عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في السودان.. وبينما يدورُ قتالٌ شرس منذُ سنتين (ويُغطّي سخامُ الحرب كُلّ مدينةٍ ومحلّةٍ وزقاقٍ وشارعٍ فيها).. ويتصارعُ على كلّ شبرٍ منها، جيش "البرهان" مع جيش "دقلو".. وكتائب "الدارفوريّين" مع ميليشيا "الجنجويد".. وتتطايرُ القذائفُ بين ضفتيّ الخرطوم ذاتها (أي بين الخرطوم بحري، وأم درمان)..
وسط هذا الجنونِ كُلّه، تتخّذ السياسة النقدية "الجنراليّة" قراراً باستبدال العملة السودانيّة القديمة بعملة جديدة.. ويصطفُّ السودانيّونَ المذعورونَ في طوابير طويلة تحتَ رحمة نيران القصف المتبادل، للقيام بعمليّة الاستبدال هذه.
لماذا الآن.. وفي ظروفٍ كهذه؟
من قام بطباعة النقود الجديدة لجنرالات الحرب، وقدّمَ الدعمَ لذلك؟
وعلى وفق بيان للبنك المركزي السوداني فإن خطوة تغيير العملة التي اتخذها تهدف لمعالجة الآثار السلبية للحرب الدائرة بالبلاد منذ منتصف أبريل 2023، وانتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر غير المطابقة للمواصفات الفنية، الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح، وكان له أثر سلبي على استقرار المستوى العام للأسعار.
بلدٌ مُدمّرٌ – مُخرّبٌ.. ومع ذلكَ فإنّ الأولويةَ "السُلطويّةَ" فيه، هي لـ "الاستقرار النقدي"، وليس لوضعِ حدٍّ للخرابِ الشاملِ في هذا البلد.
الطريفُ في الأمر، أنّ "نقود" سكان المدن والولايات الخاضعة لسلطة قوات "دقلو" (ومن بينهم سكان أجزاء من العاصمة الخرطوم ذاتها التي ما تزال خاضعة إلى الآن لسيطرة قوات الدعم السريع) ستبقى غير مشمولة بهذا الاستبدال، لأنّ "دقلو" يرفضُ ذلك، ويعتبرها سرقة "برهانيّة" لتمويل حكومة فاشلة من جهة.. ولأنّ البنك المركزي السوداني لن يتمكن من تطبيق هذا الإجراء في جميع الولايات السودانيّة، إلى أن يتم "تحريرها" من "احتلال" قوات "الدعم السريع" من جهةٍ أخرى!!
هدف حكومة "البرهان" الرئيس من وراء ذلك هو تضييق الخناق "ماليّاً" على "دقلو".. وهذا الجنرالان معاً، همّا من جنرالات الرئيس "المخلوع" عمر البشير، الذي ما يزال "البرهان" يحتفِظ به حيّاً يُرزق، ويرفض تسليمه لمحكمة العدل الدوليّة لاتّهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية.. وكلا هذين الجنرالين يتلقيان السلاح والدعم والجنود المُرتزقة من عددٍ كبيرٍ من الدول، ويواصلان القتالَ وتدمير السودان وقتل السودانيّين، وتهجيرهم، وتجويعهم دونَ أن يرفّ لهم جفن.
ألم أقل لكم أنّ "السياسة النقدية" في الدول الفاشلة.. تفعلُ الأعاجيب.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