|
من دفتر اليوميات/ محمود شقير18
محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 8200 - 2024 / 12 / 23 - 14:10
المحور:
الادب والفن
الجمعة 2 / 1 / 1998 بعد هذا الانقطاع عن تدوين هذه اليوميات أعود إلى الكتابة. بعد العودة من السويد، تسببت برودة مكتبي في الوزارة بإصابتي بالرشح. ثمة هواء بارد يتسرب من شبابيك المكتب لأنها ليست محكمة الإغلاق. ذهبت إلى طبيبة في العيادات الصحية، وصفت لي الطبيبة دواء تناولته ولم أشعر إلا بتحسن طفيف، ثم تجدد الرشح على نحو أصعب، وكان علي في اليوم التالي أن أسافر إلى عمان (أنا وعزت الغزاوي) ومن ثم إلى دمشق لحضور المؤتمر العشرين للأدباء والكتاب العرب، ممثلين للاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين، وانضم إلينا هناك يحيي يخلف رئيس الوفد. أمضيت أياماً قاسية في دمشق، حيث أدى الإرهاق وكثرة الاجتماعات، واضطراري إلى استنشاق كميات من دخان المجتمعين إلى تفاقم الرشح، حتى أنني لم أتمكن من النوم في بعض الليالي. نزلنا في فندق ميريديان على كتف شارع دمشق –بيروت. غرفة الفندق جيدة وفيها تدفئة وجهاز تلفاز (أمضيت أوقاتاً طويلة وأنا أتفرج على التلفاز في فترة المرض، ولم أفكر بقراءة شيء وذلك لإعطاء جسمي بعض الراحة). التقيت في دمشق عدداً كبيراً من الأصدقاء والزملاء الكتاب منهم: الخال محمود شاهين. سعدي يوسف. جمال الغيطاني. ابراهيم نصر الله. سالم النحاس. فخري قعوار. ماجد السامرائي. د. عبد الله أبو هيف. خالد أبو خالد. بعد مداولات كثيرة صوت المؤتمر على استمرار تعليق عضوية فلسطين في الاتحاد العام إلى حين عقد مؤتمر لاتحادنا. غضبنا من هذا القرار الذي لم نكن نتوقعه، لأنه ينطوي على خلفيات سياسية، ثم انسحبنا من المؤتمر قبل انتهاء أعماله، وظهرت ردود فعل غاضبة في أماكن كثيرة ضد قرار التعليق. قبل قليل، انتهيت من كتابة تعديلات على اللائحة الداخلية لجوائز فلسطين التقديرية. غداً، سنجتمع الوزير ياسر عبد ربه، محمود درويش وأنا، لإجراء مداولة أولية حول اللائحة وجوائز العام القادم. الساعة الآن الواحدة والنصف ليلاً. ابتدأ عام جديد ولم أتمكن من الاحتفاء به على أي نحو من الأنحاء.
السبت 3 / 1 / 1998 ما زلت أعاني من رشح حاد. ذهبت إلى الدوام. حاولت التقليل من الكلام، لأنه يتسبب لي بموجات لا تنتهي من السعال الجاف. اتصلت بمكتب الوزير، ولم يكن هناك، فقد ذهب إلى أريحا حيث يوجد الرئيس عرفات. هاتفت محمود درويش بخصوص اجتماعنا في مكتبه. أخبرته أن الوزير نسي الموعد كما يبدو. اتفقنا على الاجتماع في اليوم التالي. عدت إلى البيت بعد انتهاء الدوام مباشرة. زرت الوالد لعدة دقائق. ما زالت حالته الصحية غير مطمئنة، فهو يعاني من ضعف عام. تناولت طعام الغداء ثم نمت. في المساء تفرجت مع بقية أفراد الأسرة على شريط حفل توزيع جوائز فلسطين في جامعة النجاح. فرحت للحفيد محمود الذي تابع الحفل، منتظراً أن يراني وأنا أتحدث في الحفل. كان يصفق كلما رأى الجمهور يصفق، وظل كذلك إلى ما قبل نهاية الحفل بقليل. الأحد 4 / 1 / 1998 قابلت الوزير ياسر عبد ربه. أخبرني أنه لم ينس اجتماع يوم أمس في مكتب محمود درويش، لكنه كان مضطراً إلى الذهاب إلى أريحا في مهمة عمل مع الرئيس عرفات. قال لي إنه اتفق مع محمود على الاجتماع في الثانية عشرة من ظهر اليوم. زارني عبد المجيد حمدان في الحادية عشرة بناء على موعد مسبق. أخبرني أن اجتماع اللجنة المركزية الأخير الذي لم أحضره بسبب وجودي في دمشق (للمشاركة في المؤتمر العشرين للكتاب العرب) اختار لجنة تحضيرية لمؤتمر الحزب القادم، وقد تم اختيار اسمي لعضوية اللجنة. وافقت على ذلك، وتحدثنا بعض الوقت حول أخبار الحزب وأوضاعه الصعبة. ذهبت إلى مكتب محمود درويش الكائن في مركز خليل السكاكيني. لم يكن الوزير قد وصل بعد. تحدثت مع محمود حول موضوع القراءة. أخبرني أنه يقرأ كتاباً واحداً كل يومين. لكنه قال لي إنه ينسى بعض ما يقرأ، وبخاصة الروايات. أخبرته بأنني أنسى الكثير مما أقرأه. سألته فيما إذا كان يلخص ما يقرأ. قال إنه لا يفعل ذلك، ولكنه يضع إشارات على ما يراه مهماً مما يقرأه. وصل الوزير. وزعت اللائحة الداخلية المعدلة للجوائز، واتفقنا على أن نناقشها في اجتماع آخر بعد أن يقرأها كل من الوزير ومحمود. تشاورنا حول بعض أسماء لجنة التحكيم القادمة، ثم أنهينا الاجتماع في الواحدة والربع، وعدت إلى البيت.
