أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى مجدي الجمال - إعادة نظر في الصراع















المزيد.....


إعادة نظر في الصراع


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 12:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول المصريون: "اللي ع البر عوام" و"اللي ايده في المية مش زي اللي ايده في النار".
وكاتب هذه السطور يثَنّي على حق كل ممارس نضالي لشعب آخر، حقه في أن يختار طريقه ويحدد أهدافه وفق حساباته الخاصة. ويزداد الأمر حرجًا على كاتب من شعب آخر (مهما كانت الروابط القومية) كي يتأمل مسالك وتجارب مناضلي الشعوب الأخرى، ولكن هذا الحرج قد يزول مع تشابك القضايا وتراكم الخبرات.
وسبب هذه المقدمة أنه منذ 7 أكتوبر في العام الماضي وهناك تداعيات استراتيجية تاريخية تعصف بسائر شعوب المنطقة مما يجعل الناقد المساند يترفق ويتروى في إصدار الأحكام، ناهيك عن اجتراء النصح.
عندما بدأت الأحداث بالعملية المسماة "انتفاضة الأقصى" لم يتردد الغالبية الساحقة من المصريين في التعاطف مع معاناة الشعب الفلسطيني غير المسبوقة، والتي تجري في سياق دولي ظالم في عمومه، وسياق إقليمي بين متآمر وعاجز ومتحفظ، ناهيك عن السياق الفلسطيني المنقسم. لكن مع تفاقم المذبحة وامتداداتها، كان لا بد من نقد متعقل يراعي مجريات الصراع المحتدمة، ومشاعر التضامن والأخوة.
فالآن يستطيع الكاتب أن يصرح دون حرج، ودون تطفل، وأن يكتب بحرية أكثر مهما كانت موجعة للنفس قبل المناضلين على الأرض.. والخلاصة التي أطرحها مقدمًا هي أن القادة المخلصين والاستشهاديين الذين بدأوا العملية لم يجروا حسابات دقيقة. فكانت المذابح الرهيبة للشعب الفلسطيني، وفقدان المقاومة الفلسطينية للكثيرين من أفضل قادتها ومقاتليها، وهدم قطاع غزة وذبح أطفالها ونسائها وتشريد شعبها بأكمله، وتجرؤ العدو على ارتكاب الفظائع الأكثرشراسة في الضفة الغربية، وتعريض حزب الله اللبناني لخسائر قاسية جدًا في قادته ومقاتليه ومعداته، وربما شعبيته وسط حاضنته وتوازناته الداخلية، وتشجيع التكفيريين المدعومين بسفور من أمريكا وتركيا والصهاينة على إسقاط النظام السوري الذي كان حلقة الوصل المهمة لأقصى حد فيما تسمى وحدة الساحات..الخ.
وفيما يلي ألخص ما أراه فيما يتعلق بخطأ الحسابات:
أولاً : لم تراع القيادة المخططة للسابع من أكتوبر الحالة الراهنة للوضع الدولي، وخاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا، فلم يكن متصورًا أن تتساهل أمريكا والغرب مع تطور نوعي سلبي آخر في الصراع الدولي، خاصة مع الوضع الخاص جدا لمكانة إسرائيل بالنسبة للإمبريالية العالمية. ومن ثم كان من المنطقي أن يكون انحيازها الأخرق متجاوزًا لكل الحسابات السابقة قبل الحرب الأوكرانية.
ثانيًا : بُنيت فكرة "طوفان الأقصى" على فرضية أن إسرائيل لا تتحمل حربًا طويلة، ولم يلاحظ مخططو العملية أن هذا ينطبق أكثر على مواجهة إسرائيل لحرب نظامية مع جيش عربي يملك مقدرات أكبر من السلاح وحلفاء إقليميين ودوليين متصورين. أما في حالة غزة فإن التفوق الجوي الماحق مقارنة بالصواريخ الفلسطينية محدودة القدرة التدميرية قد ساعد العدو أكثر في ممارسة أعمال فائقة الوحشية. وإذا كانت قطاعات مهمة من شعوب الغرب قد تعاطفت إنسانيًا مع الشعب الفلسطيني، فإن معظم حكوماته قد تمادت في الوقاحة بزعم "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".
ثالثًا : تصور المخططون أن العدو لن يخاطر بالوقوع طويلاً في "مستنقع" غزة بريًا، وربما لم يقدروا على نحو سليم أن المجتمع الصهيوني يمر بحالة تشهد هيمنة الفاشية، ومن ثم ستجد الفرصة مواتية دوليًا وإقليميًا لتحويل الصدام إلى عمليات إبادة شاملة للشعب الفلسطيني بقصد تهجيره واستلام أرض غزة أو معظمها خالية من السكان.
رابعًا : لم يكن مناسبا على الإطلاق أن تبادر المقاومة بهذه العملية دون تنسيق جدي مع المناضلين في الضفة الغربية، وهو ما كان يتطلب بذل جهد مسبق أكثر للتنسيق وكذلك الإقدام على تفاهمات مريرة المذاق مع اليمين الفلسطيني بالضفة.
خامسًا : ربما لم يتصور المخططون، ولا نحن، أن العمالة والجاسوسية قد وصلت إلى هذا الحد من الاتساع كمًا وعمقًا وفعالية، وأن نظمًا عربية على أتم الاستعداد للتهادن وحتى التوافق مع العدو تماشيًا مع الإرادة الأمريكية، مع إبداء التعاطف الشكلي وغير الفعال.
