|
مشاعل الطهارة والخلاص
آدم دانيال هومه
الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 23:26
المحور:
الادب والفن
شعر: آدم دانيال هومه. كنتُ في قريتنا الغافية بين أريج الزيزفون تحت ظلال الأيكة الباسقة وعلى شاطئ النهر الباذخ أتلو صلوات الموت والقيامة في محراب السيدة البتول أتقدس بالأنوار المنبثقة من قرص الشمس أتزنر بحزام الرعد أتنزه بين خمائل البروق وأتدلى بأغصان النجوم في شرفة السماء وبعد أن أتقيل برهة في أرجوحة المطر أسوح بين المجرات بحثاً عن الفردوس المفقود ألتقط سنابل الأمل المتناثرة على دروب المستحيل. ******* أنام في الصيف على سطح بيتنا العابق بطيوب المحبة وعبير الحدائق والكروم أراقب النجوم وهي تتلألأ في أشجار السماء أترصد الشهب التي تغوص في رمال المساء أرى عينا حبيبتي لؤلؤتان تشعان من وراء ستار الغيب أترنح على أنغام أمواج الشلالات الهادرة في ذاكرة ذلك النهر المهجور ومناغاة عنين النواعير الصادحة في الليل يتردد صداها بين الأشجار المرصوفة فوق رفوف الذكريات تغرد فوق أفنانها عصافير النار والدخان والهباء. كنتُ قبل بزوغ الفجر أتعطر بروائح الزعتر والنعناع وأتطيب برحيق البنفسج والياسمين والأقحوان وقبيل أفول الشفق أتراقص مع الفراشات الهائمة بين البساتين ألملم أزاهير الأنوار من حدائق الغروب ثم أمتطي صهوة بساط الريح إلى مملكة الأحلام. ******* كانت قريتي مرتع الأفراح والمسرات وبيادر الحب والعشق واللذات ينز ثدياها حليباً يروي جميع أطفال الأرض اليباب وفي كل عام كانت تزورنا العنقاء المبجلة لتمنحنا الأمل والرجاء. ****** مقدسة الأم التي يرشقها أبناؤها بالقبلات ومباركة الأرض التي ترتعش تحت أقدام أطفالها الجياع. ****** كنتُ أدوزن أوتار قيثارة الليل على ألحان الصباح تهيم روحي مع الطيور بين أشجار الصفصاف أحلق على جناح السحابة المنطلقة من أعماق البحر أعتلي متن الريح إلى بيادر الغيوم وأتوغل في أدغال الظلمة مفعماً بالرؤى استيقظ في بلجة الصبح مزهواً كالطاووس أغسل وجهي في السحاب وأتنشف بوميض السراب. ******* أهلي المشردون في بقاع الأرض ستظل صورهم تتتمرغ في نسغ دمي وتلوح في مرآة ذاكرتي إلى أن تشرق الشمس ثانية فوق أسوار بابل. ****** نينوى... زهرة آشور الذابلة ترتعش في ذاكرة أضواء المستقبل لتنهض من تحت الأنقاض كالفينيق الغض وتعود من مهمه النسيان ومن الصمت المسحور القديسة المصونة بالأدعية والصلوات والراقدة على سرير النسيان منذ آلاف السنين. ****** نينوى... أنا جنينها الذي ولد قبل سبعة آلاف عام ولم يزل على قيد الحياة غارقة في الظلمة تترقرق كالندى تحت صهيل الفجر وما بين ثرثرة الريح ولجّة البحر تنام.... وتستفيق. ****** ترحل الطير لكنها تترك أعشاشها في أعالي الشجر مضمخة بحنينها المعتّق في خوابي الأمل. ****** أيها القابعون خلف الأحلام اطمئنوا سيفتح أمامكم باب العودة على مصراعيه ولو بعد ألفي عام. ****** تموز سينبعث من عمق أعماق مملكة الموت مدججاً بكل أزاهير الربيع ليمنح الأفراح والمسرات لكل البؤساء في الأرض. ****** كلما حاولت أن أتجاوز ظلي تعتريني رعشة كالخفقة تمتص رحيق دمي فأهيم كجواد الضوء في أدغال الغسق. ****** يا أيها الألق المبعثر في الصدى دمي ينبض في رئة الريح يختلي بالموت بين الحين والحين يتبرعم نطفة تتوهج في رحم المستحيل دمي زهرة تتفتح في ذاكرة الجمر فتعشوشب غابات الأحلام على وقع أقدام الشمس ****** يا شعبي.... إني أتحسس المسامير الصدئة في يديك وقدميك وأنت لم تزل تقرأ المزامير على أهل الكهف تمجّد الآلهة العاقرة وسماسرة المعبد المخنثون وتحرث مياه البحار وتمضي خلف أسراب ذاكرتك المفقودة. ****** ارتعشَ نهر دجلة فتهلل وجه الفرات وحلق الغيم في الآفاق وسرت قشعريرة في جسد العراق واستيقظ الله على آلام مخاض ابنة الرافدين. ****** كانبثاق الضوء في خلايا السحاب يعود گلگامش من غيبوبة التيه لتتسمر خطا الصباح على بوابة عشتار ويحتضن ظل آشور السموات السبع فتتألق حورية البحر عارية فوق زقورة أور على أنغام تغاريد طيور المفازات وقبلات الشعراء المتعمدين في أنهار الضياء. ****** غرّدت عيناها في دمي وأشرق وجهها في ثنايا روحي ولم تزل صورتها تتوهج في أروقة ذاكرتي. ****** بعد ليلة الغزو الإلهي التي شنّها سدنة النار على أعشاش العصافير الراقدة في كنف الخابور كانوا أشباحاً امتشقوا سيوف حقدهم المقدس أخمدوا أنفاس الشيوخ الذين ناؤوا بحمل أعباء السنين أنشبوا مخالبهم في لحوم النساء وأزهقوا أرواح البراعم اليانعة بعثروا القرى التي استقلت هوادج الرياح واتجهت صوب منافي الفيافي وكثبان الرمال تلقفتها مخالب الموت والقتام. قال الراوي: كل من صُلب على جلجلة الوطن سيتفتح أقحوانة في جرح الأرض ومهما طال الزمن سيأتي أنكيدو على جناح الشمس مدججاً بأشرعة البحر ليزيل الغبار عن وجه تلك القرى الظمأى. ****** أربيل لؤلؤة تتوهج فوق قمم جبال آشور وأرملة تعاني آلام المخاض في الدهاليز الكردية. ****** رغم صهيل دمي أمام البوابات الموصودة أسمع رعشة صوتي شفيفة كالصدى وأرى شهداء أمتي يلوّحون لي من أقاصي الملكوت حاملين بأيديهم مشاعل الطهارة والخلاص. ******
#آدم_دانيال_هومه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأشعة الإلهية
-
وطني فيض من الطهارة والقداسة
-
أسباب عدم تلآلف الشعب الآشوري
-
الوطن
-
أقرأ باسم أمي سورة الأرض
-
آشور يوقد جذوة الشمس
-
دراسة موجزة عن ديوان (قصائد في قصيدة واحدة)
-
بصيصضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديث
-
أتمرغ في ضفائر أمي
-
الثالث والعشرون من شباط
-
مزامير أوروك
-
قؤاءة متأنية في شعر نينيوس نيراري
-
القامشلي تتطيب برحيق الشمس
-
سليلة الحضارات
-
زنبقة الفجر
-
أمي تتوهج في مرآة التاريخ
-
تقاسيم على أوتار الريح
-
الطفل اليانع
-
کلکامش يمخر عباب النار الأزلية
-
قنديل الليل
المزيد.....
-
أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
-
تجنيد قهري
-
المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي
-
من أساطير اليونان القديمة.. كريستوفر نولان يحضّر لفيلم ملحمي
...
-
“تسمم أفراد قبيلة الكاي“ تـــابـــع المؤسس عثمان الحلقة 176
...
-
وفاة الشاعر المغربي محمد عنيبة الحمري
-
تردد قناة روتانا سينما 2025 على النايل سات “اضبطها الآن“
-
بطلة -العميل- تعود إلى سوريا بعد غياب دام أكثر من 12 عاما (ف
...
-
رحيل المخرج الأسطوري شيام بينيغال تاركاً إرثًا خالدًا في تار
...
-
4 أفلام رسوم متحركة لا تفوتها مع أطفالك بإجازة نهاية العام
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|