أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة














المزيد.....


الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 18:22
المحور: الادب والفن
    


يبرز اسم الدكتور محمد فتحي راشد الحريري كواحدٍ من أولئك الشخصيات الفريدة التي تميزت في العلم والأخلاق، تاركةً بصمةً عميقة في قلوب من عرفوها. وُلِد في بصرة الشام عام 1954، ليبدأ رحلته الطويلة مع العلم والمعرفة. عرفناه عالماً لغوياً وباحثاً في الدراسات الإسلامية، قدّم من خلالها رؤى ومنهجيات خاصة، جعلته نموذجاً يحتذى به في هذا المجال. لم تكن مسيرته محصورة في الأوساط الأكاديمية، بل امتدت إلى قلوب زملائه وطلابه ومتابعيه، فكان مثالاً للمربي والأستاذ والصديق الذي تتجلى في حضوره معانٍ عظيمة من التواضع والسخاء الروحي.

إنجازات الدكتور الحريري تمثلت في مجموعة من المؤلفات القيمة التي لاقت استحساناً كبيراً، منها "سياسة التربية والتأديب في الإسلام"، الذي يُعتبر مرجعاً هاماً في مجاله، و"كيف تكتسب محبة تلاميذك" الذي شكّل نموذجاً في علاقة المعلم بالطالب، و"سعد الدين الجباوي: سيرته وطريقته" الذي تناول فيه حياة وسيرة هذا العالم الجليل، و"الإسرائيليات في تفسير الزهراوين"، و"الطرق الصوفية في حوران"، إلى جانب دراسته حول الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي، الباحث والمفكر. كما أطل على الجمهور من خلال برامج تلفزيونية عديدة، تناول فيها مواضيع تربوية وأدبية وإسلامية، ليضيف إلى سجله بصمة إعلامية تواصلت عبر الأجيال.

عرفته في دبي، ذلك الصديق الذي غمرني بكرمه ولطفه، وجعل من بيته ملتقىً للمثقفين والشعراء والباحثين، وملاذاً آمناً لكل من يبحث عن المعرفة أو يطلب التوجيه. كان كريماً مضيافاً لأبعد الحدود، يفيض بالعطاء، وبيته مفتوح للجميع، وقد جمع في حضوره بين سمو العلم ونبل المعاملة. تلك اللقاءات المتكررة التي جمعتني به، برفقة الدكتور الشيخ أحمد معاذ حقي وأفراد من الجالية الكردية في الإمارات، كانت فرصة لاكتشاف عمق شخصية لا تعرف الحدود بين العلم والإنسانية، إذ دعانا ذات مرة إلى وليمة كبيرة في بيته – فور تعارفنا الاثنين في أمسية شعرية في الشارقة-، وكانت فرصة لالتقاء أبناء الجالية الكردية بأهل درعا. كانت تلك دعوة جمعت أطيافاً متنوعة، أراد من خلالها أن يعزز العلاقة بين الكرد وأهالي درعا، في مشهد يعكس وعيه الكبير بأهمية التواصل بين مكونات المجتمع السوري.
لقد كان الدكتور الحريري بالنسبة لنا ليس مجرد باحث وأستاذ، بل كان صديقاً وأخاً كريماً. يناديني: الخال- ابن العم. كان لطيفاً في تعامله، نبيلاً في أخلاقه، وكريماً في عطائه. في كل مكالمة أو زيارة، كنت أجد فيه تلك الروح الشفافة التي تحتضن الآخر، وتحمل في ملامحها هدوءاً عميقاً وثقة بالعلم والعقل. أبناؤه شاركوني في حب والدهم حين ضموني إلى مجموعة واتساب جمعتنا قرابة سنة، وكأنهم كانوا بذلك يطيلون حبل الوصال الذي حرص الدكتور الحريري على مدّه طوال حياته، ويؤكدون أن روح هذا الرجل لا تزال تسكن في من حوله.
أما منزله، فقد كان، بلا مبالغة، أشبه بمحراب علم وملتقى للأدب والشعر، فيه كانت تُرفع النقاشات العلمية والفكرية، وتلقى فيه القصائد، وتزدهر فيه الحوارات. شعراء وأدباء وباحثون وطلاب، كلهم وجدوا في منزل الدكتور الحريري ما يلبي شغفهم ويشبع فضولهم، وكأنه أراد أن يصنع من منزله بيتاً من بيوت الحكمة، التي كان يبنيها بكل تواضع وإخلاص.
انتسب عن طريقي إلى- رابطة الكتاب السوريين- وبأسف أنني من كتبت نعوته باسم-الرابطة- وكان أحد الحالمين بالعودة إلى سوريا حرة ديمقراطية، من دون حزب البعث وعائلة الأسد المجرم. وظل يكتب للثورة. للسوريين. لأهل مدينته، من دون أن ينقطع عن عمله التعليمي، وعن خدمة ضيوفه في مجلسه اليومي المفتوح، كوجه اجتماعي مهم في دولة الإمارات!
توفي الدكتور محمد فتحي راشد الحريري عام 2022 في دبي، بعد صراع عنيد مع وباء كورونا، الذي كان بالنسبة له اختباراً لثباته وصبره، ورغم كل التحديات، بقي في قلب من عرفه وذاكرة من أحبّه. لقد رحل بعيداً عن وطنه، لكن مواقفه الراسخة من النظام السوري أبت إلا أن تتركه شامخاً، وإن غيّبه الموت عن سوريا، فإن آثاره ستظل شاهدة على مسيرة رجلٍ جمع بين الأخلاق والعلم والإرادة الصلبة.
وبعد رحيله، لم يكن فقدانه مجرد فقدان شخص، بل خسارة للأخ والصديق والعالِم الذي قدّم الكثير ولم يتوقف عند حدود، تاركاً إرثاً يضيء دروب من جاؤوا بعده، ويمنحهم أملاً بأنّ العلماء والمبدعين أمثال الدكتور الحريري، وإن رحلوا، فإنّ علومهم وأفكارهم باقية.
*كتب النص قبل أشهر ولم ينشرفي انتظار ذكراه إلا أنني أثرت نشره تحية إلى روحه الثائرة ضد النظام الدموي



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آن الأوان لعودة- ب ك ك- إلى ساحته
- الثقافة الكردية في سوريا الجديدة نحو الاعتراف القانوني
- سقوط القيم والأخلاق قبل سقوط النظام بشار الأسد أنموذجاً للخس ...
- مفارقات العقل الأحادي: قراءة في الموقف من الكرد وقضاياهم
- دمشق وقامشلي: من الأولى بمبادرة احتضان الأخرى؟
- الاستبداد والاستبدال: رؤية لما بعد نظام الأسد!
- الكرد من أوائل مؤسسي و بناة سوريا: لماذا يتم تغييب دورهم؟
- الرئيس المخلوع: بين جبن الطغاة وبذخ العروش
- تقرير -قيصر- ودوره في فضح انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا
- سجون سوريا: الداخل مفقود وهل من أحد يخرج منها؟.. سجن صيدنايا ...
- الهندسة المعمارية لسجن صيدنايا: البناء، الزنازين، والطوابق ا ...
- تنويه واعتذار من إبراهيم اليوسف
- سايكولوجيا الجلاد: في استقراء نفسية مرتكبي التعذيب والجرائم ...
- لا تكن رئيساً دكتاتوراً لئلا يُداس ضريحك!
- تجريم ب ي د وتكريم فروع القاعدة:ازدواجية المعايير في المشهد ...
- من أوصل بشار الأسد إلى هذا المصير الأسود؟
- مهجرون أم رهائن: لماذا يمنع عودة كرد عفرين المهجرين؟
- شجاعة الكتابة في زمن الفوضى: بين وضوح الرؤية وتحديات المجهول
- سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟ أي مصير ينتظر سوريا والسوريين؟
- سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟


المزيد.....




- ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ينعون الفنان الأردني هشام ...
- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- لغز الفرعون: هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي تحدث عنه الك ...
- موسيقى من قعر بحر الإسكندرية
- نجوم عالميون يدعمون لبنان برسائل مصورة في افتتاح سينما -مترو ...
- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- وفاة الفنان الاردني هشام يانس
- رئيس نادى الأدب بقصرثقافة كفرالزيات(الشاعروالكاتب محمد امين ...
- رحيل الفنان المغربي محمد الخلفي عن 87 عاما بعد صراع مع المرض ...
- -العائلة- في سربرنيتسا.. وثيقة حنين لأطلال مدينة يتلاشى سكان ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة