أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس أدبية ــ 389 ــ















المزيد.....



هواجس أدبية ــ 389 ــ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8202 - 2024 / 12 / 25 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


المسيحيون ليسوا طائفة، أنهم ورثة الآراميين قبل مجيء الأغريق والأرمن والرومان، كانوا سكان سوريا كلها، الخابور والفرات والعاصي وبردى وطبريا والبحر الميت، كانوا امتداد لحضارة المنطقة، السومريين والآكاديين والبابليين والأشوريين والآموريين.
كانوا مبدعين، لهم مسارحهم، فنونهم، تماثيلهم، صناعاتهم الحرفية، وصدروا حضارتهم إلى العالم القديم كله.
من الاجحاف والخسة ان نقول عنهم أقلية، هذا عيب ويجب أن يخجل كل من يتكلم عنهم بالسوء.


الخبث جزء لا يتجزأ من سيكولوجية الإنسان المقهور.
الإنسان المقهور يتعرض للأذى النفسي والجسدي في طفولته المبكرة وما بعد المبكرة، منها الاحتقار، الإهمال، الإذلال، الإهانات المتكررة بمناسبة وغير مناسبة، التهميش، النهر والزبر والزجر، والتفل.
عندما يتعرض الفرد إلى هذا الكم الهائل من الخضوع، يعمل العقل لنفسه ميكانيزم ذاتي، إفراز أنزيمات لا أخلاقية لحماية الذات من السقوط التام، فيلجأ الطفل منذ السنوات المبكرة من حياته إلى الكذب والغش والغدر والعمل بالسر والخفاء.
بهذه الحالة، ينشأ لدينا جيل مكسور مهزوم من الداخل، سطحه يناقض باطنه في العمق والمظهر، ومن النادر أن يسلم أي إنسان من هذا الوضع.
أي، ينشأ لدينا جيل فهلوي، ينطنط على ألف حبل وحبل، ويظن أن هذا النط قمة الذكاء.
الكثير يظن أن الفهلوية والخبث والغش والفساد الأخلاقي والذاتي والاجتماعي هو ذكاء ونجاح، الحقيقة، عندما تتميع الذات وتفقد قيمتها كتكوين إنساني وروحي، تفقد وزنها الذاتي والسلوكي وتتحول إلى شيء نافل وتافه ورخيص
وما أكثر النافلين والتافهين بيننا.


ثورات الفلاحين في العالم كله ،التي انطلقت مع بداية الخمسينات، بيد أنها انحرفت عن مسارها، لم تستطع أن ترمم الهوة بينها وبين مراكز النظام
ربما أن هذا الانحراف كان جزءا من بنيتها، والمنحرف معدوم الرؤية السياسية والفكرية والاقتصيادية لديه، ولانحطاط القوى التي كانت في داخلها.
لم تقدم أي شيء له قيمة عملية، سوى تحقيق تراكم كمي في كل شيء، وفوضى، وتلوث، ولم تردم الهوة بين الفقراء والأغنياء، ولم تبن مدن مدنية متحضرة، بل في عصرها انتشر التكاثر السكاني السرطاني، وزاد الانقسام الاجتماعي على اسس دينية وقومية ومذهبية، وزادت المحسوبية وخراب الذمة والضمير، ووصل إلى قمم السلطة الأحقر والاحط شرفُا وقيمة إنسانية.
انطلقت ثورات الفلاحين كثورة على الدونية والاستلاب وعقدة الاضطهاد، مع وصول الثوار إلى السلطة تفارقوا عن طبقتهم، بل ركلوهم بأرجلهم، وانفردوا بالثروة والمكانة، دون أرضية طبقية تستند عليها سوى وجودها في قمة السلطة، واستخدم عسكر السلطة من أجل كم الأفواه ونهب المال العام.
ثورات الفلاحين كانت وبالًا على الدولة والمجتمع في جنوب العالم.
المتخلف اجتماعيًا، مدنيًا، لم يستطع أن يرمم عقدة الاضطهاد والدونية القابعة في بنيته، بالرغم من صيرورته الطويلة في السلطة، سوى المزيد من التسلط والنهب، وترك الخراب يعشعش وراءه.
هل كنّا بحاجة لمثل هذه الثورات، لمثل هذا الشكل من الاستقلالات شكلًا عن المراكز، ومرتبطة مضمونًا؟


