حسام عامر
الحوار المتمدن-العدد: 8204 - 2024 / 12 / 27 - 14:00
المحور:
القضية الفلسطينية
الكاتب: ستيفن جوانز.
ترجمة: حسام عامر.
ملاحظة من المترجم: هذا المقال مكون من عدة اقتباسات منقولة من عدة صفحات من كتاب للكاتب ستيفن جوانز اسمه Israel, A Beachhead in the Middle East: From European Colony to US Power Projection Platform. قمت بوضع رقم الصفحة التي نقل منها كل اقتباس في نهاية كل فقرة.
استنتج تحليل أعدته وزارة الخارجية الأمريكية أن السعودية "مصدر هائل للقوة الاستراتيجية، وأحد أعظم الجوائز المادية في تاريخ العالم." أعلن الرئيس الأمريكي روزفيلت أن "الدفاع عن السعودية سيصبح أمر أساسي في الدفاع عن أمريكا."(1)
ص63
اتفق الرئي
س الأمريكي روزفيلت مع العائلة المالكة السعودية على أن تضمن أمريكا حماية العائلة المالكة من المخاطر الداخلية والخارجية مقابل أن تقوم العائلة المالكة بتمرير ثروات النفط للمستثمرين الأمريكيين، وما زال هذا الاتفاق ساريا الى الآن، وقامت أمريكا عدة مرات بحماية العائلة المالكة السعودية من أخطار خارجية وداخلية. أتت الأخطار الخارجية من الدول العربية التي تبنت القومية العربية، حيث اعتبرت تلك الدول أن النفط السعودي ملك للأمة العربية كلها، ويجب أن يستخدم لتستفيد منه الشعوب العربية بدلا من الشركات والمستثمرين الأمريكيين ومعاونيهم في السعودية. أدى ذلك الى دق ناقوس الخطر في السعودية. استفز شعار نفط العرب للعرب الذي أطلقه الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان له شعبية منقطعة النظير العائلة المالكة في السعودية. عارض قادة حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية، وكذلك في العراق قبل اجتثاث الحزب بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إدارة العائلة المالكة السعودية لموارد النفط، حيث رأوا انها ملك لجميع العرب، وليست ملك الطبقة الارستقراطية السعودية والمستثمرين الأمريكيين. بذلت أمريكا جهودا كبيرة لإضعاف وتدمير القوميين العرب، وكانت إسرائيل في صلب تلك الجهود.
ص64
يوجد لدى السعودية أجهزة أمن داخلي ضخمة، ومنفصلة عن الجيش، وتتضمن 225 ألف عضو حرس وطني يعملون بدوام كامل، ومهمتهم قمع الثورات الداخلية، ويوجد أيضا 33 ألف عضو حرس ملكي مهمتهم حماية العائلة المالكة. عدد أعضاء الحرس الوطني لوحده أكثر من كل أعضاء فروع الجيش الخمسة. أجهزة الأمن الداخلي تدربها وتسلحها أمريكا. تعاقدت شركة جينيرال داينامكس مع السعودية لتزويد الحرس الوطني بمدرعات خفيفة قيمتها 15 مليار دولار من أجل قمع الاضطرابات المدنية. حقيقة أن العائلة المالكة في السعودية تحتاج الى جيش داخلي كبير بهذا الشكل، ومسلح بسخاء، تشير الى أن الحكم السعودي غير مقبول من قبل عدد كبير من السكان. وتلك نتيجة متوقعة في ظل تعاون العائلة المالكة في السعودية مع أمريكا في تقاسم ثروات النفط السعودية، على حساب الشعب السعودي والشعوب العربية. في عام 2018، قال الرئيس الأمريكي ترمب خلال تجمع حاشد لأنصاره أنه ذكّر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ب"أننا نحميك. قد لا تستمر في الحكم لمدة أسبوعين من دوننا."(2)
ص65
لا يكمن سبب رؤية أمريكا للنفط السعودي على أنه جائزة مادية ضخمة وذخر استراتيجي في أن أمريكا تحتاج الى ذلك النفط لتلبية حاجات الطاقة الأمريكية المحلية. كان لدى أمريكا احتياطها النفطي الكبير وتمكنت بسهولة من تلبية حاجات الطاقة المحلية واستمر ذلك حتى السبعينيات. في عام 1973، انتجت أمريكا كميات من النفط أكثر من أي دولة بالعالم، ومن ضمنهم السعودية.(3) لكن، كانت القصة مختلفة بالنسبة الى الدول الصناعية الكبرى الأخرى، لم يكن لدى أي منها (باستثناء بريطانيا التي لديها نفط بحر الشمال) موارد نفطية كبيرة. اعتمدت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان تقريبا بشكل كامل على موارد نفطية خارجية. أن تتمكن أمريكا من الوصول بشكل تفضيلي الى موارد النفط الهائلة في السعودية يعني أنه سيكون لدى شركات النفط الأمريكية امدادات هائلة من النفط لتبيعها في أسواق الدولة الصناعية في أوروبا الغربية واليابان وسيدر ذلك عليها أرباحا ضخمة جدا.
ص65
عبر السيطرة على النفط السعودي وجعل استخراجه وتكريره ونقله وتسويقه تحت سيطرة الشركات الأمريكية، تتمكن أمريكا من إبقاء المنافسين المحتملين لها معتمدين على أمريكا في إيصال النفط الذي يحتاجونه لإبقاء اقتصاداتهم تعمل بمستوى عال. كما قال مستشار الرئيس روزفلت أدولف بيرلي للرئيس، ان السيطرة على نفط الشرق الأوسط تعني "سيطرة كبيرة على العالم".(4)
ص66
كما قال تشومسكي، ان إبقاء أوروبا وشرق أسيا معتمدين على أمريكا من أجل أمن الطاقة الخاص بهم "هو أحد أهم أسباب اهتمام أمريكا الشديد بنفط الشرق الأوسط". وأضاف "نحن لم نحتاج الى النفط لأنفسنا،" الى حين بداية السبعينيات "قادت أمريكا الشمالية العالم بإنتاج النفط، لكن نريد أن نبقي أيدينا على حنفية القوة العالمية، ونريد أيضا ضمان تمرير أرباح النفط بشكل رئيسي الى أمريكا**. وتلك أحدى أسباب وجود" علاقة خاصة مع إسرائيل. إسرائيل هي "جزء من منظومة تدخل عسكري عالمية وهذا الجزء من المنظومة موجه نحو الشرق الأوسط لضمان عدم التحاق القوى المحلية"(5) بالقوميين العرب الذين رفعوا شعار نفط العرب للعرب .
ص68
الدعم المالي الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل موصول بمصالح شركات الأسلحة الأمريكية، حيث يشترط على الدولة الصهيونية أن تنفق المساعدات العسكرية الأمريكية على شراء الأسلحة الأمريكية. ال3.8 مليار التي تعطيها أمريكا لإسرائيل كل عام هي اعانات مالية لشركات الأسلحة الأمريكية. حيث تذهب الأموال مباشرة من الخزينة الأمريكية الى حسابات شركات الأسلحة، ومنها لوكهيد مارتن ورايثيون وبوينغ ونورثروب-غرومان وغيرهم. تتكلف أمريكا تقريبا 3.3 مليار سنويا لتشغيل مجموعة حاملة طائرات واحدة، وتتكون المجموعة من حاملة طائرات، والطائرات التي عليها، وخمس سفن حربية داعمة لها، وغواصة حربية، و6700 بحّار. قيمة تلك الكلفة قريبة من مقدار الدعم السنوي العسكري الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل.(6) هل الفوائد التي تقدمها إسرائيل للمستثمرين الأمريكيين عن طريق المساعدة في قمع القوى المحلية التي تصر على أن موارد نفط الشرق الأوسط وممرات الشحن الخاصة بها يجب أن تستخدم ليستفيد منها الشعوب المحلية تستحق كلفة مجموعة حاملة طائرات واحدة؟ الإجابة من وجهة نظر الشركات الأمريكية التي تتربح من النفط العربي ومن صفقات السلاح التي تعقدها مع حكّام الإقليم واضحة.
