أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - محمود سعيد: غيابُ الصقرِ الذي أسكتت صوتهُ أوجاعُ الأرضِ!














المزيد.....


محمود سعيد: غيابُ الصقرِ الذي أسكتت صوتهُ أوجاعُ الأرضِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 16:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


في سماءِ الفنِّ العربيِّ، كان محمود سعيد بمثابةِ الصقرِ الذي يرفرفُ بجناحيهِ بينَ السحبِ، يبعثُ الضوءَ ويؤرخُ للأيامِ بترانيمِ صوتهِ الدافئِ.

وُلدَ في مدينةِ يافا يوم الاثنين 15 ديسمبر 1941، تلك المدينةِ الفلسطينيةِ التي سلبها الاحتلالُ، لكن روحها بقيت حيةً في قلبهِ حتى آخرِ أيامهِ.

غادرنا في 30 ديسمبر 2014 في مدينةِ بيروت بعد صراعٍ طويلٍ مع المرضِ، لكن غيابهُ ترك فراغاً لا يمكنُ للزمنِ تعويضهُ.



كان محمود سعيد أحد أبرزِ النجومِ في تاريخِ الفنِّ العربيِّ، ولقبَ بـ "صقرِ الشاشةِ العربيةِ" لأنهُ تركَ بصمةً لا تُنسى في قلوبِ عشاقهِ. في البدايةِ، كان الفنانُ الشابُّ يخطو خطواتهِ بحذرٍ في عالمِ الفنِّ، لا يعرفُ سوى جدرانِ التحدي والمثابرةِ.

كانت بداياتهُ في برنامجٍ تاريخيٍّ بعنوانِ "سر الغريب" الذي شكلَ محطةً انطلاقهِ، ليكتشفهُ الجمهورُ بعدها في مسلسلِ "التائه"، الذي اقتُطفَ من الروايةِ العالميةِ الشهيرةِ "مرتفعاتِ وذرينغ". كانت تلكَ البدايةُ الحقيقيةُ لمشوارهِ الفنيِّ، الذي أخذ شكلاً أكثر وضوحاً في مسلسلهِ البدويِّ الشهير "فارس ونجود"، حيثُ تألقَ إلى جانبِ المطربةِ سميرة توفيق في عامي 1971 و1972.



صوتهُ كان فريداً من نوعهِ.

امتلكَ قدرةً نادرةً على إغناءِ العملِ الفنيِّ بالكلمةِ الجميلةِ، فالعربُ يعشقونَ الصوتَ والكلمةَ في آنٍ واحدٍ. كانت كلماتهُ تدخلُ إلى أعماقِ قلوبنا، وتنطقُ بمشاعرنا التي نحتفظُ بها في الصدورِ.

ومن بينِ الأبياتِ الشعريةِ التي رددها يوماً على مسامعنا، قالَ: "ودعتهُ وبودي لو يودعني صفوَ الحياةِ، وأني لا أودعهُ، وكم تشفعَ فيَّ أن لا أفارقهُ، وللضرورةِ حالٌ لا تشفعهُ، وكم تشبثَ بي يومَ الرحيلِ ضحى، وأدمعي مستهلاتٍ وأدمعهُ."



لقد كان في طيّاتِ هذهِ الكلماتِ حزنٌ عميقٌ، وكأنما يترجمُ آلامهُ وأحزانهُ الخاصةِ، وتوقهُ لآخرِ لحظةٍ من الوداعِ.



في عامِ 1961، كانت أولى إطلالاتهِ البدويةِ في تلفزيونِ لبنان، حيثُ أسندَ لهُ المخرجُ رشيد علامة جملةً بدويةً وحيدةً في برنامج "كانَ يا ما كان"، وقد كانت تلكَ الجملةُ: "إن ما تريدونَ النومَ غيركم يريد ينام". وكانت تلكَ الجملةُ بدايةً لمشوارٍ طويلٍ في عالمِ الدراما.

لم يكن يعرفُ أن تلكَ البدايةَ البسيطةَ ستتحولُ إلى سفرٍ طويلٍ من النجوميةِ والإبداعِ.



كان محمود سعيد إنساناً بكلِّ ما تحملُ الكلمةُ من معنى.

كان يحبُّ طائرَ الحسونِ في الصباحِ والعصرِ، ويعشقُ صوتَ موجِ البحرِ الذي يلاطفُ شواطئَ لبنان، بينما كان يخافُ من صوتِ السكونِ الذي كان يرافقُ لحظاتِ الوحدةِ.

أحبَّ ابنتهُ الصغيرةَ "لنا" حباً شديداً، وكان يبكي من أجلها في أوقاتِ حزنهِ. ولعلَّ أشدَّ اللحظاتِ قسوةً في حياتهِ كانت بعدَ النكبةِ في عامِ 1948، حيثُ اضطرَّ للانتقالِ مع والدتهِ إلى مدينةِ صيدا في جنوبِ لبنان، هاربينَ من جحيمِ الاحتلالِ.



