بلقيس خالد
الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 00:48
المحور:
الادب والفن
اللعاب بين الشفاء والشتيمة
في لحظة استكان فيها قلبي إلى هدوء الطبيعة في حديقة بيتي، حيث تتراقص أشعة الشمس على أوراق الشجر، وقطة تلعق جرحها بلسان رطب، سمعت صوتًا نافراً يقطع هدوء المكان. بصقة مليئة بالغضب، رسمت جارتي لوحة.. تناقض جمال الطبيعة.
فكيف للعاب، هذا السائل الذي يخرج من أجسادنا جميعًا، أن يكون أداة للشفاء في عالم الحيوان، وأداة للإيذاء في عالم الإنسان؟
تداعت ذاكرتي إلى زمن مضى، حيث كانت جدتي تؤمن بأن تفَلَ الشاعر سينقل موهبته إلى حفيدها. من تلك التفَلَة المليئة بالتقدير، إلى بصقة الغضب التي سمعتها للتو، تغيرت قيمة اللعاب.
فما هو اللعاب؟ هل هو مجرد سائل بيولوجي، أم أنه مرآة تعكس أعماق نفوسنا؟
أستنشقُ عبير الزهور، واتساءل: هل هذا اللعاب نفسه الذي تغنى به الشعراء، قال قيس بن الملوح:
هي الخمر في حسنٍ وكالخمر ريقها *** ورقّة ذلك اللون في رقّة الخمر.
ويضيف جميل بثينة:
تجود علينا بالحديث وتارة *** تجود علينا بالرضاب من الثغر.
من قبلة العشاق إلى بصقة الغضب.. هذا التناقض اللافت للنظر أثار لديّ تساؤلات حول طبيعة الإنسان.
لماذا نبصق؟ هذا السؤال البسيط حملني في رحلة تفكير عميقة. فهل هذا الفعل، الذي يبدو بدائيًا، يحمل في طياته دلالات أعمق عن طبيعة الإنسان؟
نحن نتشارك في هذا السائل مع كل الكائنات الحية؟ فما الذي يجعلنا نستخدمه بطرق مختلفة تمامًا؟
هل يعكس اللعاب حقيقة طبيعتنا، أم أنه مجرد انعكاس للبيئة التي نعيش فيها؟
هل البصق مجرد فعل بدائي، أم أنه تعبير عن عمق الصراع الداخلي للإنسان؟
ما الذي يجعلنا نرى اللعاب أحيانًا كهدية من الطبيعة، وأحيانًا كسلاح نوجهه نحو الآخرين؟
هل البصقة هي انعكاس لخوفنا من الآخر، أم هي تعبير عن عدم قدرتنا على التواصل بلغة الحب والاحترام؟
ربما من خلال فهم اللعاب، يمكننا أن نفهم النفس البشرية بشكل أفضل.
#بلقيس_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