأول بصوت مسلم التقي والثاني بصوت الناقد عبد الجبار علي . وهما على كل حال فصلان من أضعف فصول الكتاب رغم أن الكاتبة أرادتهما كمرايا تكسر بهما، احتكار وجهة النظر الأحادية، والمقصود رؤية المرأة السائدة والمحتلة بنية النص المضمرة، والتي يقف خلفها التكوين الفكري والنفسي وأيديولوجية وفلسفة الكاتب من جهة، وإضفاء عمقاً للشخصية الروائية كي تخفف من وقع السيرة المضطربة للشخصية المحورية .
الفصل المبني بأحكام أفقد الكثير من عفوية السرد النابعة من الإصغاء السري للفطرة الفنية، جعل رغم بساطة لغة الكاتبة التي حاولت بجهدٍ تطعيم بنية السردية بعبق اللهجة المحكية العراقية التي هي أقرب اللهجات العربية إلى الفصحى، السرد غامضاً . وذلك الغموض متأتٍ من التقنية المحسوبة بدقة، وهذه التقنية الحرفية التي يتقنها الكاتب المجد والدءوب تنعكس في البنية الفنية التي تبدو غامضة للوهلة الأولى حتى للمهتم، هذه التقنية التي نظّر لها وطبقها الكاتب المصري ـ أدور الخراط ـ في نصوصه متأثراً بدوره بنصوص ـ جيمس جويس ـ وغيره من كتاب الرواية الغربية الحديثة هو من أفقد النص حيويته الفعلية بكونه نصاً راقياً وبنفس الوقت مفهوماً في الثقافة التي كتب النص بلغتها، لكن عالية ممدوح تخفف من وقع تلك التقنية المحسوبة وبالعكس تماما من نصوص المصري ـ أدوار الخراط ـ، وذلك عن طريق إخلاصها لبنية الحكاية والتي أعتقد أنها من أهم مكونات النص الناجح، فبدون حكاية تشبع الفكرة والتيمة، وحكاية عميقة مسلية بأي شكل، أقصد بالتسلية، شد القارئ بالحبكة المضمرة في النص الحديث المحطم التسلسل الزمني للسرد، فحتى المآسي مسلية حينما تروي شجن الحزين عند القراءة . وإخلاصها ذاك متأت من موهبتها الفطرية في القدرة على الروي، والتي لمسها المتتبع في نصوصها السابقة لـ ـ الولع ـ التي جربت فيها خبرتها التقنية ـ بالمناسبة نص ـ الولع ـ أشاد به أدور الخراط كثيراً، كما هو مثبت على غلاف الغلامة الأخير، لا من محاولتها اختبار قدراتها على التركيب الصعب في النص . فالمادة الخام التي اعتمدتها الكاتبة في ـ الغلامة ـ غير قابلة للشكل المفتوح ونصه، فكل شيء في التجربة العراقية المعاصرة يحتاج إلى المزيد من الضوء والوضوح والسرد الفني العميق المؤشر على الجرح النازف وما يزال . فهي رواية منلوغ داخلي شديد التنظيم كما نعته د. صبري الحافظ في تقريضه للرواية في صحيفة ـ العرب ـ بتاريخ 21 ـ 6 ـ 2000 ، وبالتفاته ذكية أشار إلى أن أفضل لحظات النص هو تخلصه من ذلك التنظيم القسري، وانسيابه بعفوية . فعدا ما أشار إليه الحافظ، فأن الكاتبة المنشغلة أصلاً بما جرى من أحداث قسرٍ واضطهاد على شخصيتها الروائية المحورية وانعكاسها على ذات الراوية، كانت أمينة لبنية الحكاية، فغاليبة الفصول تبدأ بجملة سردية حكائية تبدو كأنها مفتتح حبكة تشد القارئ لمعرفة ما سوف يجري ويأتي لاحقاً . والجملة السردية الابتدائية، هي ذات جملة القصة القصيرة المراعية لأهم شرط إلا وهو تحريض القارئ على المواصلة وعدم رمي الكتاب جانباً، لنقرئ نماذج :
‘ ـ تعمدت أن لا أضع اسمك الشخصي في أول صفحة لكي أدل على لقبك الاعتباري: المفكر مسلم التقي . بدا لك يوماً أنك تملك ألف وجه ‘ ص 29 ـ فصل المناضل ـ
‘ ـ كان علينا الاختفاء، خالتي وأنا بتواطؤ صريح . لم يكن قرارنا دليل شجاعة، لكنه الوحيد المسموح لنا اتخاذه ‘ ص 78 ـ فصل السماوة ـ
‘ ـ سيدتان ورضيعة في سيارة أجرة، والساعة تقارب الخامسة عصراً ، قلت للسائق : الأعظمية من فضلك . نمر من باب المعظم ‘ ص153 ـ المفقودون ـ
يضاف أنها بعد أن توزع خيوط حبكتها في حنايا فصول المنلوغ الروائي الطويل في تقديم تفاصيل البشر الذي ترتبط بهم في خضم نهر حياتها الهادر، تقوم بتجميع ما آلت إليه مصائر الشخصيات تلك بضفيرة واحدة، أقصد بالضفيرة فصل واحد ـ النسيان ـ قبل الأخير، وهو الأخيرة بالنسبة للشخصية المحورية الساردة سيرتها في صيغة روائية، وبذلك تلبي فضول القارئ الذي سيبقى متعطشاً إلى ما لانهاية لمعرفة المصائر في الحكاية أو في الواقع .