كان متأثراً بصوتِ المطربِ عبد الحليم حافظ، الذي كان يعشقهُ، وكان يحلمُ دائماً بالعودةِ إلى القدس، تلكَ المدينةِ التي أحبها. ورغمَ ألمهِ، كان يحملُ في قلبهِ الأملَ والتطلعَ إلى مستقبلٍ أفضلَ لوطنهِ وشعبهِ.



شاركَ في فيلمِ "الرسالة"، بعدَ أن اختيرَ لهُ دورُ خالد بن الوليد، وهو الدورُ الذي كان يعكسُ ملامحَ شخصيتهِ الفذةِ والبطوليةِ في الحياةِ وفي الفنِّ.

كان صاحبَ قلبٍ حنونٍ، يحملُ التاريخَ العربيَّ في قلبهِ، ويعشقُ اللغةَ العربيةَ كما يعشقُ نبضَ الحياةِ.



كان الأبَ الذي يحبُّ أولادهُ بكلِّ ما يملكُ من قلبٍ، وهم: ناهد، عزت، ياسر، مريم، يوسف، ولنا، وكان دائماً ما يهتمُّ بهم ويشعرُ بحبٍّ عميقٍ تجاههم، لكنه مثلما كان يبدعُ على الشاشةِ، كان يحملُ عبئاً ثقيلاً في قلبهِ من أجلهم.

كانت علاقتهُ بابنتهِ "لنا" مميزةً بشكلٍ خاصٍ، إذ كان يذرفُ الدموعَ لأجلها في لحظاتِ ضعفهِ، فحبهُ لها كان حلاً سحرياً لكلِّ حزنهِ.



رحل، لكن صوتهُ وكلماتهُ ستظلُّ حيةً في قلوبنا، كما ستظلُّ ذكرياتهُ محفورةً في ذاكرةِ كلِّ من عاشوا معهُ تلكَ اللحظاتِ الجميلةِ على الشاشةِ. نحن الذين سمعنا صوتهُ في "فارس ونجود"، وفي "سر الغريب"، وفي فيلم "الرسالة"، لن ننساك أبداً يا صقرَ الشاشةِ العربيةِ، لأن غيابك هو غيابُ لحظاتٍ لا تعودُ، لكنه في الوقتِ نفسهِ يشهدُ على فنانٍ لم تنطفئ شعلتهُ أبداً.



رحيلهُ تركَ فراغاً في قلوبِ أولادهِ وعشاقهِ، ولكنه تركَ أيضاً إرثاً في عالمِ الفنِّ العربيِّ.

سيبقى محمود سعيد، مهما مضتِ الأيامُ، "صقرَ الشاشةِ العربيةِ"، الصوتُ الذي لم يتوقف أبداً عن إرسالِ الأملِ، والحزنِ، والألمِ في قلبِ كلِّ من استمع إليهِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمن ونزار بنات: رمزُ العزَّةِ والشَّجاعةِ!
- دانيال مانن: يرحلُ النورُ ويظلُّ الأثرُ!
- طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!
- أنيس صايغ: الشُّعلةُ التي لا تنطفِئُ !
- يا طائر السُّنُونُو، في غيابك يغيبُ الأُفُق!
- طائرُ السنونو: حينَ يَخذُلُنا الأُفُقُ
- نعمات قدورة: حينَ يَكتُبُ الحُزنُ تاريخاً!
- غزة: ملحمةُ الصَّبرِ والأَلمِ
- غزة.. صرخةٌ في وجهِ الخذلانِ!
- حين يُغتالُ الوفاءُ.. وخذلانٌ لا يُغتَفَرُ
- دورُ الرياضيات في التخطيطِ العسكريِّ لدى المقاومةِ الفلسطيني ...
- تاريخُ علمِ الرياضياتِ القديمِ وتطوراتهِ عبرَ العصورِ
- دورُ الرياضياتِ في تنميةِ المهاراتِ وصناعةِ المستقبلِ
- عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!
- غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!
- خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!


المزيد.....




- تحطم طائرة ومقتل 62 مسافرا على الأقل من أصل 181 في كوريا الج ...
- كوريا الشمالية تعين رئيسا جديدا للوزراء
- كوريا الشمالية تعلن استراتيجية الرد -الأكثر صرامة- ضد الولاي ...
- لافروف: لا علم لروسيا بإعادة النظر في اتفاقيات قواعدها في سو ...
- هل ستقوم إسرائيل بعملية برية ضد الحوثيين؟
- الولايات المتحدة تنتظر علاجا بالصدمة
- عاجل: مقتل ما لا يقل عن 28 شخصا في تحطم طائرة ركاب بكوريا ال ...
- مخاوف عالمية من جائحة جديدة في 2025!
- اكتشاف في باطن الأرض يكفي لتغطية احتياجات الطاقة 200 عام
- اكتشاف علاقة بين الساعة البيولوجية وأمراض تؤثر على 10 ملايين ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - محمود سعيد: غيابُ الصقرِ الذي أسكتت صوتهُ أوجاعُ الأرضِ!