هل حقا ان النظام المخزني المزاجي العلوي يهدد اسبانية بالحرب ؟ . وهل فعلا كذلك ان النظام المخزني المزاجي يهدد الجزائر بالحرب ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 15:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

" البوليس (السياسي) الاجرامي يقطع الكونكسيون عن منزلي "
قبل بداية التحليل ، نعتبر تهديد النظام المخزني المزاجي بالحرب مع اسبانية ومع الجزائر ، انها نكتة Une blague لن تقع ابدا بين هذه الدول ، لانّ لا منها من يعاني من تصرفات (غريمه) ، او ان (غريم) من هؤلاء يتحرش بالغرماء الاخرين .. لان القول بخلاف ذلك ، يبقى كما قلت أعلاه مجرد نكتة Une blague ..
وانا اقرأ ما تنشره بعض المواقع الاجتماعية ، المفروض انها تحظى بالمصداقية ، من خلال نسبة المشاركين ، ونسبة الزوار ، ونوع العناوين ، لم اكن أتصور هذا الانحدار ، وهو انحدار نحو الدرك الأسفل .. سيما وان مباشرات كثيرة ، روجت لمواضع من هذا القبيل ، وانغمس معها قراءها ، وهذا الانغماس دليل على المستوى الأكثر من ضعيف ..
فمنذ متى النظام المخزني المزاجي يهدد بالحرب مع اسبانية ، ويهدد بالحرب مع الجزائر ، فأصبحت اسبانية الاوربية ، والجزائر الشمال افريقية ، تصطك ركبتيهما من الخوف من النظام المخزني المزاجي ..
والسؤال . ما هي الأسباب التي تشجع على الحرب افتراضا ، وتدعو لها ، حتى يكون ( تهديد) النظام المخزني المزاجي بالحرب ، حقيقة لا يخصها غير التنزيل ؟
ان من الأسباب الغير ذات الأهمية ، تبقى مشكلة نزاع الصحراء الغربية ، فمسؤولية اسبانية ، مسؤولية تاريخية ، لأنها كانت تحتل الصحراء لقرون ، ومسؤولية قانونية بإشرافها على توقيع اتفاقية مدريد La convention tripartite de Madrid ، التي وقعها من جهة النظام المخزني المزاجي ، ومن جهة موريتانية ، ومن جهة اسبانية التي تنظر لثروات المنطقة ، ومثل النظام المخزني ، لا تهمها جماهير الصحراء ، او شعب الصحراء الذي اعترف به الملك محمد السادس شخصيا ، عندما اعترف امام العالم بالدولة الصحراوية ، واعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، حين اعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار. ويمكن الرجوع الى الجريدة الرسمية عدد 6539 ، للتأكد من هذه الحقيقة ..
اتفاقية مدريد الثلاثية من عيوبها ، انها قسمت الصحراء قسمة وزيعة ، على طريقة صعاليك الصحراء ، الذين يقسمون مسروقهم قسمة الغنائم . فلو كانت الصحراء مغربية ، لماذا قسمها النظام مع موريتانية التي آل اليها الداخلة وادي الذهب ، ولماذا لا تزال موريتانية تحتل " الگويرة " .. ولماذا لا يزال ثلث الارض الصحراوية ، المسمات " بتفاريتي " عند البوليساريو ، وتسمى بالأراضي العازلة ، وبالثلث الخالي ، والمفروض ان تكون خالية من الأسلحة ..
فاذا كان سبب الحرب هو الصحراء ، فمشكلتها مشكلة الأمم المتحدة بحسب الاختصاص . واذا كان سبب الحرب مشاكل أخرى لا علاقة لها بارض الصحراء ، فطبيعة العلاقات بين النظام المخزني المزاجي وبين النظام الجزائري ، وبين النظامين معا مع اسبانية ، هي علاقات عادية ، بل اكثر من عادية ، وما يخصها الا نقشة واحدة لترجع الى وضعها الأول قبل سنة 1975 ، وترجع الى وضعها الحقيقي منذ الحرب الاهلية الاسبانية ، التي شارك فيها المغاربة بمئات ان لم نقل الآلاف الى جانب الملكيين بقيادة الجنرال Francisco Franco ، واستمرت هذه العلاقات اكثر ، رغم ان في بعض الأحيان كان يحصل شبه اختلاف تقني وليس أيديولوجي او حضاري .. خاصة وان بعض رؤساء الحكومات الاسبانية ، مثل José Marya Aznar ، كان معروفا بالاستفزاز ، الذي كان يؤثر في العلاقات الثنائية بين الدولتين .. والسبب تشبت Aznar بالفلسفة السياسية الاسبانية ، لأنه يحسب على الاتجاه اليميني القوي في الحزب الشعبي المحافظ ، وسنرى بعد مجيء Mariano Rajoy تغييرا أساسيا في العلاقات بين الدولتين ، رغم اختلاف الانتماء الحضاري بين دولة مسيحية ، ودولة دينية .. واستمرت العلاقات مع زيارة Sanchez Pedro الذي أدى باعترافه الأحادي بحل الحكم الذاتي ، تطورا في العلاقات بين البلدين ، رغم التراجع الذي حصل بفعل بعض الأخطاء التي لم يتم تقديرها التقدير المناسب ، لتصبح كل اسبانية وليس فقط الموقف التراجعي ل Sanchez ، تنادي فقط بالمشروعية الدولية ، كموقف حيادي ، لان حسب الدولة الاسبانية ، ومثلها الاتحاد الأوربي ، فتأييد المشروعية الدولية ، هو موقف حيادي ، لان الذي سيحدد جنسية الصحراء ، نتيجة الاستفتاء اذا جرى تحت الاشراف المباشر للأمم المتحدة .
اذن لن تقوم هناك حرب بين اسبانية ، وبين النظام المخزني ، لان أسبابها منعدمة بالمرة ..
بل سنعْرض الواقع على حقيقته . ان من يلوك بالحرب بين النظام المخزني المزاجي ، وبين الدولة الاسبانية الديمقراطية ، دون معرفة الوضع القانوني الذي تحتله اسبانية بالاتحاد الأوربي ، وبحلف الناتو ، ونوع علاقاتها مع الجيران كالجزائر ، ينسى او يتناسى ان اسبانية هي عضو أساسي ورئيسي في الحلف الأطلسي NATO ، وان حدودها مع الجار الشمالي ، لم تبق بالحدود التقليدية ، بل أصبحت لها حدودا داخل القارة الافريقية ، وأصبحت حدود سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، محفوظة بانتمائهم لاتفاقية Schengen ، أي حدود دول اوربية داخل الاتحاد الافريقي . فأي حرب تندلع بالمنطقة على سبيل الافتراض ، ستكون حربا ضد الناتو ، وليس بحرب ضد اسبانية .. هذا من جهة .. ومن جهة أخرى ، فان الجيش الاسباني لوحده ، ومن دون الناتو ، قادر على تحقيق المعجزات في أي حرب دخلها او فرضت عليه .. ومقارنة مع الجيوش بالناتو NATO ، فالجيش الاسباني " جيش الأرض " ، اقوى من جيوش فرنسا وألمانيا والنمسا و بلجيكا وللكسمبورج .. والبرتغال وسويسرة ... لكن ميزته انه اكثر الجيوش انضباطا ، وانه مقارنة مع بعض جيوش حلف الناتو ، لا يزال جيشا غير عنصري ، بل وانساني ، مثل مرافق الدولة الاسبانية المسخرة في انقاد " الحراگة " .. وتقديم لهم كل الدعم الإنساني .. ورغم ان الساسة الاسبان رفضوا التنازل عن مراقبة سماء (الجو) أراضي الصحراء ، فان هذا الرفض مع المدة سيصبح امرا تأكيديا ، حيت يتم تسويته بما لا يضر بالمصالح الإسبانية ..
