أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم مشارة - إسرائيل واغتيال العقل النووي العربي















المزيد.....


إسرائيل واغتيال العقل النووي العربي


إبراهيم مشارة

الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 18:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ قيام دولة إسرائيل في عام 1948 وهي تسعى بكل السبل إلى ترسيخ وجودها وتثبيت كيانها ،مرة بتزوير التاريخ ومرة أخرى بانتزاع الأرض من أصحاب الحق الشرعيين، ومرات بخوض حروب بدعم غربي وأمريكي ،وتصفية كل من ترى فيه خطرا على وجودها من مناضلين وثوريين وسياسيين ومفكرين وعلماء ،والقائمة تطول لو استعرض المرء قائمة بأسماء العلماء الذين نجحت إسرائيل في تصفيتهم ، خاصة فيما يتعلق بالفيزياء النووية.
لقد فتح انشطار الذرة عصرا جديدا في العالم برمته وبدل من طبيعة الحروب وأساليب الردع والترهيب ،وقد حدثنا التاريخ عن السباق المحموم بين النازيين والأمريكان والحلفاء عامة من أجل امتلاك السلاح النووي إلى درجة أن تدخل أينشتاين بنفسه في رسالة مشهورة وجهها إلى الرئيس روزفلت يستعجله تنفيذ مشروع إنتاج القنبلة الذرية في مشروع سري عرف فيما بعد بمشروع مانهاتن، وتفويت الفرصة على النازيين وإحراز سبق نووي مهم.
ومنذ أن قامت دولة إسرائيل سعت بكل السبل – بمساعدة ودعم الغرب وأمريكا - إلى امتلاك السلاح النووي، وبالتالي إحراز تقدم على الجوار العربي وردعه إذا اقتضت الضرورة ذلك ، وقد خاضت ضده – وهو معاد لوجودها تماما – حروبا تقليدية استشهد خلالها الآلاف من الجنود والمقاتلين من مختلف البلاد العربية.
يكفي أن يعلم المرء أن السبب الحقيقي لغزو العراق ليس إزاحة صدام حسين فقط ،وإنما تدمير العراق وتجريده من قوته العلمية والعسكرية لأنه يشكل خطرا على إسرائيل، وما كان صدام إلا حصان طروادة الذي دخلت في جوفه القوات الأمريكية إلى العراق لنهب تراثه وتصفية نخبته وتدمير منشآته العلمية والعسكرية والصناعية وتأجيج الصراع الطائفي وإرجاعه كما قال الرئيس بوش إلى العصر الحجري.
قبل غزو العراق زودت المخابرات الإسرائيلية زميلتها المخابرات الأمريكية بقائمة بأسماء العلماء العراقيين وعناوين إقامتهم وأرقام هواتفهم لتتم تصفيتهم أو إغراء من يقبل الإغراء بالهجرة الطوعية إلى المعاهد والكليات الغربية وكانت النتيجة أن 70 عالما وافقوا على الهجرة إلى الغرب، بينما تمت تصفية 310 من علماء الذرة والبيولوجيا ومختلف العلوم الدقيقة ،وكان من هؤلاء الباحثة العراقية هدى صالح مهدي عماش الباحثة في العلوم البيولوجية والتي شغلت منصب رئيس مجمع الأحياء الدقيقة في جامعة بغداد ،وقد درست في أمريكا وأطلقت عليها القوات الأمريكية كذبا أثناء احتلال العراق لقب "سيدة الجمرة الخبيثة" ، وكانت المرأة الوحيدة المطلوبة للقوات الأمريكية وشغلت الرقم 53 من بين 55 مطلوبا من العلماء للقوات الأمريكية، لكن إصابتها بالسرطان وتأكد القوات الأمريكية من موتها الوشيك ثم التضييق عليها ومحاصرتها حتى ماتت من العوز والمرض والإهمال.
وقد بدأت إسرائيل في مطاردة العقول العربية باكرا وجندت أجهزة مخابراتها وعملائها في الشرق والغرب لتصفية علماء الذرة العرب واحدا إثر الآخر، وكانت الراحلة عالمة الذرة المصرية سميرة موسى (1917/1952)"مس كوري الشرق" كما تلقب وتلميذة العالم الكبير علي مصطفى مشرفة- أينشتاين العرب كما يلقب- وهي أول شهيدة في مسلسل اغتيال العقول العربية النووية ،فهي أول عالمة ذرة مصرية درست بكلية العلوم بجامعة فؤاد - القاهرة حاليا- حيث لفتت انتباه أستاذها علي مصطفى مشرفة الذي دافع عن تعيينها معيدة بكلية العلوم بالرغم من معارضة زملائها من الأساتذة الإنجليز، وتخرجت من جامعة بريطانية ثم أمريكية ببحوثها عن الإشعاع النووي و بحوثها حول الأشعة السينية ، وكانت في الجانب السياسي تؤمن بضرورة توسيع امتلاك السلاح النووي لإحداث التوازن وحفظ السلام ،ومن ثمة لابد للأمة العربية من امتلاك هذا السلاح ضمانا للحق العربي والكرامة والهيبة ،فالردع النووي هو الضمان لعدم بخس الأقوياء لحقوق الدول الأخرى، وتنفيذا لهذا المبدأ السياسي أسست هيئة الطاقة الذرية ،وبعد أشهر قليلة في 05 أغسطس /آب 1952 توفيت بحادث سيارة ووجهت أصابع الاتهام إلى الموساد الإسرائيلي ،وتكريما لذكراها منحت في عام 1981وسام العلوم والفنون وكتبت سيرة حياتها في مؤلف مشهور "اغتيال العقل العربي سيرة ذاتية لأولى شهداء العلم سميرة موسى".
ثم جاء الدور على العالم سمير نجيب ،وقد درس الفيزياء النووية في أمريكا، وبعد حرب حزيران 1967 قرر العودة إلى مصر بعد رفض كافة الإغراءات التي قدمت له للبقاء في أمريكا، وتحديدا بتاريخ 13 أغسطس/آب 1967 صدمت سيارته سيارة نقل وقتل على الفور، وقيد الحادث ضد مجهول.
