كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 22:07
المحور:
الادب والفن
تسجيل لحكايا برقية ج 4
انقذني الاولياء
توقفت في الباب ونظرته بعينيها الصغيرتين نظرة استخفاف لم يشعر بوجودها كان مستغرقا بغسل الصحون بدشداشته الرمادية المبللة كان يعمل بمزاج طيب فقالت في نفسها ( انت خيبتي وحظي المنقع بالوحل المتعفن.).
لقد مضى على زواجهما ثلاثون عاما ولم تدرك من الحياة اكثر من مسرح لعبها حين طلب يدها وهي في الخامسة عشرة من عمرها.
بعد سنتين من الاقتران كانت تصاب منه بالضجر والقرف بعد كل معاشرة.
تتحدث عنها جاراتها المراهقات بعدما كبرن وصرن صديقاتها بان لها كرامات فكن يقبلن يدها ويحتفظن لها في ضمائرهن ما يشبه التقديس.
قبيل خمس سنوات من بلوغها سن الياس وبعد معارك طاحنه خاضتها مع الفقر والاهمال وبعد صراع مرير مع الذات في وحشة الليالي الشتوية تمكنت من الايمان بالعشق.
لم تعد تطيق وحشة المنزل ولا السنين التي تذوي كاوراق فاسدة.
لم يكن يتوقعها هكذا منقبة بيضاء خجلى يمكن باليدين حملها بسهولة.
بناء على اول موعد للتعارف قرب محل في السوق رسم مسبقا ارتعشت كلها. . بعد لحظات تمشى جوارها فقالت(كلانا معروف عرفتني وكفى). .ومضت وحيدة متلفعة بعباءة سوداء تفضح التقوسات الجسدية الصارخة.
عملت قابلة شعبية وقارئة فأل ونادبة في المآتم ومنظفة في عيادة دكتور وقائدة حملات للعزاء الى كربلاء حيث تضج الشاحنة بالثرثرات ويهتفن(ياعلي)كلما صدمت العجلات بعثرات الطريق.
بعد لقاء التعارف تفجرت فيها الانوثة باقصى حد بعد عقود من نسيانها.
كانت تكاتبه بكلمات خادشة وهي على السرير فيما ينظر زوجها الممدود قربها الى السقف ببلاهة. .
كان لقاؤهما اليتيم في عجلة...جلسا في المقاعد الاخيرة..كان السائق مشغولا بحركة المرور وهمومه العائلية.. لا كلمة ولا التفاتة منه. .وكان هناك رجل هرم يجلس خلفه وآخر خمسيني يغالبه النعاس..كان الشلل قد تمكن من الثلاثة فهمست له(انظر)فانتبه اليها فاشارت بعينيها الصغيرتين فرآها قد حسرت عن فخذيها المكتنزين يتدفق منهما ضياء ساطع..فحرك عليهما اصابعه فنظرت الى السائق ثم نهضت منحنية ونجحت بتحريرهما له وجلست. . ثم عانت من ارتعاشات وتأوهات مكتومة وتهاوت على زاوية النافذة.
اختفت اياما ثم كتبت له(عليك ان تقدم التهنئة لي لا ان تتضايق فقد قصدت الاولياء لينقذوني من هاوية الانحراف).
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