ونفس الشيء نطرحه مع الجزائر الشقيقة . فرغم التصريحات المختلفة ، خاصة من بعض الابواق الشرق أوسطية ، كعبد الباري عطوان ، وناصر قنديل ، والمواقع والأشخاص الذين يدّعوا ان الحرب بين النظام المغربي وبين النظام الجزائري ، قاب قوسين من البدء .. فالقول بقرب نشوب الحرب ، هو قول للمزايدة وتسخين الطرح ..
الجزائر تتسلح ، الجزائر تحظر للدخول في حرب مع جارها .. هه . ليس له مصداقية ، وغير صحيح . فلنفرض جدلا ، ان الحدود غير مضبوطة ، وان النظام المخزني المزاجي او النظام الجزائري ، يدعي باستيلاء احدهما على ارضه .. وهذا لن يكون ابدا ، لان الحدود سطر عليها الحسن الثاني والهواري بومدين في موريتانية في سنة 1971 .. فالنظام عندما دفع ببرلمانه الى تزكية اتفاقية الحدود في سنة 1994 ، تكون الدولة وليس النظام من يعترف بالحدود المرسومة ، وهنا تترتب مسؤولية لا يمكن لاحدهما التنصل منها ، لنفرض اذا اندلعت الحرب ، وسيتحمل المسؤولية كاملة عن الزج بالمنطقة في دوامة الحرب وعدم الاستقرار .. فاتفاقية الحدود المبرمة بموريتانية ، أبعدت كل محاولة للتراجع من احدهم عن ما يسميه ( بالحقوق ) التاريخية ..
اما اذا كان اندلاع الحرب ، سببه مواقف الأطراف من قضية الصحراء الغربية ، فحتى هذا السبب لا ولن يسبب في اندلاع الحرب . ان موقف النظام الجزائري من نزاع الصحراء الغربية ، موقف واضح وغير مضبب ، وقد اعرب عنه كم مرة ، عندما يعبر ان قضية الصحراء الغربية لا تهم الجزائر في شيء ، فهي قضية اممية ، صاحب الاختصاص فيها ، تبقى الأمم المتحدة دون غيرها من المؤسسات القارية وغير القارية .. وتدلل على ذلك باستشهادها بموقف اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، التي هي لجنة الأمم المتحدة . لذا فالجزائر لا دخل لها في قضية نزاع الصحراء الغربية .. وتتمسك فقط بالمشروعية الدولية . أي ان موقف الجزائر اليوم هو موقف حيادي ، وعندما تنظم الأمم المتحدة الاستفتاء لتقرير الصحراويين لمستقبلهم ، آنذاك سيكون للجزائر الموقف الصحيح طبقا لنتيجة الاستفتاء التي وحدها تقرر جنسية الصحراء الغربية ..
اذن . حتى بالنسبة لنزاع الصحراء الغربية ، لن يكون سببا في اشعال حرب بين النظام المخزني المزاجي البوليسي ، وبين الجزائر التي تتشبث بخيار الاستفتاء وتقرير المصير ..
لكن لنفرض جدلا ، كما يذهب المشارقة حطّابو الليل ، وتذهب مواقع التواصل الاجتماعي ، وبعض وسائل الاعلام ، ان النظام المخزني البوليسي يهدد بالحرب الدولة الاسبانية ، ويهدد الجزائر .. فالأحمق من يردد مثل هذه التفاهات التي تصطاد في المياه العكرة .. الم تستيقظ الجزائر على أكاذيب عبدالباري عطوان ، عندما قال ان نظاما استدعاه ، للمشاركة في حرب على الجزائر لتغيير نظامها .. وقد تصرفت الجزائر بعدم الرد على عبدالباري عطوان ، وكما يردد ناصر قنديل وغيرهم كثيرون ، لأنها تعتبر اقوالهم مجرد حكايات لا أساس لها بالصحة فمن الساحة ..
