أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - تحول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني): من إرهابي إلى رجل دولة















المزيد.....


تحول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني): من إرهابي إلى رجل دولة


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 23:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحمد الشرع، المعروف بأبو محمد الجولاني، هو شخصية مثيرة للجدل ارتبطت بتحولات دراماتيكية على الساحة السورية والدولية. بدأ مساره كقائد لجماعات تصنف إرهابية، لكنه لاحقًا عمد إلى تغيير صورته وموقعه السياسي، ساعيًا ليصبح زعيمًا محليًا يحظى باعتراف دولي.

النشأة والمسار الأولي

ولد أحمد الشرع في درعا، سوريا، ودرس الطب قبل أن يترك الجامعة ويلتحق بالقتال في العراق عام 2003 عقب الغزو الأمريكي. هناك انضم إلى تنظيم القاعدة، واكتسب خبرة عسكرية وسياسية ضمن هيكل التنظيم. عاد إلى سوريا مع اندلاع الثورة السورية في 2011، حيث أسس "جبهة النصرة"، التي كانت الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا.

التحول الاستراتيجي

مع تطورات الصراع السوري وزيادة الضغط الدولي على التنظيمات المرتبطة بالقاعدة، أعلن الشرع في عام 2016 فك ارتباط "جبهة النصرة" بتنظيم القاعدة. وأعاد تسميتها إلى "جبهة فتح الشام" في خطوة وصفت بأنها محاولة لإعادة التموضع سياسيًا وعسكريًا. لاحقًا، اندمجت هذه الجبهة مع فصائل أخرى لتشكيل "هيئة تحرير الشام"، التي أصبحت القوة المهيمنة في إدلب ومحيطها.

محاولة تحسين الصورة

في السنوات الأخيرة، عمل الشرع على إعادة تشكيل صورته من خلال سلسلة من الخطوات الاستراتيجية، أبرزها:
1. التخلي عن الخطاب الجهادي التقليدي: بدأ الشرع بالحديث عن الإدارة المدنية والتنمية المحلية، مع تركيزه على تحسين الخدمات والبنية التحتية في المناطق التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام".
2. التواصل الإعلامي: أجرى مقابلات مع وسائل إعلام دولية مثل BBC، نفى خلالها ارتباطه بأي أجندات متطرفة، وأكد رغبته في بناء نموذج سياسي مستقر ومختلف عن "دولة طالبان" في أفغانستان. أشار الشرع إلى أن سوريا تتمتع بتراث وتقاليد تختلف عن أي نموذج أصولي متشدد.
3. التعامل مع المجتمع الدولي: شهدت الفترة الأخيرة تحركات لافتة، أبرزها لقاء وفد أمريكي رفيع المستوى مع الشرع، مما أدى إلى تغييرات ملموسة في موقف الولايات المتحدة تجاهه، مثل رفع المكافأة المعلنة سابقًا للقبض عليه.
الكواليس الدبلوماسية والتحولات الدولية
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن اللقاءات التي جمعت الشرع بمسؤولين دوليين كانت تهدف إلى مناقشة الدور الذي يمكن أن تلعبه "هيئة تحرير الشام" في منع تمدد الجماعات المتشددة الأخرى مثل تنظيم الدولة (داعش). هذه الاجتماعات، التي لم يُعلن عنها رسميًا، تضمنت ضمانات قدمها الشرع بشأن ضبط السلاح وإدارته تحت سلطة مدنية، إضافة إلى وعود بتخفيف القبضة الأمنية في المناطق التي يسيطر عليها.
تضمنت المباحثات أيضًا إشارات إلى احتمال إدراج هيئة تحرير الشام في مفاوضات سياسية مستقبلية بشأن سوريا، خاصة بعد أن أظهرت الهيئة قدرة على تحقيق استقرار نسبي في مناطق سيطرتها، مقارنة بالفوضى التي شهدتها مناطق أخرى.

