أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - العقل السحري بين الشرق والغرب: تأملات في عقول الجماهير والمدربين














المزيد.....


العقل السحري بين الشرق والغرب: تأملات في عقول الجماهير والمدربين


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 20:23
المحور: الادب والفن
    


في عالم كرة القدم، تلك اللعبة التي تجمع بين الإثارة والسحر، تنكشف الفوارق الشائكة بين عقلية الشرق وعقلية الغرب في التعامل مع الهزائم والإخفاقات. يتجلى هذا الصراع في شخصيات مثيرة، كمرتضى منصور، الرئيس السابق لنادي الزمالك المصري، الذي يمثل تجسيدًا للعقلية السحرية المتجذرة في ثقافة جماهيرنا. فهو لا يتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى «الأعمال السفلية» والجن، متوهمًا، أو واهما الجماهير، أن هذه القوى الغيبية تعرقل فريقه، بدلاً من أن يواجههم بالحقائق الماثلة أمامه.

على لسانه، تتردد عبارات تتحدث عن السحر والشعوذة، وكأن النتائج الرياضية تندرج تحت تأثير قوة خارقة، بعيدة كل البعد عن الحقائق المرتبطة بالتخطيط والتدريب. فمرتضى منصور، الذي لجأ إلى شيخ من شبراخيت لإبطال تلك الأعمال المزعومة، يمثّل رمزًا لعقلية ترفض الاعتراف بالخطأ، وتبحث عن مبررات في عوالم خفية تهربًا من تحمل المسؤولية. فالجماهير المصرية، التي تصدق هذه السرديات بعقلية متقبلة، تجد نفسها محاطة بأسطورة تمتزج بحقائق مستلبة، مما يعوق قدرتها على تحليل الأمور وتحمل تبعات الواقع.

وبينما نجد هذا، يبرز العقل الأوروبي بعقلانية ناضجة. فمدرب مانشستر سيتي، بيب جوارديولا، يخرج علينا متحدثًا بفلسفة تتجاوز الخرافة، ليقول: "نحن نرتكب أخطاء، وهذا أمر عادي في كرة القدم. يجب علينا تصحيحها من خلال التدريب الدؤوب وتحليل الأداء.” يضع جوارديولا أصابع الاتهام على أسباب ملموسة ويعتنق النقد الذاتي كسبيل نحو التطور. هنا، تتحرر العقلانية من قيود الخرافة، ويصبح العمل الجماعي هو القاعدة التي تُبنى عليها الإنجازات، وليس البحث عن قوى غامضة.

تستمع الجماهير الأوروبية لمدربيها بتركيز متعقل، رافضةً أي مبررات تمس العقل وتتجاوز المنطق. فلو بادر أحد المدربين الكبار، كجوارديولا، بتصريحات مشابهة لتلك التي يرددها مرتضى منصور، لأصبحت حديث المدينة، بل ولربما طُلبت إقالته في اليوم نفسه. بينما في مصر، تظل الخرافات طائفة تحظى بقبولٍ واسع بين الجماهير، التي تجد في تلك السرديات تبريرًا كفيلًا للتخفيف من مرارات الهزائم.

فهذا التباين لا يقف عند عتبة كرة القدم وحسب، بل يمتد ليشمل أعماق الثقافتين. إذ تعيش الثقافة المصرية أسيرة لموروثات عقائدية قديمة، تزرع في الأذهان فكرة بأن الأبطال لا يُصنعون من خلال الجهد والمثابرة، بل يتم إدارتهم بقوى خفية. أما الثقافة الأوروبية، فقد انتزعت نفسها من عهد الأسطورة منذ فجر عصر التنوير، حيث أصبحت تجاربهم العلمية ومؤسساتهم القوية مرتكزات لرؤية عقلانية تحاكي الواقع وتفهمه بناءً على أسس مادية.

إن الفارق الواضح بين مرتضى منصور وجوارديولا، وبين الجماهير المصرية والأوروبية، يمثل صورة متكاملة عن مراحل التطور الفكري البشري. فالعقل المصري، الذي ما زال يركض في جنبات السحر والأسطورة، يحتاج لقفزة نوعية تأخذه إلى رحاب الواقعية والموضوعية. بينما العقل الأوروبي، قد ارتقى إلى مرحلة من النضج الذي يجعله يتعامل مع الأمور بعقلانية، بعيدًا عن كواليس الخرافات.

وفي نهاية المطاف، يمكن أن تكون كرة القدم مرآة تعكس ثقافة الشعوب، لكن شغفها أيضًا يمثل أداة عميقة للثورة الفكرية والتغيير. فهل سيتسنى لنا تجاوز القناعات السحرية؟ هل يمكن للجمهور المصري والعربي أيضا بل والشعب المصري والعربي كذلك أن يتحرر من أصفاد الأسطورة ليعانق الحقيقة؟ ذلك هو السؤال الذي قد يُعيد تشكيل واقعنا، ويخرجنا من دائرة الإخفاق إلى فضاءات النجاح والتقدم.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمانيا في محنة: بين جراح الإرهاب وصوت الضمير
- إعمال العقل في النصوص الدينية: بين نور الفكر وظلام الجمود
- مصر والجائزة الكبرى في مخطط الشرق الأوسط الجديد
- اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر
- قراءة في خريطة الصراعات العالمية والإقليمية: مستقبل العرب وم ...
- العقل النقدي بين “حرية العقل” وتحقيق “دويتشه فيله”: معركة ال ...
- الذكاء الاصطناعي: شريك الإنسانية في غزو المستقبل واستكشاف عو ...
- الفوضى الخلاقة: معارك عربية بين الانهيار والصمود
- في الوفاء نكتب: قيمة إنسانية لا تموت
- التاريخ بين الحقيقة والتحريف: دعوة لدراسته بمنهج علمي موضوعي
- الحب.. بوابة العروج إلى السماء
- حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى
- قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل ج ...
- سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع
- سوريا بعد سقوط النظام: تحديات المرحلة المقبلة بين مطامع الخا ...
- وهم هاتف تسلا الرخيص ومعاناة الفقراء
- اهتمامات الشعوب بين العالم العربي والغرب: قراءة في أولويات ث ...
- في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات ا ...
- في العالم المتقدم: الحسد خرافة تم تفكيك أسطورتها
- العقول التي صنعت المجد: العلماء والفلاسفة والأدباء قادة الحض ...


المزيد.....




- فنانون سوريون -واهمون ومخدوعون-
- ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ينعون الفنان الأردني هشام ...
- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- لغز الفرعون: هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي تحدث عنه الك ...
- موسيقى من قعر بحر الإسكندرية
- نجوم عالميون يدعمون لبنان برسائل مصورة في افتتاح سينما -مترو ...
- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- وفاة الفنان الاردني هشام يانس
- رئيس نادى الأدب بقصرثقافة كفرالزيات(الشاعروالكاتب محمد امين ...
- رحيل الفنان المغربي محمد الخلفي عن 87 عاما بعد صراع مع المرض ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - العقل السحري بين الشرق والغرب: تأملات في عقول الجماهير والمدربين