بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 03:31
المحور:
كتابات ساخرة
في فيلم نايضة، يبدو أن صناع العمل قرروا أن الضحك هو الغاية والوسيلة، بغض النظر عن التفاصيل الصغيرة مثل السيناريو أو المنطق. الفيلم يبدأ بمشهد يوحي أنك على وشك مشاهدة عمل سينمائي ممتع، لكنه سرعان ما يكشف عن نفسه كحفل عشوائي من المواقف المتكررة والكليشيهات التي تجعل المشاهد يتساءل: هل هذه كوميديا أم مجرد نكتة طويلة على حساب الجمهور؟
الحبكة - إذا استطعنا تسميتها بذلك - تشبه محاولة طفل لرسم خريطة للفضاء الخارجي؛ كل شيء متداخل ومبهم، وكأن الكاتب كان يراهن على أن الضحك وحده سيغطي كل العيوب. الشخصيات تتحرك وكأنها في سباق مع الزمن لإنهاء مشاهدها، والحوار مليء بجمل تشعرك بأنها قد أُخذت مباشرة من كتاب "كيف تكتب نكتة في خمس دقائق".
وهنا يأتي سعيد الناصري، البطل الذي يفترض أنه ينقذ الفيلم، لكنه يبدو وكأنه في معركة خاسرة. الناصري، بمهارته الكوميدية التي لا يمكن إنكارها، يحاول جاهدا أن يحمل العمل على أكتافه، لكن ما العمل إذا كان النص أشبه بحقيبة مليئة بالثقوب؟ إنه كمن يحاول إقناع الجمهور بأن كوب الماء الفارغ هذا هو عصير طازج.
إذا أردنا الحديث عن الكوميديا نفسها، فهي تعتمد على أسلوب "الضحك بأي ثمن"، حتى لو تطلب الأمر السخرية من أشياء لم تعد تضحك أحدا منذ التسعينيات. الفيلم يشعرك وكأن القائمين عليه قرروا أن الجمهور المغربي يريد فقط الهروب من الواقع، وأي شيء آخر يمكن التغاضي عنه، بما في ذلك حبكة مقنعة أو شخصيات واقعية.
لكن لنكن منصفين، نايضة ليس فيلما سيئا بشكل كارثي. إنه فقط فيلم يختار الطريق السهل: المواقف المكررة والنكات المستهلكة، مع قليل من أداء الناصري الذي ينجح أحيانا في انتزاع الضحك. المشكلة أن الضحك هنا أشبه بتلك الضحكة التي تجبر عليها عندما يحكي لك صديق نكتة سيئة، فتحاول مجاملته حتى لا يشعر بالإحباط.
في المجمل، نايضة هو فيلم يدعو المشاهد إلى الجلوس، نسيان أي توقعات، والاستعداد لساعة ونصف من الضحك البسيط الذي لا يتطلب أي جهد فكري. وإذا كنت تبحث عن فيلم يترك فيك أثرا أو يجعلك تفكر، فربما عليك البحث في مكان آخر. لكن إذا كنت تريد أن تضحك، ولو على سخافة ما تشاهده، فقد يكون نايضة خيارا مناسبا لك.
في النهاية، يبدو أن الفيلم ليس مجرد عمل سينمائي، بل هو تجربة تذكرنا بمدى قدرتنا على التسامح، ليس مع الآخرين فقط، بل مع السيناريوهات الضعيفة والأعمال التي لا تتعب نفسها في الابتكار. ربما هذا هو الدرس الحقيقي الذي يقدمه لنا نايضة: الضحك على ما يضحك وما لا يضحك... طالما أن التذكرة مدفوعة مسبقا.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