وكان العالم المصري نبيل القليني( 1939/1975) واحد امن العلماء الذين تم التخلص منهم ،فقد درس بالقاهرة ثم بتشيكوسلوفاكيا علوم الذرة وأشادت بنبوغه الصحافة التشيكية يومها وفي 27 يناير/كانون الثاني 1975 رن جرس الهاتف في بيته ببراغ فخرج ولم يعد إلى اليوم ،ولم يعثر له على أثر بالرغم من مراسلة كلية العلوم بجامعة القاهرة والسلطات المصرية السلطات التشيكية للاستعلام عن مصيره ،إلا أن الرد كان أن العالم خرج في ذلك التاريخ ولم يعثر له على أثر.
ولعل حادثة مقتل العالم سعيد السيد بدير (1949/1989) تعد الأكثر غرابة فقد عثر علية ملقى في الشارع للإيهام بأنه رمى بنفسه من بلكون الشقة التي كان يسكنها بالإسكندرية ،لكن وريده كان مقطوعا والدم ينزف منه ،ولما دخلت الشرطة إلى الشقة وجدت أنبوب الغاز مفتوحا والغاز يتسرب، وكأن العالم أراد الانتحار بكل الطرق المؤدية إلى الموت ،والبصمة المخابراتية جلية في هذا الاغتيال الذي طال عالما نابغة في مجال الاتصال بالأقمار الصناعية والسفن الفضائية ،وقد عين أول الأمر بعد تخرجه من إنجلترا معيدا بالكلية الفنية العسكرية ووصل إلى رتبة عقيد مهندس وسافر إلى ألمانيا الغربية – سابقا- كأستاذ زائر وتحدثت عائلته عن المضايقات والتهديد الذي تعرض له إلى درجة أن طلب السيد بدير من السلطات المصرية إعادته إلى أرض الوطن وفي 14 يوليو /تموز1989 عثر عليه ميتا بالطريقة التي تقدم وصفها.
وكثيرون بلا شك يذكرون حادثة مقتل العالم المصري يحي المشد (1932 /1980)الذي عثر عليه مقتولا في غرفته بفندق باريسي ،بعد أن سافر من العراق إلى فرنسا لمعاينة شحنة يورانيوم اشتراها العراق من فرنسا ، يحي المشد عالم ذرة وفيزياء نووية وأستاذ جامعي مصري شهير درّس في العراق وقاد المشروع النووي العراقي، ويشبه دوره دور أوبنهايمر الأمريكي في مشروع مانهاتن ،شغل منصب أستاذ الفيزياء النووية في جامعة الإسكندرية ،لكن بعد تجميد المشروع النووي المصري بعد حرب 1967 سافر إلى العراق بعد حرب 1973 واستقر في العراق أستاذا وباحثا ومديرا للبرنامج النووي العراقي بعد توقيع صدام اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977إلى حين اغتياله .
وامتدت أيادي المخابرات الإسرائيلية إلى علماء الذرة الإيرانيين وقد نشرت دير شبيغل مقالا بتاريخ 02أغسطس/آب 2011 أشارت فيه إلى أن الاغتيالات التي حدثت بطهران في 2011 وراءها الموساد الإسرائيلي ،ومن علماء الذرة الإيرانيين الذين تمت تصفيتهم مسعود علي محمدي 2010،مجيد شهرياري 2010، داريوش رضائي نجاد 2011، حسن طهراني مقدم 2011 ، ومصطفى أحمدي روشن 2012.
وليس غريبا أن تسعى بعد ذلك القوات الإسرائيلية في حربها على غزة إلى تدمير الجامعات وهي معقل الفكر والمعرفة، وتدمير المساجد وهي الحاضنة للهوية والانتماء ،وهي تخوض حربا قذرة لا ترى بأسا من استعمال كل الطرق الهمجية من قتل الأطفال ،وهم رجال الغد والنساء مصانع الرجال المستقبليين بدعم وتغطية أمريكية مفضوحة ،وهي حرب ممنهجة تهدف إلى إبادة المستقبل وتغييبه ،فطوفان الأقصى كشف عوار العسكرية الإسرائيلية وعجزها أمام عقل وتخطيط شبابي طالما عانى التضييق والحصار،ولو ترك لحاله فماذا سوف تخفيه السنون ؟
كما أن السياسة الأمريكية ليس لها ضمير ولا خلق ولا وازع من دين أو نزعة إنسانية، وحين دخل العالم أوبنهايمر رئيس مشروع مانهاتن على الرئيس ترومان، وقد كان مصدوما ومرعوبا من هول التفجيرين الذريين اللذين دمرا هيروشيما وناغازاكي فما كان من ترومان إلا أن قال له ببرودة أعصاب ولامبالاة "وزرها علي ،لا تشغل بالك"!
هو نفس التصرف الذي أبداه صقور البيت الأبيض عقب احتلال العراق وتدمير منشآته وسرقة كنوزه وقتل أطفاله ونسائه تجويعا وحصارا وبمختلف الأسلحة الحديثة ، ولم يشذ الرئيس بايدن عن ذلك وهو يتحدث عن حرب غزة يتلذذ بطعم الآيس كريم ،بينما أشلاء الأطفال والنساء ومنظر الدماء والبيوت المدمرة تحرك مشاعر كل إنسان فيه ذرة من إنسانية .
وهذا ما يقوله ساسة إسرائيل المتطرفون اليوم وقد بلغوا مبلغا في التوحش والبربرية والهمجية مبلغا لم تبلغه قوة عسكرية في التاريخ ،فقتل الأطفال والنساء بتلك الطريقة عمل يتنزه عنه جبابرة التاريخ وسفاكو الدماء السابقون.
وبقدر ما يقع اللوم على إسرائيل في تصفية النخبة العلمية وعلى أمريكا كذلك والغرب عامة في استقطاب وسرقة الكفاءات العلمية والعقول الممتازة يقع الجزء الأهم على الأنظمة العربية التي برعت في التلصص والتنصت والتجسس على نخبتها ،ومطاردة أصحاب الفكر الحر والمطالبين بدولة الكفاءة العلمية ودفعهم إلى الهجرة الطوعية أو رميهم في زاوية النسيان تتولاهم أجهزة المخابرات ووزارة الداخلية ومخافر الشرطة أو غياهب السجون ،أو إماتتهم جوعا وفقرا والتعويض عن ذلك بإبراز نجومية لاعب الكرة أو عجيزة الراقصة وما شابه ذلك.
إن إسرائيل في حربها على غزة اليوم وعلى العالم العربي منذ قيامها في 1948 تدرك أن المعركة علمية في الصميم ولذا تسعى - بمعية الغرب - إلى ترك العالم العربي فريسة للصراع الطائفي والولع بالقشور في قضايا الدين والتوافه في شؤون الثقافة وتجريد الجامعة من كل فاعلية علمية حقيقية ، وضمان دلك كله أنظمة استبدادية عربية ريعية للأسف تحفظ مصالحها الأسرية الضيقة ومصالح الغرب ليتجرد المجتمع من كل فاعلية علمية وحضارية.



