|
هل لإسرائيل حدود؟
هاني عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 22:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ينص دستور أية دولة على حدودها الجغرافية والذي هو الوطن الذي يقطنه سكان هذه الدولة وملزمون بالدفاع عنه. وتشذ إسرائيل عن هذه القاعدة، فليس لها دستور مكتوب (مثلها مثل بريطانيا وكندا ونيوزلندا والسعودية). لكنها تتميز عن تلك الدول التي ليس لها دستور باختلاف عنها وهو عدم وجود حدود لهذه الدولة. كانت الأراضي المخصصة للدولة اليهودية حسب قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م تساوي 56% من أراضي فلسطين التاريخية، وعند توقيع اتفاقيات الهدنة سيطرت إسرائيل على مساحات إضافية بحيث أصبحت مساحتها تساوي 78% من أراضي فلسطين وحددتها بما يُسمى بالخط الأخضر. لقد طرح الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيال في صحيفة هآرتس بتاريخ 18 ديسمبر 2024م هذا السؤال: "ما هي حدود دولة إسرائيل وأين توجد؟ سؤال ليس صعباً لكنه محير". ويُجيب على هذا السؤال بأن "إســرائيل دولة بدون حــدود، وتتوســع بمرونة جغرافية آخذة في الاتساع الآن. ، أصبحت غزة جزءا لا يتجزأ من الدولة، وســيأخذ "جبل الشيخ السوري اسماً مناسباً في القريب، وربما نحظى بقاطع صغير في الشــمال، في المنطقة التي ما زالت تســمى جنوب لبنان". ويُضيف بأن ذلك أصبح شعاراً للمتطرفين بحيث يصبح التوسع روح المشكلة وأساس الأيدلوجيا أي أن الحدود ستنتصر". يستخدم السياسيون الإسرائيليون مصطلح دولة إسرائيل للدلالة على الدولة بحدودها الحالية غير المحددة قانونياً وغير المعترف بها دولياً، وهم في هذا يراهنون على الزمن في حدوث تغييرات جيو سياسية يكون لهم فيها الدور الأكبر. أما في الأدبيات الصهيونية وفي خطابات غلاة المتطرفين فهم يستخدمون مصطلح "أرض إسرائيل Eretz Israel" والتي تعني لهم الأرض التاريخية لإسرائيل حسب المفهوم التوراتي والتي تضم فلسطين ويسمونها Cisjordan (أي غرب الأردن) وشرق الأردن Transjordan وجنوب لبنان حتى نهر الليطاني والباشان (وهو تعبير توراتي كان يُطلق على أراضي واقعة جنوب سوريا وشرقي الأردن) ومن ضمنها مرتفعات الجولان شمال نهر اليرموك. إن المتتبع للاحداث السياسية الأخيرة يُدرك أن لإسرائيل أهداف استراتيجية حددتها الحركة الصهيونية منذ مؤتمر بازل وهي تعمل على تحقيقها بقضم أراضٍ قطعة قطعة. ففي لبنان تطالب بخلو المنطقة حتى الليطاني من أسلحة حزب الله، وفي سوريا استغلت الاحداث السياسية الأخيرة لتتمدد في الجولان، والحبل على الجرار. يتجلى الفكر الاستعماري والممارسة العنصرية وسياسة الإبادة للشعب الفلسطيني في الخطاب الذي القاه بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول من عام 2024م عندما رفع أمام الحضور خارطتين: الأولى سماها خارطة النعمة، والثانية خارطة النقمة. ففي الأولى دمج الضفة الغربية وغزة ضمن أراضي إسرائيل، بينما الثانية وتضم سوريا والعراق وإيران. ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن في صُلب السياسة الصهيونية هو الاستيلاء على الأرض بالمفهوم التوراتي، وما القبول بأنصاف الحلول والتخلي مؤقتاً عن الحلم الصهيوني ما هو الا تكتيك مؤقت وفقاً للمبدأ القائل خذ وطالب، والتي حولته الصهيونية إلى خذ ثم استعد وامتلك القوة لتطالب بالمزيد وهذا ما أثبتته الأيام. فمثلاً، فإن حاييم وايزمن في شهادته أمام لجنة بيل ذكّر اللجنة بأن شرق الأردن هو جزء من قلسطين وبالتالي كان خاضعاً للانتداب، بمعنى أنه ضمن الأراضي التي ستنشأ عليها الدولة اليهودية، ثم أضاف بأنه لن يبحث عن السبب الحقيقي عن الاستثناء وأنهم صرفوا النظر عن ذلك وكان صرف النظر كبيراً. كان بن غوريون ينظر إلى قرار التقسيم عند صدورة كخطوة تكتيكية نحو السيطرة الكاملة على فلسطين، وبرر قبوله بأنها كانت خطوة للحصول على الشرعية للوطن القومي اليهودي تمهيداً لابتلاع أراضٍ قطعة قطعة. ففي احد تصريحاته الشهيرة في خطاب له أمام اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية قال:"التقسيم بالنسبة لنا ليس النهاية، أنه البداية فقط...