سادسًا : من الواضح، بل والأغلب، أنه لم يكن هناك علم مسبق عند حزب الله اللبناني بما ينوي مناضلو غزة القيام به، ومن ثم أظن أن الحزب لم يكن مستعدًا على الوجه الأكمل، بسبب انخراطه في الصراع بسورية، وكذلك مشاكله الداخلية العنيفة.
سابعًا : أخطأت قيادات حماس العسكرية في أسر السيدات والأطفال، وكان من الواجب الإفراج عنهم حتى ولو بدون مقابل لأن احتجازهم كان من أهم عناصر الدعاية الصهيونية والغربية عن "البربرية" الحمساوية، وهو ما غطى أيضًا في الإعلام الغربي على أسر وذبح الألوف من الأطفال الفلسطينيين.
ثامنًا : لم تكن حماس بالطبع على علاقة طيبة، ولا أقول "نضالية"، مع النظام السوري بسبب انحياز حماس في دمشق لما تسمى "الثورة السورية" بل واشتراكها في المواجهات هناك، ناهيك عن إصدار البيانات المعادية للنظام السوري. وكان الغريب الصاعق هو انحياز إخوان سورية وتركيا لتمزيق الدولة السورية.
تاسعًا: أعطت حماس ثقة مبالغًا فيها لحكام قطر بسبب تعاطفها الجليّ مع الإخوان، وخاصة من خلال قناة الجزيرة. وتعرض قادتها في الدوحة لضغوط هائلة هناك بدعوى اضطلاعها بالوساطة مع العدو.
عاشرًا : رغم محاولات حماس التقارب مع النظام المصري، فإن تجاوب القاهرة لم يكن منتظرًا أن يكون كافيًا بسبب طبيعة النظام وأزماته، والتهديدات العديدة التي يواجهها من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، فضلاً عن تدخل حماس في الصراع بين النظام وإخوان مصر، والتوجس المصري القوي من التهجير القسري لسكان غزة..الخ. فكان من المتوقع أن ينكفيء الدور المصري في حدود التهدئة والوساطة والدعم الإنساني.
أحد عشر : من الواضح أنه كان هناك تعويل كبير على دور إيراني حاسم في المواجهة. ولكن التفكير الصائب كان سيوصل أصحابه إلى أن الهاجس الأول عند طهران هو الإفلات بالسلاح النووي ورفع العقوبات وتسكين الغضب الداخلي. لذا من المفهوم لماذا كبلت إبران أيدي حزب الله اللبناني عن استخدام الأسلحة الاستراتيجية عند بدء المواجهة، وتفضيل الرشق بالأسلحة التكتيكية، وهو ماعرض الحزب لخسارة الكثيرمن قدراته العسكرية والقيادية والسياسية وتهجير حاضنته الجنوبية، بل وتعرضت إيران ذاتها لضربات شديدة الإيلام جراء التفوق الجوي الإسرائيلي والدعم الغربي السافر لها بالمعلومات والإعلام والدبلوماسية.
وماذا بعد.. لا بد أولاً من إعمال فضيلة النقد الذاتي الغائبة.. وحينها يمكن أن نشترك في حوار جاد ومنتج.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انصياع الجبناء أم دفاع عن الوجود
- التكفيري محل الدكتاتور
- حديث شائك جدا عن الوافدين
- المعضلة الشبابية
- وضاع النفوذ المصري في أفريقيا
- حل التهجير الدموي
- لا تحكموا على المقاومة أيديولوجيًا
- ألعاب السيرك المعادي لثورة يوليو
- ناجي شفيق نسيج خاص
- العلمانية ليست مرادفة للإلحاد
- ليست مؤامرة خالصة ولا ثورة بدون شوائب
- حدث خلسة (أقصوصة)
- عمر من الخلافات
- أخطر اجتماع
- فداحة التحدي وهزال الاستجابة
- عتاب على شيوعيي السودان
- من مقالب الناشرين في المترجمين
- أصعب أيام مصر
- الشكلانية الديمقراطية ووهم تمثيل المستضعفين
- انزلاقات يسارية


المزيد.....




- اكتشاف جمجمة فيل ضخمة مدفونة بحديقة منزل.. إلى أي عصر تعود؟ ...
- ماذا نعرف عن التعيينات الجديدة في الحكومة السورية الانتقالية ...
- البشر وحيوانات الكسلان العملاقة عاشوا معا لآلاف السنين.. اكت ...
- تركيا تخطط لاستئناف عمل قنصليتها في حلب السورية قريبا
- السعودية.. تنفيذ حكم القتل في مواطنين أدينا بالخيانة والإرها ...
- قائد الإدارة السورية أحمد الشرع يستقبل وزير الخارجية التركي ...
- خبير: الشعور بالوحدة الشكوى الأكثر شيوعا في ألمانيا
- بوتين: لو لم نطلق العملية العسكرية في أوكرانيا لأجرمنا بحق ر ...
- مشاهد تكدس الجرحى بممرات مستشفى كمال عدوان جراء قصف الاحتلال ...
- قاضية أميركية: مجموعة -إن إس أو- الإسرائيلية مسؤولة عن اخترا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى مجدي الجمال - إعادة نظر في الصراع