كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 13:23
المحور:
الادب والفن
ارملة مونتيل..العالم سيء التكوين.
قال محمد حسنين هيكل لزوجته ذات يوم حينما كان وزيرا ( احذري ولا تتوقعي هداياهم وولاءهم حبا. . انها السطة).
لكن ارملة مونتيل تلك المرأة الهشة المعذبة بالتطير التي تزوجت في العشرين حسب ارادة ابويها من طالب يدها الوحيد الذي سمحوا لها برؤيته على بعد عشرة امتار قد خدعت بهم. .
لهذا كانت تنتظر ان تحضر القرية كلها الجنازة وان البيت لن يتسع لكثرة ازهارهم بعد موت زوجها.
لم يات احد لحضور الجنازة كان الاهالي يرون في موته ثأرا لهم.
ولم تحضر بنتاه اللتان بعثهما للدراسة في باريس ولا نجله الذي عينه قنصلا في المانيا.
اهالي القرية حسبوا موته قصاصا عادلا لكل جرائمه بحقهم فقد كان مخلصا لكل الانظمة الجائرة التي توالت وعميلا سريا لاعتى عميل دموي متوحش تمكن من تصفية المعارضين بقوة الرصاص خلال سنة.
فقد قسم المعارضين السياسيين الى فقراء فقتلهم واغنياء فاكرههم على الهجرة فيما كان مونتيل يعيش عصره الذهبي فيشتري املاكهم ومقتنياتهم بثمن بخس ويجني املاكا وثروة لا تحصى.
بعد موته عرفت ارملته لاول مرة طعم الضغينة .
( ساظل حبيسة المنزل للابد كما لو انهم وضعوني في الصندوق نفسه الذي وضع فيه خوسيه مونتيل . .لا اريد ان اعرف اي شيء عن هذا العالم.).
وهي لم تكن في يوم من الايام على صلة بالواقع مباشرة..انها كانت سعيدة وهي تضع رأسها على ساعده ولم يكن يعير اهتماما الى تضرعاتها ( ان العمدة سيقضي على كل الناس وان شراءك املاك المعارضين سيجعلك مفلسا يوما).
كان يجيبها( اذهبي للمطبخ ولا تنشغلي بهذه الامور).
لقد استغرقت خمس سنوات تتوسل إلى الرب ان تنتهي حفلة الرصاص لكن الاطلاقات والمتفجرات وصلت منزلها حين حاول المختصون فتح خزنتهِ وصولاً لثروة فاحشة.
منذ المجزره السياسيه كانت حزينه على الموتى ومعتقده بان الرب لو لم يسترح يوم الاحد لكان العالم افضل ولم تبقَ أشياء كثيرة سيئة التكوين .
عليها ان تبدأ من جديد بعد موت زوجها وكان كارميتيل موكل زوجها الوفي يحاول الحيلوله دون الغرق فزوجها في ضريحه كان يدفع ثمن سنوات من اغتيالات وكل غروب تأتي اليها أنباء سيئة عن استيلاء أُناس على اجزاء من املاك زوجها .
لم يكن لديها حل سوى قضم أظافرها ومراسلة بنتيها وتتغذى على الضغينه ولم تكن تفكر إلا بالموت.
وردت القصه في المجموعه القصصيه(جنازة الام الكبيره) التي كتبها النوبلي ماركيز سنه ١٩٦٢م.
وترى هنا بان لماركيز اسلوباً واقعياً في الكتابه غير ما عُرِف عنه بالواقعيه السحريه.
هذهِ القصه تجسيد معمق لصدمة الانسان حين يغفل عن الحقيقة فتصدمهُ يوماً مضمخاً بالنحيب.
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