المسيحية كانت حاجة ضرورية للأمبرطورية الرومانية الهيمنية والمسيطرة على العالم القديم.
مع الزمن تحولت إلى علاقة تبادلية، أحدهما احتاج إلى الثاني من أجل البقاء في القمة العالمية.
عندما انحرفا أو ضعفا، بدأ الانقسام يدب فيهما، وبدأ التفسخ يضرب بجذورهما إلى أن انهرت بسقوط روما، في العام 476، واستمرار الرومانية الشرقية، بيزنطة إلى أن سقطت الأخرى في العام 1453 على يد الاتراك الهمج.
استمرت المسيحية ألف سنة تعيد إنتاج نفسها، أمراضها البنيوية إلى عصر النضهة الذي انطلق من فلورنسا الأيطالية في نهاية القرون الوسطى الظلامية.


لا يمكننا القبض على الزمن، إنه خلفنا.
ابتدع الإنسان كل الأساليب من أجل حرقه بعد ان شكل لنفسه واقعا مربوطا بتواريخ ومواعيد وعلاقات وقوانين ونواميس على مقاسات ضيقة ومحدودة لتحجيم ذاته ونفسه ووجوده.
اتمنى أن يكون الزمن مطلقاً في علاقة بنفسه وبالإنسان


الإنسان أكبر مقامر على وجوده، بينما الطبيعة حاملة قيمها في ذاتها، ستعود إلى ذاتها وترممه بعد أن تلفظ الزبد والوسخ.
الأصل سيعود إلى ذاته, أما الزبد أو الزيف فإلى هباء.


الثقافة معاناة، قهر ووجع.
الثقافة تعبر عن آلام الحياة كلها، ناسها وكائناتها وماءها وهواءها.
يشعر المثقف أنه في قلب العاصفة، يريد أن يحمي الحياة من ألم الحياة.
يعلم أن الحياة غربة ومع هذا يريد أن يدخل الألفة إلى قلوب كل الناس، ينسى نفسه من أجل الآخرين.
اقصد المثقف الإنسان الذي ينتمي إلى روح الحياة، إلى جوهرها، آلمها.


إن تكون كاتًبا، إنساًنا ..عليك أن تنزل إلى الدرجات الأدنى أو السفلى للحياة، إلى مستنقعها، إلى أعماق الظواهر السوداوية.
إن تتحول إلى ناسك في محراب البحث عن الحقيقة. إن تتجرد من الأصوليات القديمة والجديدة. إن تغرز مدادك في دمك وتنثره في الهواء الطلق، كريشة فنان متعبد في مرسمه، كنحات طلق يعوم فوق البرد والغيم والضباب، ويسكن قاع صخره أو مرسمه، باحًثا عن لون يجسد الأعماق السحيقة للوجود.
الكاتب أو الفنان أو الموسيقي الذي يبحث عن ذاته في المقام الأول لتسويق ذاته، بالتأكيد سيكون عمله تجاري ومؤقت، وسيموت مع موته.
هناك كتاب كثر، يكتبون بشكل ممتاز، بيد أنهم غير مبدعون وغير متجدرون في لمس جدلية الحياة وكوابيسها.
وهناك فرق كبير بين المبدع والكاتب.
أدوار سعيد مبدع غاص في أعماق الظواهر السوداوية، وتحته كتاب بعشرات الآلاف يحومون حول الكتابة ولا يصلون إلى أي شيء.


