الفيلم السويدي فاني وألكسندر Fanny and Alexander للمخرج السويدي إنغمار برغمان - سيرة ذاتية درامية برؤية سينمائية متفردة

رحيم الحلي

الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 16:12
المحور: الادب والفن
    

يُعد فيلم فاني وألكسندر (1982) للمخرج السويدي إنغمار برغمان من أبرز الأعمال السينمائية التي تتناول القضايا الاجتماعية من منظور درامي يسبر اعماق النفس الانسانية ومن الأفلام التي تعالج قضايا تاريخية معاصرة ، حيث يأخذنا إلى السويد خلال العقد الأول من القرن العشرين، ويروي قصة عائلة إكدال في مدينة أوبسالا، مركّزاً على الشقيقين فاني وألكسندر. الأحداث تتصاعد بشكل مأساوي بعد وفاة والدهما وزواج والدتهما من الأسقف الصارم إدڤارد، مما يخلق صراعاً مأساوياً يعكس رحلة نضج شخصيات الفيلم.
يُعتبر الفيلم شبه سيرة ذاتية للمخرج إنغمار برغمان، حيث استلهم شخصياته من حياته الشخصية. ألكسندر يُمثّل برغمان نفسه ، بينما "فاني" تستند إلى شقيقته مارغريتا ، والأسقف إدڤارد يستلهم شخصية والده الصارم. هذه التفاصيل تمنح الفيلم طابعاً إنسانياً وحقيقياً، حيث يبرز الصراع بين الخيال والواقع، وبين الحرية والقمع، بأسلوب يتجاوز الزمن والمكان.
تم إنتاج الفيلم على نسختين: نسخة تلفزيونية من 312 دقيقة، ونسخة سينمائية مختصرة من 188 دقيقة، مما يجعله واحداً من أطول الأفلام في تاريخ السينما. أثناء الإنتاج، تم تصوير العديد من المشاهد في مواقع حقيقية بمدينة أوبسالا، مما أضاف للبيئة الدرامية للفيلم واقعية متقنة. رافق الفيلم أيضاً إصدار فلم وثائقي بعنوان صناعة فاني وألكسندر، الذي وثّق كواليس الإنتاج وألقى الضوء على رؤية برغمان الإخراجية.
تبدأ القصة مع أجواء عائلية دافئة، حيث يدير أفراد العائلة مسرحاً محلياً ويحتفلون بأعياد الميلاد. لكن سرعان ما تأخذ الأحداث منحى مأساوي بعد وفاة الأب وزواج الأم من الأسقف إدڤارد، الذي يُظهر سلطوية صارمة ويعاقب ألكسندر على خياله الواسع. يتطور الصراع حين تقرر الأم طلب الطلاق، لكنها تواجه قيوداً قانونية واجتماعية تهدد بفقدان حضانة أطفالها.
يمتزج الواقع بالخيال في مشاهد كثيرة، أبرزها لقاء ألكسندر بأشباح عائلة الأسقف ورؤيته لموت الأخير. هذه المزج يعكس نظرة برغمان الفلسفية حول تأثير الخيال على الواقع وقدرة الحلم على تحقيق رغبات الانتقام او التحرر. شاهدت الفلم في السويد واذهلني سحر الالوان التي تشع والتي جعلت المشاهد يشعر وكأنه يجلس في مسرح تغمره الاضواء الملونة الدافئة والساحرة المبهرة ، ما اعظم الكاميرا ومن يقف خلفها فمدير التصوير هو "سفين نيكفيست" (Sven Nykvist) وهو من أبرز مديري التصوير في تاريخ السينما، وقد تعاون بشكل متكرر مع المخرج إنغمار بيرغمان، وساهم معه في صناعة افلام سينمائية ذهبية.
عند عرضه، لاقى فيلم "فاني وألكسندر" إشادة نقدية واسعة وحصد أربع جوائز أوسكار، بما في ذلك جائزة أفضل فيلم أجنبي. كما فاز بثلاث جوائز غولدباغ السويدية، من ضمنها جائزة أفضل فيلم. هذا النجاح جعله ليس فقط أحد أبرز أفلام برغمان، بل أيضاً علامة بارزة في تاريخ السينما العالمية.
أعمال برغمان اللاحقة مثل النوايا الطيبة (1992) وأطفال الأحد أكملت رحلته السينمائية التي تتناول عناصر من حياته الشخصية.
فاني وألكسندر ليس مجرد فيلم درامي، بل هو تجربة إنسانية عميقة تعكس صراعات الحياة بمختلف أبعادها. بين ألم الفقد والبحث عن الحرية، يقدم الفيلم رحلة سينمائية خالدة تبقى شاهدة على عبقرية برغمان وأثره البالغ في عالم السينما.
سيلفت اهتمامكم في الفلم الطفل ألكسندر والتي اداها الممثل بيرتل گوفه Bertil Guve الذي جسد الدور بكل اعماقه وابعاده النفسية، وهو أكثر من نجح في جذب اهتمام الجمهور والنقاد. لقد قدم أداءً مؤثراً، ساهم في جعل الفيلم أحد أبرز أعمال إنغمار بيرغمان.
رابط الفلم
https://ok.ru/video/4056506960584

#رحيم_الحلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات