|
وفاء شرموخ وحكاية مختلفة مع الجمال
رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer
(Raid Shafeeq Tawfeeq)
الحوار المتمدن-العدد: 8200 - 2024 / 12 / 23 - 01:23
المحور:
الادب والفن
اعمالها الفنية لها اثرها على الجمهور ؛ انها "وفاء شرموخ" أحدى العراقيات المبدعات الموهوبات ، عندما تتأمل في اعمالها الفنية تشعر باليدين اللتين ابدعتا في استخدام الادوات لتنتج لنا الجمال الذي نمتع انظارنا به ، اذ تقوم "شرموخ" بمجهود كبير لتترجم لنا احاسيسها الى اعمال فنية بديعة. ما قدمته وتقدمه هذه الفنانة الموهوبة من اعمال فنية قد اختارتها بدقة وعناية فائقة ، فصورت تفاصيل كل عمل من اعمالها بنفس الدقة التي اختارته بها ، اذ نلاحظ ذلك في لوحاتها فنرى دقة تصوير ملامح الوجه وتفاصيل اللوحة الاخرى ، وبهذا الاسلوب تجعل المتلقي يستقبل المعاني التي تنظوي عليها هذه الاعمال بشغف ، وهذا يعني أن الجاذبية التي تتظمنها اعمال "شمروخ" لها فاعلية كبيرة، حتى ان هذه الاعمال سيطرت على مشاعر المتلقين ما دفعهم الى التامل فيها والسؤال عنها ، اذ ربما يجدون في هذه الأعمال الفنية التي يشاهدونها فكرة تساعدهم في شحذ مخيالهم ، انها اعمال الفنانة العراقية "وفاء شرموخ" المغتربة منذ نحو ثلاثة عقود في السويد. ما يمكن ملاحظته عند "وفاء" بوضوح هو قدرتها على التعامل مع الرسم على الخشب بطريقة الحرق فهي بارعة جدا في هذا النوع من الرسم ؛ وقد وصلت "وفاء" في هذا النوع من الفن حدا تتطابق فيه اللوحة مع النحت ، كونها إنشاء جمالي تمزج فيه "وفاء" بين اللوحة والنحت ؛ كما انها ترسم بالقلم الرصاص بشكل متميز ، اما ما يتعلق باستخدام الالوان فهي تفضل استخدام الاكرليك على القماش ففي لوحتها الاخيرة نلاحظ فيها تباينات الألوان المتزامنة والمتكاملة التي تغذي الإيقاع الفعلي لرؤية الفنانة وتصوراتها لفكرة هذه اللوحة ، وفي هذا أجد الجوهر الفعلي لهذه اللوحة وهو جوهر مستمد من الواقع من حيث الشكل والمضمون ، وبايجاز بسيط فان مضمون هذه اللوحة شكلا هي نباتات طبيعية عادة تنمو في الحقول من دون تدخل الانسان وبالوان واشكال مختلفة هذا من حيث الشكل اما من حيث المضمون فلها دلالات واقعية عديدة بينها انها انعكاس للواقع الانساني الذي هو ان لا فرق بين الناس مهما اختلفت انتماءاتهم والوانهم وجنسياتهم ومشاربهم ، فهم في النهاية ومن اصول واحدة الا انهم اشكال والوان وفصائل مختلفة وتفاصيل لا مجال للتطرق اليها هنا ؛ وهكذا فان "وفاء" رسامة واقعية كما ونجد انعكاسا واضحا لحياة الفنانة وشخصيتها في اعمالها الفنية ، ذلك ان الفنان ينقل الكثير من سماته وسلوكياته وتجاربه في لوحاته سواء كان ذلك بقصد ام بغير قصد. من خلال ذلك يمكن للمشاهد أن يتعرف على شخصية "وفاء شرموخ" خلال أعمالها الفنية اذ يمكن ملاحضة التوافق الشديد بين شخصيتها كفنانة وشخصيتها كانسانة لان هناك بينهما أنسجام نفسي وفكري فهي تحيا كإنسانة شفافة وحساسة تنطوي على فنانة بامتياز هذا هو التماثل والتوافق الذاتي للفنانة الإنسانة "وفاء شمروخ"، فالعمل الفني الذي يُنتَج بيد "وفاء الفنانة" هو مرآة تعكس صورة للكون النقي الشفاف الداخلي الذي ينبع من الفكر الخاص بـ "وفاء الانسانة" فهي تعايشت مع المواقف والأماكن وتأثرت بها واقعيا وأنفعلت بعواطفها في جدلية داخلية حتى تكونت لديها الرؤية الفكرية الواضحة التي نبعت من شخصية الفنانة لتنقل إلينا من خلال العمل الفني المفعم بالأحاسيس التي أحبت أن ترسلها الى الناس كافة للإستمتاع بجمال الطبيعة لتصل بالمتلقي الى حالة من المتعة البصرية الكاملة مع إقامة حوارية فكرية تنتهي بتقدير المشاهد للتناغم الظاهر بين الألوان والأشكال والمساحات علي مسطح اللوحة ، انها فنانة اجتهدت في تطوير نفسها بخوض تجارب فنية حاولت ومازالت تحاول من خلالها أن تنفتح بشخصيتها الشرقية على عالم الفن المعاصر بأسلوب كلاسيكي يشبه شخصيتها الرقيقة التي تميل الى نشر المحبة والتسامح بعقلانية محسوبة بحكمة ؛ فهي تنقل وقائع تخاطب من خلالها القارئ خطابا مباشرا يعبر عن مشاعر حقيقية تتجسد في اعمالها الفنية مما يجعل المتلقي يفهم تفاصيل العمل الفني الذي هو عبارة عن قصة تبدأ بتبلور فكرة العمل الفني انتهاء به كلوحة تخاطب من خلالها المتلقي تاركة اختيار نهاية القصة للمتلقي ، بعد ان سردتها على لوحة تتضمن أحداث مختلفة من دون أن يشارك في صياغتها أو يؤثر في مسارها احد غير "وفاء شرموخ" ذاتها لانها نموذج من الواقعية واستطيع ان القول انها من فناني التشخيص الواقعي لان اعمالها الفنية تمثل في جوانب منها هروب من الواقع وإليه لان هذه الحالة تثير الكثير من الأسلة على المتلقي ؛ وما يثير الانتباه قدرة "وفاء شرموخ" على مزج الافكار وتصويرها خلال لوحة ذات معان دفينة تطرح من خلالها اسئلة متنوعة ضمن بناء فني واحد لا ينحاز إلى سؤال معين بل يترك كل سؤال يطرح نفسه امام المتلقي على حدة من خلال الصورة الذهنية التي تتكون لدى المتلقي عند مشاهدة اعمال هذه الفنانة ليمنحه هذا البناء الفني أقصى ما يمكنه لاجاباته والتعبير عن آرائه ونظرته إلى ما يعبر به عن رؤاه ، هذه الخاصية هي من اهم ركائز الإبداع في الفن التشكيلي. من البديهي ان لكل فنان لمسته الخاصة التي خلفها سر تميزه ومن هنا تبدأ حكاية مختلفة مع الجمال ؛ هذا يقودنا الى الموهبة التي تكتنف الفنان لان الفنان انسان مبدع ، مع ان هناك من يطلق مصطلح سمج على الموهبة التي يمتلكها الفنان هذا المصطلح هو "فنان فطري" وحقيقة لا اعرف ما الذي يقصدونه بهذا المصطلح ؟! فاذا كان المعنى المقصود من هذه التسمية ان هذا الفنان الموهوب لم يكمل دراسته التخصصية في مجال الفن فهذا دليل على قصر نظر من يتسخدم هذه المفردة فمثلا "ليوناردو دافنشي ومايكل انجلو" وغيرهم الكثير من عمالقة الفن لم يحصلو على شهادات ، اظف الى ذلك ان اكثر الفنانين التشكيليين ابداعا هم من الاطباء والمهندسين فهل يطلقون تسمية فنان فطري عليهم؟! ام هم يطلقون ذلك على من لم يكمل دراسته فقط؟! لذا ارى ان على هؤلاء الذين يستخدمون هذه المفردة السمجة استخدام كلمة "موهوب وموهبة" ذلك ان الفن هو موهبة تصوير الافكار والتساؤلات التي تصورها لوحات فنية رائعة ذات دلالات ومعان عميقة ، لا شخبطات كيفما اتفق يطلق عليها فن تشكيلي كما يحلو للسذج ان يصورو الفن التشكيلي.
افتح الرابط https://www.instagram.com/reel/DD2pRetsqw_/?igsh=MW91ajNkM3N1N3J5MA==
#رائد_شفيق_توفيق (هاشتاغ)
Raid_Shafeeq_Tawfeeq#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عراقنا تتلاعب به الذيول وميليشياتهم والسفهاء المعممين
-
شهادات الذيول ما يسمى -مجلس نهاب وحكومة-...... تزوير الدر
...
-
قراءة في الأعمال الفنية للفنان السويدي بيرتل سوندستيدت -bert
...
-
المرايع والذيول .. العراق سرقات وفساد وقطعان تتبع ايران ووو.
...
-
بالبطش والتنكيل .. الذيول القتلة يحكمون بلاد الرافدين ويسرق
...
-
العلاقة بين التصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي في أعمال الفن
...
-
اعمال الفنان السويدي TED HESSELBOM الفنية لغة جديدة للتواصل
...
-
لمصلحة من الهجوم على اربيل ؟ !! .... الا يكفي غزة تخاذل الان
...
-
الرحمة لشهداء اربيل وشهداء العراق جميعا
-
لقاء الذيول العراقية وخرفان الخليج العربي ...
...
-
للتاريخ .. من الذي أمر بقتل ثوار تشرين ومن افتى بذلك ؟!
-
زمن الصعاليك....
...
-
زمن الصعاليك ....
...
-
-المرجعية- ارتكبت جناية على الشيعة والتشيع .. لاسقاط النظام
...
-
على الشعب ان يغير الوضع الماساوي الذي يعيشه بالقوة
-
استحقاق قانوني وشرعي ..... المحاضرين والمحاضرات يجب ان يشمل
...
-
الى كل العراقيين الشرفاء انصرو اخوانكم المحاضرين والمحاضرات
...
-
الى كل العراقيين الشرفاء .... انصرو اخوانكم المحاضرين والمحا
...
-
المجتمع الدولي وتحويل الانظار .. تجاهل جريمة المقدادية وادان
...
-
بين التصنع والتلقائية والحرية المطلقة
المزيد.....
-
فنانون سوريون -واهمون ومخدوعون-
-
ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ينعون الفنان الأردني هشام
...
-
-معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و
...
-
لغز الفرعون: هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي تحدث عنه الك
...
-
موسيقى من قعر بحر الإسكندرية
-
نجوم عالميون يدعمون لبنان برسائل مصورة في افتتاح سينما -مترو
...
-
-معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و
...
-
وفاة الفنان الاردني هشام يانس
-
رئيس نادى الأدب بقصرثقافة كفرالزيات(الشاعروالكاتب محمد امين
...
-
رحيل الفنان المغربي محمد الخلفي عن 87 عاما بعد صراع مع المرض
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|