آرام كرابيت
في ظلال الوقت
لم يتوقف المطر في ذلك اليوم. كان غزيرًا محبًا للأرض ففاض وانكشف على نفسه والفضاء. خلا المكان من الناس والطيور والغزلان وأولاد ابن آوى والثعالب والذئاب. والهواء والبرد يلعبان في بعضهما ويهبان دون وازع من ضمير أو رأفة بالمحرومين والفقراء.
وقف ذلك الرجل على ناصية الشارع منتظرًا حافلة ما في ذلك الزمن الفقير بالحافلات والسيارات لتقله إلى قرية تل تلو. بقي واقفًا في مكانه أربع ساعات طوال على قدميه في ذلك الزمهرير الخشن وقلبه على ولديه وزوجته.
قال لنفسه:
ـ رباه، إنهم دون طعام أو خبز أو حليب أو تدفئة. إنهم في رعايتك. ساعدهم.
بكى من الحسرة والألم، من العوز والحاجة. لم يتناول الطعام منذ قبل يومين. أضحى البرد زائرًا، صديقًا مقيمًا في جسده كنهر متدفق يغزو الأرض المقيمة فوق مجراه وينتقل من مكان لآخر دون حدود لتدفقه.
رأه سائق سيارة عابرة فأشفق عليه، فتح الباب له وناده ليصعد إلى سيارته، وسأله:
إلى أين تريد الذهاب يا هذا؟
ـ إلى تل علو، بيد أني لا أملك مالًا. لدي ساعاتي خذها رهينة لديك إذا كنت مسافرًا إلى المالكية.
ـ أركب، وضع ساعتك في جيبك. عيب هذا الكلام. الناس لبعضها.
قال:
ـ لقد تعبت من الوقوف، لقمة الخبز صعبة يا ابن العم. أنا خجل منك كثيرًا.
ـ ولو؟ كلنا أخوة في الحياة يا أخي. ثم أن السيارة ليست إجرة
كانت القامشلي مدينة فتية، صغيرة تحمل على كتفيها وظهرها عددًا صغيرًا من السكان، أرمن وسريان وكرد وعرب واشور ويهود. وشارع الجسرين منعشًا، فيه حركة واسعة في الأيام العادية. وفي الأيام المشمسة تغدو مبهرة، كامرأة من ورد وعنب في زمن تفتح الورد والكروم.
زرع الناس الأشجار المثمرة وكروم العنب وبنوا البيوت والساحات وحولوا مدينتهم الجديدة إلى واحة من أمل بعد هروبهم من تركيا، من الوجع السلطوي القاتل الذي دخل أغلب البيوت وقتل الناس الأبرياء وهجرهم إلى الجهات الأربع في ذلك الزمن الانتقالي من قوى تاجرت باسم السلطنة إلى ركوب السلطة والمتاجرة بالقومية التركية.
والجغجغ، ذلك النهر العامر كان غزيرًا وفيًا للأرض والإنسان، سريع الحركة، نشيطًا.
مدينة الحب، والتألف وتوازن العلاقات فتحت للأفئدة المحبة قلبها وسارت الحياة كما يبنغي لها السير، بيد أنها كانت في بدايتها تريد شق طريقها نحو البناء والتوسع.
ـ لا عليك. أركب. سأله:
ـ هل انت جائع، يبدو على وجهك التعب والإجهاد كأنك لم تأكل الزاد منذ عدة أيام؟
ـ وأولادي وزوجتي جياع. عقلي وروحي عندهم. إنهم دون زاد وتدفئة. كما تعلم أن البلاد ولدت من جديد، أننا في مرحلة انتقاليه ونحتاج إلى وقت لقف على قدمينا.
ـ معك حق. البلاد فقيرة. وكل يوم وثاني انقلاب جديد. بعد الاستقلال لم يستقر بلد بعد، بل زاد اضطرابًا على اضطراب.
ناوله سندويشة فلافل فيها بقدونس ومخلل لفت وشوندر وخيار. قال له:
ـ خذها. كل وسد جوعك بهذه اللقمة.
مسكها في يده ونظر إلى صاحب السيارة. انهمرت الدموع من عينيه وبكى كالأطفال الصغار:
ـ ربما تكون أنت أيضًا جوعانًا. ليس من العدل أن أكل وتبقى دون طعام؟
ـ لقد أكلت سندويشتين قبل أن أراك. فكر في نفسك ودعك مني.
مسك السندويسة وطار خياله إلى البيت"
ـ كيف سأكل يا أولادي ويا زوجتي العزيزة؟ وأنتم دون زودة أو زاد، أنني أقتل ضميري في هذه اللحظة.
تدخل السائق مرة ثانية
ـ هل تؤمن بالله؟
استغرب الرجل من هذه الكلمة، وارتقى الى مرحلة الصدمة، أجاب:
ـ طبعًا أومن بالله. وهل هناك عاقل لا يؤمن به.
إذا، هذا رزقك من الله تعالى. كل ولا تقلق. للأطفال رب يحميهم.
كان السائق يرتدي معطفًا من الصوف على قدميه شال من الصوف الطبيعي وإلى جانبه معطف عسكري طويل:
ـ حاول أن ترتديه، فالبرد في السيارة قارس. توقف قليلًا ثم اضاف:
ـ يا ليت الأمريكان والأنكليز والفرنسيين والطليان يكملون معروفهم ويخترعوا لنا سيارات فيها تدفئة، البرد يتسلل إلينا من كل مكان. وأضاف:
في الطريق إلى المالكية سأعرج إلى تل علو وأضعك هناك وأكمل طريقي. كل طعامك ودع الله يتدبر أولادك.
ساد صمت وافر، يتخلله صوت المحرك ومرور الهواء الطلق في الفضاء الطلق
ماذا ستعمل في تل علو؟
ـ سأذهب من هناك إلى المصلحة، اتفقت مع صاحبها أن أعمل لديه في هذا الموسم. فنحن في بداية الخريف، سأعمل هناك سائق جرار، نفلح الأرض والسماء ونركشها ونبذرها بالقمح والشعير. كما ترى فإن الأرض خصبة والله لا يبخل علينا بالمطر.
ـ الله كبير، نسيت اسألك، ما هو اسمك:
ـ خاجيك
ـ الأخ أرمني؟
ـ نعم.
ـ والنعم عليك. أنا اسمي محمد من تل علو، بيد أن طريقي كما ذكرت لك إلى المالكية فهي ناحية صغيرة، بنيت منذ فترة قصيرة
ـ أعرفها، زرتها مرات كثيرة، فيها كنائس وجوامع حديثة وناسها محبين وأكابر ويرحبون بالضيوف.
ـ وهل لديك مصلحة آخرى عدا عن قيادة الجرار والفلاحة؟
ـ أنا عامل مواسم، ونصف ميكانيكي ومصلح بوابير ومدافئ المازوت. أعمل على الحصادة في الصيف والجرار في الشتاء ومرات كثيرة لا يوجد عمل. ثم توقف واضاف:
الفقر غربة أرض وسماء يا أخي محمد. والغربة لا وطن ولا حدود. إنها عبودية
ـ ما تقوله صحيح.
ـ الحالة صعبة جدًا. لمن هذه السيارة الجميلة؟
ـ هذه السيارة لأصفر ونجار. شيفروليه موديل العام 1953، أي ليست ملكي، سأصل إلى هناك وأعود إلى القامشلي. لقد كلفني الخواجة يعقوب نجار أن أحمل رسالة إلى مدير الناحية هناك تتعلق بالأرض وتوسيع المساحات الزراعية في هذه المنطقة. إنه رجل عمل ودنيا، وكل يوم لديه مشروع زراعي جديد، ولا يهدأ ولا يقف عند حد. العمل جزء من تكوين هذه العائلة، أنهم ثروة وطنية كبيرة قدموا فائدة لا تقدر بثمن لهذه البلاد في مجال استصلاح الأراضي وإنشاء شبكة أقنية ري، واستثمروا الأراضي في زراعة الرز. كما جلبوا قشارات لتقشير الرز، وصدروا منتجات بلادنا الغذائية كالحبوب بملايين الأطنان إلى الخارج لدعم خزينة الدولة واقتصاد الوطن.
توقف قليلًا عن الكلام والتفت حوله قليلًا:
يا رجل؟ أنظر إلى المساحتان لا تستطيعان أن تتخلصان من ماء المطر من كثرة ووفرته.
ـ صحيح.
من الجميل أنك جئت معي، لنتجاذب أطراف الحديث ونقضي أوقاتًا مفيدة لنا ومسلية ونضيع وقتنا ونقود السيارة دون خوف أو ملل.
كان الطريق بقايا مقالع، فيه الكثير من المطبات، حفر مملوءة بالماء. ومساحة السيارة لم تتوقف لحظة واحدة عن طرح ماء المطر وقذفهم على طرفي الزجاج وإلى الخارج.
وداخل الكابينة استرخى بدن البرد على القدمين والساقين والأطراف والبدن لكلا الرجيلين، خاجيك ومحمد.
كان خاجيك قلقًا، باله يقوده إلى الماضي والحاضر والمستقبل. أكل السندويشة وفي القلب غصة ووجع، شعر بالقليل من الحرارة، بيد أن النفس المكسورة بقيت مكسورة ومتألمة.
عندما وصلا إلى تل علو، نزل من السيارة كانت ثيابه ما زالت مبللة، ووضع على ظهره فرشته المبللة أيضًا. كان الوقت بعد الظهر، وبدأ الليل يرخي سدوله طاويًا الضوء تحت قبة جناحيه وطار بهما إلى ظل الوجود البعيد.
سار مسافة طويلة، خمسة عشرة كيلو متر مشيًا على الأقدام، والخوف يسكنه أن تهجم عليه الحيوانات الضارية وتفترسه.
سار وقلبه بين يديه على ابنه هاروت وابنته هاسميك. لم يكن هناك طريق محدد أو نجمة مضيئة تعبد له طريق سيره. لم يكن هناك ضوء شمعة أو بيت أو راعي غنم. والأخيلة الغريبة تطارده من مكان إلى آخر. حاول تذكر زوجته مانوش، شبابنهما، زواجهما، حبه الجنوني لها. نكرانها للذات من أجل بقاء عائلتها.
وعندما وصل رأى خيمة المصلحة، ضوء خافت جدًا، محراث آلي معطل. وعندما اقترب أكثر شعر أن الجميع نيام، فدخل أول خيمة رأى رفاقه يغطون في نوم عميق لأنهم سيقومون بوردياتهم في قيادة الجرار.
طباخ المصلحة كان مستيقظًا، سلم عليه وجهز له لقمة طعام من أجل البدء في العمل بعد ساعة.
شعر رئيس المصلحة بحركة غريبة فجاء على أثر الصوت ودخل الخيمة أو الشادر، وما أن رأى خاجيك حتى نهره ونعته بكلمات نابية:
ـ يا خرا ابن الخرا أين كنت إلى هذه الساعة؟ لماذا تأخرت؟ الا تدري ان العمل مقدس؟
رد عليه:
ـ الخرا ابن الخرا واحد مثلك. أنت تعلم أن عدد السيارات في المدينة لا يتجاوز المئة. ولا يوجد سيارات نقل. كيف سأقطع عشرات الكيلومترات لأصل إلى هنا بوقت مبكر؟ ألم يكن من المجدي أن ترسل البيك آب التي بحوزتك لجلبي. لقد مشيت على الأقدام بهذا البرد القارس والمطر الغزير مسافة خمسة عشرة كيلو متر. فبدلًا من أن ترحب بي تشتمني يا أبن العاهرة.
ـ وهل ترى أن المصلحة خادمة عندك، لديك؟ مهمتك أن تكون موجودًا على رأس عملك في الوقت المحدد يا أبن ستين عاهرة
تعاركا في ذلك الظلام، ووقعا على العمال النيام، فحدث هرج ومرج واستيقظ الجميع وابعدوهما عن بعض.
كان رئيس المصلحة يرجف من الغضب، قال له:
ـ ليس لك مكان عندي في العمل، والمصلحة. أمسك بعضك وأذهب من هنا. أخرج بسرعة.
ـ بالناقص من العمل عند واحد خرا مثلك. أنت أبن عاهرة برخصة وأي كلمة أخرى سأكسر راسك بالمطرقة.
مسك المطرقة ورفعها بيده إلى الأعلى:
أي كلمة آخرى منك سأقتلك. إلزم حدودك يا ساقط
ثم مشى يغمغم في سره
ما دام هناك سماء وطيور، وشجر ونهر ومطر، فلا خوف على الحياة.
وخرج في ذلك الليل. وضاع.


