|
ما العمل .... فلسطينياً؟
خالد بطراوي
الحوار المتمدن-العدد: 8202 - 2024 / 12 / 25 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ما عصف بمنطقة الشرق الأوسط ما عصف من متغيرات جراء الأحداث الجسام التي بدأت أول ما بدأت في السابع من أكتوبر لعام 2023 والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، مروراً بالضربات القاسية التي ألمّت بالساحة اللبنانية والظروف الجديدة التي نشأت في سوريا في أعقاب فرار النظام الحاكم، ومن يدري ماذا تخبيء لنا الأيام القادمة، بعد ذلك كله وفي محصلته الفردية والتراكمية، ما هو حال القضية الفلسطينية هذه الأيام وما هي مهام المرحلة الراهنة فلسطينياً؟ لنبدأ أول ما نبدأ بتوصيف حال القضية الفلسطينية هذه الأيام على أنها ورغم الزخم الثوري الذي عشناه في العام المنصرم، ورغم هذا التضامن العالمي الشعبي منقطع النظير عن سابقه في الأعوام المنصرمة، إلا أن حال القضية الفلسطينية قد أصابه التراجع بل والتراجع الشديد على نحو أصبحت فيه المطالبة الحالية مقتصرة فقط على الرجوع إلى الوضع الذي كانت عليه القضية الفلسطينية قبل السابع من أكتوبر لعام 2023. لنكن صريحين في ذلك كل الصراحة دونما أي تبرير أو تجميل للصورة التي هي ليست وردية ولا ثورية كما يحاول البعض أن يقنع نفسه. ومن وجهة نظري المتواضعة فقد تراجعت القضية الفلسطينية إلى مرحلة ما قبل النكبة، عندما جرى إشباع الشعب الفلسطيني من قبل القيادات التقليدية آنذاك بالشعارات والنظريات والأوهام بالحشد العربي والدولي للقضية الفلسطينية لتحصل النكبة عام 1948 وتنال دولة الكيان الاعتراف بوجودها على الأرض الفلسطينية وأول الاعتراف بها جاء من أمريكا والاتحاد السوفياتي. جرى في العام المنصرم شحن الشعب الفلسطيني بالأوهام بأن التحرير أصبح على "مرمى حجر" ليجد هذا الشعب نفسه - إلى حد ما - وحده في الميدان ولنلمس جميعاً أن كل من وقف مع الشعب الفلسطيني من فصائل أو غيرها قد تم التصدي له من قبل الإمبريالية وأذرعها الضاربة في المنطقة، وفي ذات الوقت نجحت الإمبريالية في امتصاص واستيعاب التضامن الشعبي الدولي مع الشعب الفلسطيني. أمام حالة التراجع هذه، ما المطلوب فلسطينياً؟ المطلوب قبل كل شيء استيعاب تداعيات المرحلة الراهنة، بوصفها مرحلة انقضاض الإمبريالية وأذرعها على إنجازات حركة التحرر العالمي والعربي والفلسطيني، وأيضا مرحلة تخلي و/أو صمت الدول التي يفترض أنها تقف ضد الإمبريالية في وجه مخططاتها، لا بل واستعدادها لتقسيم وتوزيع المصالح ما بينها وبين الإمبريالية فيما يعرف بتوزيع وتقسيم " الكعكة". كما ومن الضروري أن نعي جميعاً أن تضامن الشعوب العالمي على أهميته ظل محصوراً في إطار محدود لم يستطع – وبكل صراحة – أن يدخل زجاجة حليب واحدة إلى طفل رضيع في قطاع غزّة. ومن الضرورة بمكان أن نعي جميعاً أن الإمبريالية لن تقف عند هذه المرحلة وتعتبر ما أنجزته بحق حركة التحرر العربي والفلسطيني كافياً لها، بل سوف تستمر في الانقضاض على أي مكتسب أو منجز لحركة التحرر وتسعى لتحقيق مخططها الإستحواذي الأكبر. وفي الشأن الفلسطيني والعربي، سوف تسعى لتعزيز مكانة رأس حربتها في المنطقة، ألا وهي دولة الكيان في المنطقة، من خلال أولاً المضي قدماً في تطبيع الأنظمة العربية لعلاقاتها مع دولة الكيان، وثانياً العمل بشكل حثيث حتى لو بطيء على تحقيق شعار الكيان التلمودي بدولة الكيان من " النيل إلى الفرات". وعلى صعيد الأرض الفلسطينية فإن المخطط الإمبريالي هو تحقيق مقولة " أرض بلا شعب ... لشعب بلا أرض" بمعنى المزيد من سيطرة دولة الكيان على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بعد أن سيطرت بالكامل على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948، والسعي لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني طوعاً أو قسراً إلى خارج الأراضي المحتلة تكريساً لفكرة " الوطن البديل". وعودة على ذي بدء ..... ما هي مهام المرحلة الراهنة فلسطينياً؟ قد يقول البعض أن أولى المهام هي تحقيق الوحدة الوطنية. ورغم أن ذلك يبدو – أيها الأحبة – شعاراً برّاقاً ووهّاجاً، إلا أن تجارب تطبيق هذا الشعار على أرض الواقع أثبتت للقاصي والداني أن تحقيق ذلك ليس ممكناً، حيث أن الفصائل الفلسطينية تنتهج نهج "المحاصصة" ويهمها عدد المواقع المتنفذة التي ستحصل عليها عند التوصل لأي اتفاق تحت مسمى " الوحدة الوطنية". طالما لم تتخلص الفصائل الفلسطينية من فكرة "المحاصصة" فإن تطبيق الدعوة للوحدة الوطنية الفصائلية لن يكون منظوراً وقابلاً للتحقيق. أما الوحدة الوطنية الجماهيرية فهي متحققة فعلياً بين أبناء الشعب الفلسطيني بدرجة مقبولة ويتجسد ذلك في مظاهر التضامن والمؤازرة في الأفراح والأتراح وفيما يتعلق بالشهداء والمعتقلين والتكافل الاجتماعي. قد يقول قائل، لماذا لا نعطي المجال لصندوق الانتخابات كي يقول كلمته؟ بكل بساطة فإن مسألة انتخابات المجلس التشريعي والانتخابات الرئاسية مسألة غير متروكة فقط وفقط للشعب الفلسطيني وحده، حتى لو حاول اللجوء إليها بإجراء أحادي من طرف واحد، ذلك أن القرار الفلسطيني بهذا الخصوص ليس مستقلاً ويخضع لتجاذبات كل القوى اللاعبة في العالم والمنطقة. بكل وضوح ومن دون مواربة، فإن على الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الراهنة التراجع قليلا " بخطوة واحدة إلى الوراء" كي يتمكن مستقبلاً من التقدم " بخطوتين إلى الأمام". ومن دون ترتيب المهام حسب الأولولية ولا حصرها فيما هو مذكور أدناه، فإن أولى المهام، الثبات والرباط على الأرض الفلسطينية والتصدي للتوسع الاستيطاني وكذلك للترحيل والتهجير. يجب أن تنصب كل الجهود لأجل ذلك وأن يجري تسخير كل الإمكانيات والطاقات لهذه المهمة المصيرية. كما ويجب تعزيز مكانة المقاومة الشعبية السلمية ولنا في تجربة الانتفاضة الأولى الكثير الكثير من الممكن المراكمة عليها. ثاني هذه المهام ترتبط بالإصرار على العلم والتسلح بتكنولوجيا العصر وإطلاق طاقات جيل الشباب وتسلمهم لزمام القيادة في كل المجالات الحياتية للشعب الفلسطيني بما فيها السياسية والاقتصادية. ثالث هذه المهام تتمثل بالحفاظ على ما تبقى من المنجزات والمكتسبات والتوجه إلى شعوب العالم بخطاب جديد أقرب إلى العلم والواقع وأبعد من استدرار العواطف. رابع هذه المهام تتلخص بتأصيل النسيج الاجتماعي ومظاهر التعاضد والعون فالكل " تحت الفلقة". خامس هذه المهام، تتمثل بوقف أو على الأقل الحد من تغول قطاع الخدمات وتحديداً البنوك وشركات الاتصال وشركات الطاقة والمياه التي جميعها أصبحت "دولة داخل دولة". وسادس هذه المهام وربما هي "مهمة المهام": توطيد سيادة القانون ومبدأ استقلال القضاء والانطلاق من القناعة بأن كل مناحي حياة الشعب الفلسطيني يجب أن يحكمها إطار قانوني ناظم. إن الواقعية تقتضي أن نرى إفرازات المرحلة الراهنة بعيداً عن العواطف والمشاعر والأوهام، لكي نتمكن بدورنا من المضي قدماً على طريق التحرر والاستقلال الحقيقي.
#خالد_بطراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياسة والعواطف
-
سمات المرحلة الراهنة
-
متى ستضحك الشعوب؟
-
عشرون أربعون أو عشرون خمسون
-
الصراعات وجذورها الطبقية
-
المهندسة -م-
-
الغطرسة
-
قصة بلا نهاية
-
المحقق كونان
-
البوصلة
-
تعرف الكذبة .... من كبرها
-
البنيان المرصوص
-
كعكة العالم
-
سحابة صيف في الجامعات الأمريكية أم ماذا؟
-
موسيقى المسدس
-
حق الرد
-
علامة الرسوب هنا، في السجل ... والباب هناك
-
فاظفر بِحُبِ الناس ... تَرِبَتْ يداك
-
الصراع الطبقي
-
بوركينا فاسو وإبراهيم تراوري ... نموذجا
المزيد.....
-
-ليس بسبب اصطدام طائر-.. محلل سلامة يبيّن دلائل تتعارض مع ما
...
-
ما قد لا تعلمه عن وضع نتنياهو: من غير المحتمل أنه حظي بعام ج
...
-
زيادة معدل المواليد في كوريا الجنوبية بأسرع وتيرة منذ 14 عام
...
-
فولودين يمثل روسيا في حفل تنصيب مادورو
-
ترامب وبايدن يوجهان رسائل متناقضة بشأن عيد الميلاد
-
الخارجية: روسيا لم تفرض قيودا على إصدار التأشيرات للأمريكيين
...
-
طهران تتراجع عن تسمية شارع فيها باسم يحيى السنوار وتبرر القر
...
-
الطريقة المثلى لبلع أقراص الدواء دون معاناة
-
فيتامينات ومعادن يحتاجها الجسم أكثر في الشتاء
-
هل يشير الصداع دائما إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم؟
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|