أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - في معنى الحديث والرواية ح 1















المزيد.....


في معنى الحديث والرواية ح 1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 13:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


البعض من المسلمين يجري في تعريفة لحديث النبوي مجرى الموسع بإطلاق دون قيد أو شرط، فيعرفه (هو كل ما ورد عن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – فعلًا أو قولًا أو تقريرًا أو وصفًا خَلْقيًّا أو خُلُقيًّا)، هذا التعريف الواسع الفضفاض يحمل معه إشكالية التفريق بين ما هو نبوي أي من عصر النبوة وما هو ما قبل مرحلة النبوة، فالمعروف أن النبي محمد ص بعث نبيا للعالمين وهو في عمر الأربعين، فليس من المنطقي أن ننسب له قول أو فعل أو تقرير ونصفه بالنبوي وهو لم يكن نبيا أصلا، فالنبوة تعريفا هي مرحلة تلقي الوحي من الله أولا، وثانيا أن يعلن ولو لفرد واحد أنه نبي مرسل وهو ما يسمى الجهر بالنبوة، وبعض الناس ينسبون ما يقوله الصحابة إلى الرسول ص على أنها أحاديث، وهذا خاطئ، ولهذا فقد خصَّص المحدّثون كلمة الحديث المرفوع للحديث النبوي الشريف الذي ينسب إلى الرسول الكريم حصرا، والحديث الموقوف لما ورد منسوبًا إلى الصحابة رض كرواية متناقلة وقد أطلقوا عليه هذا الاسم لأنه لم يرفع إلى النبي ص، بينما أطلقوا الحديث المقطوع على ما ورد عن التابعين سواء أكانوا صغارًا في العمر أم كبارًا.
إذا نحن أمام ثلاث طبقات من الحديث بناء على كيفية وصول الحديث إلينا، الطبقة الأولى والتي تنطبق عليها صفة الحديث فقط، أما الطبقتين الثانية والثالثة فهي الرواية يتدرج قيمتها من الأعلى للأدنى، وقد قسم المختصين بدراسة الحديث النبوي والرواية معا في ميزان شكلي واحد بناء على الطريق الذي يوصل إلى كلام الرسول ص أو فعله أو تقريره، وهذا التقسيم معروف وشائع وهو كالآتي".
1. الحديث الصحيح: ما اتصل سنده بنقل عن رجال كلهم عُدُول (جمع عادل) أي ثقات من ابتداء السند إلى منتهاه دون شذوذ ولا علة.
2. الحديث الحسن: ما اتصل سنده بنقل عن رجال عدول ثقات من ابتداء السند إلى منتهاه دون شذوذ ولا علة (ولكن قد يكون عند بعض الرجال قلة ضبط فقط).
3. الحديث الضعيف: ما فقد شرطًا من شروط الصحيح أو الحسن.
إذا المعيار المتبع أساسا في تصنيف الحديث والرواية هو "السند" وأهليته النسبية في نقل الحديث بناء على تصنيف الناقل فقط، فمثلا عند البخاري "س" ثقة ولكن عند مسلم بدرجة أقل من الموثوقية، هنا تثار إشكالية المعيار والذي أعتمد أصلا على مبدأ العدالة عند كل جامعي ومجمعي الحديث، السؤال هنا ما هو المقصود في عدالة لرجال أو عدالة الراوي؟ هل يكفي أن يكون من الصحابة مثلا حتى تطمئن العقول لعدالته؟ أم أن معيار الصدق والثبات وحسن الإسلام مع الرسول وبعده يمكن أعتباره معيارا أخلاقيا وإيمانيا صالحا للتصنيف؟... فمفهوم العدالة بشكل عام عند اللغويين هو (ما قال صاحب القاموس المحيط، ووافقه صاحب لسان العرب بمعنى العدل ضد الجور، وما قام في النفوس أنه مستقيم)، وهو تعريف سفسطائي يمكن التلاعب به وقراءته وتطبيقه بشكل أعتباطي دون إشكال، طالما أنه يعتمد على محدد مائع مطاط، العدالة والعدل في القرآن الكريم هو تطبيق الحق كما هو لا زيادة في المحل ولا نقص في المحمول، وهو معنى جامع لمجموعة من المسميات التي تتعارض مع الحق وأولها الظلم فالجور فالفساد، فكل ما يؤدي إلى واحدة من هذه المسميات مباشرة أو بالنتيجة فهو ضد العدل ومن مصاديق عدم العدل الكذب والرياء والنفاق والشرك والكفر والأستعلاء والتكبر والتجبر والطغيان المؤدي لهلاك الإنسان جاهلا كان أو متعمدا له.
أما مفهوم عدالة الصحابة يمكن أن نجده في كتب المفسرين الذين يرونه (تعني صدق الصحابي في نقل الروايات والأحاديث عن رسول الله ص كما هي من غير تحريف و لا زيادة أو نقصان، ولم يشهد عليه الكذب العمد على النبي ص سهوا أو عمدا)، هنا يثار السؤال التالي من يقرر أن الصحابي الفلاني نقل الحديث عن رسول الله صحيحا؟ هل يحتاج لشاهد على الصحة أم مجرد أنه لا يكذب عادة تكفي كمعيار قاطع بصحته؟ هل من الممكن أن يكون هذا الصحابي قد نسي جزء من الحديث أو شبه له أو أختلط عليه الأمر في النقل؟ هل يعني أن معصومية الصحابي وعدله مرتبطة بنظرة الراوي له فقط؟ أم أن هناك الكثير من الآليات القياسية والمعيارية الفكرية والمنطقية العقلية التي يجب أن يمتحن القول فيها قبل التصديق به، ومنها أن الحديث أصلا هو تفسير لما في القرآن الذي يحمله رسول الله ص في سلوكه وقوله وعمله وتقريره وليس تشريعا أضافيا لما في القرآن، فمن يقول أن الحديث مصدر للتشريع إنما يقول أن الرسول ص شريك مع الله في التشريع، أو يقول أن القرآن الكريم لم يكن كاملا ولا تاما في نقل ما شرعه للناس من دين، وكلاهما رد على الله وعلى كتابه، هذه الأسئلة لا تناقش عادة فيكتب الحديث والرواة بناء على أن البحث فيها يخرج طائفة كبيرة من الصحابة من مفهوم العدل هذا، وبالتالي سقوط الكثير من الأحاديث المنقولة أو المروية لفقدان شرط العدالة.
إذا موضوعية التقييم المتعبة عند جامعي الأحاديث ينقصها الجدية في التوصيف والتدليل والتمييز في أحقية العدل ونسبتها للراوي، وينقصها القدرة الحقيقية على فرز ما هو حديث مطابق ومماهي لقواعد الدين وجوهر القرآن كأحكام وأفكار وأوامر ونواهي، وهذا ما يضعف كمبدأ أول من قيمة الحديث كدليل إرشادي أو تفسيري لأفكار القرآن وأسس الدين، هذا إذا ما حيدنا بقية الإشكالات المتعلقة بتعارض الحديث مع بعضه ومع القرآن، وكذلك الأثر السياسي والصراع الفكري والأجتماعي الذي مر طويلا في حياة المسلمين لحين موعد بداية التدوين، والنقطة الأهم من ذلك فقدان المصادر الأصلية التي يمكن الثقة بها للتدوين من رسائل وخطب للرسول ص ومواقف الصحابة والآل والفريق الذي عاشر النبي محمد في حياته ونقل ما يمكن أن يكون حقيقيا عنه، هذا لا يمنع أن نشك أيضا بنوايا ودوافع رواة الحديث وجامعيه، وخاصة أنهم في الغالب ممن لا ينتمون للبيئة التاريخية التي عاشها النبي والمسلمين الأوائل الذين يقال أنهم رووا الحديث، هذه النقطة مهمة جدا في نقل الحديث وفهمه، خاصة أن النقل من لغة إلى لغة ومن ثم العودة للغة الأولى كثيرا ما ضيع المعاني والألفاظ الأصلية كما حصل مع البخاري الذي نقل من لغات أخرى وخاصة الفارسية بحكم ثقافته الأصلية، ومن ثم ترجمتها للعرية بمزاج فارسي أخل بالسياق المعنوي للمفردة الواحدة التي قد تغيير معنى كاملا لنص كبير.
هذا من ناحية مفهوم العدالة عند من يؤمن بها شرطا لصحة الحديث وروايته مع أقتران هذا الشرط بالصحبة التي عرفها أهل الحديث ودارسيه أنه من صحب الرسول ص أو رأه طالت الفترة أم قصرت شرط الإيمان به نبيا صادقا في إيمانه أو متظاهرا (منافق)، برأي ابن حجر العسقلاني في تعريف الصحابي المؤمن فمثلا عنده عبد الله بن أبي زعيم المنافقين قولا واحدا هو من الصحابة بالإجماع، فقد قال النبي ص لمن أشار بقتله " فلعمري لنحسنن صحبته ما دام بين أظهرنا " وعبد الله بن أبي سرح كان يكتب لرسول الله ثم افترى على الله الكذب، وأباح الرسول ص دمه ولو تعلق بأستار الكعبة لكنه عند العسقلاني صحابي مؤمن، وعند فتح مكة تشفع له عثمان ودخل في الإسلام لينجو بروحه ويقول هو صحابي شاء الناس أم أبوا، ومثله الحكم بن العاص طريد رسول الله ص إذ طرده الرسول وحرم عليه دخول المدينة، وبوفاة الرسول راجع عثمان أبا بكر ليدخله لكن أبا بكر رفض، و لما مات أبو بكر راجع عثمان عمر ليدخل و لكن عمر رفض أيضا أن يدخله المدينة في عهده، ولما تولى عثمان الخلافة أدخله معززا مكرما وأعطاه مئة ألف درهم لأنه صحابي!، وأن موقف الخليفة عثمان هذا مع المهدور دمه والطريد يجعل منه غير عادل وبالتالي غير مؤمن أصلا، لأنه حلل ما حرم رسول الله وعصى أمره وأمر الخليفتين من بعده، وهو من الذنوب الكبائر التي توجب التكفير وفقا لقياسات ابن حجر ومدرسته المحافظة، فكيف يعد الكافر منافقا وطريدا ومحرم عليه أمرا من رسول الله وقوله عندهم وحي لا ينطق عن الهوى، وباختصار ما عندهم يتجلى في (لا يشترط بالشخص حتى يكون صحابيا أن يكون مؤمنا حقيقة بالنبي بل يكفي أن يتظاهر بالإيمان وأن يموت على هذا الإيمان أو على هذا التظاهر به)، لأن النبي لا يعنى بالبواطن إنما يكلها إلى الله .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحديث والرواية في ميزان النقد....ما يسمى بالحديث النبوي أنم ...
- في تدبر سورة الصمد
- في تدبر سورة القدر
- في تدبر سورة الشمس
- عالم ما بعد الأممية
- رديها
- الكتاب المبين وكتاب مبين دلالات ومقاصد
- لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞ¯ ...
- تدبر سورة الزمر
- اسماعيل الذبيح
- تدبير سورة يس
- فاطر السموات والأرض
- رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ
- خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ بين النظريات والأراء ...
- ما معنى الجنة التي كنتم توعدون؟.
- نوح رسول قومه هل كان واحدامن عدة رسل؟ وما معنى كلمة نوح؟
- حكاية الثقافة في العراق بعصر الملالي
- علة التأخر في بناء واقع جديد
- الخير والشر وخلافات المسلمين على الإصالة فيهم أو الكسب
- حقيقة معركة بدر من نصوص القرآن الكريم


المزيد.....




- ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
- -هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص ...
- زلزال قوي يضرب جنوب شرق جزيرة هونشو اليابانية
- قتلى في غارات إسرائيلية على اليمن استهدفت مطار صنعاء ومواقع ...
- كارثة بيئية في البحر الأسود: إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق ...
- اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء وال ...
- -تلغراف-: على ترامب أن يعرض على بريطانيا صفقة الانضمام إلى ا ...
- فنلندا تحقق في -تخريب- كابل كهرباء بحري يربطها بإستونيا وسط ...
- اتهامات للسلطات التونسية بالتنكيل بقيادي في حركة النهضة
- كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - في معنى الحديث والرواية ح 1