محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 8204 - 2024 / 12 / 27 - 22:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إذا مررتَ عينيك على مصانع الديكتاتوريات في العالم كله ستجد تشابها عظيما بينها، فلا تعرف أهو مصنع واحد، أم عدة مصانع تمتد من تشيلي إلى أوغندا، ومن ليبيا إلى العراق، ومن كوريا الشمالية إلى روسيا البيضاء، ومن هاييتي إلى مصر....
صناعة الديكتاتور تبدأ من قلوب لا تنبض فقط، لكنها تقرع، فتكاد تخرق الصدر.
قبل افتتاح مصنع لصناعة الديكتاتور لابد من تهيئة المواد الخام وفي مقدمتها الخوف من الحاكم، والرعب من أجهزة الأمن والشبيحة وبناء سجون ومعتقلات وهنا يتدافع إلى تجنيد أنفسهم فيها جمهورٌ من الجبناء!
هل تتذكرون المتبرعين في سجون الزعيم الألباني أنور خوجة، وكيف تمكنت أجهزة الرعب لاجبار سكان ألبانيا على تجنيد أنفسهم في الوشاية ضد أهلهم وجيرانهم وأصدقائهم حتى وركبهم ترتعش، كانوا يتبرعون بكتابة تقارير أمنية عن أنفسهم للنجاة من جحيم خوجة!
كل ما يحيط بك وتتنفسه أو تمضغه كان يدخل في تلك الصناعة المقززة!
كنت في زيارة للعاصمة البريطانية، وهناك شاهدت فيلم(هي فوضى) للممثل خالد صالح، وقبل الدخول لصالة العرض سألني أحد الحضور المصريين عن الكتاب الذي بيدي! قلت له إنه أحد مؤلفاتي فبادرني على الفور: هل هو كتاب سياسي؟ فأجبته: بنعم! وهنا انتفض الرجل ذُعرًا ونصحني أن لا أقوم بإهدائه إياه! فقلت له بسرعة : ولو لم تكن هناك إشارات سياسية عن هموم الوطن؟ ابتسم المخبرالأمني ابتسامة المنتصر وقال: في هذه الحالة لا مانع من تسليم بطل الفيلم.. الكتابَ!
جمهورية السيسي الجديدة تفوقتْ على جمهورية كيم يونج أون والفارق بينهما أن شعب كوريا الشمالية يتحرك بالاغلال، أما المصريون فيتبرعون بوضع الأغلال في أيديهم أو في أعناقهم!
عدة أشهر امتدت لأربع سنوات مع وعد من الطاغية بأنه لا يطمع في أكثر منها، ثم مدّها لست سنوات ثم جعلها مفتوحة فبلغتْ عامها اللانهائي وسحبت معها الخرس الشعبي بمساعدة التدين الزائف!
والحُكْم في مصر ثابتٌ وآمنٌ طالما كان شعبنا يخاف من خيالــِه، وسيظل خيالــُه يطارده حتى يرث اللهُ الأرضَ .. ومن عليها.
من الصعب معرفة الأجبن في مصر: هل هي الجماهير أم رجال الدين أم الإعلاميون أم .. رئيس الجمهورية؟
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 27 ديسمبر 2024
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