ص212
في عام 1995 تلقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي جيس هيلمز سؤالا عن اذا ما ينبغي على أمريكا أن تستمر في تقديم الدعم لإسرائيل، أجاب هيلمز أنه "اذا لم تكن إسرائيل موجودة، كم ستكون كلفة الدفاع الأمريكية في الشرق الأوسط؟ تساوي قوة إسرائيل على الأقل قوة خمس حاملات طائرات في الشرق الأوسط. من دون دعم إسرائيل للمصالح الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، سيكون وضعنا بالتأكيد أسوأ."(7) قال السفير الإسرائيلي الأسبق في أمريكا مايكل أورين أن وزير الخارجية الأسبق ألكسندر هيج قال له أن إسرائيل "أكبر حاملة طائرات أمريكية لا يمكن اغراقها، ولا تحمل جندي أمريكي واحد، وموجودة في إقليم مهم جدا للأمن القومي الأمريكي."(8) وصفت صحيفة الجيروساليم بوست الدعم الأمريكي لإسرائيل بأنه "استثمار بجيش غربي متفوق يمكنه العمل في أماكن بعيدة ... ويحمي مصالح أمريكا في الإقليم."(9) يتوافق هذا الكلام بالمناسبة مع وجهة نظر الرئيس الأمريكي باراك أوباما. قدّر رئيس مخابرات القوات الجوية الأمريكية الجنرال جورج كيجان أن دافع الضرائب الأمريكي سيتكلف 125 مليار سنويا اذا ما أرادت أمريكا إبقاء قوة عسكرية في غرب أسيا تساوي قوتها قوة إسرائيل. استنتج كيجان أن العلاقة الخاصة بين أمريكا وإسرائيل تساوي قيمتها "خمس وكالات من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السي أي ايه."(10) في أواسط الثمانينات، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريس أن إسرائيل توفر لأمريكا امتدادا لسياستها الخارجية بكلفة أقل من الكلفة التي ستتكلفها من دون الدور الإسرائيلي، وهو موقف يتفق معه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ريتشارد لوجر.(11)
ص213
هناك انسجام بين مصالح إسرائيل ومصالح المستثمرين الأمريكيين: تتحد أمريكا وإسرائيل في حقيقة أن لديهم عدو واحد، وهو شعوب الشرق الأوسط. إسرائيل وأمريكا التي تقودها وول ستريت تعاديان قوى الاستقلال المحلية، التي ان تمكنت، ستأخذ بيدها أراضيها وأسواقها وقواها العاملة ومواردها الطبيعية وستستخدمها لإفادة شعوبها. يريد الصهاينة من العرب الموافقة على سرقة أراضيهم (ما يسمى رسميا حق إسرائيل في الوجود) وتريد منهم وول ستريت الموافقة على سرقة أسواقهم وقواهم العاملة، والأهم من ذلك كله، نفطهم (ما يسمى رسميا الموافقة على قيادة أمريكا). في قلب الصراعات التي لا تتوقف في الشرق الأوسط يوجد سؤال مهم: من يمتلك ويتحكم بالنفط العربي والإيراني وبممرات الشحن البحرية والبرية الخاصة بهم، الشعوب المحلية أم الحكومة الأمريكية والمستثمرين الذين تمثلهم؟ الجواب الصهيوني كان دائما واضح: يجب أن تكون السيادة في الشرق الأوسط للمصالح السياسية والاقتصادية الغربية.
ص214
المراجع:
1. Robert Dreyfus, “Next we take Iran,” Mother Jones, July/August 2006.
2. Patrick Cockburn, “How the disappearance of a journalist and a humiliating remark
by Trump shows Saudi Arabia’s weakness,” The Independent, October 5, 2018.
3. Stephanie Yang and Amrith Ramkumar, “In oil’s huge drop, all signs say made in the
U.S.A.,” The Wall Street Journal, November 23, 2018.
4. Noam Chomsky, “The imperial way: American decline in perspective, part 2,” tomdispatch.
com, February 15, 2012.
5. Noam Chomsky, How the World Works, (Soft Skull Press, 2011, 24.
6. Loren Thompson, “Why complaints over cost of new class of US aircraft carriers are
off the mark,” Forbes.com, March 24, 2016 George Will, “Is it time for the Navy to reassess
the importance of the aircraft carrier?”, The National Review, October 1, 2015.
7. “Jesse Helms: Setting the Record Straight,” Middle East Quarterly, (Volume 2: Number
1, 1995).
8. Jeffrey Goldberg, “Is Israel America’s ultimate ally?” The Atlantic, April 26, 2011.
9. The Israeli Connection, 197.
10. The Israeli Connection, 198.
11. The Israeli Connection, 196-197.
** النص التالي هو إضافة من المترجم ومقتبس من حديث تشومسكي عن موضوع تمرير أرباح نفط الشرق الأوسط بشكل رئيسي الى أمريكا والذي ورد في كتابه الثالوث الخطر والمصير المحتوم ص20:
"على الرغم من الدعم الأمريكي الاستثنائي لإسرائيل، من الخطأ افتراض أن إسرائيل تمثل مصلحة أمريكا الرئيسية في الشرق الأوسط. المصلحة الأمريكية الرئيسية في الشرق الأوسط هي احتياطيات الطاقة في الإقليم، وتحديدا في الجزيرة العربية. وصف تحليل أعدته وزارة الخارجية الأمريكية عام 1945 السعودية على أنها "...مصدر هائل للقوة الاستراتيجية، وأحد أعظم الجوائز المادية في تاريخ العالم." التزمت أمريكا بربح تلك الجائزة والمحافظة عليها. منذ الحرب العالمية الثانية، كانت تقريبا من بديهيات السياسة الخارجية الأمريكية إبقاء مصادر الطاقة تلك تحت السيطرة الأمريكية. يتفرع من تلك المصلحة الرئيسية أنه يجب تمرير جزء كبير من عوائد النفط الى أمريكا عن طريق صفقات السلاح، ومشاريع البناء، وايداعات البنوك، والاستثمار في سندات الخزينة الأمريكية، ألخ. من الضروري حماية المصلحة الرئيسية تلك من التهديدات المتعددة."
#حسام_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