#إبراهيم_مشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومن الحبّ ما قتل
- صالح الشّرنوبي مأساة النّبوغ والرّحيل الباكر
- حوار مع الروائي الفلسطيني عادل سالم نرعى الثقافة والمثقفين م ...
- ما تبقى لي حصاد القدس العربي 2
- حصاد القدس العربي مرايا ذاكرة نقدية للنص
- حوار مع محمد الصالح الصديق: أزمتنا فكرية
- سارتر في مصر والموقف من القضية الفلسطينية
- باحثة البادية في مرآة ميّ زيادة
- جحا العابر للثّقافات
- الكويت وتجربة التنوير العربي
- جورج طرابيشي: ست محطات في حياته
- الكتابة ضد السجن والرصاص من طه حسين إلى بختي بن عودة
- محمد زفزاف الحاضر فينا أبدا
- المرآة في الكف ،الدّمامة المبدعة وتنمّر الآخرين
- آمال جنبلاط والإقامة في العتمة
- جولدتسيهر في مرآة حميد دباشي
- المتنبّي والعلويّة، هل كان علويّا؟
- روكرت والأدب العربي
- عمر بوقرورة في رحلة المنتمي الصعب في شعر مفدي زكريا
- مثقفونا والحرب على غزة


المزيد.....




- مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا ...
- السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر ...
- النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
- مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى ...
- رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
- -كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
- السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال ...
- علامة غير عادية لأمراض القلب والأوعية الدموية
- دراسة جديدة تظهر قدرة الحليب الخام على نقل فيروسات الإنفلونز ...
- هجوم أوكراني بالمسيرات يستهدف مقاطعة أوريول الروسية


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم مشارة - إسرائيل واغتيال العقل النووي العربي