أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - -الطماطم ومعجزة أخنوش: ملحمة الغلاء في المطبخ المغربي-














المزيد.....


-الطماطم ومعجزة أخنوش: ملحمة الغلاء في المطبخ المغربي-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 02:07
المحور: كتابات ساخرة
    


في زمن يتسم بتصاعد الأسعار وتآكل القدرة الشرائية، لم يكن غريبا أن تصبح الطماطم، تلك الثمرة الحمراء البسيطة، محور نقاش اقتصادي وسياسي حاد. لكن ما أثار الدهشة حقا هو التصريح الذي خرج به رئيس شبيبة الأحرار، عندما قال بفخر: "لولا أخنوش لما وجدت الطماطم في الأسواق". تصريح يحمل من المبالغة ما يكفي لتحويل رئيس الحكومة إلى شخصية شبه أسطورية قادرة على السيطرة على دورات الطبيعة وإنتاج الخضروات.

يبدو أن الطماطم قد تجاوزت دورها التقليدي كعنصر أساسي في المطبخ المغربي لتصبح رمزا سياسيا يعكس تعقيدات الغلاء ومآزق الخطاب الرسمي. فبدلا من أن تكون مشكلة ارتفاع أسعارها فرصة للتفكير الجاد في الحلول الاقتصادية، تحولت إلى مادة للتفاخر السياسي. بالنسبة لرئيس شبيبة الأحرار، وجود الطماطم على رفوف الأسواق ليس نتيجة لعمل الفلاحين أو قوانين السوق أو حتى لطف الطبيعة، بل هو فضل شخصي ينسب لعزيز أخنوش، وكأنه المايسترو الذي يدير أوركسترا الزراعة الوطنية.

إذا حاولنا أن نتخيل هذا المشهد في عالم مواز، فقد نجد عالما فلكيا يراقب النجوم محاولا فك لغز الحياة، ليفاجأ بشخص يقتحم مختبره ويقول له بكل جدية: "لقد وجدت الإجابة! الطماطم موجودة بفضل أخنوش!"، حينها سيترك العالم عمله وينظر إليه في دهشة قبل أن يقول: "أين كنت طوال حياتي؟ لقد كنت أبحث عن هذه الحقيقة!".

لكن الواقع أكثر قسوة من ذلك. المغاربة الذين كانوا يعتبرون الطماطم عنصرا يوميا بسيطا، وجدوا أنفسهم اليوم أمام تحد جديد: كيف يمكنهم التكيف مع غلاء أسعارها؟ البعض لجأ إلى حلول إبداعية، مثل استبدالها بمنتجات أرخص كالبطاطس أو القرع، بينما تخلى آخرون عنها تماما، متجهين نحو تناول "وجبات الهواء الطلق"، وهي وجبات خفيفة على المعدة وثقيلة بالمعاني السياسية.

في هذا السياق، تحولت الطماطم إلى أيقونة للصمود. لم تعد مجرد ثمرة تباع وتشترى، بل أصبحت رمزا يعكس قدرة المواطن المغربي على التكيف مع ظروف اقتصادية قاسية وتحمل تصريحات لا تعكس الواقع. وبينما أصبحت الطماطم حلما بعيد المنال بالنسبة للبعض، ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي سيل من السخرية السوداء، حيث دعا البعض إلى زراعة الطماطم فوق أسطح المنازل أو استيرادها من كواكب أخرى، ربما تكون فيها أرخص ومدعومة من سكان تلك العوالم.

لكن خلف كل هذا الفكاهة الساخرة، يبرز واقع مؤلم: المواطن المغربي يجد نفسه عالقا بين ارتفاع الأسعار وخطاب سياسي يبدو منفصلا عن معاناته اليومية. فبدلا من تقديم حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية، يتم استخدام عناصر الحياة اليومية، مثل الطماطم، كوسيلة لتبرير الإنجازات أو تجميل الواقع.

ومع ذلك، يجب أن نكون منصفين: قد لا تكون الطماطم مجرد خضر، بل درسا في كيفية إدارة الأزمات وتحويلها إلى فرص للسخرية والإبداع. ففي زمن الغلاء، نجح المغاربة في إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، بين السوق والسياسة، وحتى بين المطبخ والاقتصاد.
..
في النهاية، ربما علينا أن نشكر أخنوش على شيء واحد: أنه جعلنا نرى الطماطم ليس فقط كعنصر غذائي، بل كرمز يعكس تعقيدات واقعنا. فلنحتفل بالطماطم، حتى وإن كانت مجرد حلم بعيد المنال، ولنظل نتذكر أن الأزمات الاقتصادية ليست مجرد أرقام، بل قصص تعيد تشكيل حياتنا اليومية... وقيمتنا للطماطم!.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدون فلتر** -شهادة الألومنيوم: كوميديا بيروقراطية في مقهى مك ...
- -تحلية الديمقراطية: حين تختلط مياه البحر بملوحة المصالح-
- -سياسة الأوهام: ابن كيران بين بطولة مسرحية وسخرية ثلاثي النا ...
- بدون فلتر** -زيت الوكيلي: كوميديا سوداء بنكهة الزيتون-
- -نايضة: كوميديا تبحث عن نفسها في متاهة الكليشيهات-
- **زيارة الموت: عندما يكون لديك -وقت إضافي-**
- -اللصوص الجدد: كيف تسرق أفكار الآخرين وتجعلك عبقريا في عيونه ...
- جنود الحدود: صمت الأبطال في مواجهة اللامبالاة-
- النقيب زيان: -الحرية مشروطة بالصحة-
- -غالي أم رخيص؟! الرأي في قفص الاتهام: هل يمكن للزواج أن يغير ...
- -حافلة النقل الحضري تقرر تغيير مسارها إلى عالم المقاهي!-
- خطبة الوداع: كوميديا السلطة وسخرية الواقع السوري
- -العالم للبيع: تخفيضات نهاية السيادة أم نهاية السنة؟-
- -أنا والنكوة: حين تتحول الهوية إلى مسرحية كوميدية متعددة الف ...
- -هل هرب بشار الأسد... أم أن الشائعة أسرع منه؟-
- بدون فلتر: -بين حدود الأوهام وصراعات الواقع: مغامرة الهروب و ...
- ضحكة في زمن الحروب: السلام والتعايش بين الفلسطينيين والإسرائ ...
- بدون فلتر: يا للقدر! من قطع الأشجار إلى قطع الرؤوس
- العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟
- الاستمطار الصناعي في المغرب: حلم السماء التي لا تمطر


المزيد.....




- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
- شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا ...
- منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية ...
- ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك ...
- حكاية امرأة عصفت بها الحياة
- زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
- أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
- تجنيد قهري
- المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - -الطماطم ومعجزة أخنوش: ملحمة الغلاء في المطبخ المغربي-