ردود الفعل الدولية والمحلية

رغم هذه الجهود، لا يزال الشرع يواجه معارضة شديدة من أطراف محلية ودولية. يرى كثيرون أن تحركاته هي محاولة براجماتية لإعادة تقديم نفسه كشريك سياسي بدلاً من كونه تهديدًا أمنيًا. ومع ذلك، فإن الخطوات التي اتخذها لفتح قنوات حوار مع المجتمع الدولي تُظهر فهمًا عميقًا للتغيرات في الديناميات السياسية.

مستقبل أحمد الشرع

يبقى السؤال الأساسي: هل يمكن للشرع أن يحقق القبول الدولي الكامل؟ بينما يسعى لإعادة تعريف دوره كقائد سياسي، فإن ماضيه الطويل مع القاعدة والجماعات المتشددة يشكل عقبة أمام أي تطبيع كامل. ومع ذلك، يبدو أن الظروف الدولية والإقليمية قد تتيح له فرصة نادرة لإعادة بناء صورته، وربما الانخراط في أي تسوية سياسية شاملة في سوريا.
هذا التحول في شخصية الشرع يبرز ليس فقط كمثال على إعادة تشكيل الزعامات، بل يعكس أيضًا تغير أولويات القوى الدولية في سياق الصراعات المعقدة.

تحول أحمد الشرع من قائد لجماعة ذات خلفية تكفيرية إلى زعيم يسعى لتقديم نفسه كرجل دولة يُعد تحديًا معقدًا، ليس فقط بسبب تاريخه، ولكن أيضًا بسبب البيئة الأيديولوجية التي شكلت قاعدته الشعبية والتنظيمية. اتباعه الذين تبنوا الفكر التكفيري الجهادي على مدى سنوات طويلة قد يشكلون العقبة الأبرز أمام أي تحول جذري في توجهاته، وقد يؤدي ذلك إلى انقسامات وصراعات داخلية تهدد استقرار تنظيمه ذاته.

العقبات الأيديولوجية والتنظيمية
1. الانقسام الأيديولوجي:
* القاعدة الشعبية والجهاز العسكري في هيئة تحرير الشام تم تشكيلهما على عقيدة جهادية صارمة. أي تحول نحو الاعتدال أو الخطاب السياسي قد يُنظر إليه من قبل هؤلاء على أنه "خيانة" للأهداف التي انطلقوا من أجلها.
* هذه الانقسامات ليست افتراضية؛ فالجماعات الجهادية شهدت مرارًا انشقاقات عندما حاول قادتها التحول إلى العمل السياسي، كما حدث مع تنظيمات أخرى مثل القاعدة وداعش في فترات مختلفة.
2. القوة المتطرفة داخل التنظيم:
* التيارات الأكثر تطرفًا داخل هيئة تحرير الشام قد ترفض أي تغيير، وقد تلجأ إلى العنف الداخلي أو الانشقاق لتشكيل مجموعات أكثر تطرفًا.
* هذه المجموعات قد تستهدف الشرع نفسه باعتباره مسؤولًا عن "تفريط" في المبادئ الجهادية.
3. تحدي إعادة تشكيل الخطاب:
* الشرع يحاول إعادة تقديم هيئة تحرير الشام ككيان محلي يهدف إلى إدارة المناطق التي يسيطر عليها بدلًا من نشر فكر عالمي متشدد. هذا التحول يواجه رفضًا كبيرًا من القاعدة الأيديولوجية التي تؤمن بأن هدف التنظيم يتجاوز الحدود الجغرافية.

أمثلة سابقة وتحذيرات

* تجربة الجماعات الإسلامية في مصر والجزائر وأفغانستان تظهر أن محاولات التحول من "الجهاد إلى السياسة" غالبًا ما تؤدي إلى صراعات داخلية مدمرة.
* أي خطوة نحو الاعتدال تتطلب قدرًا كبيرًا من الدعم الداخلي والإقناع، وهو أمر يصعب تحقيقه في جماعات ذات ثقافة متشددة، خصوصًا إذا كانت عقيدتهم متأصلة في رفض التنازلات السياسية.

السيناريوهات المحتملة
1. انقسام التنظيم:
* قد ينقسم التنظيم إلى جناحين: أحدهما يدعم التحول السياسي، والآخر يبقى على نهجه التكفيري. مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى صراعات داخلية وحروب استنزاف.
2. استهداف داخلي:
* إذا شعر التيار المتشدد بأن الشرع يقود التنظيم نحو التنازل عن مبادئه، فقد يتعرض للاغتيال أو الانقلاب الداخلي، خاصة في ظل وجود قادة ميدانيين لديهم تأثير كبير على الأتباع.
3. نجاح التحول:
* إذا استطاع الشرع تقديم رؤية مقنعة تُظهر فوائد التحول السياسي والتنمية المحلية، فقد يتمكن من كسب ولاء شريحة أكبر من أتباعه، خاصة الفئات التي سئمت من الحروب وعدم الاستقرار.

هل يمكن تجاوز العقبة؟
تجاوز هذه العقبة يتطلب:
* إعادة تأهيل فكري: تدريب القيادات والكوادر على مفاهيم جديدة تتماشى مع التحول السياسي.
* احتواء المعارضة الداخلية: من خلال منح بعض القيادات المتشددة مناصب رمزية أو تقليص نفوذها تدريجيًا.
* بناء شراكات دولية: الشرع قد يعتمد على دعم خارجي لتأمين موقعه وإقناع المجتمع الدولي بجدية تحولاته.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن لشخص مثل أحمد الشرع، بماضيه وتحالفاته، أن ينجح في قيادة تنظيمه نحو الاعتدال دون أن ينهار التنظيم أو يشتعل بالصراعات الداخلية؟ الإجابة تعتمد على مهارته السياسية، قدرته على إدارة التغيير، واستعداد المجتمع الدولي لدعمه في هذا التحول المعقد.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما ينبت الحلم من الرماد
- حرب الروبوتات التي تشنها إسرائيل في شمال قطاع غزة وكيفية تعا ...
- الحدود المفتعلة بين الأخلاق والسياسة: فصلٌ أم تداخلٌ محتوم؟
- يوميات طبيب نفسي (نوفيلا-رواية قصيرة)
- الشعب السوري بين أفق الجولاني والتحدي الإسرائيلي
- أنشودة للمهاجر الغريب
- مراثي النسيان
- اليمن: مقاومة المبدأ في وجه العالم
- حين يصبح القلب باباً
- خيبة الضوء ووشوشة الظلال
- عودة المجد
- في طيات الأنفاس
- سهم باشان: بين الرمزية التوراتية وعقدة القوة
- اضطراب ما بعد الصدمة: قراءة في سياق الانهيار السياسي والاجتم ...
- الخيال والواقع في العالم الافتراضي: نظرة فلسفية
- أطياف الرحيل
- تأثير النيوليبرالية: تحولات الملكية، علاقات الإنتاج، ودور ال ...
- ‎ليس للسوق وجهٌ في مرايا العشق
- حين يكتب الشوق قصيدته
- حكايات


المزيد.....




- ضجة ترامب والسيطرة على قناة بنما.. نبذة تاريخية سريعة
- في اليابان.. لِمَ يُعامل الأزواج عيد الميلاد كـ-عيد حب ثانٍ- ...
- تحرك إيراني أممي بعد -اعتراف- إسرائيل باغتيال إسماعيل هنية
- برهان غليون لـCNN: ما يفعله الإسرائيليون في سوريا تهديد للمش ...
- أمراض تنتقل عن طريق التقبيل
- تحضير كعك -سكوتِسِيلِه دومنولوي- التقليدي في رومانيا احتفالً ...
- روسيا.. إحباط اعتداء إرهابي استهدف مسؤولا كبيرا في مؤسسة للص ...
- -هئية البث الإسرائيلية-: الجيش يبحث شن هجوم واسع النطاق على ...
- -واشنطن بوست- تسلط الضوء على مقابر جماعية قرب دمشق
- باشينيان يعتذر عن حضور قمة الرابطة المستقلة لأسباب صحية


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - تحول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني): من إرهابي إلى رجل دولة