محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8201 - 2024 / 12 / 24 - 00:13
المحور:
الادب والفن
أين أنتَ يا طائرَ السنونو، يا نغمةَ الحرية في سماءِ روحي؟
أين اختفيتَ حين كنتُ في أمسِّ الحاجةِ إلى رفرفاتِ جناحيكَ تحملُ أثقالَ أحلامي؟
هل غادرتَ لأنَّ الأفقَ ضاقَ بما في صدري من أوجاعٍ؟
أم أنَّ الرياحَ اغتالتكَ كما اغتالتني بعصفِها العنيف؟
غيابكَ يا طائرَ الروحِ ليسَ مجردَ فراغٍ؛ بل هو ثقبٌ في الوجودِ،
ينسابُ منه صمتٌ قاتمٌ يغمرُ قلبي.
كم كنتُ أرى في جناحيكَ سنداً أسندُ إليه ضعفي،
وفي تغريدِكَ لحناً يهدئُ أحلامي!
لكن الآن، كلُّ شيءٍ صامتٌ، كأنَّ السماءَ أغلقت أبوابَها،
وتركتني أهيمُ في متاهةِ الوحدةِ وأصداءِ الحنين.
يا طائرَ السنونو،
هل صارت الأحلامُ التي جمعتنا وهماً يتلاشى مع هبوبِ الرياح؟
ألم نتعاهد أن نظلَّ رفيقَين، نعلو معاً فوقَ ضجيجِ الحياة؟
لكنكَ اخترتَ الغيابَ، وتركتني خلفكَ، كظلٍّ أضاعَ ملامحَهُ في مجاهلِ الأفق.
كم أشتاقُ إلى دفءِ حضورِكَ، إلى تلكَ اللحظاتِ التي كانَ صوتُكَ فيها يروي ظمأ قلبي،
فكيفَ لي الآن أن أستمرَّ بينما تتلاشى ذكرياتُكَ بينَ يديَّ كحباتِ رملٍ؟
لقد أطفأتَ شمسَ أيامي ورحلتَ،
فلا ضحكةَ تملأُ الفراغ، ولا حلمَ يشرقُ مع الصباح.
تركتَ السماءَ فارغةً، والليالي بلا نجومٍ،
حتى الأفقُ لم يعد يحملُ سوى ظلكَ الذي ينزفُ ألماً.
يا طائرَ الغيابِ، هل تسمعُ نداءَ روحي؟
هل تعلمُ أنني أبحثُ عنكَ في أرجاء الزمن الضائع؟
أعيدُ رسمَ ملامحِكَ في خيالي، لكنَّ يدَ الذكرى ترتعشُ،
فتتلاشى الصورُ كما تتلاشى أوراقُ الشجرِ في مهبِّ الرياح.
كم أتمنى أن يعودَ الزمانُ لحظةً واحدة،
لأعيشَ تفاصيلَ حضورِكَ من جديد،
لأمسكَ أطرافَ الحلمِ الذي أفلتَ من بين أصابعي.
يا طائرَ السنونو، هل كنتَ تعلمُ أنَّ غيابَكَ سيُثقِلُ روحي؟
أنَّ صمتَكَ سيمتدُّ كظلٍّ باردٍ يغمرُ كلَّ زوايا حياتي؟
لم يبقَ لي الآنَ سوى الحنينِ المتوهجِ في صدري،
وسأظلُّ أنتظرُكَ، حتى وإن تبددت آمالي في الأفق.
سأهمسُ باسمكَ في الليالي، كما يهمسُ البحرُ بأسرارِه للقمر،
وأعلمُ أنَّ لا شيء سيُعيدُ ما كان.
لكنَّ روحكَ ستظلُّ تسكنُ زوايا ذاكرتي،
كأغنيةٍ حزينةٍ لا ينتهي صداها.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