الخميس 8 / 1 / 1998 زارني هذا اليوم في مكتبي الممثل المسرحي راضي د. شحادة وزوجته التي تعمل معه في التمثيل. أهداني كتاباً جديداً هو مسرحية ألفها باللغتين العربية والانجليزية. ثم جاء جمال غوشة مدير المسرح الوطني الفلسطيني بالقدس. تحدثنا عن فكرة كتابة مسرحية عن القدس كنت ناقشتها في وقت سابق مع المخرج مازن غطاس. أبدى جمال استعداده لجلب تمويل لمثل هذا العمل وتبنيه. هاتفت الوزير ياسر عبد ربه وسألته فيما إذا كنا سنجتمع هذا اليوم مع محمود درويش لمناقشة اللائحة الداخلية لجوائز فلسطين. أخبرني أنه سيهاتف محمود درويش ويتحدث معه في الأمر. بعد قليل هاتفني الوزير وأخبرني أن محمود مستعد للاجتماع. ذهبت إلى مكتب محمود. كان الوزير قد سبقني إلى هناك. قرأنا اللائحة الداخلية بنداً بنداً. كان محمود يقرأ، يتوقف. نجري نقاشاً. نختلف، نتفق، نتحاور، ثم نعتمد صيغة مقنعة للجميع في النهاية. محمود درويش بالغ التهذيب لا يثرثر، حديثه موجز ميال إلى الدعابة والسخرية المحببتين، ولا يميل إلى استغابة الآخرين من الكتاب والمثقفين، لكنه يتحدث بأسلوب حاد يصل حد الشتيمة ضد أي مثقف يطرح مواقف سمجة. عندما انتهينا من قراءة اللائحة الداخلية وتدقيقها كانت الساعة تقارب الثانية بعد الظهر. اقترح الوزير على محمود درويش أن يذهب معه إلى الغداء في بيته، فوافق. اقترح علي أن أذهب معهما، فاعتذرت. كنت مرهقاً، وما زلت أعاني من الرشح الذي طالت مدته حتى جاوزت الشهر. انتهيت هذا المساء من قراءة رواية "يقين العطش" لإدوار الخراط. لغة الخراط ساحرة. الساعة الآن الثالثة والنصف بعد منتصف الليل. يتبع...19
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير17
-
مداخلة أخيرة عن زميلتي الكورية/ محمود شقير
-
زميلتي الكورية هان كانغ الفائزة بجائزة نوبل2024 / محمود شقير
...
-
زميلتي الكورية الفائزة بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير4
-
زميلتي الكورية التي فازت بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير3
-
زميلتي الكورية القائزة يجائزة نوبل للآداب2024 / محمود شقير/2
-
زميلتي الكورية هان كانغ الفائزة بجائزة نوبل للآداب/1
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير16
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير15
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير14
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير13
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير12
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير11
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير10
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير9
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير8
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير7
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير6
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير5
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير4
المزيد.....
-
سينما -متروبوليس-.. صرح ثقافي بيروتي يعود للحياة في لبنان ال
...
-
الإيسيسكو تحيي الذكرى الـ300 لمولد المفكر التركماني مختوم فر
...
-
عيسى الشيخ حسن.. الروائي والشاعر الذي أعاد تشكيل الذاكرة الس
...
-
لقطات تظهر لصّا -جريئا- يسرق فنانة لبنانية والأخيرة تعلق (في
...
-
نمر سعدي في -ظلالٌ مضاعفةٌ بالعناقات-: استعارات من قلب جبال
...
-
فنان مصري يستغيث بعد طرده من منزله للشارع
-
ارتياح تنظيمي للدورة الثانية لمعرض كتاب الطفل والشباب بالدار
...
-
تقرير سنوي: حرب غزة محفز جيوسياسي للإسلاموفوبيا في أوروبا
-
مؤسسة قطر تطلق مبادرة -بالعربي- لتعزيز الأفكار الملهمة باللغ
...
-
الاعلان الرسمي لفيلم الدشاش.. الأكشن والإثارة محمد سعد في هذ
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|