خزامي مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8202 - 2024 / 12 / 25 - 16:23
المحور:
الادب والفن
"نيرون مات ولم تمت روما
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلة تجفّ
ستملأ الوادي سنابل"
محمود درويش
. هذه ليست مجرد كلمات عن مدن عابرة، بل هي صرخة من أعماق التاريخ تعبّر عن الحقيقة الراسخة بأن الشعوب تبقى، حتى وإن سقط طغاتها.
ثورتنا السودانية، كسنابل تنبت من رماد الحقول، رتبت في دواخلنا أشياء كانت مبعثرة، فاجأتنا بقوتها، لأننا لم نتوقع يوماً أن نرى مثل هذا التلاحم. في مياديننا، تعلّمنا التضامن، ووجدنا اشتراكية تُذهِل لينين نفسه، لو جاء ليرى "عندك خت ما عندك شيل ". الثورة السودانية هي بالفعل مدرسة لكل من أراد أن يتعلم، هي درس للعالم بأسره، للساسة والمفكرين قبل أي أحد آخر.
اكتشفنا أن السلام ليس وثيقة تُصاغ في ورش المنظمات أو قاعاتهم المكيّفة، بل هو في تقارب القلوب وتآلف النفوس، في تآزر الشعوب وإشاعة الحب فيما بينهم. السلام ينبع من التضحية والإيثار، من قدرة الإنسان على العطاء والتسامح في أحلك الظروف.
أما الحرية، فقد عرفنا أنها ليست في صفحات الفلاسفة أو بيانات الأحزاب. إنها تكمن في قوة الكلمة، في وقفة شباب غاضبون وملوك الاشتباك أمام مدافع السلطة وجبروتها. هؤلاء الأبطال الذين يقفون اليوم في حماية السودان، حين تكالبت عليه قوى العالم من شرقه وغربه، هم التجسيد الحي لروح الثورة، التي ما زالت تنبض في شوارعنا.
إن انتشار قيم التكافل والمساندة في ظل هذه الظروف القاسية التي فرضتها الحرب، هو امتداد لثورتنا، استمرار لروحها وقيمها. فمهما طال الزمن أو قصر، سيعود السودان أقوى، أجمل، وأكثر اتحاداً، مثل سنبلة جفّت لتملأ الوادي مرة أخرى سنابل
#خزامي_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