الخبث جزء لا يتجزأ من سيكولوجية الإنسان المقهور.
الإنسان المقهور يتعرض للأذى النفسي والجسدي في طفولته المبكرة وما بعد المبكرة، منها الاحتقار، الإهمال، الإذلال، الإهانات المتكررة بمناسبة وغير مناسبة، التهميش، النهر والزبر والزجر، والتفل.
عندما يتعرض الفرد إلى هذا الكم الهائل من الخضوع، يعمل العقل لنفسه ميكانيزم ذاتي، إفراز أنزيمات لا أخلاقية لحماية الذات من السقوط التام، فيلجأ الطفل منذ السنوات المبكرة من حياته إلى الكذب والغش والغدر والعمل بالسر والخفاء.
بهذه الحالة، ينشأ لدينا جيل مكسور مهزوم من الداخل، سطحه يناقض باطنه في العمق والمظهر، ومن النادر أن يسلم أي إنسان من هذا الوضع.
أي، ينشأ لدينا جيل فهلوي، ينطنط على ألف حبل وحبل، ويظن أن هذا النط قمة الذكاء.
الكثير يظن أن الفهلوية والخبث والغش والفساد الأخلاقي والذاتي والاجتماعي هو ذكاء ونجاح، الحقيقة، عندما تتميع الذات وتفقد قيمتها كتكوين إنساني وروحي، تفقد وزنها الذاتي والسلوكي وتتحول إلى شيء نافل وتافه ورخيص
وما أكثر النافلين والتافهين بيننا.


المعارضة تريد حصة من كعكة السلطة, وضعوا بيضهم في سلال الذي يسوا والذي لا يسوا. طيب, أذهبوا إلى بشار مباشرة, أجلسوا معه, أعطوا له مؤخراتكم وخذوا الفلوس, ووفروا على الوطن هذا الخراب والدمار.
النظام مصان وله خصوصية لدى صناع القرار الدولي, ويعرف يلعب على التوازنات الدولية, ولا توجد إرادة سياسية دولية لإسقاطه, وأنتم, المعارضة, مجرد كركوزات, إمعات فارغة, عم تدقوا الأبواب من أجل انتزاع اعتراف من هذا وذاك لكم, فأما أن تجلسوا في بيوتكم أو أذهبوا إليه واشتغلوا عنده مثل صالح مسلم وهيثم مناع. هي أوفر لكم ولنا كمجتمع وبشر.
فبدلا من الذهاب إلى السعودية وقطر وتركيا, والإشادة بمواقفهم الوطنية والقومية والدينية, أذهبوا إلى الأقرب إليكم, النظام, فأنتم وهو على مسافة واحدة, هي الحصول على كعكة السلطة, وكفى لعب علينا.


هذا الكون عاقل, وجميع كائناته عقلاء يتناغمون معه ويتناغم معهم, إلا الإنسان فهو كائن أحمق وأرعن

لاننا شعوب عاطفية جدًا, بمجرد أن نكتب عن موضوع ما يمس الجوانب الجوانية في دواخلنا, ينتابنا الحزن والألم. وتكاد قلوبنا تنفطر من القهر. ونعتبر هذا الموضوع يمسنا, يمس أعماقنا, ويخلخل البنيان الهش لتوازننا النفسي.
بمجرد ان نقترب من الأنبياء أو الرسل يستنفر ذلك المارد النائم في أعماقنا من غفوته ويخرج.
فما دام الله واحد, لماذا انقسمنا إلى عدة أديان؟


أغلب التضحيات التي تحدث في بلدي والعالم مجانية, من أجل طائفة أو دين أو قومية. إنه انحراف عن الهدف. فالمصلحة تلبس هذه المسميات الكبيرة. فلنعريهم, ونقف مواجهة, وجهًا لوجه مع حقائق الحياة. فالسلطات عبر التاريخ رسخت وجودها عبر هذه الحوامل المريضة وجيشت الناس ضد بعضهم من أجل استمراريتها, واستمرار الساسة في الحكم.
لولا الكذب لما رأينا هذا البؤس والخلل والانحراف في حياتنا


أي طفل صغير في وطني, يتعرض للبرد في هذا اليوم, في هذه اللحظة, يساوي المسيح كله وآلامه أيضًا. فهذا الأخير لم يقدم ربع ما قدمه سبارتكوس أو الحلاج أو أبن المقفع أو غيلان الدمشقي.
ليش التاريخ يذكر المسيح وحده. ليش؟
وهناك ملايين الناس يذهبون إلى المكان ذاته, الطقوس الموسمية ذاتها.


إنه زمن العبث العالمي في ما يجري في بلدنا. زمن, زرع الاوغاد خناجرهم المسمومة في حلوقنا.
تحولت سوريا إلى ضلع قاصر, يمد كل سفاح يده إلى غمده ويطعنها.
الخنجر المسموم في ضلعنا جميعا.. زمن انفتاح النفس على الألم والوجع. سوريا, يا جرحنا العميق, يا وطن الوجع


ذكريات من رأس العين
شجرة الكينا في الحوش كانت الأكبر حجمًا وطولًا وعمرًا في رأس العين. دائمة الخضرة في الصيف والشتاء, طرية, مرنة, لطيفة وعطوفة القلب والروح في بقية الفصول. كنا نجلس تحتها في الصيف نتبرد. وتمنحنا الظل والرطوبة. ومرات كثيرة اتسلقها بواسطة الأغصان المعرشة, أجلس فوق, في الأعلى, أراقب ما يجري حولي. يصحبني لهاث من ضيق التنفس. واستيقظ مرات كثيرة على صراخ أمي العالي:
ـ انزل بسرعة. ستقع وتتكسر. تقف عند الجدع, تولول وتتضرع لله أن يرفق بي ويمنحني العقل والمرونة حتى أرد على توسلاتها.
كنت متمردًا, رافضًا لكل شيء. لم يكن في ذهني شكل الرفض بيد أني كنت عنيدًا, صلبًا منذ نعومة أظفاري. لم يحرك بكاء أمي أي شيء في داخلي. أفعل ما يمليه علي عقلي.
في الشتاء تكون الكينا مأوى للطيور المهاجرة أو الجريحة. الكثير منهم يجلسون فوقها, يستريحون من عناء السفر الطويل. والبعض منهم يسقط أرضًا من البرد أو التعب. وخاصة الزرازير. كنت انتظر بفارغ الصبر سقوط أحدهم, اسمع استغاثته الحزين عندما يقترب من الأرض. لم اكن أمهله الوقت حتى يلتقط أنفاسه حتى أجهز عليه, ليتحول إلى طعام على مائدتنا. كل يوم كنت احصل على ثلاثة أو أربعة منهم. وأحيانًا استيقظ من النوم وأركض وراء أحدهم حتى أمسكه. كانت الكينا سمتًا, نبراسًا وملتقى طرق الترحال.
طوال الليل كنا نسمع صوت الطيور الراحلة, المهاجرة من الشمال إلى الجنوب طلبًا للدفء.
كان ذلك زمن الطيش واستبدال الأزمنة والتاريخ.
مر زمن طويل على ذلك الزمن, زمن لا نهائي خلف وراءه الكوارث والكوابيس ولم نتمكم من إدراك ما يدور حولنا إلا إلى وقت متآخر. رأينا أنفسنا فاقدي الصوت, تغطي الدماء رؤوسنا
كل يوم أحد كنت استيقظ في السابعة من النوم. وأذهب برفقة أختي أنجيل ولوسين إلى كنيسة الأرمن الأرتذوكس. ألبس القميص الأبيض الطويل مثل بقية الأطفال. ونصطف بجانب بعضنا في المحراب إلى أن يأتي المصلون. ويبدأ القداس. الحقيقة لم أكن أذهب رغبة في الصلاة أنما خوفًا من جنون القسيس كيفورك. كان رجلًا قاسيًا ومزاجيًا ولا يمكن للمرء ان يتنبأ بردات فعله بشكل دقيق. عندما تمتلأ الكنيسة بالمصلين يبقى الأسبوع كله منشرح الصدر ولا يسأل عن غيابنا يوم الأحد. اما إذا كانت فارغة فالويل والثبور. يحمل العصا ويضربنا بمنتهى القسوة, يذكرنا بمأساة أجدادنا. وأحيانًا كان يضرب رأسه على الحائط من الحزن والقهر أو يشد شعره.
وفي حال تواجدي في الكنيسة كنت أبقى شاردًا طوال الوقت, انتظر صلوات الخاتمة بفارغ الصبر. كنت موجودًا بين الناس جسدًا لكن قلبي وعقلي في مكان آخر تمامًا. أحس نفسي في جنازة, والموتى فوق أكتافي يركضون إلى التراب.
في ذلك العام/ 1969/ بدأت بلدية رأس العين بحفر الشوارع لتمديد مجاري المياه المالحة تحت الأرض. جلبوا حفارة /باكر/ وحيدة. ومضوا يمدون القساطل وملحقاتها من الاسبستوس.
أكثر ما أثار اهتمامي هو وجود أكوام من العظام والجماجم تحت الأرض, على مسافة لا تتعدى العشرين أوالثلاثين سنتمتر من سطح الأرض.
كنا ننام في غرفة تطل على الشارع على مسافة متر ونصف المتر, بالقرب من تموضع العظام البشرية المكومة. رائحة التربة كانت رائحة عظام, ورائحة الشارع أيضًا. جماجم بالآلاف, سواعد, عظام الفخذ, أصابع اليد, اسنان, مكومة فوق بعضها البعض وكأن هذه العظام وصلت إلينا نتيجة معركة كبيرة تمت على هذه الأرض أو مجزرة حدثت في زمن ما. أستطيع القول أن مدينة رأس العين متموضعة أو نائمة على تلال من العظام ليس أولها الخرابات القائمة في شرقي المدينة على مقربة من سكة القطار, أوالمكان الذي نسكنه. كنت, مع بقية الأطفال من عمري نسير مع الحفارة /الباكر/ نتحرك مع سطله أينما ذهب. العظام المفتتة ترمى على الجانبين من الشارع. كنت أقول لنفسي:
ـ عظام من هذه؟ من هم هؤلاء الضحايا؟ لماذا لم يذكر كتب التاريخ شيئًا عنهم؟ أم أن ذاكرة بلادنا ميتة؟
مرات كثيرة كنت أقف مع تمو ومعمو الباشات, فوق العظام, ونتحدث عن الأموات. كنت استغرب هذا الكم الهائل من المخزون الثقافي في عقولهم عن الموت وعذابات القبر ومجيء عزرائيل وجبرائيل وبيده العصا. ويفرز المؤمنين عن الكفار. كنت اتساءل:
لماذا هذه الثقافة المخيفة محشوة في عقول أطفال مثلنا؟ ولمصلحة من استثمار هذا الخوف الرباني؟
وعندما كبرت علمت أن هذه الثقافة توارثانها عبر أئمة دجالين ليس لهم هم الا تخويف الناس ليبقوا خاضعين, صاغرين لإرادة رجال السياسة ورجال الدين المنافين. سألت أبي مرة عن عذاب القبر, قال:
ـ هذا كلام فارغ, لم يأت إنسان من بين الأموات, أو حدثنا عن أوجاعه. وأردف:
من مات فات. لا تعطي أذنك لهذه الخرافة الفارغة.
كان الملاكون الكبار, نساءهم وأبناءهم, صغار وكبار, ذكورًا وإناثًا قد تركوا البلاد وهربوا باجسادهم وكأنهم فص ملح وذاب. تركوا كل شيء وراءهم, بيوتهم,, أملاكهم, الخطط والبرامج الطويلة لاستثمار البلاد وتنشيط دورتها الاقتصادية, بعد أن صادرتها دولة البعث.
وكأن السلطة الجديدة كانت في حالة حرب معهم. وهكذا, دفعة واحدة وبجرة قلم جرى تغيير جذري في الملكية وتوزيعها وبعثراتها وتشظيها إلى قطع صغيرة لتسهيل هضم القوى التي حازت على الأرض كانتفاع أو حيازة دون سند ملكية أو ضمان بعدم أخذها مرة ثانية.
لم يكن لدى القوى القديمة القدرة على الرفض أو الاعتراض لهشاشة قواها أو تمثيلها السياسي.
وهكذا تبرز الأيام موحشة, متعبة. لقد زرع العسكر الخوف والرعب في طول البلاد وعرضها. لا أعرف مشاعر الذين تخلوا عن أراضيهم تحت سطوة القوة, عن حياتهم ونبض العيش في مكان وجودهم. لكن ما أعرفه أنهم خسروا بضربة واحدة كل شيء وإلى الأبد. ودون تعويض.


هل انتهى الزمن الافتراضي للاوطان في الشرق الأوسط بعد الضخ السياسي للانظمة العرجاء على مدى مائة عام؟
يبدو أن العولمة ستأخذ معها اوطان كثيرة وشعوب إلى المحرقة والتذري



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس متعددة 388
- هواجس في الحياة ــ 387 ــ
- هواجس عن قراءات متعددة 386
- هواجس عن العلمانية والإسلام ــ 385 ــ
- هواجس اجتماعية وسياسية عامة 384
- هواجي عن سجن تدمر ــ 383 ــ
- هواجس أدبية ودينية ــ 382 ــ
- هواجس ثقافية ــ 381 ــ
- هواجس عن الاستبداد والعلمانية 380
- هواجس عن الاستبداد ــ 379 ــ
- هواجس أدبية 378
- هواجس 377
- هواجس عامة وخاصة 376
- هواجس عن سوريا اليوم 375
- هواجس عن الاستبداد ــ 374 ــ
- هواجس تتعلق بالتأويل ــ 373 ــ
- هواجس تتعلق بسقوط بشار الأسد ــ 372 ــ
- هواجس تتعلق بسوريا 371
- هواجس تتعلق بسوريا 370
- هواجس حول الوطن والغربة 369


المزيد.....




- أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
- تجنيد قهري
- المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي
- من أساطير اليونان القديمة.. كريستوفر نولان يحضّر لفيلم ملحمي ...
- “تسمم أفراد قبيلة الكاي“ تـــابـــع المؤسس عثمان الحلقة 176 ...
- وفاة الشاعر المغربي محمد عنيبة الحمري
- تردد قناة روتانا سينما 2025 على النايل سات “اضبطها الآن“
- بطلة -العميل- تعود إلى سوريا بعد غياب دام أكثر من 12 عاما (ف ...
- رحيل المخرج الأسطوري شيام بينيغال تاركاً إرثًا خالدًا في تار ...
- 4 أفلام رسوم متحركة لا تفوتها مع أطفالك بإجازة نهاية العام


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس أدبية ــ 389 ــ