الدولة التي سنقيمها ستكون بمثابة قاعدة وسنستخدمها للتوسع نحو كامل فلسطين". وعند إعلان قيام دولة إسرائيل في 14 ايار 1948م قال بن غوريون:"ليست هذه نهاية كفاحنا.. بل أننا اليوم قد بدأنا... وعلينا أن نمضي لنحقق قيام الدولة التي جاهدنا في سبيلها .. من النيل إلى الفرات". كما أكد على هذا المفهوم الحاخام رابينوفيتش في خطاب له أمام اجتماع غربي القدس في عام 1952م عندما قال:"فليفهم الجميع أن إسرائيل قد قامت بالحرب وأنها لن تقنع بأنها بلغت حدودها حتى الآن. إن الأمبراطورية الإسرائيلية سوف تمتد من النيل إلى الفرات". يطمح الصهيونيون لأن تكون إسرائيل وطناً لكل يهود العالم، وبالتالي فهم دوماً يعزفون على نغمة أن أرض إسرائيل الحالية لا تفي بالغرض ولا بد من التوسع، وهذه النغمة رددها مؤخراً الرئيس الأمريكي المنتخب. وقبل ترامب ردد مثل هذه المقولة نورمان بينتوفيتش الذي عينته بريطانيا كاول نائب عام في فلسطين حيث قال في خطاب له:"ليس من المعقول أن تبقى فلسطين المستقبل محددة بحدودها الحالية ففي استطاعة اليهود الانتشار والتوسع إلى جميع البلاد الميحطة بنا من البحر الأبيض إلى الفرات ومن لبنان إلى النيل، فهذه البلاد أعطيت لشعب الله المختار". تستخدم إسرائيل هذا الشعار وهي تعلم أن كثيراً من اليهود لا يرغبون العيش فيها، كما أن من مصلحتها وجود جاليات يهودية قوية في بعض الدول التي لها تأثير في السياسة العالمية لدعم سياسات إسرائيل على الساحة الدولية. لذلك، فعدلت مفهوم دولة لكل اليهود إلى مفهوم أن اليهودي اينما كان هو مواطن هذه الدولة ولا يُشترط أن يعيش فيها حيث يستطيع الحصول على جنسيتها ومواطنتها فور قدومه إليها. منذ تأسيسها ولغاية الآن فإن القادة الصهيونيين يصرحون بأن حدود إسرائيل غير طبيعية ويجب تعديلها وهي حدود متغيرة بالزمان وتستقر عندما نحقق أرض إسرائيل كما وردت في التوراة. للأسف فإن العرب مغيبون في الشرق الأوسط حيث تتصارع استراتيجيات تركية وإيرانية وإسرائيلية، وكلهم يرتكزون على إرث تاريخي ديني، بينما احفاد الحضارة العربية – الإسلامية يقلبون صفحات التاريخ بشكل عكسي.
#هاني_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عنبرة سلام الخالدي – رائدة الحركة النسائية في بلاد الشام
-
كتاب اخي وأرضي
-
انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية - الجزء الخامس والأخ
...
-
انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية - الجزءالرابع
-
انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية - الجزء الثالث
-
انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية- الجزء الثاني
-
انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية
-
استراتيجيات الدول الكبرى في فلسطين عشية قرار التقسيم
-
هزال النظرية الإفتصادية
-
سبعون عاماً على النكبة
-
تأسيس الجامعات
-
شواهد مسيحية في اليمن
-
مسيحيون وليس نصارى
-
جامعة سالرنو الطبية
-
السريان ودورهم الحضاري في التاريخ
-
العودة إلى قرار التقسيم
-
التاريخ المنسي - قرار التقسيم وإنشاء دولة لإسرائيل
-
التاريخ المنسي - الولايات المتحدة الأمريكية - 8
-
التاريخ المنسي - دور بريطانيا - 7
-
تاريخ المنسي - قرار التقسيم وإنشاء دولة إسرائيل. صفقات الأسل
...
المزيد.....
-
-ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف
...
-
ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم
...
-
الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
-
مخاطر الارتجاع الحمضي
-
Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
-
تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق
...
-
الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو
...
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|