في التفاصيل التقنية لبنية النص، انتقلت الكاتبة بحرية بين ضمائر السرد المختلفة فتارة تسرد بضمير المتكلم وتارة بالضمير الثالث، أو بصيغة المخاطبة . لا بل تستخدم كافة الصيغ في سطرين والشاهد الذي أورده منذ قليل في مدخل ـ المفقودين ـ تبتدئه بصيغه الضمير الثالث في أول جملتين ‘ سيدتان ورضيعة في سيارة أجرة ‘ لتنتقل بعد الجملة الثانية إلى ضمير المتكلم ‘ قلتُ للسائق ‘ . كما فرضت ثيمة النص من حيث هو سيرة ذاتية مكتوبة في وقت متأخر لأحداثها، استخداماً واسعاً لتقنية التداعي وبطريقة حديثة مستفيدةً من تقنيات الرواية الحديثة والفن السابع وذلك بإدغام الفلاش باك ببنية السرد والتحليل والانتقال من الحاضر إلى الماضي وبالعكس بانسياب، يبدو أقرب إلى العفوية منه إلى التنظيم الدقيق، وتم ذلك من خلال توسيع دلالات الإحداث عن طريق عرض انعكاساتها النفسية في نفوس الشخصيات، وخلخلة النسب التقليدية لعناصر السرد، الوصف والحوار والحكاية، فيجري أحياناً التركيز على عنصرٍ من عناصرها كما هو الحال مثلاً في المفتتح ـ اللهم أنني ـ المكون من أدعية فقط . كما دمجت الكاتبة الكثير من الأشعار العراقية العامية في جسد النص ، كما حاولت توسيع دلالات النص باستخدام الأسطورة ودمجها في أحداث النص كما هو الحال في فصل ـ السماوة ـ الذي حاولت فيه توظيف وظيفة البغي في ملحمة جلجامش التي أوقعت أنكيدو في حبائلها، والشخصية المحورية تتلو مقاطع من الملحمة وضعتها بين أقواس وتتخيل أباها مثل أنكيدو في علاقته بـ ـ كرجية ـ الغجرية، لتصف عملية مضاجعته للغجرية . هنا، وجدت ثمة إقحام للأسطورة في مناخ النص وذلك يعود باعتقادي، لبنية النص شديدة الواقعية والمعتمدة على التاريخ السياسي والاجتماعي العراقي بأحداثه المحددة، يضاف إلى أن النص لم يستخدم الأحلام والتهويمات في لغة السرد القريبة من اللهجة المحكية، ولم يسبر مناحي عالم نوم الشخصيات وسياحتها . بل ركز على عالم الشخصيات الواعي والأبعاد النفسية بردود أفعالها المعلنة في الحوار أو السلوك أو المضمرة في النفس . لذا بدت هذه المقاطع المضمنة زائدة كان من الممكن حذفها، فمخيلة الساردة كانت متفوقة سردياً على المقاطع المضمنة، في الإيحاء بقدرة ـ كرجية ـ الغجرية على غواية والدها المزواج . كما تكرر المحاولة في فصل ـ هجران ـ التي تذهب إلى زيارتها في مستشفى الأمراض العقلية، حيث تحل الساردة ـ صبيحة ـ محل هجران الغافية بين ذراعيها في أخبارنا تفاصيل حلم النائمة في ـ تقنية غير مقنعة ـ موظفة أيضا لغة الأسطورة والأدعية في مواسم الخصب،
‘‘ من هناك، وليس من هنا كانت تسمع الأصوات ليلاً تناديها فتردد وراءها ‘ اتبعت نصائح الآلهة شاماش وآداد ومردوك . فاتخذت قرارت حفظتها في قلبي . حفظت قياسات البرج في ذاكرتي ككنز . وضعت الأسس تحت الآجر . ذهباً وفضة وأحجار كريمة من الجبال ومن البحر . أمرت بصنع تمثال لشبهي الملكي مرتدياً [ الدوبشيكو ] وجعلته في الأسس ‘‘ ص178 .
وتستمر في الإستعاره من الأسطورة إلى أن تحاول ربطها في هجران ورامي حبيبها الذي هجرها بعد أن نام معها :
‘‘ يا ملكي، يا سيدي، يا أنت . كيف حضرت إلى عشبي وحواف وقتي؟ ذاك هو برجي حين عزمت على الوقوف أمامك . أنت رامي، حتى لو شئت وبمنتهى القسوة الغرام بغيري، حتى لو شئت ذبحي بمنجل، سأنجو وأنجيك معي ‘‘ ص179 .
بالإضافة إلى ملاحظتنا السابقة عن عدم اندماج التضمينات في جسد النص، وعدم ضرورتها، يضاف هنا استحالة استخدام تقنية الحلم بهذه الكيفية وبضمير المتكلم لهجران النائمة على لسان الشخصية المحورية التي تخبرنا بأن هجران كانت تحلم، الحلم المتباطئ وأنا ألقي عليها نظرة ص178 ثم تحل محل هجران في سرد الحلم .



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء ...
- تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء ...
- تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة
- أزقة الروح قصة قصيرة
- قصة قصيرة-جنية الأحلام
- تحجر
- العصفور
- حصار يوسف
- بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال عندما أدخلني ...
- بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال...عندما أدخلن ...
- بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال...عندما أدخلن ...
- العمة الجميلة*
- النص العراقي والناقد
- أنها الحرب
- اختطاف
- كتّاب كانوا سوط الجلاد الثقافي
- بمناسبة المؤتمر الرابع للطائفة المندائية..يا عراق متى تنصف أ ...
- قالت لي: أنا عندي حنين


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء الرابع