النظام المغربي لن يهدد ابدا الدولة الاسبانية الديمقراطية والقوية بالحرب ، لأنه ليس احمقا ، والاذلال والمهانة والاهانة التي تعرض لها في قضية جزيرة ليلى ، لا تزال ماثلة للعيان .. فكان تصرف الدولة الاسبانية ، والجيش الاسباني ، من اجل حجرة تبعد عن حدود المغرب ببعض المترات ، درسا ، جعل النظام المغربي يتصل بوزير الخارجية الأمريكي فورا " كولين بأول " ، الذي ارجع المياه الى مجاريها .. فحكومة Aznar ذهبت بعيدا في موقفها من نزاع الصحراء الغربية ، ومن المنتجات المغربية الموجهة الى اوربة ..
ان اعلان النظام المخزني المزاجي عن الحرب على اسبانية ، وهي لن تكون ، لا من جانب النظام المخزني البوليسي ، ولا من قبل ملك اسبانية الشاب الديمقراطي . ان اسبانية الاوربية الافريقية ، اخضعت مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، لاتفاقية Schengen ، وهي كعضو بالناتو NATO ، فالحرب معها ستكون حربا مع الناتو .. فهل بمقدور النظام المخزني المزاجي خوض الحرب مع الناتو .. وبالأمس القريب لخص جواب وزير الخارجية الفرنسي ، موقف فرنسا من أي حرب تندلع مع النظام المخزني المزاجي البوليسي ، بان فرنسا ستكون بجانب اسبانية .. وهذا يذكرنا بواقعة جزر " الفلوكاند " " المالوين " الأرجنتينية التي تحتلها بريطانية .. كل العالم الحر . الاتحاد الأوربي ، الولايات المتحدة الامريكية .. كانوا بجانب بريطانيا العظمى ، رغم ان جزر " المالوين " ارجنتينية ، ونظرا للعلاقات المتينة للأرجنتين مع حلف الناتو ، ومع واشنطن ..
اذا اندلعت الحرب مع اسبانية ، على سبيل الافتراض ، لأنها لن تقع ابدا ، فالجيش الاسباني سيكون بالرباط عاصمة المغرب ، مع شرب La bière Brune et la blonde ...
اما الحرب مع الجزائر فهي مستبعدة ، لان الجزائر لن تعلن ابدا الحرب على الجيش المغربي ، الذي ابناءه هم أبناء الشعب .. إضافة ان قضية الصحراء الغربية ، هي قضية اممية ، من اختصاص الأمم المتحدة / مجلس الامن ..
كما ان النظام المخزني المزاجي البوليسي ، لن يعلن الحرب على الجزائر ، لأنه يعرف مسبقا انه سيكون لوحده في الساحة ، ولن تدافع عنه إسرائيل ولا فرنسا ، لان أي حرب سيصفق لها الغربيون وتل ابيب ، لأنها ستتسبب في خسارات ستعوضها فرنسا وإسرائيل بالدولار .. أي بيع الأسلحة .. وقد ينشب اوتوماتيكيا تغيير في أنظمة الحكم ، والمستهدف النظام المخزني البوليسي المزاجي ..فانتظار تورط الجيش الفرنسي او الإسرائيلي في حرب ضد الجزائر ، لن يكون ابدا .. حتى لو كانت الحرب ستحسم لصالح الجزائر .. ان من ينتظر هجوم فرنسا او إسرائيل على الجزائر ، سيكون خارج السياق ، وخارج التغطية .. مثل عبدالباري عطوان .. فسقوط دمشق ابانت عن مثل هذه الوجوه كثيرا ، حين بدأت تزكي حوارا مع إسرائيل .. ونسيت حسن نصر الله الذي طبلوا له بالأمس ، ونسيت إسماعيل هنية .. والحبل على الجرار ..
النظام المخزني البوليسي لن يعلن الحرب لا على اسبانية ، ولا على الجزائر . لان أسبابها منعدمة بالمرة .. ويعرف مسبقا ان دخل الحرب ، قد يفقد عرشه ودولته .. فالحرب ليست في صالحه ، ولن تكون في صالح الجزائر . واسبانية الاوربية الافريقية ( سبتة ومليلية ) بالقارة الافريقية ، لن تحارب أحدا من دول الجنوب ، لانها تفضل الحوار والمفاوضات المؤدية الى استقرار الأوضاع ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات