|
الشاعر فاسيل سيمونينكو في ذكرى ولادته التسعين
عماد الدين رائف
الحوار المتمدن-العدد: 8202 - 2024 / 12 / 25 - 19:45
المحور:
الادب والفن
في الثامن من كانون الثاني/ يناير 2025 تحتفل الأوساط الأدبية الأوكرانية بالذكرى التسعين على ولادة الشاعر والصحافي فاسيل أندريفيتش سيمونينكو (1935-1963). وفي هذه المناسبة تواصلت معي مديرة المشاريع الثقافية وكالة "غرس تودورتشوك" آنا لوديغينا، وهي وكالة تعمل على ترويج الثقافة الأوكرانية في الخارج بطرق مبتكرة. وفحوى الطلب الذي أرسلته لوديغينا أن "الوكالة تعمل حاليًا على الإعداد لمشروع الذكرى التسعين لميلاد الشاعر الأوكراني فاسيل سيمونينكو. الفكرة هي أن أشخاصًا مشهورين من مختلف البلدان سيقرؤون إحدى قصائده الأكثر شهرة لهذا الشاعر في مقاطع فيديو بلغات مختلفة".
القصيدة
القصيدة المقصودة هي "هل تعلم أنك إنسان"، وقد تحولت هذه القصيدة التي سبقت رحيل الشاعر بشكل مأسوي عن عمر ناهز ثمانية وعشرين عامًا، إلى رمز يحاكي حياة كل من عاش في قبضة النظام الشمولي آنذاك. وفيها يذكّر الشاعر كل شخص في المجتمع أنه ليس مجرّد برغي في ماكينة النظام التي لا قلب لها والتي تقمع الحريات وتهين الكرامات، بل هو إنسان يحق له أن يسعد وأن يتمتع بالحياة بكرامة. نُشرت هذه القصيدة في ديوان الشاعر بعد وفاته، وتناقلتها الألسن وباتت إحدى درر الأدب الأوكراني الحديث. ومما دفع الوكالة إلى طلب ترجمة هذه القصيدة إلى لغات مختلفة أن "على عكس أفضل الأعمال الأدبية في الدول الأوروبية الأخرى التي ترجمت إلى لغات مختلفة، لم تتم ترجمة الكلاسيكيات الأوكرانية، وقد تعرض مؤلفوها للاضطهاد والقمع في الداخل من قبل النظام السوفياتي. ولذلك فإن صوت شعبنا الذي يتحدث من خلال روايات وأشعار كتابه وشعرائه، لم يسمع بالكامل في الخارج حتى الآن"، وفق ما ورد في الوثيقة المرفقة برسالة لوديغينا. وذلك على الرغم من أن هذه القصيدة، كما العديد من أعمال الأدباء والشعراء الأوكرانيين "مألوفة لدى كل أوكراني منذ الطفولة، في العالم، فإننا نشرك في المشروع مترجمين بارزين من عدة دول، سيترجمون قصيدة فاسيل سيمونينكو إلى الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والألمانية والبولندية وغيرها من اللغات. وسيقرأ ترجماتها نجوم من العالم عبر الفيديو".
من هو سيمونينكو؟
يعتبر الشاعر والصحافي الأوكراني فاسيل أندريفيتش سيمونينكو (1935-1963) أحد ممثلي حركة الستينيات الفكرية والأدبية التي اجتاحت بلاد السوفيات. خلال حياة سيمونينكو، لم تبصر النور سوى مجموعة شعرية واحدة بعنوان "الصمت والرعد" (1962)، ثم نشرت المجموعة الشعرية الثانية "الجاذبية" (1964) بعد وفاته. حظيت أعماله بشعبية واسعة فأعيد نشرها حتى عام 1968، وبعد ذلك اختفت أعماله من خريطة الأدب الأوكراني لأكثر من عقد من الزمان. وكانت عودة الشاعر إلى العملية الأدبية عام 1981، عندما صدرت ديوانه الشعري "بجعات الأمومة". بعد تحرر أوكرانيا مطلع التسعينيات يعاد نشر أعمال الشاعر بانتظام وقد دخلت المناهج المدرسية في أوكرانيا. ولد سيمونينكو في 8 كانون الثاني/ يناير 1935 في قرية بيفتسي (منطقة لوبنسكي، مقاطعة بولتافا الأوكرانية). تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة ريفية، ثم بعد تخرجه من المدرسة الثانوية بالميدالية الذهبية عام 1952، التحق بكلية الصحافة في جامعة تاراس شيفتشينكو الوطنية الأوكرانية في كييف. في عام 1956، أكمل فاسيل تدريبه في مكتب تحرير صحيفة تشيركاسكا برافدا. وابتداءً من العام التالي بدأ العمل في التحرير الصحافي. في عام 1960، ذهب سيمونينكو للعمل في مكتب تحرير صحيفة "مولود تشيركاشيني"، حيث عمل حتى عام 1963 في "صحيفة العمال" في كييف. عام 1962، أبصر ديوانه الأول النور وحمل عنوان "الصمت والرعد". وسرعان قبل طلب الشاعر للانضمام إلى الاتحاد الوطني لكتاب أوكرانيا. في الواقع، وصلتني رسالة لوديغينا التي تضمنت طلب ترجمة القصيدة إلى اللغة العربية عبر البريد الإلكتروني بتاريخ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وقد طلبت المساعدة "في ترجمة القصيدة إلى اللغة العربية ستكون ذات قيمة كبيرة بالنسبة لنا. إذا كان لديك الوقت لاستخدام هذه الترجمة، سنكون سعداء بمناقشة شروط التعاون. سنكون ممتنين بصدق للإجابة". على أي حال، وصلت الرسالة مع بدء سريان وقف إطلاق النار بعد العدوان الصهيوني الذي استمر أكثر من ستين يومًا، بدأ في 19 أيلول/ سبتمبر الماضي. ووقف إطلاق النار هذا مؤقت، وهو عبارة عن توقف الأعمال الحربية ولا يعتبر نهاية للعدوان، بل مجرد هدنة لمدة ستين يومًا.
تمهّلت في الردّ بسبب الظروف التي يمر بها لبنان، على الرغم من أني على دراية بأعمال سيمونينكو وقد نشرت منذ نحو خمس سنوات في مدونة "دفاتر الأدب الأوكراني" ترجمة عربية منثورة لهذه القصيدة نثراً مع سيرة مقتضبة للشاعر. وبعد أيام أرسلت الرابط المطلوب، ثم النص بصيغة يمكن التحكم بها وتمنيت للوديغينا النجاح في هذا المشروع. آنذاك، فكرت في أمرين.. الأول أن هذه معاني هذه القصيدة عميقة وتصلح لما نحن فيه اليوم، على أمل أن يحل السلام وتنعم بلداننا بالأمن في يوم من الأيام. أما الأمر الثاني فيسهل العثور على ترجمتي العربية لهذه القصيدة ببحث بسيط عبر أي محرك بحث، وأتت الرسالة لتذكرني بها، وكذلك بمشروع ترجمة العشرات من قصائد الشعراء الأوكرانيين، منها ما نشر ضمن مشروع "شعراء أوكرنيون" على المدونة، كما قصيدة سيمونينكو، ومنها ما هو معدّ للنشر ولم ينشر، والقسم المتبقي لا يزال مختزنًا في دفتر ضمن مكتبتي في مدينة صور، وأنا لم أكن أعرف يوم وصلتني الرسالة إن كانت المكتبة ومحتوياتها لا تزال مكانها أم لا. عدت إلى مدينة صور. المكتبة بخير بغض النظر عن الأضرار التي أصابت الشقة الكائنة في حيّ الرمل المنكوب، حيث انهار عدد من المباني بفعل القصف المباشر، لكن المبنى الذي توجد فيه شقتي المستأجرة لم يستهدف بشكل مباشر فنجا. وبذلك تكون قد نجت ترجمات كثيرة لا تزال مخطوطة على أوراق الدفاتر... على أمل أن تنشر في يوم ما.
ترجمة القصيدة
هلْ تعرفُ أنَّكَ إنسانٌ؟ هل تُدركُ ذلك أم لا؟ أنَّ ابتسامتَك فريدةً، وحزنَك فريدٌ، أنَّ عينيك لا مثيلَ لهما.
لنْ يكونَ هناك المزيدُ منك، غدًا فوقَ هذه الأرضِ سيسيرُ آخرون، طيبونَ وأخيارٌ وأشرار.
اليومَ كلُّ شيء لك، البحيراتُ والبساتينُ والسهوبُ، عليك أنْ تستعجلَ لتعيشَ، عليكَ أن تستعجلَ لتُحبَّ، انتبه، لا تغفُ!
لأنك إنسانٌ على وجه الأرضِ، شئتَ ذلك أم أبيتَ، ابتسامتُك فريدةٌ، وألمُكَ فريدٌ، وعيناكَ لا مثيلَ لهُمَا.
#عماد_الدين_رائف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دياكاموس
-
ليسيا أوكراينكا.. أيقونة الأدب الأوكراني
-
دراما ليسيا التي غيّرت الثقافة الأوكرانية
-
أعمال إيفان فرانكو وأغاتانغل كريمسكي مترجمة إلى العربية 2-2
-
أعمال إيفان فرانكو وأغاتانغل كريمسكي مترجمة إلى العربية 1-2
-
الدوافع الشرقية في ديواني إيفان فرانكو -إزماراغدي- و-القديم
...
-
قراءة في البعد الاجتماعي للقصة المدينيّة: -حكايات منسيّة- لص
...
-
عملية -بنك أوف أميركا- مرويّة
-
عن ملاك التي تسابق صخرة
-
أفندار.. حكاية عاشق لم يقو على قتل ليلى الايزيديّة
-
حيٌّ ما دام الناس يذكرونه
-
أيتماتوف يجمع الكتّاب في ملتقى حوار الثقافات
-
قرغيزيا جنكيز أيتماتوف: الماضي الحاضر أبدًا
-
في حضرة ماناس برفقة جنكيز أيتماتوف (1)
-
حبيبات إيفان فرانكو.. بين حياته وأشعاره الحميمة – 2 –
-
ميخايلو هورلوفي ينحت لبنان حبًّا وشعرًا
-
صرخة امرأة.. أرقى ما نظمت مارينا وما غنّت تمارا
-
حبيبات إيفان فرانكو.. بين حياته وأشعاره الحميمة - 1 -
-
صخر عرب مجسّدًا صراع الأجيال والقيم في روايته -نسيم الشمال-
-
لا تقترب من -هاوية- زينب مرعي قبل النوم!
المزيد.....
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|